ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، استهل قسمها السياسي بالقول: “لا شك أن البلد والمنطقة بوضع مأزوم ومشدود وغامض، وعلى وقع مخاطر كبيرة، وهنا أحب أن أتوجه للتيار الوطني الحر وللكتائب اللبنانية وللقوات اللبنانية وغيرهم بالقول: نحن نريد أن نعيش معا، وأن نتشارك هذا البلد معا، ولن نُفرط بهذا العيش المشترك، ولن نستبدل بالمسيحيين أحد، والمصلحة الوطنية تقتضي أن نفهم بعضنا بموضوع السيادة والشراكة والمصالح الدفاعية والوطنية والأولويات الداخلية، وعدم المكابرة في هذا المجال ضرورة وطنية كبرى وخاصة فيما يتعلق بعدوانية إسرائيل التي تُشكل أسوأ دولة مارقة في المنطقة، ومعها يمكننا فهم الارتباط الشديد بين المصالح الداخلية والسيادية للبلد”.
وشدد على “التلاقي كعائلة وطنية تُعيد النقاش بالأولويات وفقا لجدول المصالح الوطنية العليا، وأي موقف سياسي يجب أن ينطلق من واقع أننا عائلة وطنية لا يصلح عيشها إلا بتضامنها، والتجربة أثبتت أن القرى المختلطة بين المسلمين والمسيحيين أكثر محبة وتسامحا وشراكة وتضامنا وتعاونا وإلفة وإصرارا على العيش المشترك، وهذا ما نريده للبنان بصيغته السياسية والوطنية، وبالتالي كسر المسيحيين وطنيا هو من كسر المسلمين، ويجب أن تكون تضحية باسكال سليمان من تضحية محمد سرور أساسا لتوثيق الشراكة الضامنة للمصلحة الوطنية، و13 نيسان ذكرى مشؤومة لأسوأ حرب أهلية بتوقيع دولي إقليمي، وشراكتنا الوطنية أكبر ضمانة لمنع أي حرب أهلية جديدة”.
وطالب الحكومة “بدور أكبر فيما خص حماية المصالح الوطنية، وبلا أمن وبلا حماية الأسواق والقطاعات الخدمية واليد العاملة اللبنانية وتطهير الإدارات من الفساد وتفعيل الرقابة ومنع السلبطة السياسية وتنشيط عمل القضاء والنيابات العامة وفرض الأمن في الشوارع وبين الأحياء والزواريب والنزوح والمخيمات لن تقوم للبنان قائمة”.
أما بخصوص النزوح السوري، فقال المفتي قبلان “لم يحمل هذا الملف الملتهب أحد كما حملته، وأكدت عليه منذ أكثر من 10 سنوات، وكنت أول من حذر من كارثة ديمغرافية ووطنية وجنائية واقتصادية وغيرها قد تطال البلد نتيجة هذا النزوح الممسوك بأصابع أمريكية أوروبية وأدوات داخلية، تعمل على نسف المصالح الوطنية لهذا البلد. حل مشكلة النزوح السوري تمر بحوار مجد بين بيروت ودمشق فضلا عن فتح البحر بشكل فعلي للضغط بشدة على أوروبا التي تتعامل مع لبنان بعقلية نيرون، وتريد لهذا البلد أن يكون مقبرة نزوح بعيدا عن حدائق أوروبا الشريكة مع واشنطن بالخراب الذي طال الشقيقة سوريا وأهلها”.
وتوجه إلى الحكومة بالقول “دون علاقة جيدة مع دمشق وفق المصالح المشتركة لا قيام للبنان ولا حفظ لمصالحه، وسوريا بالتاريخ والجغرافيا أقرب لنا من واشنطن وبروكسل، بل لا نذكر من واشنطن وبروكسل إلا الخراب والهيمنة والتمزيق والحصار والاستثمار الطائفي منذ ما قبل الحرب الأهلية حتى الآن. لا حل للنزوح السوري بالمليشيات ونزعاتها، ولا يمر بالعمل الفردي والانتقامي، بل العنتريات الفردية والحزبية تزيد البلد فوضى وكوارث”.
فيما خص جبهة الجنوب، قال المفتي قبلان “لا يمكن لأي وطني في هذا البلد إلا الإقرار بثقلها الوطني والسيادي وضرورتها الماسة لحفظ المصالح الوطنية، وتاريخ المقاومة وواقعها الحالي يؤكد أنها درع وطني وضمانة لجميع اللبنانيين، وليس لفئة أو طائفة أو منطقة، ولا يجوز التغاضي عن التضحيات الوطنية الكبرى التي تقدمها والتي أسست لأكبر استقرار وطني في لبنان”.
وختم: “واليوم البلد والمنطقة في قلب حرب خطيرة، ولا بد فيها من تأكيد القوة السياسية للبنان، لذلك التسوية الرئاسية ضرورة وطنية لإنقاذ البلد من أسوأ فراغ ظرفي”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام