يواصل كيان العدو الاسرائيلي انتهاكاته لسيادة الأراضي السورية والتي تمثلت بشكل أساسي بسلسلة من الاعتداءات الجوية تركزت بشكل أساسي على تدمير كل مقدرات الجيش السوري، إضافة إلى التوغل داخل الأراضي السورية تحديداً ما يُسمى بالمنطقة العازلة.
يأتي ذلك في وقت شرّعت فيه واشنطن على لسان مستشار الأمن القومي تحركات العدو، واصفاً اياها بـ “المنطقية” مع التحذير من “احتمال التقسيم في سوريا”، وتفاصيل أخرى كانت على طاولة البحث في زيارة وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن إلى تركيا، التي ألقت على مسامعه تحذيراً من “السناريو الليبي” في حال عدم التوافق على “مستقبل سوريا الجديدة”.
العدو يلوّح بالبقاء في سوريا
وفي تفاصيل التطورات السورية، أصدر وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمراً لقوات الاحتلال الإسرائيلية بالاستعداد للبقاء في المنطقة العازلة مع سوريا خلال فصل الشتاء، بزعم أنه “نظراً لما يحدث في سوريا، فإن هناك أهمية أمنية بالغة لبقائنا على قمة جبل الشيخ”، المطلة على العاصمة السورية دمشق.
واشنطن تشرّع الاعتداءات الاسرائيلية
وبررت واشنطن هذه الاعتداءات الاسرائيلية على السيادة السورية، إذ رأى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن “ما تفعله “إسرائيل”، هو تحديد التهديدات، وتحييدها”، وذلك عقب لقائه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أمس الخميس في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفيما ذكر سوليفان أن واشنطن “تجري مشاورات معمّقة مع “إسرائيل” بشأن سورية”، أضاف أن “تحرّك إسرائيل بالمنطقة العازلة، منطقي، ويتوافق مع الحق في الدفاع عن النفس”، حسب زعمه.
في الوقت نفسه، رأى سوليفان أن “الوضع في سورية ينطوي على مخاطر متعددة، بما في ذلك احتمال الانقسام داخل الدولة”، مشيراً إلى إجراء “محادثات جادة ومكثفة مع تركيا بشأن سورية”.
تقرير مصور | توسعة اسرائيل عبر الاحتلال.. مشروع صهيوني – أميركي لم يصده إلا المقاومات
وتوفر الادارة الاميركية علينا، وعلى الجميع عناء التحليل والاستنتاج، قالها يوما الاميركي الرئيس دونالد ترامب علناً امام المجمع اليهودي خلال حملته الانتخابية: “اسرائيل صغيرة وتحتاج الى توسعة جغرافية”.
هنا، لا نستمع الى مجرد موقف، بل مشروع، كان نتنياهو وقبله قادة صهاينة قد تحدثوا عنه وكشفوا بعض خرائطه.. توسيع عبر احتلال اراض جديدة فلسطينية، لبنانية، سورية، وأبعد وأكثر هو حلمهم باسرائيل الكبرى.
بكل قوة جرب العدو في جنوب لبنان تثبيت احتلاله للقرى الحدودية، لكن صمود المقاومة منعته.. أما في الجولان والجنوب السوري، فالرحلة كانت سهلة.. لم يلق من يمنعه من المجموعات المسلحة التي بدات حكم سوريا، فوصل الى حدود تبعد عن العاصمة دمشق فقط 20 كيلومتراً ويتمدد الى ريف درعا بعد القنيطرة.
مشروع اسرائيل الكبرى، يحلم به الصهاينة من ارض فلسطين الى كل الجوار العربي، ويجد فيه الأميركي مشروعاً، لتوسعة غدة سرطانية تقسيمية تفتيتية في ما تبقى من الجسم العربي.
بلينكن في أنقرة: ترويج لحرص أميركي على المصلحة السورية
المحادثات التي تحدث عنها سوليفان انطلقت، مع حضور وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى العاصمة التركية أنقرة ولقائه نظيره التركي هاكان فيدان إضافة إلى الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي أبلغ بلينكن اتخاذ بلاده تدابير “لحماية أمن تركيا”.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اليوم الجمعة إن بلاده “عازمة على الفرصة المتاحة للشعب السوري وخلاصه من أغلال نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد”، مع عدم التطرق لما يتعرض له السوريون من اعتداءات اسرائيلية.
