تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 12-11-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
ارتباك الاحتلال: تضارب في مواقف الكيان حول وقف النار وتوسيع العدوان
عفيف من «سيّد الشهداء» في يوم الشهيد.. والصواريخ تجاوزت الـ 300 من خط الحدود
القمة العربية الإسلامية: عجز دولي عن وقف الحرب… والأسد: أين وسائل الفرض؟
كتب المحرر السياسي:
عندما يقول وزير خارجية الكيان جدعون ساعر المعين حديثاً خلفاً ليسرائيل كاتس المعين حديثاً وزيراً للحرب مكان الوزير المعزول يوآف غالانت، إن وقف النار مع لبنان بات قريباً والمفاوضات تتقدم نحو التوصل إلى صيغة نهائية، بينما يقول وزير الحرب الجديد كاتس إن لا وقف إطلاق للنار مع لبنان بل مواصلة للعمل العسكري حتى استسلام المقاومة، فإن الاستنتاج الوحيد هو أن الكيان في حال ارتباك وغياب الرؤية، وإن الوزيرين يتحدثان بما لا يعرفان، فلو كان هناك قرار بتصعيد الحرب، كما يقول كاتس، لامتنع ساعر عن الحديث عن قرب وقف الحرب، ولو كانت هناك معطيات حقيقية لتقدّم مسار التفاوض لما تحدّث كاتس عن تصعيد الحرب، وكل من الوزيرين يخاطب الداخل، بعضه الراغب بوقف الحرب يستمع إلى ساعر فيزداد عنده الأمل، وبعضه الراغب مواصلتها يجد ضالته في كلام كاتس فيصفق له.
في مواجهة هذا الارتباك والضياع في الكيان، وضوح الرؤية لدى المقاومة عبّرت عنه كلمات مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف، الذي نوّه بالحراك السياسي والدبلوماسي الحالي على مثلث واشنطن ترامب، وموسكو وطهران، دون أن يكون لهذا الحراك بعد ثمرات على مسار التفاوض ووقف الحرب، حيث الكلمة للميدان وحدَه، وتتمة الجواب، كما قال عفيف، هي في الميدان، حيث أجابت الصواريخ بكثافتها التي تجاوزت الـ 300 صاروخ أن مخزون المقاومة الذي يقول قادة الكيان إنه دخل مرحلة الجفاف والشح، لا يزال بألف خير، بدليل كثافة الإطلاقات اليومية الذاهبة إلى الأعلى لا إلى الأدنى، كما يُفترض لو صدقت أقوال قادة الاحتلال، أما إطلاق الصواريخ من الحافة الأمامية الحدودية فخير إثبات على كذب المزاعم الإسرائيلية التي يردّها بعض اللبنانيين عن سيطرة الاحتلال على مساحات من الأراضي اللبنانيّة وتدمير قدرة المقاومة في القرى الأماميّة.
في الرياض عقدت القمة العربية الإسلامية، حيث توزّعت الكلمات التي ألقاها القادة العرب والمسلمون، على تأكيد أن ما يجري حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، خصوصاً في غزة، وعدوان مدمر بحق لبنان، وأن استمرار الجريمة يعود إلى عجز المجتمع الدولي عن حمل مسؤولياته، ودعت القمة مجدداً إلى أولوية وقف الحرب بموجب قرار أممي وفق الفصل السابع لإلزام الكيان بالانسحاب. وجاءت كلمة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة جواباً على كل التساؤلات حول المقاومة ومستقبل الحرب، حيث قال إن القضية أولاً وأخيراً هي نصرة فلسطين، وإن فشل العرب في فرض إرادتهم لا يكفي لتبريره الحديث عن تواطؤ دولي، وإن المقاومة بصمودها وشهدائها غيّرت الموازين، متسائلاً عن وسائل الفرص الكثيرة التي يمتلكها العرب والمسلمون والأفارقة لتعديل الميزان الدولي؟
وأشار مسؤول العلاقات الإعلاميّة في حزب الله الحاج محمد عفيف في كلمة في مجمّع سيد الشهداء (ع) بمناسبة «يوم الشهيد» إلى أن «السيد حسن نصر الله استشهد لكنّه ترك خلفه مئة ألف مقاتل يتحرقون شوقًا للقاء العدوّ انتقامًا لسيّدهم وثأرًا لأزكى ما سفك من دم، ولو حملوا على الجبال لأزالوها، ويحقّ فيكم القول أتعلمون مَن تقاتلون؟ تقاتلون فرسان الهيجاء وصناديد العرب وأبطال الرضوان وبدر ونصر وعزيز. إنّ وقائع الميدان الفعلية في يدكم وستكون لها الكلمة الفصل في السياسة والقرار، وفي ضوء قتالكم وصمودكم يتحدّد مصير مقاومتكم ووطنكم؛ بل ربما مصير الشرق الأوسط بأكمله».
وقال عفيف: “بعد 45 يومًا من القتال الدامي وخمس فرق عسكرية ولواءين، وخمسة وستين ألف جندي، ما يزال العدوّ عاجزًا عن احتلال قرية لبنانية واحدة، وما الملحمة التي سطرها المجاهدون في قلعة الخيام إلا شاهد حيّ على البطولة وإرادة القتال العصية على الانكسار”، مشددًا على أنّ “لدينا ثلاثة عناصر حاسمة في الميدان: إرادة الحسينيين الكربلائيين الاستشهاديين العازمين على الموت دفاعًا عن وطنهم وشعبهم، ولدينا الوقت الكافي قبل أن تغرق دباباتهم مع قدوم الشتاء في وحل لبنان، ولدينا الأرض التي نعرفها وتعرفنا، والتي تمنحنا حرية المناورة والحركة فإما أن نحيا فوقها أعزاء أو نموت دونها شهداء”.
كما توجّه عفيف الى الصهاينة بالقول: “لن تكسبوا حربكم بالتفوّق الجوّي أبدًا ولا بالتدمير وقتل المدنيين من النساء والأطفال، وطالما أنكم عاجزون عن التقدم البري والسيطرة الفعلية فلن تحققوا أهدافكم السياسية أبدًا، ولن يعود سكان الشمال إلى الشمال أبدًا. ومع المزيد من التصدّع في جبهتكم الداخلية سيبدأ العدّ العكسي، وستكون هناك نقطة تحوّل كبرى، وعندها ستتأكد يا هذا مجددًا صدق ما قاله سيدنا الأسمى أنّ “إسرائيل” أوهن من بيت العنكبوت”.
