يعد بيني غانتس الذي استقال من حكومة الحرب الإسرائيلية الأحد، سياسيا وسطيا يطمح للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
كان غانتس رئيس هيئة الأركان ووزير الحرب سابقا يفتقر إلى الخبرة السياسية الواسعة عندما قرر إطلاق “حزب الوحدة الوطنية” من يمين الوسط في العام 2019، محددا هدفا صريحا بإزاحة نتانياهو عن السلطة.
بعد خمس سنوات على ذلك، يأمل غانتس الاستفادة من نقمة شعبية على خلفية إخفاق نتانياهو في إعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وبعد أيام على بدء العدوان، انضم غانتس الذي بلغ الـ 65 إلى حكومة الحرب برئاسة نتانياهو وأصبح وزيرا من دون حقيبة في إدارة منافسه التي سميت “حكومة الوحدة”. وقال غانتس الذي كان أحد زعماء المعارضة الرئيسيين حينها عبر وسائل التواصل الاجتماعي “إسرائيل فوق كل اعتبار”.
لكن في كلمة متلفزة اليوم الأحد قال غانتس إن “نتانياهو يمنعنا من المضي نحو نصر حقيقي، ولهذا السبب نترك حكومة الطوارئ اليوم بقلب مثقل، ولكن بإخلاص تام”.
وأعلن رئيس كتلة “المعسكر الوطني”، بيني غانتس، اليوم الأحد، انسحابه من حكومة الحرب الإسرائيلية التي يترأسها بنيامين نتنياهو والتي كان قد انضم إليها بعد أيام من شن العدوان على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، واتهم نتنياهو بأنه “يتردد ويؤجل اتخاذ قرارات إستراتيجية مصيرية لاعتبارات سياسية”.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده غانتس في الكنيست، ووجه خلاله انتقادات حادة لنتنياهو وإدارته للحرب، واتهمه بأنه “يمنع تقدم إسرائيل نحو النصر الحقيقي”، واعتبر أنه “يتردد باتخاذ قرارت إستراتيجية” و”يمنع اتخاذ قرارات مهمة” في إطار الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 247 يوما؛ كما طالب غانتس بالدعوة لانتخابات مبكرة
لكن من غير المتوقع أن تؤدي استقالة غانتس إلى إسقاط الحكومة المشكّلة من ائتلاف يضم أحزابا دينية وقومية متطرفة. إلا أنها الضربة السياسة الرئيسية الأولى التي يتلقاها نتانياهو خلال الحرب ما يعكس الضغوط الداخلية المتنامية حول إدارته للوضع.
وأثار غانتس غضب حزب الليكود بزعامة نتانياهو في آذار/مارس عندما قام بزيارة رسمية لواشنطن. وواصل مناوراته السياسية في الأسابيع التالية داعيا إلى انتخابات تشريعية مبكرة وموجها تحذيرا لنتانياهو مفاده، إما أن يقبل بخطة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة بحلول الثامن من حزيران/يونيو وإلا استقال من الحكومة.
والشهر الماضي قال حزبه إنه تقدم باقتراح قانون لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة لا يملك فرصا كبيرة للفوز بها في مواجهة ائتلاف نتانياهو. ومنذ دخوله المعترك السياسي خاض غانتس معارك انتخابية عدة ضد نتانياهو من دون الحاق هزيمة فعلية به.
ومنذ البداية حاول الاعتماد على خلفيته العسكرية ناشرا في العام 2019 مقاطع مصورة خلال حملته الانتخابية بعنوان “وحده القوي يستمر” ركزت على عمليات عسكرية في غزة.
وشكل تحالفا للتناوب على السلطة مع نتانياهو في أيار/مايو 2020 في محاولة لمواجهة جائحة” كوفيد-19″ إلا ان نتانياهو لم يحترم الاتفاق. وأدى الوضع إلى تنظيم انتخابات جديدة في العام 2021 انضم غانتس بنتيجتها إلى ائتلاف حكومي بقيادة يائير لبيد.
وقال غانتس في العام 2022 “آمل أن أكون قادرا على جمع أكبر عدد ممكن من الأحزاب من حولي، ووضع حدّ لنير نتانياهو السياسي وتشكيل حكومة دون الاعتماد على التطرف”. إلا ان جهوده فشلت وتمكن نتانياهو من تشكيل ائتلاف بدعم من أحزاب اليمين المتطرف.
ورجح محللون ألا يتمكن غانتس من إزاحة نتانياهو عن السلطة حتى في الوقت الراهن. وقال المحلل السياسي إيلان غريلسامر “تراجع غانتس كثيرا في استطلاعات الرأي لأنه ينظر إليه على أنه غير صارم ومتردد جدا ومتساهل مع نتانياهو”.
ولد غانتس عام 1959 في قرية كفار أحيم في جنوب البلاد لوالدين مهاجرين من رومانيا والمجر. وقد حاول أن يقدم نفسه على أنه من الصقور سياسيا.
وقد دعا إلى سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجزء الأكبر من الضفة الغربية التي يحتلها منذ العام 1967 فضلا عن ضم غور الأردن.
التحق في شبابه بالجيش كمجنّد، العام 1977 في سن الثامنة عشرة. صار مظليا ورٌقي ليصير جنرالا عام 2001 قبل أن يعيّن رئيسا للأركان عام 2011 وحتى 2015.
ويرى الصحافي المختص في الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارل أن غانتس “لم يترك دمغة دائمة في الجيش، لكنه حافظ على صورة الاستقرار والنزاهة”.
وانخرط غانتس في محادثات مع السلطة الفلسطينية، وقد التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مناسبات عدة للبحث في “قضايا أمنية واقتصادية”.
وفي آب/أغسطس 2022 وبصفته وزيرا للحرب، شنّ عملية خاطفة ضد حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة استمرت ثلاثة أيام استخدم فيها الضربات الجوية والمدفعية.
المصدر: أ ف ب