تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 19-12-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
فرنسا على وشك التحوّل إلى عدو!
ابراهيم الأمين
لا يبدو أن الإدارة الفرنسية في وارد تغيير جلدها. لا أحد يتوقّع ذلك. وإذا كان الفرنسيون يدعمون إدارة تودي بهم إلى التهلكة داخلياً وخارجياً، فهذا شأنهم، كحال شعوب الدول الغربية، التي تنتج حُكومات تعمل وفق سياسة القمع والاضطهاد وسرقة موارد الدول الفقيرة. فكيف ونحن نرى نتاجها في فلسطين!المُخضرمون من غير الفرنسيين، والذين عاشوا عقوداً طويلة في هذا البلد، يقرّون جميعاً – دون استثناء – بأنه لم يسبق لهم أن وجدوا عقلاً مُتصهيناً إلى هذا الحد، ليس على مستوى أركان الدولة من السياسيين فحسب، بل على مستويات الإدارة والأكاديميا والإعلام والثقافة أيضاً. ويقول أحد هؤلاء: فرنسا تحكمها أصولية علمانية، لا تحب الكنيسة، وتكره اليهود ولا تريدهم على أراضيها، وتكره المسلمين، وترغب بإعادتهم إلى بلادهم الأصلية. لكنها أصولية تقف إلى جانب إسرائيل. التي ترى فيها حليفاً أساسياً، في معركة استعادة الهيمنة على دول المنطقة. ويلفت، إلى أنه لا يوجد عاقل في فرنسا، ينفي صفة الإجرام عن إسرائيل. لكنّ هؤلاء، لا يجدون الإجرام متعارضاً مع مصالحهم. لكن، كيف يُتخذ القرار في فرنسا الآن؟
يؤكد المُخضرم أن الرئيس إيمانويل ماكرون أجهز على الإدارة العامة في فرنسا. والأمر لا يقف عند وزارتَي الدفاع والخارجية كما يعتقد الناظر إلى فرنسا من الخارج، بل همّش كل الوزارات الأخرى، وحصر القرار به شخصياً، وهو أمر يشكو منه العاملون في وزارات الداخلية والتربية والصحة وحتى الخدمات العامة. ولا داعيَ للسؤال عن الاقتصاد والأمن؟
أما بما خصّ تعامل فرنسا مع العدوان الإسرائيلي على غزة، يجد المعارضون لماكرون صفة واحدة لكل ما يقوم به وهي: الغباء!
قد يكون ماكرون غبياً، وهو كذلك، لكنّ صفة الغباء التي تُطلق عليه في بلاده، هدفها القول، بأنه غير مؤهّل لتحقيق مصالح فرنسا. وبالتالي، لا تعني، أن هؤلاء يرون مصالح بلادهم في مكان آخر.
ولندخل في الموضوع الساخن الآن، إذ اصطفت فرنسا سريعاً إلى جانب كل الطغاة في دعم العدو وتبرير جرائمه ضد الفلسطينيين، وتحمّس ماكرون للذهاب إلى تل أبيب والتقاط الصور مع قادة العدو. وعندما عاد إلى باريس، وجد أن الجمهور غاضب من صور جرائم إسرائيل، ولا إمكانية لحجبها عن العامة، فتلعثم ببعض العبارات عن الإنسانية، ثم عاد ليعرض خدماته في الحرب على فلسطين. وفاضت قريحته بفكرة التحالف الدولي ضد «حماس»، على غرار التحالف الدولي ضد «داعش»، وجال وصال إلى أن عُقد الأربعاء الماضي، في باريس، مؤتمر هزيل انتهى إلى تكليف الأجهزة الأمنية بإعداد قوائم بأسماء قادة وكوادر المقاومة لوضعها على لوائح الإرهاب.
صفّق له الإسرائيليون قليلاً، لكنهم قالوا له إن ما تريده إسرائيل من فرنسا يتعلق بلبنان. وطلبوا منه عدم تضييع وقته في البحث عن دور في غزة أو مع الفلسطينيين، وأن علامة النجاح التي سيحصل عليها رهن ما ينجزه على الجبهة اللبنانية.
ماكرون يعتقد أن بمقدوره فرض صيغ على المقاومة في لبنان، مستنداً إلى قراءات خيالية عن الوقائع الميدانية
لوهلة، ظنّ الفرنسيون أن إسرائيل تريد أن تبعث معهم رسائل تهديد إلى لبنان وحزب الله. وهم سبق أن قاموا بالأمر، مراراً وتكراراً، منذ السابع من أكتوبر الماضي، ولم يحصلوا على جواب يشفي الغليل، فماذا تريد إسرائيل أيضاً؟
قال الإسرائيليون لفرنسا إنهم يريدون منها دوراً فعالاً وعملياً، لا كلامياً فقط، من أجل تطبيق «التفسير الإسرائيلي» للقرار 1701، وسارع العدو إلى رمي الملف على الطاولة:
1 – مُمارسة أعلى درجات التهويل على حزب الله بأن الحرب آتية في حال لم يذعن.
2- حثّ بقية المجموعات اللبنانية، على القيام بخطوات سياسية لمحاصرة حزب الله، ودفعه إلى التنازل.
3 – حثّ بقايا «الدولة اللبنانية»، وفي مقدّمها الجيش اللبناني، على إعداد نفسه، لدور أكبر في جنوب لبنان، والاستعداد لتحمّل المسؤولية، ليكون شريكاً كاملاً للقوات الدولية العاملة في الجنوب، في سياق التطبيق الكامل والقسري لمُندرجات القرار 1701.
4 – الدخول، في نقاشات، ذات بُعد أمني وعسكري وسياسي مع الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ودول عربية، من أجل ضمان تعزيز القوات الدولية، ورفدها بالعديد والعتاد، من أجل ضمان قدرتها على تنفيذ القرار.
المُشكلة أن فرنسا، تبدو مقتنعة بهذه المُهمة، بل مُتحمّسة لها بقوة، وهي تتصرّف على أنها انتصرت في الخطوة الأولى، المُتمثّلة بالتمديد لولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، رغماً عن أنف
حزب الله وحليفه المسيحي جبران باسيل.
لكنّ فرنسا، التي لا ينقصها الاستعلاء، تعتبر نفسها في موقع الوصي على لبنان، وتعتقد أنها المعبر الأخير له إلى «العالم المتحضّر»، ولديها قراءة لوقائع ما يجري في الجنوب من مُواجهات بين المقاومة والعدو، وهي تعتقد بأن «حزب الله» ليس في وضع جيد، لا بل تعتقد، مثل أوروبيين آخرين، بأن محور المقاومة كله في وضع غير جيد، وأنه أقرب إلى ظاهرة صوتية منه إلى تحالف فعلي. وبناءً عليه، تفكّر فرنسا، بأن حزب الله، في وضع يسهل الضغط عليه، لإلزامه بصفقة سياسية، تُنتج وضعاً أمنياً وعسكرياً جديداً في الجنوب، وبالتالي، يتحقق طلب العدو، بمنع وجود المقاومة جنوب نهر الليطاني.
عند هذا الحدّ، لا يبقى الأمر رهن قراءة لعقلية أو طريقة تفكير. ولا يقف عند التصرفات الخرقاء للنزق جان إيف لودريان، أو الوزيرة المتحاذقة كاترين كولونا، أو بقية الفرقة من الموظفين، ولا سيما منهم «الحاقد» برنارد إيمييه، بل صار الأمر، يتعلق بسلوك عام، عنوانه الوحيد، أن فرنسا تقوم بالأصالة عن نفسها، وبالإنابة عن الغرب بقيادة أميركا، وبالوكالة عن إسرائيل، بشنّ حرب ضد المقاومة في لبنان، وفي فلسطين أيضاً.
الله وحده يعلم، أي صفعة تنتظرها فرنسا، حتى تستفيق من أحلامها. لكن، وجب لفت الانتباه، الآن إلى أن فرنسا على وشك أن تتحوّل إلى عدو… يسير في أرض معادية!.