وفي مؤتمر صحفي مع نظيره التركي هاكان فيدان في العاصمة أنقرة، الجمعة، أعرب بلينكن عن شكره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تفهمه وكرم تخصيص وقته خلال استقباله الليلة الماضية.
وأكد أنهم “مستمرون في العمل من أجل أن يكون للسوريين مستقبل أفضل بكثير وأن يقرروا مستقبلهم”، حسب تعبيره.
وأشار بلينكن إلى أن “تركيا والولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة ناقشت ما يمكنها فعله من أجل سوريا، وذكر أنهم متفقون بشكل عام على ما يريدون رؤيته في سوريا”.
وأوضح بلينكن أنهم يدعمون “حكومة سورية تضم عدداً أكبر من الأشخاص، وتحمي حقوق الأقليات والمرأة، وتستمر في تقديم الخدمات للشعب من خلال حماية مؤسسات الدولة، وتزيل الأسلحة الكيميائية إن وجدت، وترفض العلاقات مع الجماعات المتطرفة”، حسب زعمه.
وأكد على أن “الحكومة السورية يجب أن لا تشكل بأي حال من الأحوال تهديداً لمحيطها وللدول المجاورة”.
كما شدد بلينكن على أنه “من خلال تنفيذ هذه الإجراءات، ستضمن الحكومة التعبير عن أفكار وتطلعات الشعب السوري بأفضل طريقة ممكنة”، موضحاً أن “هذه هي الطريقة التي يمكن بها للإدارة الناشئة في سوريا أن تحصل على الدعم والاعتراف الذي تتوقعه من المجتمع الدولي بعد سنوات من الفساد والديكتاتورية والصراعات في البلاد”.
وقال بلينكن “ناقشنا أيضًا ضرورة مواصلة الجهود للقضاء على تنظيم “داعش”، لقد عمل بلدانا (الولايات المتحدة وتركيا) بجد وقدما الكثير لسنوات عديدة للقضاء على داعش ومنع ظهور هذا التهديد مرة أخرى. ومن الضروري أن نواصل هذه الجهود”.
من جهته، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد أن “تركيا تعطي الأولوية في سوريا لضمان الاستقرار ومنع هيمنة فصائل تعتبر إرهابية بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد”، وأن “الأدوار التركية والأميركية المحتملة في مستقبل سوريا كانت من بين القضايا التي تمت مناقشتها إلى جانب الوضع في غزة”.
إردوغان: التوافق بين أنقرة وواشنطن بشأن الملف السوري أساسي لاستقرار الأخيرة… وإلا فستتحول إلى ليبيا جديدة
من جهته، لوّح أردوغان بأهمية مراعاة واشنطن لما ترسمه تركيا للمشهد السوري، بالقول خلال زيارة بلينكن إن التوافق يعني أن “سوريا الجديدة ستشهد استقراراً”، وإلا فإن “سيناريو ليبيا سيتكرر في سوريا”.
وخلال اللقاء مع بلينكن الذي وصل تركيا مساء الخميس من الأردن، أكد الرئيس إردوغان أن “تركيا دعمت منذ البداية الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها وبنيتها الوحدوية”. وفيما أعلن أنها “ستتخذ التدابير من أجل أمنها القومي ضدّ الكيانات الإرهابية النشطة في سوريا”، أكد إردوغان أن “تركيا لن تسمح أبداً بحدوث أي ضعف في الحرب ضدّ تنظيم داعش”.
كما أكد أنه “يجب على المجتمع الدولي العمل معاً من أجل إحياء وإعادة بناء المؤسسات في سوريا”.
بدوره، أكد بلينكن خلال اجتماعه مع إردوغان “ضرورة ضمان قدرة التحالف الدولي على مواصلة تنفيذ مهمته الحيوية” في سوريا.
وكان بلينكن قد دعا إلى “انتقال شامل يؤدي إلى حكومة سورية مسؤولة وتمثيلية يختارها الشعب السوري”. ورأى أن “تركيا لديها مصلحة حقيقية وواضحة” في منع التصعيد في سوريا.
وقال للصحافيين، قبيل مغادرته إلى تركيا، إنه “عندما يتعلق الأمر بالعديد من الجهات الفاعلة التي لديها مصالح حقيقية في سوريا، فمن المهم فعلاً في هذا الوقت أن نحاول جميعاً التأكد من أننا لا نثير أي نزاعات إضافية”.
المصدر: موقع المنار