وتابع: “هنا نؤكد مجددًا ردًا على تخرّصات عدد من مسؤولي العدوّ أن مخزوننا الصاروخي قد تراجع إلى نحو 20 % من قدراتنا الفعلية، هذا الكلام هو نفسه تقريبًا منذ ستة أسابيع. إنّ جوابنا الفعلي هو في الميدان عندما طالت صواريخنا الأسبوع الماضي ضواحي تل أبيب وحيفا، ومراكز ومعسكرات نقصفها لأول مرة في الجولان وحيفا، واستخدام صاروخ الفاتح 110 ولدينا المزيد، وذلك بالإدارة المناسبة التي قررتها قيادة المقاومة، ونؤكد مجددًا أن لدى المقاومين، لا سيما في الخطوط الأماميّة، ما يكفي من السلاح والعتاد والمؤن ما يكفي حربًا طويلة نستعدّ لها على الأصعدة كافة”.
وتوجّه عفيف “الى الذين وقفوا خلف شعار الدفاع عن الجيش لإطلاق النار على المقاومة بذريعة تساؤل طبيعي وطلب التوضيح من دون إدانة أو اتهام عن حادثة البترون فنقول لهم خسئتم، لن تستطيعوا أن تفكوا الارتباط بين الجيش والمقاومة، وكلاهما كلّ بطريقته وإمكاناته في قلب معركة الدفاع عن لبنان واللبنانيين”.
وكان الإعلام الحربي في المقاومة نشر فاصلًا بمناسبة يوم الشهيد (11 – 11) تحت عنوان “قوافلُ تصنعُ بدمائها النّصر”.
وفي غضون ذلك، صعّدت المقاومة من عملياتها في إطلاق الصواريخ على شمال كيان العدو وفي صدّ قوات الاحتلال من التقدم باتجاه الأراضي اللبنانية، واستهدفت منزلاً يتحصّن فيه جنود جيش العدو الإسرائيلي في مرتفع ساري عند الأطراف الشمالية الغربية لبلدة كفركلا، بصاروخ موجّه، وأوقعوهم بين قتيل وجريح”.
وأعلن الإعلام الحربي في المقاومة استهداف قاعدة شراغا شمالي مدينة عكا المحتلة بصليةٍ صاروخية، وقصف منطقة الكريوت شمالي مدينة حيفا المُحتلّة بصليةٍ صاروخيّة، وقاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا المحتلة بصليةٍ صاروخية”.
وشنّ المقاومون هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة لوجستية للفرقة 146 (شمال بلدة الشيخ دنون) شرقي مدينة نهاريا، وأصابت أهدافها بدقّة”.
وفي إطار التحذير الذي وجّهته المقاومة لعددٍ من مستوطنات الشمال، استهدفت “مستوطنة ميرون بصليةٍ صاروخية، ومستوطنة يسود هامعلاه بصليةٍ صاروخية”.
وأفاد جيش العدو، عن “إصابة 26 جندياً خلال الساعات الـ 24 الماضية 11 على جبهة غزة و15 على جبهة لبنان”.
ولفت خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ”البناء” إلى أن المقاومة تعمل وفق أربعة أنساق في عملياتها ضد “إسرائيل”: استهداف القوات الإسرائيلية المهاجمة في القرى الأمامية وتكبيدها الخسائر البشرية، ضرب تجمّعات الجيش الإسرائيلي في الخطوط الخلفية للحدود، قصف القواعد والمصانع العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، وقصف مركز للمستوطنات الإسرائيلية وصولاً إلى حيفا وتل أبيب وفق ما تتطلّبه إدارة المعركة ومدى وحجم القصف الإسرائيلي للبنان. وأوضح الخبراء أن “إدارة الحرب من قبل قيادة حزب الله العسكرية ذكية ومحترفة وتعمل وفق أنظمة ومعادلات معينة وتتحكم بالميدان وتغيّر موازين القوى تدريجياً رغم الضربات الكبيرة التي تعرّضت لها والتي أعاقت تفعيل المعادلات السابقة لفترة معينة قبل أن تعود وتفعل ما تتطلبه طبيعة هذه المعركة وأهدافها وأبعادها”.
الى ذلك، ذكر مركز “علما” للدراسات الجيوسياسية والأمنية، في كيان العدو، أن حزب الله شنّ في شهر تشرين الأول الفائت أربع هجمات هي الأقوى على “إسرائيل” مقارنةً بأشهر الحرب السابقة.
ورأى الباحثان الصهيونيان، في مركز “علما” تال باري ودانا فولك، أن: “منظومة المُسيّرات هي الورقة الرابحة لحزب الله”، ولفتا إلى أن “الطائرات المُسيّرة تخدم استراتيجية الاستنزاف التي يتبعها حزب الله، حيث يدخل الآلاف إلى الملاجئ عند تحليق طائرة مُسيّرة واحدة، ما يخلق له رواية نصر واستنزاف”. ووفقًا لتقدير الباحثين في المركز، سيواصل حزب الله استنزاف “إسرائيل” وسعيه لتحقيق صورة نصر ميدانية وإعلامية، مع تزايد التقارير عن احتمالية التوصل إلى تسوية سياسية قريبة.
وذكّر المركز بحادثة شهدت استهدافًا ناجحًا لمعسكر “غولاني” بواسطة طائرة مُسيّرة، ما أسفر عن مقتل 4 جنود وإصابة العشرات، كما لحقت أضرار مادية بمنزل رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو في قيساريا.
في المقابل، وفي ظل فشله المتكرّر في المواجهات البرية مع رجال المقاومة، وعجزه عن تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية للحرب، يواصل العدو الإسرائيلي ارتكاب المزيد من المجازر ضد المدنيين الآمنين في قراهم والنازحين في أماكن النزوح في الشمال والجبل، وذلك للانتقام من بيئة المقاومة والضغط على حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري لدفعهما للتنازل في المفاوضات قبيل أيام من زيارة مبعوث الرئيس الأميركي أموس هوكشتاين الى المنطقة لإعادة استئناف المفاوضات للتوصل الى اتفاق هدنة على جبهتي لبنان وغزة.
إلى ذلك ارتكب العدو الإسرائيلي مجزرة مروّعة حيث استهدف مبنى في بلدة عين يعقوب العكارية، وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان، أن غارة العدو الإسرائيلي على عين يعقوب – عكار أدت في حصيلة أولية إلى سقوط ثمانية شهداء وإصابة أربعة عشر آخرين بجروح. وذكرت المعلومات أن نازحين لبنانيين وسوريين كانوا يقطنون هذا المبنى.