خيال فرنسي – إسرائيلي حول لبنان: ليخترْ حزب الله بين الصفقة السياسية، والحرب المدمّرة
باريس | يبدو أن في العالم من يصرّ على رفض الوقائع، والتعامل مع الوضع في المنطقة وفق تمنيات أو تقديرات من طرف واحد. وهذا يشمل ما يجري البحث فيه بين فرنسا من جهة وبين الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا من جهة ثانية. حيث يطلب هؤلاء من باريس أن تلعب دوراً في «كبح» حزب الله ودفعه إلى وقف العمليات والانسحاب إلى ما بعد نهر الليطاني.وقالت مصادر مطّلعة، إن الاتصالات الجارية بين باريس والدول الأخرى، تجاوزت الجانب السياسي، وإن اجتماعات استخباراتية عُقدت بين مسؤولين أمنيين فرنسيين في تل أبيب، أعقبتها لقاءات مع الاستخبارات الأميركية والبريطانية في إحدى دول المنطقة، وقد تركّز البحث على سبل مساعدة إسرائيل في مواجهة حزب الله، بما في ذلك الحديث عن المساعدة المطلوبة في حال قرّرت إسرائيل شنّ حرب على لبنان.
وكشفت المصادر المطّلعة على النشاط الفرنسي، أن اجتماعات عدة عُقدت بين وزارات الدفاع والخارجية والاستخبارات بين باريس وتل أبيب، للبحث في الملف اللبناني، وأن الفرنسيين «اطّلعوا من الجانب الإسرائيلي على خطط كانوا قد أعدّوها لضرب حزب الله قبل عملية طوفان الأقصى»، وأن المسؤولين الإسرائيليين، شرحوا لنظرائهم الفرنسيين بأن إسرائيل «لم تعد قادرة على تحمل الوضع مع حزب الله، ولا تنامي قدراته القتالية والعسكرية، وأنه يقوم بأنشطة خطيرة، من بينها تدريب مقاتلين فلسطينيين في لبنان، وقد كان له دور في عمليات إطلاق صواريخ خلال الحرب في عام 2021 (سيف القدس)، وأن ما قامت به «حماس» في 7 أكتوبر يعزّز المخاوف من بقاء حزب الله على وضعه في جنوب لبنان، وأن ما يجري الآن على الحدود يُعد ضرباً للسيادة الإسرائيلية، وهو ليس مجرد عمليات عسكرية، بل هو نمط يضر بالبنية الاجتماعية وبالاقتصاد، وأنه لا يمكن تحمّل فكرة طرد عشرات الآلاف من منازلهم».
وبحسب المصادر، فإن النقاش تطرّق إلى الأفكار التي يمكن العمل عليها لمعالجة «الأزمة»، وقد تحدّث الجانبان عن «إقامة منطقة عازلة وخالية من المسلحين وتمتد حتى نهر الليطاني». وقد اقترح الإسرائيليون «قيام تحالف أميركي – فرنسي – إسرائيلي لمعالجة الملف، لأن إسرائيل لا تثق بقدرة القوات الدولية على القيام بالمهمة، وهي لا تريد العمل مع الأمم المتحدة». وأضافت: «كذلك تطرّق الجانبان إلى وضع الجيش اللبناني، وأن إسرائيل تطالب فرنسا وأميركا وبقية الدول العالمية بدعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته لكي يكون قادراً على ضبط الحدود معها». كاشفة عن «اقتراح إسرائيلي، بأن يصار إلى وضع برنامج لتعزيز قدرات الجيش ونشره في الجنوب بإشراف التحالف الثلاثي بين إسرائيل وأميركا وفرنسا».
كولونا كرّرت معزوفة التحذير من التصعيد وضرورة تطبيق القرار 1701
وتحدّثت المصادر عن أن الفرنسيين أشاروا على الجانب الإسرائيلي بأن الأفكار «لا تبدو واقعية»، وأنه «يجب العمل على توفير عناصر صفقة كبرى، من خلال مشروع يؤمّن انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا أو معالجة وضع النقاط الـ13 المتنازع عليها».
وبحسب المصادر فإن باريس تعتقد بأن حزب الله في وضع «يمكن الرهان فيه على عقد صفقة معه، وأنه في حال سمع العرض بمعالجة نقاط الخلاف الحدودية مع التهديدات، فمن الممكن إقناعه بسحب قواته إلى خلف الليطاني». وتضيف المصادر «أن أصحاب هذا التوجه في فرنسا هم الذين يعتقدون بأن الحزب يبدو أضعف مما كان يعتقد كثيرون، وقد ظهرت قدراتهم في حالة ضعف أكثر مما يتحدثون هم، وأنه في حالة الحرب، يمكنهم القيام بأمور تؤذي إسرائيل، لكن ما ستقوم به إسرائيل سيكون مهولاً وكبيراً، وأن إسرائيل قادرة على شن حرب في أكثر من جبهة، وأنها تقدر الآن على تخفيف الغارات على غزة، وأن تنقل طيران للعمل في لبنان. وحزب الله لديه حسابات تتعلق بناسه ووضعه ومكاسبه السياسية ولن يغامر بالحرب».
وتقول المصادر إن الفرنسيين الذين «يأملون لعب دور في هذا المجال، يعتقدون بأن إسرائيل تريد الحرب مع حزب الله، وأنها تطلب الحل السياسي وأنها تفترض خطوات قد يصعب تنفيذها ما لم يقبل بها حزب الله، وربما يكون هذا سبباً لكي تقدم إسرائيل على شن الحرب، وأن على حزب الله أخذ هذا الأمر في الحسبان».
كولونا: تكرار المكرّر
وسط هذه الأجواء، حطّت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في بيروت قادمة من فلسطين المحتلة. والتقت مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون إضافة إلى قيادة القوات الدولية في الجنوب. وقد ركّزت الجبهة الجنوبية، حيث أفيد بأنها «لم تحمِل جديداً معها، بل كرّرت النصائح التي حملتها سابقاً إلى بيروت، ومثلها مثل كل الموفدين الفرنسيين الذين زاروا لبنان منذ اندلاع الحرب على غزة». وقد تركّز بحثها حول «ضرورة وقف التصعيد في الجنوب وخفض التوتر وعدم توريط لبنان في حرب كبيرة». كما تناولت القرار 1701 «والأفكار التي يُمكن مناقشتها في هذا الإطار».
ونقل زوار الرئيس بري عنه قوله إن «العدو الإسرائيلي يتحمل مسؤولية خرق القرار».
وتزامنت زيارة كولونا، مع تسريبات نشرتها وسائل إعلامية إسرائيلية عن «الدور الذي تقوم به باريس بين بيروت وتل أبيب للتوصل إلى حلّ دبلوماسي لخفض التصعيد على الجبهة الشمالية، وأن الرئيس ماكرون، بعث في الأيام الماضية رسالة إلى لبنان تؤكد أن قواعد اللعبة التي كانت قبل 7 تشرين الأول، ليست ذات القواعد المعمول بها اليوم. نحن نوجد في واقع مختلف ويجب أن تفهموا أن الواقع تغيّر».
مشروع أميركي لـ«شريط أمني» | أميركا لإسرائيل: حان وقت «المرحلة الثالثة»
يبدو، في ضوء تسريبات الإعلام العبري، أن الأميركيين نجحوا في بلورة اتفاق أولي مع الإسرائيليين، لفرملة العملية البرّية بزخمها واندفاعها الحاليَّيْن، والانتقال إلى «المرحلة الثالثة» منها، والتي تتمثّل في الانكفاء عن القتال بوتيرة ومستوى عاليَيْن، والتركيز على المواجهات المباشرة واحتلال المناطق التي باتت خالية من المباني، وفرض سيطرة عسكرية عليها، وذلك بعد الانسحاب ما أمكن إلى خطوط خلفية. على أن «المرحلة الثالثة» هذه، لا تعني وقفاً لإطلاق النار، بل إنهاءً للعمليات الكبيرة، والتي سيُستعاض عنها بتكتيكات مغايرة، هي مزيج من توغّلات خاصّة لضرب أهداف معيّنة، وفرض مناطق عازلة يختلف عمقها واتّساعها بين بقعة جغرافية وأخرى، فضلاً عن تشديد الحصار على مناطق ثقل حركة «حماس» وفصائل المقاومة، سواء في شمال القطاع أو جنوبه، على أن يُبقي الجيش الإسرائيلي لنفسه هامش مناورة كبيراً جداً، في فعل ما يراه مناسباً، جواً وبحراً وبراً، لضرب أهداف في القطاع، انطلاقاً ممّا يتبلور لديه استخبارياً. بمعنى آخر، تنتهي الحرب من دون الإعلان عن انتهائها: تقليص حجم القوات وإعادة تمركزها في الأطراف ضمن شريط أمني من المفترض أن يبعد النيران الفلسطينية المباشرة عن المستوطنات المحيطة، القريبة من السياج، ما يعني اعترافاً شبه مباشر بفشل الحرب الإسرائيلية على غزة.وفيما سيأتي الانتقال إلى «المرحلة الثالثة»، تسووياً، بعد انتهاء «المرحلة الثانية» في منتصف الشهر المقبل، لا يزال هناك تشكيك لدى واشنطن وعدد كبير من المراقبين الإسرائيليين من خبراء وكتاب، إزاء إمكانية احترام صانع القرار في تل أبيب، للتاريخ المتّفق عليه مع الأميركيين، إذ يمكن أن تخرقه محاولات تملُّص وعرقلة من جانب الإسرائيليين، وهو أمر يبدو متوقّعاً وطبيعياً، بالنظر إلى المعضلة التي وجدت إسرائيل نفسها تواجهها بلا مخارج، بعد 75 يوماً على الحرب. وحتى أمس، كان رأي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وأقطاب حكومته من اليمين، وكذلك الرأي السائد في الجيش الذي يقوده رئيس الأركان، هرتسي هليفي، يميل إلى أن مواصلة العملية البرية بزخم ووتيرة عاليَين، من شأنها إيجاد ظروف أفضل وروافع ضغط على حركة «حماس»، لتسهيل تحرير الأسرى الإسرائيليين. والواقع أن لدى كل هؤلاء إرادة مخلوطة بدوافع شخصية أو أيديولوجية، للاستمرار في القتال؛ إذ يخشى نتنياهو من أن تنتهي حياته السياسية مع انتهاء الحرب، فيما أقطاب ائتلافه من الفاشيين ثابتون على موقفهم الهادف إلى القتل لأجل القتل. أمّا قادة المؤسسة العسكرية فيدركون أن التراجع الآن، بلا تحقيق انتصار عسكري يمكن تسويقه لدى الجمهور الإسرائيلي كما لدى الآخرين، سيضرّ بقدرة الجيش ومكانته، بما لا يمكن حصر تداعياته السلبية على هذا الأخير وعلى الكيان.
