ملف | خلافات بين صناع القرار في الكيان الصهيوني ( الجزء 1 ) – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ملف | خلافات بين صناع القرار في الكيان الصهيوني ( الجزء 1 )

صراع بين صناع القرار في الكيان الصهيوني
علي علاء الدين

 

على الرغم من حرص القادة الصهاينة الواضح على إظهار روح الوحدة والتضامن فيما بينهم، والحديث عن نبذ الخلافات الداخلية والشخصية جانباً، تراكمت على مدى الأسابيع الثلاثة الأولى، منذ حصول عملية “طوفان الأقصى”، العديد من الوقائع والمؤشّرات التي تدلّ على خلافات في الرأي بين القيادات الصهيونية الضالعة في صناعة قرار الحرب وإدارتها.
وفضلاً عن أنّ عملية “طوفان الأقصى” وسّعت مروحة الخلافات لتشمل- تقريباً- كلّ المستويات والجهات القيادية الرفيعة، فإنّها عمّقت أيضاً بعض الخلافات الموجودة أصلاً، وهذا ما ينطبق على حالة الخلاف بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، وهما الشخصيتان الأرفع مستوى في صناعة قرار الحرب.
وفي موازاة الجهود التي بذلها القادة لإظهار التماسك والتنسيق، تُفصح أوساط سياسية وأمنية وإعلامية عن وجود أزمة ثقة بين المؤسّستين السياسية والأمنية- العسكرية، في ضوء فشل سياسات الحكومة تجاه حركة حماس وقطاع غزة من جهة أولى، وفشل المؤسّسة الأمنية والعسكرية في حسن تقدير نوايا حركة حماس، ومؤشّرات الهجوم المباغت على مستوطنات ومدن في جنوب الكيان من جهة ثانية.

نتنياهو غالانت

نتنياهو غالانت
الخلاف بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، على كيفية إدارة الحرب، لم يعد أمراً خافياً على أحد في “الكيان المؤقت”، حيث يتمّ تناول هذا الأمر بشكل شبه يومي في الإعلام العبري، ومع مرور الوقت وتراكم الحوادث والمؤشّرات، يبدو أنّ حرص الطرفَين على إظهار التضامن والانسجام بينهما، يتراجع يوماً بعد يوم، ولكن مع ذلك يمكن القول إنّ الخلافات بينهما لا تزال- حتى الآن- تحت السقف العلني.
ويرى مُعلّقون أنّ العلاقة بين نتنياهو ووزير الأمن تجعل من الصعب جداً العمل المشترك بينهما، لاسيّما أنّ الرواسب تعود إلى شهر آذار الماضي (03/2023)، عندما أقدم نتنياهو على إقالة غالانت، على خلفية موقف غالانت من الخطة القضائية، ثم أُجبِر نتنياهو لاحقاً على التراجع.
وعليه فإنّ العلاقة بين الطرفين لم تكن سويّة، حتى قبل عملية “طوفان الأقصى”، فكيف بعدها- بحسب خبراء ومُحلّلين- لاسيّما أنّ نتنياهو يُحمّل المؤسّسة الأمنية والعسكرية، التي يقف غالانت على رأسها، مسؤولية الفشل في تقدير نيّات حماس خلال الأسابيع التي سبقت “طوفان الأقصى”، ما أدى إلى قراءة خاطئة لمؤشّرات الهجوم صبيحة السابع من تشرين الأوّل الجاري، وأيضاً الفشل في الدفاع عن المستوطنات والمدن الجنوبية بعد اجتياح حماس لها.
ولا ينبع التوتّر في قمّة الهرم القيادي، حول الخطط والأهداف فحسب، بل على خلفية شخصية، وفقاً لخبراء ومُعلّقين. فنتنياهو يُعدّ نفسه لمعركة شرسة في الدفاع عن نفسه عندما تنتهي الحرب، في حين يُلقي مقرّبوه على الشبكة الاجتماعية، بالمسؤولية عن الكارثة على المؤسّسة الأمنية والعسكرية، من غالانت إلى رئيس الأركان ومَن تحتهما.
أمر آخر قام به نتنياهو لم يُعجب غالانت، وهو لقاءاته مع اللواء احتياط إسحاق بريك، ورئيس أركان الجيش الصهيوني الأسبق غابي أشكنازي، لاسيّما أن الأخير معروف بخصومته الحادّة مع غالانت.

