لا زال أهل قطاع غزة يرزحون تحت آلة القتل والتجويع نفسها. منذ 158 يوماً يمارس العدو الاسرائيلي ومعه حلفاؤه (الولايات المتحدة الأميركية على رأسهم) إبادة جماعية حقيقية بحق هذا القطاع الذي اختار أن يقاوم ويواجه الاحتلال، ولا زال. أحدث فصول هذه الإبادة هو تأكيد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو مضيه قدماً في قرار “عملية عسكرية في رفح”، زاعماً أن “عدم القضاء على كتائب حماس المتبقية في رفح سيجعلها تعيد تشكيل نفسها وتسيطر على قطاع غزة”، وهنا يحضر سؤال مهم برسم نتنياهو: ما الذي يؤكد أنك قضيت على حماس شمال القطاع أو في أي جزء منه؟ ألا تزال قواتك تتعرض للهجوم والعمليات البطولية في حي الزيتون والنصيرات وغيرها وغيرها؟. وفي هذا السياق، جاء الجواب على لسان “لجنة المخابرات في الكونغرس الأميركي”، أمس، بأن “أحد أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هو تدمير حماس، وهذا هدف غير واقعي”، فيما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنه “من الواضح لنا أنه في حال تقديم حماس مقترحَ صفقة تبادل مضاداً، سيرفضه نتنياهو فوراً”، وإعرابهم عن خشيتهم من أن “نتنياهو هو من سيفجّر المفاوضات، وفي كل الحالات فهو يماطل قدر الإمكان”.
بالعودة إلى موقف واشنطن من العملية العسكرية في رفح، فقد أعلن رئيس وزراء العدو أن “لا خلاف عليها ولا على أي من الأهداف الأساسية للحرب مع واشنطن”، إلا أن بعض النقاش يدور حول كيفية تحقيق هذه الأهداف. ففيما يتعلق باجتياح رفح التي يقطنها أكثر من مليون ونصف نازح، أعلنت الخارجية الأميركية أن “”إسرائيل” لم تقدّم لنا حتى الآن خطتها لحماية المدنيين قبل الشروع في عملية عسكرية في رفح”، وهذا أمرٌ مثير للسخرية إذ يحضر السؤال هنا عن “خطط حماية المدنيين” التي قدمها العدو قبل شنّ عملياته في الشمال وفي مدينة غزة وفي الوسط وفي خانيونس جنوبا؟ إنه بلا شك النفاق الأميركي، ولا شيء جديد.
وهنا نذكر أن حصيلة ضحايا العدوان بحسب وزارة الصحة في غزة ارتفعت إلى 31 ألفا و184 شهيدا و72 ألف و889 مصابا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وأضافت الوزارة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت 8 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 72 شهيدا و129 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية.
تطورات العدوان
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أعلن أن جريمة دوار الكويت ترفع أعداد الشهداء بنيران الاحتلال أثناء انتظار المساعدات لأكثر من 400، لافتاً إلى أن “جيش الاحتلال يصرّ على استهداف الباحثين عن لقمة عيش أولادهم لسد جوعهم”.
وقالت قناة الأقصى الفضائية إن مدفعية الاحتلال الإسرائيلي تواصل قصف مناطق في حيي الزيتون وتل الهوا جنوب غرب مدينة غزة. وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، تسبب قصف إسرائيلي على منزل لعائلة السقا في حي الزيتون في استشهاد 7 بينهم 5 أطفال وإصابة 6 آخرين. وبحسب مصادر إعلامية، فقد سقط 11 شهيدا من بلدة القرارة شمالي خان يونس جنوبي القطاع، واستهدف قصف إسرائيلي عنيف مدينة حمد شمال خان يونس.
يأتي ذلك في وقت سبق أن أفاد فيه مراسل المنار عن استشهاد 11 مواطناً واصابات جراء قصف الاحتلال 3 منازل جنوب شرقي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. واستشهد 7 مواطنين وأصيب 20 آخرون على الأقل في استهداف قوات الاحتلال مجددا لمئات الأشخاص أثناء انتظارهم شاحنات مساعدات قرب دوار الكويت جنوب مدينة غزة. وأطلقت آليات الاحتلال النار بكثافة شرق دير البلح.
هذا وشنت طائرات الاحتلال غارات عنيفة على خانيونس، في حين استهدفت الزوارق الحربية الصهيونية ساحل غزة. وقصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة أبو جزر في حي الجنينة برفح. وقصفت مدفعية الاحتلال المناطق الشرقية لمنطقة عبسان الكبيرة وخزاعة بخان يونس.
كما قصفت طائرات الاحتلال مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وشنت غارة على منطقة تل الزعتر شمالي القطاع. وشنت طائرات الاحتلال غارات عنيفة على غزة وشمالها وعلى مخيم النصيرات (وسط) تزامناً مع موعد السحور. وقصفت مدفعية الاحتلال المناطق الشرقية لمنطقة عبسان الكبيرة وخزاعة بخان يونس. وفي ساعة متأخرة من الليلة الماضية، أصيب عدد من المواطنين في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً لعائلة صالح في الحي السعودي غرب مدينة رفح.
الخارجية القطرية: يجب فتح الممرات البرية لدخول المساعدات
المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أعلن أن “رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني استعرض مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى تطورات غزة”، مضيفاً أنه بحث “جهود التوصل لوقف لإطلاق النار بغزة، وإدخال المساعدات للمحاصرين”، وموضحاً أن “جهود المفاوضات مستمرة وتتكثف الآن بحلول شهر رمضان بهدف التوصل إلى اتفاق”.
ولفت إلى أن “الممر البحري لإدخال المساعدات إلى غزة لا يمكنه استبدال الممرات البرية”، مضيفاً أنه “ما زلنا ننادي بضرورة فتح الممرات البرية لدخول المساعدات إلى غزة دون قيود”.
الأونروا: لا يوجد إرادة دولية لإدخال المساعدات لغزة
من جهته، الناطق باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كاظم أبو خلف أكد أن “طريق دخول المساعدات إلى غزة واضح لكن لا يوجد إرادة دولية لإدخالها براً”، مشيراً إلى أنه “لا توجد إرادة دولية لفرض مسألة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة”. وتابع أن “الوضع مأساوي ومؤلم في قطاع غزة وطريق دخول المساعدات معروفة”، وأن “المعابر هي الطريق لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة”.
قادة أوروبا: سنحثّ “إسرائيل” على الإحجام عن شنّ عملية برية برفح
بحسب ما ذكرت كالة رويترز نقلاً عن مسودة بيان قادة الاتحاد الأوروبي، فإن هؤلاء “سيحثون “إسرائيل” على الإحجام عن شن عملية برية في رفح”، وأنهم “سيدعون لوقف فوري لاطلاق النار لأسباب إنسانية”.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن “الوضع في غزة وصل إلى نقطة اللاعودة ويجب استخدام كل الطرق للوصول إلى المحتاجين”. وأضافت أنه “سيكون للاتحاد الأوروبي فريق تنسيق في قبرص وسيقوم بتمويل وتوجيه تدفق البضائع إلى غزة”.