الأمل بـ«صورة النصر عبر قتل السنوار صادق، لكن لا يمكن بناء إستراتيجية على الآمال»
على هذه الخلفية، يقول هؤلاء إن استمرار الحرب بوتيرتها الحالية، أقلّ سوءاً من وقفها، حتى وإنْ لم تحقّق أهدافها، وهو رهان على إمكان تحقيق إنجاز ما، مع استمرار القتال، فيما الانكفاء عنه، من شأنه أن يؤدّي إلى تسويات سياسية اضطرارية، ليست في مصلحة إسرائيل استراتيجياً. إلا أن معضلة صاحبَي هذا الرأي، تكمن في أنه كلّما مرّ الوقت ينخفض الرهان على تحقيق الإنجازات، وسط أثمان وخسائر كبيرة تتراكم يوماً بعد يوم، مع تراجع بات ملموساً، للتأييد الذي حظيت به العملية البرية، في بداية الحرب. وفي هذا السياق، تشير استطلاعات الرأي في إسرائيل إلى انخفاض بوتيرة سريعة لهذا التأييد، مع مطالبة بضرورة الإسراع في الاتفاق على تبادل أسرى، وعدم الرهان على العملية العسكرية فحسب.
وفي المقابل، ينوي الراعي الأميركي مواصلة الضغط على صانع القرار في إسرائيل كي يلتزم بالمدّة المتّفق عليها، الأمر الذي يفسّر الزيارات المتتالية للمسؤولين الأميركيين إلى تل أبيب. ويعوّل الجانب الأميركي على عوامل ضغط إسرائيلية داخلية، من بينها الخسائر اليومية، والوضع الاقتصادي والسياسي، وضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين، والذي بدأ يأخذ منحًى تصاعدياً – وهو نتيجة إنجازات وصمود المقاومين في غزة -، في حين أنه من المشكوك فيه أن تنجح إسرائيل في أن تحقّق إنجازاً ذا دلالات، سواء في ما يتعلّق بهزيمة «حماس» وقتْل قادتها، أو لجهة تحرير الأسرى عسكرياً. وكما يرد في الإعلام العبري: الأمل بـ«صورة النصر عبر قتل (القيادي في حركة حماس، يحيى) السنوار صادق، لكن لا يمكن بناء إستراتيجية على الآمال».
العدو ضاق ذرعاً ببقاء الجنوبيين في قراهم: المقاومة تضرب القبّة الحديدية في العمق
للمرة الأولى منذ بدء العدوان، يتجرّأ العدو الإسرائيلي على استهداف محيط مراسم تشييع شهداء المقاومة. لكنّ حنقه من الحشد الذي يتنادى في كل تشييع، إلى ساحة عيتا الشعب برغم الخطر المحدق، أعماه عن أن يحسب ردّ الفعل.
وقبل حوالي عشر دقائق من بدء مراسم تشييع الشهيد حسن معن سرور ظهر أمس، في بلدته عيتا الشعب الملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلة، أطلقت مُسيّرة معادية صاروخاً على سطح منزل مشرف على ساحة البلدة القديمة.
واتّخذ الصاروخ مساراً معاكساً للساحة المزدحمة بالجموع وانحرف نزولاً نحو حقل مجاور حيث أشعل النيران. كما تسبب بإصابة أحد المشاركين بضغط في أذنيه من دوي الانفجار وتحطّم زجاج الحسينية والمنازل والمحالّ المجاورة.
لم تغادر المُسيّرة الساحة التي صارت تدعى بـ»ساحة الشهداء» لأنها مع سرور، أتمت التشييع السابع في الأشهر الثلاثة الماضية. الجموع أيضاً لم تنفضّ من حول النعش، رغم ما حدث. بل سارت خلفه تحت المقبرة المشرفة على مواقع الحدب والراهب وبرانيت.
حفظ العدو هذا المشهد الذي يتكرر كلما سقط شهيد في عيتا الشعب التي تذكّره بخيبته الكبرى خلال المواجهات ضده كما في عدوان 2006. تعرف الصبية الباسمة العائدة من التشييع أن الصاروخ «رسالة تحذيرية لنا لكي لا نتجمع مرة أخرى على بعد أمتار من الحدود». فقد اعتاد أهل البلدة النازحين أن يتلاقوا في تشييع الشهداء، لتفقّد منازلهم وأرزاقهم. وتصبح ساحة الحسينية موعداً للقاء الأقارب والجيران الذين فرّقهم النزوح، موقنين بأن العدو لن يجرؤ على أذية الجموع خوفاً من ثأر المقاومة.
في بيت ليف، استكمل أهل عيتا الشعب لقاءهم في تشييع الشهيد موسى مصطفى. وكما اختلطت البلدتان اجتماعياً وعسكرياً في زمن الاحتلال، التحمتا أمس بدماء شهيديها. مصطفى ورفيقه الشهيد حسن الضيقة سقطا في غارة من مُسيّرة استهدفت منزلاً بالقرب من مدرسة عيتا الشعب مساء أول من أمس. فهبّ المسعف سرور لانتشال الضيقة وصديقه المقرب مصطفى، ونقلهما إلى المستشفى. وفور عودته إلى منزله إثر إتمام مهمته بعد نحو ساعة، عاجلته طائرة حربية معادية ونسفت المنزل. والثلاثة شُيعوا أمس بين الجنوب والبقاع. «كل أهل عيتا كفوا لهون» قالت الحاجة من عيتا لقريبتها من بيت ليف. «إنما فشروا ما يخلونا نطلع»، صدحت.
ألقت مُسيّرة معادية صاروخاً قرب مكان تشييع أحد الشهداء في عيتا الشعب، فردّت المقاومة بقصف كريات شمونة
أزاحت عن حجابها الأسود شظية صغيرة طارت فوق رأسها من الصاروخ وأعطتها لابنها لحفظها. صارت تسرّ إلى مضيفاتها من بيت ليف، عن محمد، الشهيد الثالث من عائلتها. «ابن أسرة عايشين بزنودهم، لديه طفلة عمرها تسعة أشهر وأخرى عمرها سنتان ونصف سنة». قبل محمد، شيّعت الحاجة قبل أسبوع، قريبها حسن سرور، الأب لخمسة أطفال أكبرهم في العاشرة من عمره وأصغرهم طفلة لم تبلغ الأربعين يوماً. الأخير استبسل في مواجهات 2006 ولمّا يبلغ العشرين عاماً. وعندما نفدت ذخيرته، استكمل المواجهة بالحجارة.
في ساحة بيت ليف، تحلّق جمع مهيب حول نعش مصطفى. فوقه، ارتفعت على الجدار صورة ابن عمه صالح مصطفى الذي سقط قبل أسبوع في غارة على منزل في ياطر. نام طفله فوق النعش وانتحبت والدته وشقيقته عليه. وبين نشيد وصلاة، نفّذ الطيران المعادي أربع غارات على تلة الراهب بين عيتا الشعب ورامية قبالة بيت ليف.
تقول إحدى المشاركات: «حفظنا الدرس. فعلوا الشيء نفسه في التشييع السابق. يتعمّدون إخافتنا لكي يُوارى شهداؤنا على السكت. لكن فشروا». صار ذكر بيت ليف ثابتاً في نشرات العدوان اليومية، برغم أنها ليست من البلدات المتاخمة للشريط الشائك. قصف وغارات على الأطراف وبعضها في الأحياء السكنية.
المشهد الميداني
ميدانياً، شهدت الجبهة في جنوب لبنان أمس الإثنين، ارتقاءً إضافياً في سخونة المواجهات وحدّتها، مع استهداف حزب الله منصتين للقبة الحديدية شمالي مستعمرة كابري، التي تبعد 8 كيلومترات عن الحدود، في ردّ غير معلن على غارة للعدو استهدفت نقطة للمقاومة بعيدة جداً عن خطوط الجبهة.
وإصراراً على تثبيت معادلة حماية المدنيين، ردّت المقاومة على استهداف العدو لمراسم التشييع في بلدة عيتا الشعب، بقصفه كريات شمونة بصلية صواريخ. هذه التطورات دفعت وسائل الإعلام العبرية إلى التساؤل عن الردع الذي تكلّم عنه جيش الاحتلال بينما يُمنع على المستوطنين التجمع في المستوطنات الحدودية، في الوقت الذي يُقيم حزب الله بحضور العشرات وعلى بُعد 200 متر من المطلة جنازة عسكرية.
وافتتحت المقاومة الإسلامية عملياتها أمس صباحاً باستهداف تجمّع لجنود وآليات العدو في محيط موقع الحمرا بالأسلحة المناسبة. ولاحقاً، استهدف المقاومون منصتين للقبة الحديدية في شمال مستعمرة كابري بسلاح المدفعية وحقّقوا فيهما إصابات دقيقة. وتقع مستعمرة «كابري» شرقي مستعمرة «نهاريا» في القطاع الساحلي الغربي، وتبعد عن أقرب نقطة عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة 8 كلم، ما يمكن فهمه على أنه ارتقاء جديد من المقاومة في الأهداف ومدياتها، بعد إمعان العدو في توسيع رقعة اعتداءاته بما يتجاوز المنطقة الحدودية.
وتكريساً لمعادلة حماية المدنيين، أطلقت المقاومة الإسلامية صلية صواريخ على قرية الخالصة المحتلة (المسماة مستعمرة كريات شمونة) رداً على استهداف العدو لمراسم التشييع في بلدة عيتا الشعب، مؤكدة أن أيّ مسٍّ بالمدنيين سيُقابل بالمثل.
وعلى الأثر، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اندلاع حريق داخل مبنى في كريات شمونة عقب إصابته بصاروخ أُطلق من لبنان. وانتقد رئيس بلدية مستوطنة كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، تعامل حكومة الاحتلال مع الوضع المتأزّم على الحدود مع لبنان، مؤكداً وقوع إصابات بشكلٍ يومي بسبب ضربات حزب الله. وفي مقابلة مع «القناة 13» الإسرائيلية، قال شتيرن: «نحن نشعر بأنّ سياسة الاحتواء المدمّرة التي شاهدناها قبل 7 تشرين الأول مستمرة أيضاً اليوم». وأضاف: «نتلقّى يومياً نيراناً وإصابات، وأمس قُتل جندي من قوات الاحتياط، وهكذا يومياً نحصي الجرحى والقتلى». واعتبر أنّ «الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد عن الحدود الشمالية هي القضاء على حزب الله، وليس اتفاقاً ولا حلاً سياسياً كما نسمع». وقال: «شاهدت مسؤولاً كبيراً في حزب الله يقول إنهم لم يستخدموا بعد كل السلاح الذي لديهم نحو الجليل، إذاً ماذا ننتظر…؟».
جبران باسيل: جلسة الحكومة اليوم «اختبار جديد» لرافضي التمديد… وسنطعن فيه حكماً
أكّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون في مجلس النواب، الجمعة الماضي، ليس وراءنا بعد، مشيراً إلى أن جلسة الحكومة المقررة اليوم «اختبار جديد وأخير لرفض خرق الدستور». وأشار إلى أن الحكومة يفترض أن تصدر قانون التمديد لعون وتنشره، «ومن كانوا يرفضون التمديد ويرفضون عقد جلسة لمجلس الوزراء للتمديد، لا يمكن أن يصدر القانون من دون توقيعهم عليه». وأوضح أنه «في غياب رئيس الجمهورية، يحلّ مجلس الوزراء محله في ردّ القوانين أو إصدارها ونشرها. نحن رأيُنا معروف بأن شخص الرئيس لا يتجزأ، وبالتالي يجب أن تكون هناك تواقيع للوزراء الـ 24 تحلّ جميعها معاً محل توقيع الرئيس. ولكن، حتى لو سلمنا جدلاً بحسابات الحكومة الحالية، وهي حسابات لا دستورية ولا شرعية، فإنهم يحتاجون الى تواقيع عدد معين من الوزراء لاصدار القانون. لذلك، اليوم يتبيّن من يوافق على التمديد ومن لا يوافق».
واعتبر باسيل أن التمديد لقائد الجيش «أسقط الأقنعة، وأظهر الوجوه الحقيقية، وكشف أن جوزف عون هو مرشح الغرب ومن يخضعون لإرادة الغرب في الداخل، وبالتالي، لا يمكن لأي كان أن يدّعي بعد اليوم أن قائد الجيش مرشح توافق أو موضع اجماع. بل بات واضحاً أنه مرشح فريق، وأن التمديد له هو لاستعمال موقع قيادة الجيش للوصول إلى الرئاسة. يريدون له الاحتفاظ بالموقع لأن الموقع هو ما يعطيه الحيثية الرئاسية، وإلا لماذا لا يستمر بترشيحه من خارج قيادة الجيش، وإن كان في كل الأحوال يحتاج الى عامين قبل أن يحقّ له الترشح وفق الدستور»، نافياً أن تكون الأصوات التي نالها عون في التمديد «بوانتاج» رئاسياً، كما نفى أن يكون الأميركيون هدّدوا بوقف المساعدات عن الجيش في حال لم يُمدَّد لعون، «والجميع يعرفون أن الأميركيين قالوا انهم سيتعاملون مع أي قائد على رأس المؤسسة العسكرية. بالطبع هم يؤيدون التمديد له كما يؤيدون انتخابه رئيساً. لكن موضوع دعم الجيش بالنسبة اليهم مختلف ولا يمكن أن يفرّطوا به، أياً يكن من يعيّن على رأسه».
عون أصبح مرشح فريق والتمديد له هو لاستعمال موقع قيادة الجيش للوصول إلى الرئاسة
وقال باسيل إن «المشروع الذي يهدف إلى تفكيك الكيانات في المنطقة، والذي فتّتت العراق وسوريا وضرب لبنان، وكان وراء عدوان تموز 2006، ووراء ضربنا في 17 تشرين 2019، هو المشروع نفسه الذي يريد جوزف عون رئيساً للجمهورية، ويريد القضاء على حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، وتطبيق القرار 1701 من جهة واحدة، وإبقاء النازحين في لبنان لاستخدامهم في أغراض فتنوية». وأضاف: «جرّبوا عسكرياً في عدوان تموز 2006 وفشلوا في تحقيق أهدافهم، وجرّبوا شعبياً ومدنياً في 17 تشرين 2019 وأخفقوا. لكنهم لم يجربوا بعد الخيارين العسكري والمدني معاً، أي حرب عسكرية من الخارج مع فتنة ترافقها من الداخل. هذا ما قد نكون أمامه في حال لم تحدث تسوية كبيرة في المنطقة. واسرائيل بعد ما تعرضت له في 7 أكتوبر لا يبدو أنها ستتوقف في المدى المنظور عن استعمال القوة، وستستمر في المحاولة مع لبنان وحزب الله. عسكرياً فقط لن تنجح، وشعبياً فقط ستخفق. يبقى خيار الخلط بين الأمرين».
