لا شك ان العدو الاسرائيلي يواصل منذ 7 تشرين الاول/اكتوبر 2023 عدوانا همجيا يرتكب فيه جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة وتجويع الناس في قطاع غزة المحاصر، وهذا العدو يمارس هذه الجرائم منذ تأسيس كيانه في العام 1948 بموجب مؤامرة غربية أميركية بريطانية صهيونية(وربما بتواطؤ الحكام العرب والمسلمين او بالحد الادنى بتخاذل وعجز منهم) على الامة وعلى الشعب الفلسطيني.
إلا ان السؤال البديهي الذي يطرح: هل كل ما يفعله هذا الكيان الغاصب منذ تأسيسه جلب او حقق له او سيجلب له فكرة الأمن والاستقرار؟ وهل كل ما يرتكبه هذا العدو سيؤدي الى امكانية الاعتقاد لدى شعوب هذه المنطقة وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني بإمكانية الركون الى هذا العدو المتربص بنا؟ هل يمكن الإحساس بامن وأمان الى جانب هكذا عدو؟ وهل ما يفعله هذا الكيان الاسرائيلي سيؤمن له طول البقاء او سيسرع بزواله جراء تراكم قوة حركات المقاومة ودولها؟
الحقيقة ان من يرى الجرائم التي ارتكبت وترتكب في قطاع غزة ويرجع بالذاكرة الى الوراء وتنشيطها يعرف مدى عدوانية هذا الكيان المزروع في قلب هذه المنطقة، فهذا العدو ارتكب ربما كل الجرائم الممكنة بحق فلسطين ولبنان وسوريا والاردن ومصر وغيرها من دول المنطقة، حتى الدول البعيدة عنه نسبيا او التي لا تصنّف انها من “دول الطوق”، عانت من ارتكابات وممارسات خرق لسيادتها وتنفيذ اغتيالات على أرضها والمسّ بأمنها بشتى الطرق والاساليب.
فهذا العدو حقيقة لا يمكن القبول بفكرة الأمان بجواره وهو القائم منذ تأسيسه على القتل وسفك الدماء ويستمر بذلك بدعم وضوء اخضر اميركي غربي رسمي مفتوح، ولو خرجت بعض الأصوات الشعبية تطالب بوقف الابادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وقد تجلى ذلك عبر الاحتجاجات الطلابية في العديد من الجامعات الاميركية والغربية بالاضافة الى تظاهرات منددة بالعدوان على غزة.
وبالانتقال مما يجري في غزة منذ ما يقارب الـ7 أشهر، نسأل ماذا عن القدس والضفة الغربية وبقية الاراضي المحتلة؟ هل الشعب الفلسطيني هناك سلِمَ طوال عشرات السنوات من الإجرام والعدوانية الاسرائيلية؟ ألم تنفذ يوميا حملات اعتقال وقتل وتصفية وهدم منازل وحرق ممتلكات والإضرار بالأراضي الزراعية في كثير من مناطق القدس والضفة والنقب وغيرها من الاراضي الفلسطينية المحتلة؟ وهذا كان قبل عملية طوفان الاقصى واستمر بعدها، لا فرق في ذلك.
أما عن لبنان، فما هو الحال منذ سبعينات القرن الماضي واحتلال أراضيه وقتل أبنائه، ماذا عن اجتياج العام 1982 وما تبعه من احتلال وصل الى العاصمة بيروت، ومن ثم بدأ يندحر بفعل ضربات المقاومة وصولا الى تحرير معظم الأراضي اللبنانية المحتلة باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، أليس هذا العدو يعتدي على لبنان في كل مرة يتمكن من ذلك؟ أليس هذا العدو هو الذي يخرق سيادة لبنان عشرات المرات شهريا بحرا وجوا وبرا؟ أليس هذا العدو هو من يحاول منع لبنان من الاستفادة من ثرواته النفطية عبر وسائل ضغط هنا وهناك على الشركات التي تعمل في هذا المجال؟
أليس هذا العدو هو الذي يعتقل آلاف الاسرى في معتقلاته المنتشرة داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة؟ واللافت دائما في قضية الاسرى الاحكام العالية التي تصدر بحقهم، حتى اننا نجد المئات من المحكومين بالمؤبد وبعضهم يحكم بأكثر من مؤبد واحد، ناهيك عن الاحكام المرتفعة لكثير من الاسرى، بالاضافة الى كثير من المعلومات التي تتحدث عن انتهاكات ترتكب بحقهم وصولا الى اتباع سياسة الإهمال الطبي الذي يوصل في بعض الاحيان الى قتل الاسير بشكل متعمد في إمعان للظلم والغطرسة الصهيونية اللامتناهية.
وهذا غيض من فيض الاجرام الصهيوني، وبعد كل ذلك يأتي من يتحدث عن إمكانية الوصول الى تحقيق الامن والامان لهذا الكيان ومحيطه، فهذا العدو الغاصب ما زُرع إلا للقتل والاجرام ولا يمكن ان يكون الرد عليه إلا بالمقاومة وابتداع كل أساليب الانتقام منه وصولا لرد الحقوق لأصحابها، وبالتالي لن تنفع هذا العدو ومن يقف خلفه في العالم والإقليم كل التمنيات والاحلام بالعيش بأمن وهناء في أرض فلسطين، مهما طال الزمن ومهما تخاذل بعض الحكام، والدليل انه بعد 76 سنة على احتلال فلسطين لا تزال القضية الفلسطينية حاضرة والدم الثائر يجري في العروق دون هوادة، لا سيما لدى الأجيال الشابة في الداخل المحتل وبقية أحرار شعوب الامة.
كما لا يمكن تصديق كذبة الحصول على الأمان الى جانب هكذا عدو متوحش يرتكب كل المحرمات ولا يمرر لحظة إلا ويؤكد فيها تعطشه لانتهاك كل القيم والقوانين والاعراف الاخلاقية والانسانية، وبالتالي يجب على الشعوب والدول وحركات المقاومة تعزيز عناصر قوتها وعدم التخلي عنها لان ذلك لا يصب إلا في مصلحة هذا العدو، فالتخلي عن المقاومة وسلاحها سيجعل العدو اكثر استكبارا وستفقد الشعوب وسائل ردعه والسبيل الوحيد لإزالته من الوجود، وكل ما يجري في غزة والمنطقة اليوم يدفع باتجاه تثبيت معادلات الردع والقوة ومراكمة فعالية واقتدار وخبرة المقاومة التي تؤكد الايام انها باتت حاجة وضرورة لا يجب التخلي عنها وعن سلاحها.
وبالسياق، من المفيد التذكير بكلام قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته في ذكرى عيد “المقاومة والتحرير” في العام 2021 حيث أشار الى ان “… زوال الكيان الإسرائيلي أقرب، أن الزمان بدأ يختصر باتجاه هذا المستقبل، المسألة هي مسألة وقت، مع كل هذه الأعياد القائمة نرى الأعياد القادمة إن شاء الله للحرية والتحرير والسيادة والاستقلال والأمن…”.
المصدر: موقع المنار