ويعمد العدو وفق مصادر معنية الى ملاحقة عائلات الشهداء والمقاومين في حزب الله إلى منازلهم في القرى والبلدات والمدن وضواحيها وإلى أماكن النزوح أيضاً، ولفتت المصادر لـ”البناء” الى أن العدو يشن حرب إبادة علنيّة على بنية حزب الله الشعبية خصوصاً، وبيئة المقاومة عموماً، ما يشكل دليلاً اضافياً على وحشية وعدوانية هذا العدو في ظل صمت المؤسسات الدولية وكل العالم.
ونفت مصادر “البناء” وجود عناصر حزبية في المبنى الذي يقطنه مواطنون نازحون واوضحت أن إعلام العدو يبث إشاعات حول وجود عناصر حزبية في مبانٍ سكنية لتبرير عدوانه على المدنيين.
واستمرّ القصف الإسرائيلي جنوباً وبقاعاً حاصداً عشرات الشهداء والجرحى ومخلفاً دماراً كبيراً في الحجر والآثار في وقت كشفت اليونيسف عن مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان منذ بدء تصاعد الصراع.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في التقرير اليومي لحصيلة وتداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفيه أن غارات العدو الإسرائيلي ليوم الاحد الماضي أسفرت عن 54 شهيداً و56 جريحاً.
وبلغت الحصيلة الإجمالية لعدد الشهداء والجرحى منذ بدء العدوان حتى يوم أمس 3243 شهيداً و14134 جريحاً.
وفيما أكد مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله بأن الحزب لم يتسلم أي مقترح أو صيغة تفاوضية حول اتفاق هدنة أو وقف إطلاق النار، شككت أوساط سياسية بجدية ما تبثه وسائل اعلام إسرائيلية حول تقدم في مفاوضات الهدنة مع لبنان وغزة، مشيرة لـ”البناء” الى أنها في اطار المناورات الأميركية – الإسرائيلية التي تعوّدنا عليها في غزة طيلة العام والماضي وسبق أن قامت “إسرائيل” بمناورات تفاوضية مع لبنان أيضاً. وحذرت الأوساط من هذا البث الكثيف والمتعمّد للمعلومات عن أجواء إيجابية، وقد تكون مناورة لتحميل حزب الله ولبنان مسؤولية عرقلة وقف إطلاق النار، متسائلة كيف أن الحكومة الإسرائيلية ستذهب الى وقف إطلاق النار وترتكب سلسلة مجازر في لبنان وغزة وتحصد مئات الشهداء يومياً؟ وتستبدل وزير الحرب بآخر يدين بالولاء الكامل لنتنياهو ومعروف بتشدده وإجرامه الدموي؟ ولفتت مصادر مواكبة للتواصل مع الأميركيين أن لا ضغط أميركياً جدياً على “إسرائيل” باتجاه وقف إطلاق النار في لبنان ولا في غزة، كما أن لا تأكيدات أميركية للبنان بزيارة مرتقبة لهوكشتاين، ما يعني وفق المصادر بأن الحديث عن صيغ وأجواء إيجابية وتقدم في مباحثات وقف إطلاق النار، مجرد وقت ضائع يعطى للإسرائيلي لاستكمال جرائمه في سياق العمل على تحقيق أهدافه العسكرية أو فرض شروطه من خلال التفاوض تحت النار.
وأعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تصريح أنه “لن تكون في لبنان أي هدنة أو توقف، سنواصل ضرب حزب الله بكل قوتنا حتى تحقيق أهداف الحرب التي تتضمن نزع سلاح حزب الله ودفعه إلى ما وراء نهر الليطاني وإعادة سكان الشمال”. وقال: “إسرائيل لن توافق على أي تسوية لا تضمن حقها في فرض وقاية ومنع الإرهاب”.
غير أن جهات دبلوماسية غربية أبدت عبر “البناء” تفاؤلها بقرب التوصل الى اتفاق هدنة قبل نهاية الشهر الحالي لأسباب داخلية تتعلق بفشل الجيش الإسرائيلي بتحقيق إنجازات ميدانية تؤدي الى تحقيق الأهداف والخلاف الداخلي بين الجيش والمستوى السياسي إضافة الى تغير الإدارة الأميركية مع إعلان الرئيس الجديد دونالد ترامب عزمه إنهاء الحرب لأسباب تتعلق برؤية ومقاربة جديدة على المستويين الإقليمي والدولي، ما يستوجب إنهاء حربي غزة ولبنان.
في غضون ذلك، حمّلت مسودة مشروع قرار القمة العربية – الإسلامية، التي انعقدت أمس، في الرياض بحضور الرؤساء والملوك العرب والدول الإسلامية “إسرائيل مسؤولية فشل مفاوضات وقف النار في لبنان وغزة”، ودعت “للإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وتشكيل حكومة استناداً للدستور وتنفيذ اتفاق الطائف”.
وأكدت “دعم الجيش اللبناني باعتباره الضامن لوحدة البلاد، وتقديم المساعدات الإنسانية للحكومة اللبنانية”. كما دعت الى “تنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن غزة”.
وكان ميقاتي عقد سلسلة اجتماعات في الرياض، قبيل عقد القمة، شدّد خلالها “على أولوية وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان والتوصل الى وقف إطلاق النار”. وطلب “دعم موقف لبنان بوجوب وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة”.
كما استقبل ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الرئيس ميقاتي في مقر انعقاد القمة غير العادية في الرياض.
بدوره، تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً هاتفياً من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف تداولا خلاله بتطورات الاأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة جراء مواصلة “إسرائيل” عدوانها على لبنان. وأكد قاليباف لبري، على “وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى جانب لبنان ومؤازرته بتنفيذ القرار الأممي رقم 1701”.
اللواء:
دعم مطلق للبنان: وقف النار وتعزيز الجيش وانتخاب الرئيس
توسيع العملية البرّية يستهدف جنوبي الليطاني.. وأكثر من 230 صاروخاً على مواقع الإحتلال
من المؤكد ان لبنان، سواء في ما خص الحرب التي تشنها عليه اسرائيل، او ما خص إنهاء الوضع غير الصحي على مستوى اعادة بناء المؤسسات، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية (مع التأكيد ان الشق الداخلي شأن لبناني) حظي باهتمام القمة العربية – الاسلامية غير العادية، التي انهت اعمالها في الرياض امس، وسجلت خطوة مهمة في إطار دعم مطالب لبنان والوقوف الى جانبه، تمثلت باللقاء بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس ميقاتي، حيث جرى البحث في الوضع الراهن بكل عناصره، لا سيما لجهة الحرب الاسرائيلية ضده، وما يترتب لوقف النار ومساعدة النازحين واستعادة سلطة الدولة في الجنوب عبر القرار 1701.
وفي بيروت، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما من رهان على وقف إطلاق النار اقله في الفترة الراهنة، وهناك اخبار بتم تداولها انما لا تمت إلى الواقعية بصلة. وبالنسبة إلى الموقف الرسمي فعبر عنه سابق لجهة وقف إطلاق النار .