التعيينات العسكرية
وعن فتح معركة التعيينات العسكرية ومطالبة النائب السابق وليد جنبلاط بتعيين رئيس للأركان، قال باسيل «إننا اساساً ضد تعيينات الفئة الاولى بالاصالة في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، وقبلنا التعيين بالوكالة لأنهم رفضوا الحلول الاخرى». وأوضح: «كنا مع تعيين الاعلى رتبة على رأس المؤسسة العسكرية. وكان الخيار الثاني تعيين قائد بالانابة بتكليف من وزير الدفاع بالاتفاق مع بقية القوى السياسية، كما جرى في أجهزة أمنية أخرى. أما الخيار الثالث فكان التعيين بالوكالة، اي بمرسوم لمدة سنة.
الأميركيون لم يهدّدوا بوقف المساعدات في حال رفض التمديد ويتعاملون مع أي قائد للجيش
وهو حل قانوني بين التعيين بالأصالة وبين تولي الأعلى رتبة. ولو اعتُمد هذا الخيار، كنا بالطبع مع تعيين مجلس عسكري بالكامل لأننا طالما نعيّن بالوكالة فلماذا يقتصر الأمر على تعيين قائد للجيش». وأضاف: «لكن الآن، في ظل التمديد، وريثما يُبت في الطعن الذي سنتقدم به حكماً في حال صدر القانون، ولا أرى كيف سيزمط المجلس الدستوي في ظل الأسباب الطعن الكثيرة الموجبة للطعن، فكيف يمكن ان يعيّنوا مجلساً عسكرياً بعدما رفضوا تعيين قائد جيش؟».
وتوقع رئيس التيار الوطني الحر ان تخفّ وتيرة الحرب في غزة مطلع العام المقبل مقابل اتخاذها أشكالاً أخرى، بسبب الضغط الأميركي الذي لا يتحمل أن يخوض الرئيس جو بايدن انتخابات الرئاسة في ظل الحرب التي تترك تأثيرات كبيرة على جمهور الديمقراطيين، و«أفترض أن تبدأ بالتوازي محاولات لتنشيط الملف الرئاسي. والمؤكد ان من يسعى لوصول جوزف عون إلى بعبدا سيحاول تكرار الضغط الذي مارسه للتمديد له».
اللواء:
الجنوب ينجو من «اندلاع الحرب».. وكولونا تنقل رسالة تحذير من تل أبيب
بلبلة مالية عشية مجلس الوزراء.. ورئيس الأركان يغيب عن الجلسة
كاد الوضع في لبنان ينزلق، بدءاً من التطورات العسكرية في الجنوب الى «خطر توسع الحرب» بتعبير وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، بعدأن اقدمت مسيّرة تابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي باستهداف نقطة قريبة جداً من ساحة بلدة «عيتا الشعب» حيث كان حزب الله يشيع الشهيد حسن سرور.
وفي تطور نوعي في المواجهة، استهدفت مدفعية المقاومة الاسلامية منصات القبة الحديدة في محيط مستعمرة «كابري» التي تقع شرقي مستعمرة «نهاريا» قرب الساحل الفلسطيني، وذلك رداً على استهداف مراسيم تشييع الشهيد سرور.
واعاد حزب الله التأكيد ان اي مسّ بالمدنيين سيقابل بالمثل من قبل المقاومة، واستهداف الحزب كريات شمونة بمجموعة من الصواريخ التي كشف الجيش الاسرائيلي عن انفجارها.
وسط ذلك، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن زيارة وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا لم تخرج عن القلق الذي تبديه بلادها حول الوضع في الجنوب ومن هنا كررت تحذيرها بشأن توسيع رقعة التوتر وخرق القرار ١٧٠١، وبالتالي ما من مبادرة بمعنى المبادرة لوقف التوتر إنما تذكير بأن تفاقم الأوضاع قد يجر إلى حرب، لافتة إلى أن زيارة الوزيرة الفرنسي تسبق سلسلة زيارات لمسؤولين للبحث في العنوان نفسه، ورأت أن الخشية من توسيع دائرة الحرب لم تتبدد على الإطلاق. وفي الملف الرئاسي، لم تعرض أفكار جديدة إنما برز تشديد جديد على إتمام الاستحقاق وهذا الملف هو في عهدة جان ايف لودريان.
وقالت مصادر ديبلوماسية انه لم يكن متوقعا ان تحمل وزيرة الخارجية الفرنسية كولونا الى لبنان أي مبادرة جديدة، او تنقل أي تحذيرات او مطالب وشروط إسرائيلية الى لبنان كما تردد ،لان زيارتها بالاساس مخصصة لتفقد افراد الكتيبه الفرنسية العاملة ضمن قوات الامم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، والتي لم تتمكن من زيارتها بمفرها في الجنوب بسبب تردي الأوضاع الامنية جراء الاشتباكات بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، وقد استعاضت عن الزيارة بمقابلة قائد قوات الامم المتحدة في مقر السفارة الفرنسية وزارت مقر اليونيفل ببيروت.
واشارت المصادر إلى ان لبنان كان قد تبلغ المطالب والشروط الإسرائيلية سابقا بواسطة الجانب الاميركي كما هو معلوم، ولاسيما ما يتعلق بضرورة انسحاب عناصر حزب الله إلى عمق الاراضي اللبنانية وتنفيذ بنود القرار ١٧٠١، وكان الرد يومها بضرورة التزام الجانب الاسرائيلي ببنود القرار وضرورة التواصل مع الحزب والجانب الايراني لنقل هذه الشروط.
التحركات الدولية
في التحركات الدولية والاوروبية، حافظ الوضع المتوتر عند الحدود اللبنانية – الاسرائيلية على اعتباره البند رقم 1 في الاهتمامات، وهذا ما عكسته زيارة وزير الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، باعتبار ان الاولوية اليوم للجنوب، ولأمن اسرائيل من جهة الشمال.
ولم تُخفِ كولونا قلقها من اشتعال المنطقة، ونقلت عن قائد اليونيفيل قوله ان مستوى التوتر على جانبي الخط الازرق خطر جداً، مضيفة في مؤتمر صحفي عقدته في السفارة الفرنسية في ختام لقاءاتها التي شملت الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وفي ما يشبه التحذير: حذرت المسؤولين اللبنانيين من انه اذا غرق لبنان في الحرب فهو لن يتعافى، والوضع خطر جداً.
وقالت: «مرَّرنا رسائل إلى حزب الله بأنّه يجب تطبيق القرار 1701 من الفريقين وهو ما لا يحصل»، كاشفة عن «أنني لم أتكلم مع الحزب خلال زيارتي هذه».
كما لفتت إلى أن «علاقتنا مع حزب الله قائمة، ولكن ما حصل في 7 تشرين الأول نرفضه وفي هذا الإطار نتضامن مع الشعب الاسرائيلي في مكافحة الإرهاب، ولكن في الوقت نفسه نطالب اسرائيل بحماية المدنيين».
واعتبرت أن «على المسؤولين اللبنانيين التحلّي بالمسؤولية، وتدركون ماذا أعني بذلك أعني انتخاب رئيس للجمهورية».
ورأت أن «التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون يعتبر قرارا جيدا، ولكن هذا لا يكفي»، مشددة على أنه «يجب تطبيق القرار 1701 وتفادي التصعيد».
وكانت كولونا وصلت الى بيروت من اسرائيل بعد ظهر امس في زيارة هي الثانية منذ اندلاع حرب اسرائيل على غزة، وزارت على الفور عين التينة، والتقت الرئيس بري، داعية الى طرح افكار لتطبيق القرار 1701، معتبرة ان انتخاب رئيس للجمهورية يشكل مرجعاً للحوار..
وافادت مصادر بري بأن كولونا لم تطرح تراجع «حزب الله» باتجاه شمال الليطاني بل الحديث كان عن القرار 1701، وهي لم تطرح افكاراً لهذه الناحية، وسمعت من برّي أنّ المسؤول عن خرق القرار هي إسرائيل.
والمواضيع نفسها بحثتها كولونا في السراي الكبير حيث اجتمعت الى الرئيس ميقاتي، الذي شدد على اولوية وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان.
وفي قصر الصنوبر استقبلت وزيرة الخارجية الفرنسية قائد «اليونيفيل» آرو لدو لاثارو، الذي اوضح الوضع الجنوبي على خارطة كانت بحوزته، ونقل اليها ان وضع جنوب لبنان بعد حرب غزة، خطير جداً، والوضع متوتر، وصعب وخطير.
وأوضح أن «اليونيفيل تسعى للحفاظ على الوضع القائم وخصوصا لعب دور وساطة بين الطرفين لتجنب اخطاء حسابية او تفسيرات يمكن ان تكون سببا آخر للتصعيد».
