اجبرت عملية طوفان الاقصى ما يزيد عن 300 الف مستوطن أن يقوموا باخلاء المستوطنات وقد حظيت قضية إخلاء المستوطنين الصهاينة، سواء من محيط قطاع غزة، أو من الحدود مع لبنان، باهتمام كبير في الكيان ، لاسيّما من قبل المستوى الإعلامي الذي استفاض في عرض تقارير تُبيّن الجهود التي تبذلها السلطات المعنية في الكيان لإخلاء المستوطنين ونشرت التقارير العبرية الكثير من الأرقام والمعطيات حول عملية الإخلاء.
وفي مقابل التقارير الكثيرة عن الجهود التي تبذلها السلطات لإخلاء سكّان المستوطنات عرضت وسائل الإعلام العبرية المختلفة، من صحف وقنوات ومواقع إلكترونية، الكثير من التقارير التي سلّطت الضوء على المشاكل والصعوبات التي تواجه عملية الإخلاء .
برز في التصريحات والمواقف التي أدلى بها المستوى السياسي في الكيان الصهيوني، حول مسألة إخلاء سكّان المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان وقطاع غزة، ما قاله، أمام رؤساء السلطات المحلية، خلال زيارته المنطقة الشمالية، يوم السبت الماضي، من أنّ تقديره أنّ فترة الإخلاء ستستمرّ لأشهر، وليس لأسابيع كما أشار أيضاً إلى أنّه “لا توجد إمكانية لإخلاء كلّ المنطقة الواقعة ضمن مدى تهديد حزب الله، لأنّ الأمر سيضاعف الكثافة السكانية في تل أبيب، والكيان لا يملك القدرة ولا الرغبة بفعل ذلك” .
بالارقام
نشرت التقارير العبرية الكثير من الأرقام والمعطيات حول عملية الإخلاء، تضمّنت الإشارة إلى أنّه جرى إخلاء 61 ألف مستوطن من الشمال، 27 ألفاً منهم من المستوطنات التي تبعد مسافة 2 كلم عن الحدود عن لبنان، ومن كريات شمونة تفاوتت الأرقام بين التقارير، وتراوحت بين 17 و23 ألف مستوطن.
أمّا في الجنوب، فقد أفادت المعطيات أنّه جرى إخلاء 65 ألفاً من سكّان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، وبموجب هذه المعطيات، تبيّن أنّ مجمل عمليات الإخلاء في الكيان بلغت 125 ألف مستوطن من 97 مستوطنة.
وعرضت التقارير معطيات متباينة حول عدد الأماكن التي سيخلى السكّان إليها، إذ تحدّثت تقارير عن 225 منشأة (فندق وبيت ضيافة)، في مقابل 234 منشأة، بحسب تقارير مختلفة. وإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير إلى وجود 40 ألف غرفة فندق جاهزة لاستضافة السكان، وأنّها امتلأت عن بكرة أبيها، بينما أفادت تقارير أخرى بوجود 55 ألف غرفة.
وعن المرحلة التي ستلي امتلاء الفنادق ومنشآت الضيافة، قال رئيس سلطة الطوارئ القومية في وزارة الأمن (راحل)، العميد احتياط يورام لاردو: “سنضطرّ لإسكان من يُخلون في منشآت عامّة كالمدارس”.
الجدير ذكره، أنّ هذه الأرقام تشمل فقط الذين أُخلوا عبر الجهات الرسمية في الكيان، إذ وفقاً لتقديرات أوليّة نشرها المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، بلغ عدد الذين تركوا بيوتهم، بإخلاء عبر الدولة، أو بقرار شخصي منهم، نحو 300 ألف مستوطن.
على الرغم من صعوبة تقدير الكلفة الفعلية لمجمل عمليات الإخلاء في الوقت الحالي، إلا أنّ العديد من التقارير تحدّثت عن تقديرات أولية لدى وزارة المالية ترجّح أن تبلغ “كلفة الإخلاء بتمويل كامل من الدولة 600 مليون شيكل في الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب”.