وقالت إن بيان القمة الإسلامية العربية كان متوقعا، واشارت إلى أن ألية التنفيذ مرتبطة بأمكانيات محددة.
إلى ذلك، لم تتضح الصورة بشأن انعقاد جلسة نيبابية قريية لأقرار بعض المواضيع، وليست هناك من دليل بأنتظار مواقف الكتل والأهم موقف الرئيس نبيه بري.
ميقاتي: التزام لبنان بالقرار 1701
واعلن الرئيس ميقاتي في القمة العربية والاسلامية: التزام الحكومة اللبنانية الثابت والراسخ بالقرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب، وبالتعاون الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام والعمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الحدود المعترف بها دولياً.
وقال رئيس الحكومة: أخاطبكم اليوم من هذا المنبر باسم لبنان، للتعبير عن هول الكارثة التي نعيشها هذه الايام. أضاف «يمرُّ لبنان بأزمةٍ تاريخيَّةٍ مصيرية غيرِ مسبوقةٍ تُهَدِّدُ حاضره ومستقبلَهُ، فهو يُعاني من اعتداءٍ إسرائيليٍّ صارخٍ ينتهكُ أبسطَ قواعدِ القانونِ الدوليِّ الإنسانيِّ واتفاقياتِ جنيفَ، التي وُضِعَتْ لحمايةِ المدنيِّينَ في النزاعاتِ المسلَّحة. وهذا الاعتداء يأتي ليضاف الى كمّ من التحديات البنيوية والازمات المتراكمة والملفات الشائكة. وبطبيعة الحال، لا يجوز ولا يمكن أن تستمر اسرائيل في عدوانها المتمادي على لبنان وشعبه، وانتهاك سيادته وتهديد علة وجوده من دون حسيب أو رقيب.
هذا الوطن- الرسالة الذي يعتبره الاشقاء والاصدقاء بمثابة حاجة للامن والسلم والامان والاستقرار والازدهار في المنطقة. وتابع: «لقد تسبَّبَ العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان بخسائر انسانية فادحة، فتجاوز عدد الضحايا حتى الآن أكثر من ثلاثة الآف شهيد، والجرحى أكثر من ثلاثة عشر الف شخص. وقد تسبب هذا التصعيد باجبار حوالى مليون ومئتي الف لبنانيٍّ، على النُّزوحِ في غضونِ ساعاتٍ معدودةٍ ممَّا أضافَ عبئًا جديدا على كاهلنا وعلى وضعنا الداخلي المثقل بالازمات المتتالية. وتأتي الآثارُ الاقتصاديَّةُ لهذا التصعيدِ العسكريِّ لتزيدَ من حجمِ المأساةِ، إذ، وفقًا لتقديراتِ البنكِ الدوليِّ الأخيرةِ، قدِّرَت الأضرارُ والخسائرُ المادية لغاية اليوم بثمانية مليار و500 مليون دولار، منها ثلاثة مليارات واربعمئة مليون دولار تشمل تدميرا كليا او جزئيا لمئة ألف مسكن، فيما الخسائر الاقتصادية بلغت خمسة مليارات ومئة مليون دولار وتشمل التربية والصحة والزراعة والبيئة وقطاعات أخرى.
باسم جميع اللبنانيين انتهز هذه المناسبة لاوجه كلمة شكر وامتنان لكل الدول التي دعمت لبنان وتدعمه باستمرار، مثنيا على الروابط التي تشُدُّكم دوما إلى لبنان وتشدنا دوما اليكم. ونحن في صدد إنشاء صندوق تمويلي يتغذى من اسهامات الدول الشقيقة والصديقة باشراف ادارة اممية على أن يكون الانفاق لاعادة الاعمار، خاضعا للتدقيق الدولي الموثوق.
بن فرحان: تنسيق مرتفع حول لبنان
وقال وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان: هناك تنسيق عالي المستوى بين الدول العربية والاسلامية حول تطورات الوضع في لبنان، وهناك تواصل على أعلى المستويات لبحث كيفية دعم صمود لبنان ودعم خروج لبنان من الفراغ السياسي، ولكن في النهاية هذا قرار لبناني.
دعم مطلق
وأكد البيان الختامي للقمة على «الدعم المطق للجمهورية اللبنانية وأمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة مواطنيها»، وأدان بشدة العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان»، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وشدد على أهمية الإسراع في انتخاب رئيس للبنان ودعم القوات المسلحة اللبنانية باعتبارها الضامن لوحدته واستقراره.
ودعا البيان الختامي الى توسيع جهود اللجنة الوزارية لتشمل مشاركة اسرائيل بأنشطة الامم المتحدة.. والتي تضم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والاتحاد الافريقي.
المفاوضات: غموض
على صعيد المفاوضات التي يكتنفها الغموض على رغم استمرار لضخ الايجابي الاسرائيلي حول «تقدم الاتصالات بين واشنطن وتل ابيب وعواصم اخرى بشأن وقف اطلاق النار» وتحضير مسودات بمقترحات من هنا وهناك، فإن الثابت حسب ما قالت مصادر متابعة لـ «اللواء» ان شيئاً لم يصل الى لبنان لابشكل رسمي ولا بشكل اتصالات مع الجانب اللبناني حول ماهو الجديد في مسودة المقترحات، وكلما يتم تداوله تسريبات للإعلام العبري حول تضمن المسودة طلبات وشروط اسرائيل السابقة بإبعاد قوات المقاومة عن الحدود الى ما وراء نهر الليطاني وضمان عدم دخول السلاح اليه عبر سوريا وانسحاب تدريجي لقوات الاحتلال من نقاط تواجدها مقابل الحدود اللنانية مع حقها بالقيام بعمليات في لبنان في حال خرق الاتفاق. وكل هذه شروط وصلت سابقا الى الرئيس نبيه بري وميقاتي وعبرهما الى حزب لله وتم رفض كل هذه الشروط.
ومع ذلك لا بد من انتظارما تردد عن زيارة للموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى تل بيب وبيروت، والتي لم يتم تحديد موعدها بعد لمعرفة ما هي المقترحات الجديدة، لاسيما بعدمادخل الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب على خط الاتصالات مع نتنياهو وهوكشتاين وشجع الاخير على المضي في مسعاه لعقد صفقة تنهي الحرب.
واعلن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ان لبنان يرفض ما وصله من شروط اسرائيلية لوقف النار.
