تعكس الحركة الإحتجاجية في الجماعات الأمريكية والأوروبية، مدى الترابط المالي بين تلك الأصرح الأكاديمية، مع الحركات الصهيونية، التي تعتبر الممول الأساسي لها، وخضوع تلك الجامعات لنفوذ المال، وبالتالي سيطرة الصهاينة على القرارات المتخذة.
ورغم تلك الضغوط، التي تمارس أيضاً على الطلاب، من خلال التضييق المنهجي، تحرك آلاف الناشطين، رافعين شعارات تعتبر تحدياً للسياسة الأمريكية الثابتة، رافضين دعم بلادهم للعدوان على غزة، ومشاركتهم الفعلية فيه، سياسياً وتسليحياً ومالياً.
هذه الحركة الطلابية الحالية، ليست الأكبر إذا ما قورنت بتلك المناهضة لحربي فيتنام والعراق أو الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لكن ما يميزها، هو أنها ربما الأوسع داخل الأحرام الجامعية، ورفعها مطالب واضحة ومحدّدة.
ورفعت التحركات الطلابية الداعمة لفلسطين والمنددة بالعدوان على غزة، العديد من الشعارات، أبرزها المقاطعة الأكاديمية للمؤسسات الجامعية الداعمة لـ “إسرائيل”، وسحب استثمار الجامعات الاميركية من الشركات التي تزود كيان الاحتلال بالأسلحة والتكنولوجيا، فضلاً عن وقف الأبحاث المشتركة مع وزارة الحرب “الإسرائيلية”، إضافة إلى وقف مصادر تمويل الصناديق الجامعية التي تجاوزت قيمتها حاجز الألف مليار دولار.
وانطلقت شعلة هذه الاحتجاجات من جامعة كولومبيا في نيويورك، ووصلت إلى جامعة تكساس في هيوستن.
مطالب الحركة الطلابية
تختلف مطالب الطلاب من جامعة إلى أخرى. على سبيل المثال، يدعو تحالف جامعة كولومبيا إلى سحب الاستثمارات البالغة 13.6 مليارات دولار من أي شركة مرتبطة بالعدو الاسرائيلي أو من الشركات التي تستفيد من الحرب، مثل “غوغل” و”AIRBNB”، وشركات التكنولوجيا العملاقة مثل مايكروسوفت وأمازون وألفابت، فيما يطالب آخرون، بمن فيهم طلاب جامعة كورنيل وجامعة ييل، بالتوقف عن الاستثمار في شركات تصنيع الأسلحة “الإسرائيلية”.
سحب الاستثمارات
يمكن تقسيم استثمارات الجامعات الأميركية في كيان الاحتلال إلى استثمارات مباشرة، تقوم فيها الجامعات الأميركية بالاستثمار مباشرة في شركات للعدو الإسرائيلي من خلال الصناديق الاستثمارية الخاصة بها، ويشمل ذلك الأسهم أو السندات أو صناديق رأس المال. واستثمارات غير مباشرة، يجري فيها استثمار أموال صناديق الجامعات في شركات استثمار خارجية، يكون لديها عادة استثمارات أو حيازات في شركات “إسرائيلية”.
وتتعاون الجامعات الأميركية مع مؤسسات “إسرائيلية” في مشاريع بحثية متنوعة، وعادة ما يأتي تمويلها من مصادر مختلفة، بما في ذلك المنح البحثية من الحكومة الأميركية أو المؤسسات الخاصة.
ويشير هيكل الاقتصاد الإسرائيلي والمصالح الأميركية، وفقا لما ذكرته المواقع الإلكترونية الرسمية لبعض الجامعات الأميركية، إلى أن استثمارات تلك الجامعات تتركز في قطاع التكنولوجيا، والذي يعد الأكثر بروزاً بالنسبة للاستثمارات الأميركية، التي لم تخلُ من أموال صناديق الجامعات.
وتشكل الشركات الأميركية ما يقرب من ثلثي مراكز البحث والتطوير التي أنشأتها شركات متعددة الجنسيات في كيان الاحتلال، والتي يزيد عددها عن 300 مركز، وفقا لبيانات وزارة الخارجية الأميركية عن مناخ الاستثمار في عام 2023.
وإلى جانب التكنولوجيا، تستثمر الشركات الأميركية في مجالات متنوعة مثل التكنولوجيا الحيوية وعلوم الحياة والحلول الصحية والطاقة والمستحضرات الصيدلانية والمأكولات والمشروبات والصناعات الدفاعية والأمن السيبراني والطيران، وفقا لبيانات السفارة الأميركية في دولة الاحتلال.
هل ستفرض هذه الاحتجاجات تغييراً في السلوك الأميركي حيال غزة؟
ورأى الكاتب والباحث السياسي علي مراد، خلال مقابلة مع موقع المنار، أن الحراك الطلابي مؤثر، رغم محاولات الإدارة الأميركية احتوائها، وفصلها عن مفاعيل معركة “طوفان الاقصى. واعتبر مراد أن وجود كيان الاحتلال حاجة بالنسبة لأميركا، التي تعتبره مصلحة لها في منطقة غرب آسيا، حتى لو كان ضعيفاً، بغض النظر إذا كان بحاجة إلى حماية أو يستطيع حماية نفسه.
وعن الداخل الأميركي، أكد مراد أنّ بايدن وحملته الإنتخابية، يعتقدون أن ما زال لديهم 5 أشهر للالتفاف على الحالة الإعتراضية بسبب دعمهم للعدوان. ويدعو بالتالي إلى عدم اعتبار ان قرارات مدراء الجامعات مستقلة، بل بناء على توجهات الممول.
المصدر: موقع المنار