نسيم ومسافة آمنة
افادت تقارير عبرية ان الحكومة الصهيونية تنفذ عملية الإخلاء وفق خطتين: الأولى، تسمّى “مسافة آمنة”، وهي مخصّصة للمستوطنات المجاورة للسياج سواء في قطاع غزة (حتى 4 كلم من السياج) أو في الشمال (حتى 2 كلم من السياج)، وضمّ إليها 14 مستوطنة إضافية في الشمال، لا تنطبق عليها المعايير السابقة، وهي: شنير، دان، بيت هلال، شار يشوف، هغوشريم، ليمن، متسوفا، إيلون، غورن، غرنوت هغليل، إيفن منحام، ساسا، تسفعون ورموت نفتالي. وهذه الخطة لا قيد زمني للسكان الذين أخلوا بموجبها.
أمّا الخطة الثانية، فتسمى “نسيم”، وهي مخصصة للمستوطنات الواقعة على مسافة بين 4 و7 كلم من السياج. لكن اللافت في هذه الخطة هي أنّ المدة الزمنية للذين أُخلوا بموجبها تنتهي في 2 تشرين الثاني.
وفي سياق الاستعدادات الاحترازية لزيادة عدد السكّان الذين سيخلون من منازلهم، أفيد في الكيان الصهيوني أنّ سلطة الطوارئ القومية (راحل)، وبلدية إيلات، تسعيان لإنشاء مدينة خيم في منطقة إيلات الصناعية التي تبلغ مساحتها نحو 150 دونماً، وتحديداً في مناطق: مزرعة الإبل، مدرسة سديه، هكرولينوتس، وشحوروت. وبحسب التقارير، يمكن لهذا “المخيّم” أن يستوعب نحو 100 ألف شخص، إذا لزم الأمر.
فشل واعتراضات
المُعلّقون الصهاينة رغم إقرارهم بتنفيّذ أكبر عملية إخلاء في تاريخ الكيان الصهيوني، ولم تشهد مثلها حتى اليوم، إلا أنّهم وصفوا عملية إخلاء السكان، تحديداً في الشمال، بأنّها “قصة فشل كبير”، التي رافقها الكثير من الفوضى والصعوبات اللوجيستية. وأضاف مُعلّقون أنّ كلّ المناورات التي حصلت طوال السنوات الماضية في الجبهة الداخلية حول الإخلاء، انهارت، ولم ينجحوا (في الجهات المعنية) في فهم إلى أين يخلون السكّان حين اضطروا لذلك.
وانتقد مُعلّقون وقوع الحوادث والمشاكل في عملية الإخلاء في الشمال، على الرغم من أنّ الشمال لا يعيش حرباً ناشطة فعلياً. وأضاف مُعلّقون أنّ كلّ هذا لا يدار بشكل جيّد، بل بمستوى بطيء جداً، ومربك كثيراً للجمهور ،وفيما لفت مُعلّقون إلى أنّه يوجد جدال حول من يتحمّل المسؤولية، انتقد بعض سكّان الشمال، ومن بينهم رؤساء سلطات محلية (كرئيس مجلس الجليل الأعلى، غيورا زلتس)، الذي قال إنّهم في الجيش يخشون تحمّل المسؤولية (في الإخلاء)، ودعا الجيش لأن يتصرّف وفقاً للمخاطر، وليس وفق قيود ميزانية الدولة. وانتقد زلتس حصر الإخلاء في الشمال بمسافة 2 كلم، وتساءل إن كان ما بعد الـ 2 كلم، يوجد خطر أم لا؟.
أمّا في الجنوب، فقد أشارت تقارير عبرية إلى أنّ رؤساء السلطات المحلية غاضبون من الوضع، ويتساءلون “أين هي الحكومة؟” ، ونقل مُعلّقون شهادات لسكّان يشتكون من أنّهم لا يمتلكون مكاناً محصناً، وأنّهم لا يستطيعون أن يخلوا لأنّه لا يوجد غرف في الفندق.
نقطة إضافية عن الفشل في الإخلاء، تحدّثت عنها تقارير عبرية، هي نقل أشخاص تمّ إخلاؤهم من فندق إلى آخر خلال أيام، بسبب “ظاهرة الوسطاء البشعة والمُقزّزة”، بحسب مُعلّقين، والذين يحصلون على عمولة عند إخلاء أيّ شخص، بعد أن حصلوا على مناقصات ليكونوا الوسيط بين السلطات المحليّة والفنادق
المصدر: اعلام العدو