شنكر يستبعد وقف النار
وقال مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق ديفيد شنكر ان الآلية وراء القرار 1701 نشر 7 الى 10 آلاف جندي في الجنوب والتفكيك الفعال لبنية حزب الله التحتية ومصادرة الاسلحة، مستبعداً التوصل الى وقف النار، لأن اسرائيل لن تسمح لحزب الله بإعادة تجميع نفسه وجزء من العمل على الحدود للتأكد من ان الاسلحة المهربة لن تجد طريقها مرة اخرى الى البلد، وسيطلب من لبنان ان يطبق سيادته على حدوده واراضيه.
وقال: لا اعلم من سيخلف هوكشتاين، ربما مسعد بولس، وقد لا يكون هناك مبعوث للبنان بل مساعد وزير ويقوم بالعمل نفسه.
حزب الله ينفي
ونفى المسؤول الاعلامي في حزب الله محمد عفيف ان يكون هناك شيء محدد في ما خص المفاوضات، ولم يصل للمقاومة اية اقتراحات، معتبراً ان «الحديث الحالي عن حراك سياسي سببه صمود ابطال المقاومة في الميدان»، مؤكداً على العلاقة بين الجيش والمقاومة.
توسيع العملية البرية
ونقل عن مصدر اسرائيلي قوله: اذا لم يقبل حزب لله وقف اطلاق النار، فستوسع اسرائىل عملياتها البرية.
ودعا تقرير نشرته «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية الى توسيع ما اسمته «المناورة الى نهر الليطاني»، مشيراً الى انه يجب على اسرائيل تأمين المنطقة حتى الليطني، وتعيينها كمنطقة عازلة منزوعة السلاح خالية من السكان المدنيين ومحصنة بحاجز امني اضافي.
الوضع الميداني
ميدانياً، وسع الاحتلال الاسرائيلي عدوانه على لبنان بعدظهر امس ليشمل غارة من مسيّرة استهدافت منزل المواطن حسين هاشم في بلدة عين يعقوب في عكار تقطنه عائلة سورية نازحة، وذلك بعد تجدد الغارات على قرى وبلدات الجنوب..
وافيد عن ارتقاء نحو 30 شهيداً من المدنيين في الغارة على عين يعقوب، وتناثرت اشلاء الشهداء في المكان.كما أستهدفت مسيرة سيارة في عكار تزامناً مع استهداف المنزل في بلدة عين يعقوب.
والبيت المستهدف في عين يعقوب العكارية هو لمسؤول في الحزب القومي السوري سابقا المرحوم احمد الهاشم ويأوي عائلة نازحة من عربصاليم
وافيد عن غارة عنيفة شنها الطيران الحربي المعادي في المنطقة الواقعة بين الصرفند والسكسكية.وافيد بان الحصيلة الاولية للغارة التي استهدفت منزلا في السكسكية، بلغت 11 شهيداً معظمهم من الاطفال والنساء. وعملت فرق الانقاذ بظروف صعبة بحثا عن المزيد من المفقودين تحت الركام.
وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة وعلى دفعتين مستهدفا وسط بلدة انصار في قضاء النبطية.كما أغار على منزل في بلدة ياطر ودمره بالكامل.والقى الجيش الاسرائيلي قنابل عنقودية عند أطراف بلدة فرون.
وسجلت غارات على صريفا حيث سقط 3 شهداء، وعلى السماعية والخيام وبرج قلالويه وشقرا والمنصوري وعلى محيط باتولية قرب مخيم الرشيدية في صور وعلى بلدة دبين في قضاء مرجعيون، وعلى النبطية حيث دمر مسجد حي البياض الاثري وعلى حي الراهبات في النبطية، وعلى يحمر الشقيف وارنون وعلى زوطر الغربية. وسجلت غارة عنيفة بين الرمادية وصديقين واطراف شبعا.
ومساء شن العدو غارات على بلدات عيتا الجبل، و صديقين، وشقرا وبرج قلاويه وياطر ادت الى ارتقاء 5 شهداء. وقصف معاد استهدف وادي الحجير وكفرشوبا.كما شن قبيل الثامنة غارة على مدينة صور.ثم على حداثا وصديقين.
وغارة بثلاث صواريخ على المنصوري وغارة بصاروخين على أطراف الحنية.
الميدان: كثافة عمليات
وفي هذا المجال اعلنت المقاومة في بيانتها تباعاً: انه دفاعًا عن لبنان وشعبه، استهدف مجاهدوها قاعدة شراغا شمالي مدينة عكا المحتلة بصليةٍ صاروخية.و قصفت المقاومة منطقة الكريوت شمالي مدينة حيفا المُحتلّة بصليةٍ صاروخيّة.كما قصفت قاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا المحتلة بصليةٍ صاروخية. وقصفت قاعدة عميعاد (مقر قيادة الفيلق الشمالي) جنوب مدينة صفد المحتلة، بِصليةٍ صاروخية كبيرة.
وفي إطار التحذير الذي وجّهته المقاومة الإسلامية لعددٍ من مستوطنات الشمال،إستهدف مجاهدوها مستوطنة حتسور هاجليليت. ومستوطنة كتسرين في الجولان، ومستوطنة روش بينا، ومستعمرة ميرون، ومستعمرة يسود هامعلاه ، بصليات صاروخية.
وفي إطار سلسلة عمليات خيبر، وردًا على الاعتداءات والمجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، وبنداء «لبيك يا نصر لله»، شنّت المُقاومة الإسلاميّة هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة رغفيم (قاعدة التدريب الأساسية للواء غولاني) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 65 كلم، جنوب مدينة حيفا المحتلة، وأصابت أهدافها بدقّة.
ثم شنت هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة لوجستية للفرقة 146 (شمال بلدة الشيخ دنون) شرقي مدينة نهاريا، وأصابت أهدافها بدقّة.
وفي تطور ميداني جديد ومهم في المواجهات الحدودية المباشرة، استهدفت المقاومة الساعة 04:35 من بعد الظهر، منزلاً يتحصّن فيه جنود جيش العدو الإسرائيلي في مرتفع ساري عند الأطراف الشمالية الغربية لبلدة كفركلا، بصاروخ موجّه، وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
وبعد هذه الضربة تحدثت وسائل إعلام إسرائيليةعن «حدث أمني صعب ضد قوات الجيش الإسرائيلي جنوبي لبنان، والتفاصيل ستُنشر لاحقًا».ولاحقا اعلنت عن وقوع قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي.
والى ذلك، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية مساء عن إصابة 26 جنديًا إسرائيليًا خلال الـ24 ساعة الماضية(بين الاحد والاثنين)، بينهم 15 جندياً عند الجبهة الشمالية و11 جندياً في قطاع غزة.