وكشف عن أن «حزب الله يستخدم أسلحة بعيدة المدى أكثر فيما تنتهك اسرائيل المجال الجوي اللبناني»، مضيفًا: «لكن في الأيام الثلاثة الماضية لاحظنا تراجعا لتبادل النيران».
من جانبه، تراجع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت عن تهديداته، وقال بعد لقاء وزير الدفاع الاميركي لويد جورج: نسعى للسبل «الدبلوماسية التي تضمن ان حزب الله لا يهدد الاسرائيليين، ولا نبحث عن حروب جديدة».
واشارت الخارجية الاميركية انه لا يزال من اولويات الادارة الاميركية ضمان ألّا يتوسع الصراع في غزة الى لبنان.
مجلس الوزراء
ويعود مجلس الوزراء للاجتماع اليوم للنظر في جدول اعمال مثقل ببعض البنود الادارية والمالية، فضلاً عن احتمال التطرق الى تعيين رئيس للاركان وباقي اعضاء المجلس العسكري.
ونفت مصادر وزارية تبلغ اي من الوزراء امكانية طرح تعيين رئيس لاركان الجيش في جلسة مجلس الوزراء اليوم، واستبعدت طرح هذا الموضوع من خارج جدول الاعمال، لان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبعد التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، ليس بوارد القيام بمثل هذه الخطوة، تفاديا لأي تداعيات سلبية محتملة من قبل رافضي التعيين واثارة الحساسيات والعصبيات من قبل البعض، ولأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، ليس متحمساً لتعيين رئيس للاركان بغياب رئيس للجمهورية، وفي ظل الانقسام السياسي القائم حاليا، وبعد التمديد لقائد الجيش لم يعد هناك تخوف من حدوث فراغ بالقيادة.
وعشية الجلسة ترأس الرئيس ميقاتي اجتماعاً لـ«اللجنة الوزارية المكلفة بحث تداعيات الازمة المالية على سير المرفق العام»، بمشاركة وفد من العسكريين المتقاعدين.
وحذر المجلس التنفيذي لمتقاعدي القطاع العام من المس بحقوق المتقاعدين المدنيين والعسكريين، مهدداً بالنزول الى الشارع والاعتصام في الساحات.
وشدد على:
1-تطبيق المرسومين الاشتراعيين رقم 47 (نظام التقاعد) ولا سيّما المادّة 60 التي تعطي المتقاعد 85% من راتب مثيله في الخدمة الفعليّة، ورقم 102 ( قانون الدفاع الوطنيّ) ولا سيّما المادّة 79.
2-مبدأ التماثل في العطاءات بين المتقاعدين ونظرائهم في الخدمة الفعليّة، كلّ في فئته ورتبته ودرجته، حفاظاً على مبدأي العدالة والمساواة».
واعلن تجمع «العسكريين المتقاعدين» انه سينفذ اعتصاماً عند السابعة من صباح اليوم امام السراي الكبير، تزامناً مع جلسة مجلس الوزراء التي تبدأ عند التاسعة والنصف، بهدف الضغط على الحكومة لتعليق اصدار مراسيم بدل الانتاجية والتعويض المؤقت لحين التوافق على خارطة طريق يقبل بها المتقاعدون في القطع العام.
مالياً، احدثت المعلومات عن اتجاه مصرف لبنان الى رفع دولار صيرفة الى 89500 ل.ل. بلبلة لدى اوساط الخبراء والمصرفيين.
وحسب ما اتضح فإن الخطوة قيد الدرس، وهي متزامنة مع زيادة على الرواتب للعاملين في القطاع العام، اكثر من 3 اضعاف الرواتب الحالية، الامر الذي يحتاج الى ما لا يقل عن 8000 مليار ليرة لبنانية، اي بزيادة ملياري ليرة عن الرواتب الحالية، حسب الخبير الاقتصادي محمود الجباعي.
اعتمادات الفيول العراقي
كهربائياً، ترأس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اجتماعاً حضره الوزيران يوسف خليل ووليد فياض وحاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري والمدير العام لوزارة المالية جورج معراوي، لبحث الوضع المالي لقطاع الكهرباء.
واعلن الوزير فياض بعد الاجتماع: «عالجنا موضوع قيمة الاعتماد المستندي المطلوب لتنفيذ العقد الثالث مع العراق في سنته الثالثة وهو مليون ونصف مليون طن سنويا، ومبلغ الاعتماد المطلوب هو 700 مليون دولار، وهناك تعديل يجب أن يتم للوصول الى هذا المبلغ، وهذا أمر ضروري لنتمكن من توريد شحنات الفيول الموجودة في العراق الى لبنان.
أما الموضوع الثاني فيتعلق بالمبالغ المستحقة والالية التي ستعتمد مع المالية لوضع الأموال في الحساب العراقي، واتفقنا على صيغة لتغطية المبالغ المستحقة للشحنات السابقة وهذا مهم لتكون العلاقة مستقيمة بالنسبة لتنفيذ الاتفاقية مع العراق».
الوضع الميداني
وفي خطوة بالغة سوء التقدير، وترفع من حجم الاستفزازات الاسرائيلية، تجرأ العدو امس على استهداف موكب تشييع في بلدة عيتا الشعب لأحد شهداء المقاومة في محاولة لترهيب المشيعين الا ان انهم استمروا في المراسم ولم يبالوا لا بالقذائف ولا بالمسيَّرات.
وتعرضت صباحاً، أطراف بلدة عيترون لقصف مدفعي اسرائيلي متقطع مصدره مرابض الجيش الاسرائيلي داخل الاراضي الفلسطينية. كما طالت القذائف الاسرائيلية الضهيرة وعلما الشعب واستهدف القصف المدفعي المنازل في بلدة الجبين.
وطال القصف المدفعي المباشر اطراف عيتا الشعب والجبين والضهيرة، كما استهدف منطقة اللبونة، الطباسين واطراف الناقورة.
ورد حزب الله «باستهداف تجمع لجنود وآليات العدو في محيط موقع الحمرا بالأسلحة المناسبة». ايضا قال حزب الله: إستهدفنا منصتين للقبة الحديدية في شمال مستعمرة كابري بسلاح المدفعية وحققنا فيهما إصابات دقيقة.
كما إستهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية عند الثانية بعد ظهر امس منصتين للقبة الحديدية في شمال مستعمرة كابري بسلاح المدفعية وحققوا فيهما إصابات دقيقة.
البناء:
شركات النقل العالمية تسارع إلى التخلي عن الكيان… وحلف واشنطن إعلاميّ
ملف الأسرى يربك الكيان… وتصعيد في الجولان… والحدود السوريّة الأردنيّة؟
استهداف القبة الحديدية… وتهديدات من أوستن وكولونا… والأسد يُنصف المقاومة
كتب المحرّر السياسيّ
وسط تصعيد سياسيّ من رموز في السلطة الفلسطينيّة ضد قوى المقاومة، خصوصاً حركة حماس، بدا ثمناً لطلب دور في ما وصف بمرحلة ما بعد الحرب، كان كيان الاحتلال يعيش أكثر لحظات الارتباك منذ بدء الحرب على غزة قبل أكثر من سبعين يوماً، تحت وطأة الفشل العسكري في غزة والضغوط الداخلية في ملف الأسرى، والإحاطة الأميركية تحت عنوان العالم ينقلب ضدنا، وليس معنا الكثير من الوقت، فقد تم تأجيل اجتماع مجلس الحرب والحكومة تفادياً للانقسام، بينما رئيس الموساد في أوسلو لملاقاة مدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز، ومسؤولين أمنيين مصريين وقطريين لتبادل عروض تفاوض يمكن نقلها إلى قيادة المقاومة.
في السياسة أيضاً كانت كلمات وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن محاولة لتقديم الدعم المعنوي للكيان في ظل حال الهزيمة التي تهيمن على الرأي العام، مطرزاً كلامه بتهديد مبطن للبنان، وحزب الله خصوصاً، بالتقاطع مع نظيرته الفرنسيّة كاترين كولونا التي أطلقت من بيروت تحذيراتها من عواقب التورّط في حرب مع جيش الاحتلال؛ بينما كانت المقاومة في جنوب لبنان ترفع من مستوى التحدّي باستهداف مواقع نشر القبة الحديديّة ومنشآتها قرب نهاريا بقصف مدفعيّ ثقيل ومركّز.