نتنياهو جلسة تقييم

نتنياهو والجيش

في ضوء نقاش وسجال حول أسباب وخلفيات عرقلة القرارات المصيرية لدى صنّاع القرار في “الكيان الصهيوني”، فإنّه بات مسلّماً أنّ ثمّة أزمة ثقة بين المستويين السياسي والعسكري تولّدت بفعل عملية “طوفان الأقصى” والنتائج القاسية التي تمخّضت عنها، ويجري الحديث عن أنّها أزمة مزدودجة: في الاتجاهَين.
وفي الاتجاه الأوّل، تُفصح مصادر سياسية عن أنّ نتنياهو غاضب على مسؤولي الجيش، المتّهمون برأيه بكل ما حدث في 7 تشرين الأوّل، وتقول المصادر إنّ نتنياهو “يتعامل بضيق صدر مع آراء وتقديرات ألوية الجيش، ولا يُسارع إلى تبنّي خططهم”.
وتبرز قضية توقيت الهجوم البرّي، واليوم التالي للحرب، كواحدة من أهمّ نقاط التجاذب بين الطرفَين، فمن جهة يلمّح المستوى السياسي بأنّه حدّد الأهداف للجيش، وأعطى الضوء الأخضر للجهوم البرّي، وبالتالي فإنّ الكرة باتت في ملعب الجيش، في حين يرمي الأخير الكرة في ملعب الحكومة، ويكرّر في كلّ مناسبة وفرصة، أنّه أنهى استعداداته الميدانية، وينتظر قرار المستوى السياسي بالشروع في الهجوم. وقال الناطق باسم الجيش صراحة، قبل أيام، إنّ الجيش ينتظر موافقة المستوى السياسي على العملية البرّية.
ومضافاً إلى التجاذب حول توقيت الهجوم البرّي، ثمّة سجال آخذ بالتعمّق حول أهداف الحرب، وهل هي محدّدة بدقّة أم لا. وثمّة في المستوى العسكري من يرى أنّ أهداف الحرب التي أعلنها المستوى السياسي غير واضحة و غير قابلة للتحقّق.
وفيما كرّر وزراء، أنّ نتنياهو هو الذي يقف وراء تأخير الدخول البرّي إلى غزة، وصف وزير لم يجرؤ على الكشف عن هويته نتنياهو بأنّه “جبان”.
وخير دليل على أزمة الثقة بين نتنياهو والجيش هو- بحسب ومُعلّقين- لقاء نتنياهو مرّتين، أخيراً، بمن بات يُعرف بـ “نبي الغضب”، أي مفوض شكاوى الجنود السابق في الجيش الصهيوني، اللواء احتياط إسحاق بريك، الذي لم يترك منبراً إعلامياً، خلال السنوات القليلة الماضية، إلا وحذّر عبره من أنّ الجيش غير جاهز للحرب، وانتقد عشرات المرّات قدرات الجيش البرّية، ويُعارض حالياً عملية برّية في غزة.
وما زاد الطين بلة، هي التقارير الإعلامية التي تحدّثت عن تدخّل سارة زوجة نتنياهو في إدارة الحرب، من خلال دفع نتنياهو إلى لقاء “بريك” والاستماع إلى تحذيراته. وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت، أخيراً، أنّ “بريك” حاول أكثر من مرّة لقاء نتنياهو لتحذيره من الهجوم البرّي الآن، وبعد فشل محاولاته المتكرّرة أجرى الأخير مقابلة تلفزيونية أطلق فيها إنذارات حادّة بخصوص الدخول البرّي إلى قطاع غزّة، ومن شاهد المقابلة- كما قال مصدران مطّلعان- كان عقيلة رئيس الحكومة سارة نتنياهو التي قرّرت الحرص على إجراء الاجتماع.

 

يتبع :  خلافات بين صناع القرار في الكيان الصهيوني ( الجزء 2 )

المصدر: موقع المنار