وليلاً شنت المقاومة الاسلامية هجوماً بالمسيرات على قاعدة لوجستية للفرقة 146 في نهاريا، كما استهدفت مستوطنتي ميرون ويسود هامعلاه بالصواريخ.
وقالت وسائل اعلام العدو ان اكثر من 230 صاروخ اطلقت على مراكز ومؤسسات الجيش الاسرائيلي والصناعات العسكرية والحربية في يافا وصفد ونهاريا وعكار ومستعمرات الجليل.
الاخبار:
مناورة المفاوضات مستمرة: صواريخ المقاومة تُطلق من الحافة
صواريخ المقاومة تُطلَق من القرى الحدودية باتجاه حيفا: العمليّة البرّية لا تضمن «أمان» مستوطني الشمال
رفعت المقاومة، أمس، بشكل ملحوظ، وتيرة إطلاق الصواريخ على الكيان الإسرائيلي، نوعاً وكمّاً وعمقاً، حيث ركّزت عدة صليات صاروخية كبيرة باتجاه منطقة خليج حيفا، إضافة الى منطقة الكريوت شمال حيفا، ومدينتَي صفد وعكا. وتُعدّ هذه المدن والمستوطنات مناطق الثقل السكّاني والاقتصادي في شمال فلسطين المحتلة. وبعد تراجع وتيرة العمليات البرية، تُثبت المقاومة، يوماً بعد آخر، أنها قادرة على إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة، وفق خططها وبرامجها.
وليس هذا ببعيد عما يعرفه العدو وتيقّن منه خلال الأسابيع الأخيرة. لكن ما بدا «صادماً» أمس، هو انطلاق عدّة صليات صاروخية من مناطق حدودية في جنوب لبنان، حيث صوّرها جنود العدو داخل المستوطنات القريبة من الحدود، وسط ذهول واضح، لم يقتصر على الجنود، بل انتقل الى عموم المستوطنين ووسائل الإعلام. وبانطلاق الصواريخ نحو حيفا من القرى والبلدات اللبنانية الحدودية، تظهر ثغرة كبرى في سردية «الانتصار» التي يحاول العدوّ، بمستويَيه الأمني والسياسي، الترويج لها. وجوهرها القول إن عمليات «التنظيف» وتدمير البنى التحتية العسكرية التابعة للمقاومة، عبر العملية البرية التي تنفّذها القوات الإسرائيلية في القرى الحدودية، والتي امتازت بالكثير من الاستعراض والتصوير (غير العفوي، بل بتوجيه ورقابة من وحدة المتحدث باسم الجيش)، كافية لمنع إطلاق الصواريخ المضادة للدروع باتجاه المستوطنات الحدودية، فضلاً عن الصواريخ الأكبر كالتي أُطلقت أمس، بما يمنح المستوطنين شعوراً بالأمان خلال عودتهم الى المستوطنات المهجورة. في المقابل، تقول المقاومة عبر هذه الإطلاقات إنها لا تزال حاضرة عند الحدود، بمقاتليها وصواريخها وقدراتها وقيادتها وسيطرتها، وإن العملية لم تحقّق أهدافها، وإن ما يمضي إليه العدوّ، إذا ما قرّر توسيع القتال، ليس سوى حرب استنزاف طويلة لن تأتي له بنتائج تذكر، فضلاً عن أنها لن تمنح المستوطنين شعوراً بالأمان.
صوّر جنود العدو داخل المستوطنات القريبة من الحدود صواريخ حزب الله تنطلق بكثافة وسط ذهول واضح
ويوم أمس، تابعت المقاومة استهداف المدن والمستوطنات الشمالية، فقصفت مدينة صفد المحتلة، ومستوطنات معالوت وترشيحا وغورن وحتسور هاجليليت وكتسرين وروش بينا وميرون ويسود هامعلاه، ومنطقة الكريوت شمال مدينة حيفا المُحتلّة، بصليات صاروخيّة مكثّفة. كما استهدفت عدداً من القواعد العسكرية في المنطقة الشمالية، كقاعدة تدريب للواء المظلّيين في مستوطنة كرمئيل وقاعدة شراغا شمال مدينة عكا، وقاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال حيفا، وقاعدة عميعاد (مقرّ قيادة الفيلق الشمالي) جنوب صفد، بِصليات صاروخية كبيرة. وشنّت هجومين جوّيّين بسربين من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة «رغفيم» التي تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 65 كلم، جنوبيّ مدينة حيفا، وعلى قاعدة لوجستية للفرقة 146 شرقي مدينة نهاريا، وأصابت أهدافها بدقّة. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق أكثر من 250 صاروخاً من لبنان باتجاه إسرائيل منذ صباح أمس، معظمها كانت موجّهة الى منطقة حيفا. كما أعلن الإسعاف الإسرائيلي عن وقوع عدة إصابات بين المستوطنين. وأظهرت مقاطع الفيديو وقوع أضرار في المنازل والسيارات في كرمئيل والكريوت وصفد وخليج حيفا.
وفي المنطقة الحدودية، تابعت المقاومة استهداف قوات العدوّ ومواقع تجمّعها على طول القرى والمستوطنات، حيث قصفت بالصواريخ تجمّعات جيش العدوّ عند الأطراف الشرقيّة لبلدة مارون الراس، وفي موقع العبّاد. كما استهدفت بقذائف المدفعية تجمّعاً لقوات جيش العدوّ الإسرائيلي في مستوطنة أفيفيم، وتجمّعاً آخر عند الأطراف الشرقية في بلدة مارون الراس. وشنّت هجومين بالمُسيّرات الانقضاضيّة على تجمّعين لقوات العدوّ عند الأطراف الشرقيّة لبلدة مارون الراس، وفي مستوطنة أفيفيم. وفي الأطراف الشمالية الغربية لبلدة كفركلا، استهدفت المقاومة بصاروخ موجّه منزلاً يتحصّن فيه جنود جيش العدوّ في مرتفع ساري، وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
جعجع محبط وليزا متوتّرة: لماذا لا ينتفض السنّة ضد حزب الله؟
الراعي وباسيل وقائد الجيش يخشون «المغامرات» أو استخدام النازحين السوريين
القلق من تدهور الأوضاع الداخلية صار واضحاً في مداولات لا تزال بعيدة نسبياً عن وسائل الإعلام. لكن البارز أن التشاور حول خطورة الأوضاع لا يقتصر على فريق بحدّ ذاته، بل يشمل مروحة واسعة من القوى السياسية والمرجعيات المدنية والعسكرية على حدٍّ سواء.