في الميدان والسياسة أيضاً، كان لسورية نصيب بارز أيضاً، حيث كان كلام تاريخيّ للرئيس السوري بشار الأسد أنصف المقاومة في فلسطين وغزة، وسط حملات الاستهداف التي تتعرّض لها عربياً، وكان أبرز ما قاله الأسد إن المقاومة ردّت الاعتبار لمكانة وأحقيّة القضية الفلسطينية، وأثبتت التفوق القتالي والأخلاقي والإعلامي على كيان الاحتلال، رغم الفوارق الهائلة لمصلحته في مجال الإمكانات. وبالتزامن كانت غارات أميركية تستهدف منطقة البوكمال السورية رداً على عمليات المقاومة التي استهدفت القواعد الأميركية في حقول العمر، بينما تعرّضت مناطق في ريف دمشق لغارات إسرائيلية، رداً على صواريخ انطلقت من الأراضي السورية على مواقع إسرائيلية في الجولان المحتل. وبقي غامضاً ما يجري على الحدود السوريّة الأردنيّة. ووضعته البيانات الأردنية في دائرة الحرب مع عصابات المخدّرات حيناً، وميليشيات وصفتها بـ المدعومة من إيران حيناً آخر، بينما كانت هناك تساؤلات عن معنى الحديث عن تهريب صواريخ وأسلحة وما إذا كان القصد عملية نقل أسلحة إلى الداخل الفلسطيني عبر الأردن؟
على جبهة اليمن والبحر الأحمر، نجحت حركة أنصار الله بفرض الحصار على المتاجرة مع الكيان عبر التسابق الذي شهده سوق النقل البحريّ بين شركات النقل على إعطاء الأولويّة لعبور مضيق باب المندب والبحر الأحمر، على حساب نقل الحاويات المتّجهة نحو موانئ كيان الاحتلال.
وتبعت الشركات النرويجية والفرنسية والألمانية ما أعلنته الشركات الصينية عن مواصلة رحلاتها عبر البحر الأحمر لكن دون حاويات تتجه نحو الكيان، بينما فتح الأميركيّون قنوات التفاوض عبر الوسيط العمانيّ مع أنصار الله لتأكيد أن الحلف الذي يعلنون السعي لتشكيله تحت شعار أمن الملاحة في البحر الأحمر، ليس إلا نشاطاً إعلاميّاً وأنهم يفضّلون التوصّل الى حل تفاوضي، وقد أجابهم أنصار الله أنهم لا يريدون التصعيد ولا تعطيل الملاحة، لكنهم لن يرفعوا الحظر عن التجارة إلى كيان الاحتلال إلا بعد وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها.
ارتفعت وتيرة التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية – الفلسطينية بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، على وقع وصول وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى بيروت والتحذيرات التي يطلقها المسؤولون الغربيون للبنان بضرورة تطبيق القرار 1701 وإبعاد حزب الله عن الحدود، بالتوازي مع تطوّر في الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت أمس منزلاً يبعد أمتاراً عن موكب لتشييع الشهيد حسن معن سرور في بلدته عيتا الشعب.
ولفتت أوساط سياسية لـ”البناء” على أن “كيان الاحتلال لم يحتمل مشهد الجنوبيين وهم يتشبثون بأرضهم ويشيّعون أحد الشهداء على مقربة من الحدود ويلتفون حول مقاومتهم ويحتضنونها رغم كل الاعتداءات ورسائل التهديد الإسرائيلية، وهو قد عمل طيلة الشهرين الماضيين على تهجير أهالي الجنوب في القرى الحدودية حتى شمال الليطاني لكي يقوم بعدوانه ويلاحق المقاومين بحريّة تامة ومن دون سقوط مدنيين يستدرج ردة فعل حزب الله. كما هدف العدو إضافة الى التهجير، تأليب أهالي الجنوب على المقاومة، لكن مشهد التشييع أحبط العدو لا سيما أن المقاومة تمكّنت من فرض معادلات قاسية على الكيان في شمال فلسطين المحتلة عبر تهجير مئات آلاف السكان والشلل الاقتصاديّ وتزايد المخاطر من دخول قوات الرضوان الجليل في أي وقت”. لذلك أراد الاحتلال وفق المصادر توجيه رسالة الى حزب الله بأن استمرار عملياته العسكرية على الحدود بهذا الحجم سيوسّع قواعد الاشتباك إلى الأهداف المدنية ومناطق في عمق الجنوب. ولاحظت المصادر التزامن بين تصعيد العدوان ووصول وزيرة الخارجية الفرنسية الى لبنان والتي تحمل رسائل تحذير للحكومة بضرورة تطبيق القرار 1701.
وفي سياق ذلك، نقلت صحيفة “التايمز” عن ضابط إسرائيلي بارز تأكيده أن “الجيش الإسرائيلي وضع خططاً لغزو جنوب لبنان”، معتبراً أن “ما حدث في قطاع غزة لا يقارن بما يمكن أن يفعله حزب الله في الشمال”. ورأى أن “القرار بشأن إطلاق قوة بريّة عبر الحدود يعود لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته الحربية”.
لكن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت تراجع عن مواقفه التصعيديّة السابقة، ولفت إلى أننا “نسعى للسبل الدبلوماسية التي تضمن أن حزب الله لا يهدد الإسرائيليين في الشمال، ونحن لا نبحث عن حروب جديدة ولدينا 75 ألف لاجئ إسرائيلي في الشمال”. وأكد غالانت خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي لويد اوستن في “تل ابيب”، بأن “إسرائيل لن تسيطر على غزة بأي طريقة مدنيّة”.
إلا أن مصادر في فريق المقاومة تضع “هذه التهديدات في إطار الحرب النفسية والمعنوية ضد الشعب اللبناني الذي يلتف حول المقاومة في صد العدوان الإسرائيلي على الجنوب وكل لبنان”، مشيرة لـ”البناء” الى أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي يغرق في مستنقع غزة ويتكبّد خسائر فادحة في جنوده وضباطه وآلياته العسكريّة ومعنوياته المنهارة، وكذلك الأمر جبهته الداخليّة مهتزّة، فيما تعصف الخلافات بين أركان حكومة الحرب، وبدأ الخلاف يتظهّر بين واشنطن وتل أبيب، والتحوّل في الرأي العام الأميركي والأوروبي والعالمي، فكيف لجيش هُزم في غزة خلال جولتي قتال على مدى 70 يوماً وأكثر، ولم يستطع تحقيق أهدافه، رغم كل آلة القتل والدمار والإبادة، كيف له أن يفتح جبهة جديدة يعترف قادته الحاليّون والسابقون وإعلامه بأنها أكثر خطورة وصعوبة بأضعاف من جبهة غزة، وبأن حزب الله أقوى بكثير من حركة حماس ويملك قدرة أكبر على المناورة واستهداف كل “إسرائيل” بمئات آلاف الصواريخ؟”. وأوضحت المصادر أن “تشييع الحشود الجنوبية للشهداء في القرى الأمامية أكبر دليل على أن لا يمكن فك اللحمة بين المقاومة وبيئتها، وبالتالي لا يمكن إبعاد حزب الله عن جنوب الليطاني ولا عن أي منطقة في لبنان”، وأكدت المصادر أن “المقاومة غير معنية بالتهديدات ولا بالتسويات الحدودية التي تنشر في الإعلام، ولن توقف عملها العسكريّ بل مستمرة حتى انتهاء العدوان على غزة والعدو لن يأخذ أي ضمانة، أي أن تهدئة جبهة الجنوب وكل الجبهات من اليمن الى سورية والعراق، طريقه الوحيد وقف العدوان على غزة، وأي عدوان عسكري موسّع على لبنان أكان من الإحتلال الإسرائيلي أو أي قوات أجنبية سيقابل برد قويّ وحاسم والميدان سيتحدث عن نفسه كما قال السيد حسن نصرالله”.
وفي سياق ذلك، رأى رئيس المجلس السياسي لـ”حزب الله” إبراهيم أمين السيد، أن “العالم اليوم يترقب حدثين، الأول هزيمة أميركا وأوروبا في أوكرانيا، والثاني هزيمة أميركا وأوروبا في فلسطين”. ودعا السيد، خلال احتفال تأبيني لأحد عناصر الحزب في بلدة الناصرية البقاعية، الى “الاستعداد لمرحلة انهيار هذا الكيان الصهيوني دقيقة جداً في العالم والمنطقة وفلسطين”.
وأكد أننا “سنكون قريباً في المنطقة أمام شعوبٍ مختلفة”، معتبراً أن “ما يجري في فلسطين على مستوى الثبات والقوة والمواجهة والمقاومة والصبر والتحمّل، وبكل الظروف الصعبة من القصف، يبقى هذا الشعب صامداً في وجه كل المجاميع الوحشية الصهيونية التي تريد أن تقضي ليس على غزة وحسب بل على فلسطين”.