وينقل مطّلعون على اتصالات جارية أنه بعد مرور أكثر من شهر على الحرب المفتوحة التي تشنّها إسرائيل، يمكن رسم مشهد مناقض لما كان الأميركيون يرغبون فيه. ويلخّص هؤلاء المشهد الحالي بالآتي:
أولاً، يقرّ الدبلوماسيون الأجانب والعرب في لبنان بأن «قصة انهيار حزب الله» لم تعد قائمة في حسابات أو حتى أذهان أصحاب القرار في العالم، وحتى في إسرائيل نفسها.
ويبدو من الأسئلة التي يتوجّه بها «الأجانب» في لبنان مدى «الإحباط من فشل مهمة فرط الحزب»، ومن بين الأسئلة مثلاً: هل تقاضى عناصر حزب الله رواتبهم كالمعتاد، وهل عادت مؤسسات الحزب المدنية تعمل كالسابق، وما حقيقة أن الحزب أعاد تنشيط علاقاته السياسية وعاد إلى التواصل مع القوى السياسية كافة، ومع الجهات الرسمية؟
ويُعتقد على نطاق واسع بأن الأميركيين يرون أنّ تحركاً داخلياً من شأنه التعويض عن الفشل العسكري، وخصوصاً مع ارتفاع أصوات إسرائيلية تسأل حكومة بنيامين نتنياهو عن سبب الفشل في وقف سقوط الصواريخ على المستوطنات الشمالية، وإعلان قيادة جيش الاحتلال أنه لن يكون بإمكان سكان هذه المستعمرات العودة الى منازلهم قبل اتفاق سياسي.
ثانياً، يتضح من طلب الأميركيين وعواصم أخرى، من قوى لبنانية التعجيل في إطلاق حملة داخلية ضد حزب الله، بأن هناك فشلاً كبيراً في مهمة جيش الاحتلال.
وقد سعت السفارة الأميركية الى إقناع عدد كبير من الشخصيات والقوى السياسية والإعلامية بالدخول في برنامج سياسي وإعلامي وشعبي ضد الحزب، لكن الحصيلة، حتى الآن، تظهر أن التجاوب حصل فقط من جانب “القوات اللبنانية” وبعض الشخصيات العاملة معها، إضافة الى بعض الأوساط القيادية في حزب الكتائب وليس الحزب كله، إذ ينقل عن الرئيس السابق أمين الجميل تحذيره نجله سامي من «مشاريع سمير جعجع».
ثالثاً، تبدي السفارة الأميركية استغرابها واستياءها من عدم وجود «مزاج سنّي» يلاقي الحملة على حزب الله.
وينقل زوّار عوكر كلاماً لافتاً من نوع «نحن نعمل مع إسرائيل لتخليص السنّة من أكبر خصم لهم، من دون أن يتجاوبوا معنا».
حتى إنه نقل بأن نائب بيروت فؤاد المخزومي رفض الدخول في أيّ حملة سياسية ضد حزب الله، أو حتى الحديث عن مخاطر كثافة وجود النازحين في بيروت، بينما قال النائب وضاح الصادق إن «الشارع» لا يقبل القيام بأيّ عمل يمكن أن يظهر على شكل دعم لحملة إسرائيل ضد الحزب.
جمهور السنّة يرفض شتم المقاومة، والحريري مستمرّ باعتكافه وينصح قياداته بالتعاون مع بري وجنبلاط
رابعاً، إحباط قائد «القوات اللبنانية» من رفض شخصيات سنّية بارزة المشاركة في لقاءات تعقد في معراب للحديث عن «مرحلة ما بعد حزب الله».
ونقل عن شخصية سنّية لا تربطها علاقات جيدة مع حزب الله أن مشكلة جعجع في كونه «يتطوّع لمهمة لم تقدر أميركا وإسرائيل على تنفيذها»، مع إضافة لافتة بأن «هناك من يلعب بعقل جعجع لإقناعه بأنه المرشح المناسب لرئاسة الجمهورية».
خامساً، تبيّن أن الرئيس سعد الحريري، الذي قال في اتصالات مع حلقة ضيقة إنه ليس جاهزاً للعودة الى لبنان في هذه المرحلة، دعا أنصاره الى تقديم كل ما يقدرون عليه لمساعدة النازحين، وإن أي طارئ سياسي يجب أن يتعاملوا معه بالتشاور مع الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط.
وترافق ذلك مع رفض إعلاميين مقربين من تيار المستقبل المشاركة في الحملة السياسية على حزب الله. لا بل إن بعض هؤلاء تولّوا الردّ على خطاب جعجع الأخير الذي دعا الى انعقاد مجلس النواب ولو من دون حضور النواب الشيعة.
سادساً، ظهور بوادر قلق عند سياسيين يدعمون وصول العماد جوزيف عون الى رئاسة الجمهورية، ومردّه «بروز نزعات متطرفة» لدى فريق «القوات» في ما يتعلق بالنازحين السوريين.
وقد تجمّعت لدى اجهزة أمنية رسمية معلومات عن اجتماعات وتواصل بين قيادات من «القوات» وناشطين من المعارضة السورية في لبنان وخارجه للاستفادة من تجمعات النازحين السوريين في أي «انتفاضة شعبية ضد حزب الله».
وبحسب ما ينقل عن داعمي قائد الجيش، فإن القلق موجود أساساً لدى قيادة المؤسسة العسكرية، كونها ستكون المسؤولة عن مواجهة مثل هذه الأعمال، وخصوصاً أنه لا يمكن ضبط مخيمات النازحين السوريين.
كما أن البطريرك الماروني بشارة الراعي يشارك قائد الجيش قلقه، وهو أيضاً ما يثير مخاوف التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل.
لقاء السرايا السنّي
وفي السياق نفسه، قال مرجع سياسي بارز إن الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس نجيب ميقاتي للنواب السنّة، الأسبوع الماضي، لم يكن بعيداً عن مشاورات جرت مع عواصم عربية معنيّة بالوضع في لبنان، مع إشارة مباشرة الى مصر والأردن على وجه التحديد.
وقال إن الاجتماع كان شاملاً، مع إشارة الى أن غياب النائبين أسامة سعد وحليمة القعقور سببه رفضهما المشاركة في أيّ لقاء له بعد طائفي، لكنهما لا يعارضان ما تمّ التطرق إليه لجهة عدم السير في برنامج أعمال هدفه الفتنة بين اللبنانيين.
وقال المرجع إن ميقاتي، الذي نشّط علاقاته الدبلوماسية الإقليمية والدولية، يعرف أنه قد لا يبقى في منصبه في العهد الجديد.
لكنّ ثمة مساعي لأن يكون هو الأكثر مقبولية من جميع الأطراف اللبنانية في ظل استمرار امتناع الرئيس سعد الحريري عن العودة الى النشاط السياسي في لبنان، وأن لقاء السرايا كان هدفه القول لفريق «القوات اللبنانية» إن «السنّة ليسوا في حالة ضياع، ولديهم آليات العمل التي تضمن تمثيلهم الحقيقي في الدولة وفي المحافل السياسية، وإن سنّة لبنان، رغم كل ملاحظاتهم واختلافاتهم مع حزب الله حول أمور داخلية، لا يقبلون مجرد محاولة عزل الحزب أو الشيعة».
وبحسب المرجع نفسه، فإن السعودية، التي لن تغضب في حالة هزيمة حزب الله أو حماس، لا تريد التورط في مشكلات في لبنان.
وأضاف أن السعودية التي تموّل إعلاماً يقود حملة مفتوحة ضد حزب الله، عملت على تخفيف حدّة الحملات، وطلبت من قناة «العربية» وقف بثّ برنامج سياسي للمعمّم محمد الحسيني بعدما تحوّل الى «ناطق ممهّد لعمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل في لبنان».
ويقول المرجع إن الاتصالات السعودية – الإيرانية حول المنطقة تشمل لبنان، من باب رغبة الجانبين في عدم الاشتباك في هذه الساحة.
لكنه نفى أن يكون هناك أيّ تفاهم إيراني – سعودي حول لبنان، مشيراً إلى أن السعودية لم تتخلّ عن فريقها السياسي المحلي، بما في ذلك «المجموعة الشيعية»، كما لم تغيّر موقفها من الرئيس الحريري ولم تفتح الأبواب أمام عودته الى بيروت.
وأضاف أن السفارة السعودية في بيروت مهتمة بأن «لا ينخرط السنّة في حملة لتغطية حزب الله ربطاً بالحرب مع إسرائيل، وأنه سبق لها أن دعت قيادات دينية وسياسية سنّية الى عدم الدفاع عن حركة حماس، والتمييز بين مهاجمة ما تقوم به إسرائيل والدفاع عمّا تقوم به حماس».
تعاظم خسائر العدو في غزة: المقاومة تتعايش مع التوغّل
غزة | حافظت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في قطاع غزة، بعد 38 يوماً من الحصار، على حضور فعلها المقاوم، الذي يركّز على محورية تكبيد جيش العدو أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية. ويأتي ذلك رغم أن التكتيك الذي بدأت به العملية البرية الكبرى في محافظة شمال القطاع، والمتمثّل في تطويق مساحة جغرافية كاملة، وقطع كل طرق الإمداد الخارجية إليها، ثم تهجير سكانها المدنيين وتقويض بنى المؤسسات الخدماتية والطبية فيها وحرمانها من الطعام والماء والدواء، لا يعطي الأفضلية بأي شكل من الأشكال لخلايا المقاومة وعناصرها، بل كان من شأنه أن يسهم في تلاشي قدرة المقاومين على إيلام العدو واستهدافه، بالنظر إلى التناقص المستمر في الكادر المقاوم، واستنزاف ما هو متوافر من إمكانات عسكرية ولوجستية.
وبدا واضحاً، خلال الأيام العشرة الماضية، أن تكتيكات المقاومة انتقلت من عرقلة تقدّم العدو واستهداف معدّاته الثقيلة وآلياته، إلى التعايش الميداني مع التوغّل، واستغلال حالة التراخي في أوساط الجنود، والتي قد توفّرها أيام الهدوء الخادعة، في تنفيذ كمائن تستهدف الجنود والضباط. وفي خلال اليومين الماضيين مثلاً، نفّذت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة نحو 17 مهمة قتالية معظمها في المناطق المحاصرة شمال القطاع؛ إذ أعلنت «كتائب القسام»، أمس، تمكّن مقاوميها من استهداف قوة صهيونية راجلة قوامها 15 جندياً بقذيفة «آر بي جي» مضادة للأفراد، ثم الإجهاز على جميع عناصرها من مسافة صفر بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية، غرب منطقة الشيماء شمال مدينة بيت لاهيا. كذلك، قالت الكتائب إن مقاوميها العائدين من خطوط القتال أبلغوا عن استهداف ناقلتي جند بقذيفتي «الياسين 105» و«تاندوم»، كما استهدفوا جرافة عسكرية بعبوة رعدية، قرب مسجد الشهيد عماد عقل وسط مخيم جباليا. وتحدّث «الإعلام العسكري» التابع للكتائب، أيضاً، عن الاشتباك مع قوة راجلة وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح في منطقة البركة غرب بيت لاهيا شمال القطاع.
التوغّل يتيح للمقاومة استغلال حالة التراخي التي توفّرها أيام الهدوء الخادعة
وبينما قصفت «كتائب القسام» و«كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، «محور نتساريم» وموقع الرشيد بقذائف الهاون، أعلنت «سرايا القدس»، بالاشتراك مع «ألوية الناصر صلاح الدين»، عن تمكّنها من قصف مقر قيادة وسيطرة العدو في موقع الإدارة المدنية بقذائف الهاون. وأبلغت السرايا، كذلك، عن تمكّن مقاوميها من استهداف دبابة «ميركافا» بقذيفة «تاندوم» في حي التوبة وسط مخيم جباليا. كما استهدفت «كتائب القسام» دبابة صهيونية من نوع «ميركافا» بقذيفة «تاندوم»، في حي الصفطاوي غرب مخيم جباليا. وفي المقابل، اعترف جيش العدو، أمس، بمقتل 5 من جنوده في حدثين متفرقين في شمال القطاع، ليرتفع عدد القتلى الذين اعترف بهم، منذ بداية العملية العسكرية في الشمال، إلى 25، من بينهم قائد «اللواء 401» المدرّع.
ولا ينفي هذا المنجز الميداني، الضغط العسكري الهائل الذي تتعرّض له خلايا المقاومة في الأحياء المحاصرة، حيث يواصل جيش العدو تدمير المربعات السكنية ونسفها بآلاف الأطنان من المتفجرات، كما تدك وسائط المدفعية التابعة له مناطق جباليا وبيت لاهيا وتل الزعتر بالعشرات من قذائف المدفعية، فضلاً عن حرمان المناطق المحاصرة من احتياجها من الغذاء والدواء. على أن ذلك الضغط لم يصل إلى تحقيق الهدف المعلن من العملية حتى اللحظة، والمتمثّل في العبارة التي يُعنون بها جيش العدو منشوراته التي يلقيها يومياً على الأهالي الصامدين في شمال القطاع: «انهيار جباليا»، إذ لم يرفع مقاومٌ يديه مسلماً نفسه وملقياً السلاح، كما لم تعلن المقاومة أن الاستسلام واردٌ في خياراتها، وهذا هو بيت القصيد.
المصدر: صحف