وواصلت المقاومة الإسلامية عملياتها النوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي بوتيرة مرتفعة، وأعلنت في بيان أن مجاهديها استهدفوا دشمة في موقع بركة ريشا بداخلها جنود للعدو بالأسلحة المناسبة وأصابوها إصابة مباشرة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة. واستهدفوا قوة عسكرية للعدو في محيط موقع حانيتا بالأسلحة المناسبة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة. وأعلنت المقاومة عن رصد مجاهديها 4 جنود صهاينة في نقطة تموضع شرق سعسع، فاستهدفوها بالأسلحة المناسبة وحققوا إصابات مؤكدة. واستهدفت تجمعاً لجنود العدو في حرش عداثر بالأسلحة المناسبة وتمّت إصابته إصابةً مباشرة. وقصفت تجمعًا لجنود وآليات العدو في محيط موقع الحمرا وموقع جلّ العلام بالأسلحة المناسبة.
وفي تطوّر جديد باسهدافات المقاومة، قصفت منصتين للقبة الحديديّة في شمال مستعمرة كابري بسلاح المدفعيّة وحققت فيهما إصابات دقيقة. وتقع مستعمرة “كابري” شرقي مستعمرة “نهاريا” في القطاع الساحلي الغربي، وتبعد عن أقرب نقطة عن الحدود اللبنانيّة مع فلسطين المحتلة 7 كلم، بحسب ما ذكر مراسل قناة “المنار”.
ونشر الإعلام الحربيّ في “حزب الله” مشاهد من “استهداف المقاومة الإسلاميّة عدد من المواقع التابعة لجيش العدو الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية”.
في المقابل صعّد العدو الإسرائيلي من ممارساته الإرهابية مستهدفاً الأهالي الذين شاركوا في تشييع “الشهيد علي طريق القدس” حسن معن سرور في بلدته عيتا الشعب بغارة جوية على سطح أحد الأبنية على مسافة أقل من أربعين متراً من موكب التشييع، وتسبّبت بأضرار في المبنى من دون الإفادة عن وقوع إصابات بين المشيّعين الذين تابعوا مراسم التشييع.
وشنت طائرات حربية معادية غارة استهدفت أطراف بلدة عيتا الشعب، وارتفعت سحاب الدخان الكثيف من مكان الغارة. وبعد أقل من خمس دقائق شنت المقاتلات المعادية غارة مماثلة على جبل الباط في أطراف عيتا الشعب. وأصيب المواطن غ. العنز من بلدة الماري بجروح طفيفة جراء قصف أرض الماري حيث كان يقوم بأعمال زراعيّة وتضرّرت الحفارة التي يملكها.
ومساء أطلق حزب الله صلية صواريخ على قرية الخالصة المحتلة (المسمّاة مستعمرة كريات شمونة) ردًا على استهداف العدو لمراسم التشييع في بلدة عيتا الشعب، مؤكداً في بيان لإعلامه الحربي بأن أيّ مسٍّ بالمدنيين سيُقابل بالمثل.
وعلى إيقاع التصعيد جنوباً، وصلت إلى بيروت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، واستهلت جولتها من عين التينة حيث التقت رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحضور مديرة أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية آن غريو وعدد من المستشارين في الخارجية الفرنسية والسفير الفرنسي لدى لبنان هيرفي ماغرو، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان. وغادرت كولونا عين التينة دون الإدلاء بتصريح.
وأفيد أن كولونا كرّرت خلال لقائها الرئيس بري موقف بلادها بالدعوة إلى تجنيب المنطقة أي صراع. وأثنت على التمديد لقائد الجيش وتمّ البحث في إمكانية تحريك ملفات سياسية أخرى أولها رئاسة الجمهورية. وأفادت مصادر عين التينة بأن كولونا دعت لبنان إلى طرح أفكار لتطبيق القرار 1701 وشدّدت على انتخاب رئيس جمهورية ليكون مرجعاً للحوار في هذا الصدد.
وتوجهت كولونا إلى السراي الحكومي حيث التقت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بمشاركة سفير فرنسا في لبنان هيرفي ماغرو ومستشاري رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس والسفير بطرس عساكر. وشدد ميقاتي، على “أولوية وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتطبيق القرار 1701 نصاً وروحاً شرط التزام “إسرائيل” بمندرجاته”.
بدوها أكدت وزيرة خارجية فرنسا انه “من الضروري خفض التصعيد على الحدود الجنوبية من الجهتين والتوصل إلى آلية لإيجاد حل يكون مقدمة لترسيخ الاستقرار الدائم في الجنوب”.
وعلمت “البناء” أن كولونا التقت قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة بعيداً عن الإعلام، بعد خروجها من عين التينة وقبل توجّهها الى السراي الحكومي.
ووجهت كولونا من قصر الصنوبر في بيروت رسائل عالية اللهجة: “قلت للمسؤولين اللبنانيين إذا غرق لبنان في الحرب فهو لن يتعافى والوضع خطير جداً، وأحمل رسالة لمن هم خارج لبنان وينتظرون الاستفادة من الوضع الكارثيّ في غزة لزيادة التوتر، وأعني إيران وكل أدواتها في العراق وسوريا، وأيضاً ما يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر، فهذا خطأ كبير وأمر خطير جدأ، ويجب وقف التصعيد”.
وكان قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل” الجنرال أرولدو لازارو ساينز حذّر من أن “الوضع في جنوب لبنان “متوتر” و”خطير” مع تصاعد التوتر بين حزب الله و”إسرائيل””. وأوضح لبعض الصحافيين قبل لقائه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أن “اليونيفيل تسعى الى الحفاظ على الوضع القائم وخصوصاً لعب دور وساطة بين الطرفين، لتجنب أخطاء حسابية او تفسيرات يمكن ان تكون سبباً آخر للتصعيد”. وأكد ان حزب الله يستخدم أسلحة بعيدة المدى أكثر في ما تنتهك إسرائيل المجال الجوي اللبناني. وأضاف “لكن في الأيام الثلاثة الماضية لاحظنا تراجعاً لتبادل النيران».
في غضون ذلك يبدو أن فصول معركة التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون والقادة الأمنيين لم تنته، بل هناك جولة جديدة مع توجه التيار الوطني الحر للطعن بالقانون، إذ أشار عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطالله، الى أننا “سنقدّم طعنًا في موضوع قائد الجيش لعدم شموليّة هذا القانون وللتمييز بين الناس في الفئة نفسها والخسارة في ملف قائد الجيش هي خسارة الدستور ودهسه”.
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أن “التمديد لقائد الجيش جوزيف عون أو لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان هو قرار سياسيّ، غير صحيّ للمؤسسة العسكرية بل يزيد التشرذم، فصّل على قياسهما”، مشيراً الى أن “قرار التمديد أتى على قياس أشخاص وليس بناء على قانون عام”.
وإذ أوضح أن “القوات اللبنانية تشتغل سياسة وهذا حقهم، تحدّث عن ضغط خارجي مورس على الأفرقاء اللبنانيين الذين “زانوها”، فمنهم من مشى بالضغط، فيما آخرون فكروا بالربح والخسارة، وأخذوا مقابل التمديد أموراً أخرى في السياسة، منها التشريع في المجلس النيابي، كما في حالة الرئيس نبيه بري”. وقال: “حصلت تسويات بالسياسة، ولكن مَن دفع الثمن؟ المؤسسة العسكرية والضباط الموجودون».
ويعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة عادية تمّ تأجيلها من الجمعة الماضي الى صباح اليوم، وعلى جدول أعمالها بنود مالية ومعيشية. ومن المتوقع طرح ملف تعيين رئيس للأركان، لكن لم تنضج الطبخة وفق معلومات البناء لوجود تعقيدات قانونية لأن تعيين رئيس الأركان يتم بناء على اقتراح وزير الدفاع الذي لن يحضر الجلسة. ودعا تجمّع العسكريين المتقاعدين في بيان “كل أصحاب الحق للاعتصام أمام مداخل السرايا الحكومي اليوم بهدف الحؤول دون إقرار مراسيم تخالف الدستور وتضرب مبادئ العدالة والمساواة وتنحدر الى مستوى جرائم التمييز العنصري والأخلاقي وتحرم الموظف والمتقاعد من حقه براتب يؤمن الحد الأدنى للعيش الكريم”.
المصدر: صحف