تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 18-9-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
عبد اللهيان: مبادرة لتطبيع علاقات سورية وتركيا بتعهد الانسحاب بضمانات روسية إيرانية
وفد أنصار الله في الرياض بدعوة سعودية رسمية… وتقدّم في المفاوضات على الملفات الخلافية
اللجنة الخماسية تستمع اليوم لتقرير لودريان وتمهّد لرعاية فرنسية سعودية لمبادرة بري
كتب المحرّر السياسيّ
كشف وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان عن مبادرة إيرانية لتطبيع العلاقات السورية التركية، بعد سلسلة زيارات واتصالات إيرانية مع سورية وتركيا وروسيا، وقال نأمل أن نتوصل خلال اللقاء الرباعي المقبل الروسي الإيراني التركي السوري الى التفاهم، على تعهد تركي على الانسحاب من سورية بضمانات إيرانية روسية، يقابله التزام سوري بضمان أمن الحدود التركية عبر الأراضي السورية. ويعتبر الكشف عن هذه المبادرة مؤشراً لتقدم فرص العودة الى مسار التسوية بين سورية وتركيا التي تعطلت بسبب رفض تركيا الشرط السوري لعقد قمة رئاسية تجمع الرئيس السوري بشار الأسد بالرئيس التركي رجب أردوغان، والمتمثل بالانسحاب التركي من سورية.
بالتوازي سجل حدوث تقدّم هام على مسار التفاوض السعودي اليمني، مع تسجيل أول دعوة رسمية سعودية لوفد من أنصار الله لزيارة السعودية، وقالت مصادر يمنية إن تقدماً بارزاً سجّل في مسار التفاوض حول الملفات الخلافية، خصوصاً ملف دفع رواتب الموظفين وملف الأسرى، إضافة لفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
لبنانياً ينتظر أن يستمع أطراف اللجنة الخماسية في نيويورك خلال الساعات المقبلة، إلى تقرير المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان عن زيارته الأخيرة إلى بيروت. وقالت مصادر متابعة للملف الرئاسي إن التفاهم الذي شهدته باريس بين فرنسا والسعودية وترجمة لقاء نواب الطائفة السنية بالسفارة السعودية في بيروت مع لودريان بحضور السفير السعودي ومفتي الجمهورية، سوف يشكل محور مداولات اللجنة الخماسية، لجهة دعم مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
على الصعيد السياسي، سجل موقف لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خاطب عبره حلفاء الغرب وخصوم حزب الله الذين انتقدوا حواره مع الحزب ووصفوه بالمقايضة غير المبدئية، فقال لهم“اذا الغرب بدّو يفرض عليكم رئيس بخلاف الدستور، خدوا منه على القليلة التزام علني برفع الحصار عن لبنان والأهم بآلية واضحة ومسبقة لإعادة النازحين الى بلدهم”. وأضاف “متل ما نحنا عم نطالب مسبقاً باللامركزية والصندوق مقابل مرشّحهم… وهون تعوا نتعهّد علناً انّه في حال تعذّر علينا، بسبب ضيق الوقت، إقرار قانوني اللامركزية الموسّعة والصندوق الائتماني قبل الانتخابات الرئاسية، منلتزم بإقرارهم كأولوية بالعهد الجديد. هالقانونين حماية حقيقية لوحدة لبنان وتحقيق فعلي للتنمية والازدهار”.
ينتظر المعنيون في لبنان ما سيؤول إليه اجتماع اللجنة الخماسية غداً على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تسبق عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص جان ايف لودريان الى بيروت. ويشارك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في افتتاح الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة والنشاطات التي تقام على هامشها. وسيحضر ملف النزوح السوري والأرقام الخطيرة لدخول لبنان عبر المنافذ غير الشرعية، في كلمة رئيس الحكومة من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وخلال وجوده في نيويورك وعلى هامش أعمال الدورة سيلتقي ميقاتي عدداً من الرؤساء والمسؤولين الغربيين والعرب للبحث في ملف النزوح. كما سيعقد وزير الخارجية عبد الله بو حبيب اجتماعات مع نظرائه للبحث في ملف النازحين السوريين وكيفية معالجة هذا الملف الذي سيحضر في اجتماعات مجلس الوزراء بعد عودة ميقاتي من نيويورك.
وفي روما تعقد أمانة سر دولة الفاتيكان برئاسة الكاردينال بييترو بارولين اجتماعاً مع سفراء الدول الأعضاء في مجموعة الخمس، وذلك للبحث في الملف الرئاسي وإيجاد حلول عملية له مع إشارة مصادر مطلعة على موقف الفاتيكان الى ان البابا فرنسيس يؤكد على أهمية وحدة الموقف في لبنان وانتخاب رئيس بعيداً عن الكيدية، ويرفض الطروحات التي يبديها عدد من الأطراف المسيحية التي تدعو إلى الفيدرالية. هذا ويعقد البابا فرنسيس اجتماعاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مرسيليا وستكون المسألة الرئاسية في لبنان البند الأساس.
وأكد وزير الإعلام زياد المكاري ان معادلة فرنجية – أزعور انتهت والمعادلة الحالية هي سليمان فرنجية – جوزيف عون. ولفت الوزير المكاري الى أن رئيس تيار المردة مرشح ثابت بدعم حلفائه، وقائد الجيش يحتاج الى تعديل دستوري للوصول الى الرئاسة.
وشدّد النائب حسن فضل الله على أنه “لا يوجد اليوم في الأفق في لبنان إمكانية لإحداث خرق في هذا الانسداد السياسي لانتخاب الرئيس إلا بتفاهمات بين كتل وازنة وأساسية يمكن لها إن اجتمعت واتفقت على اسم رئيس أن توفر الغالبية الدستورية والأرضية اللازمة لانتخاب الرئيس، وبعد ذلك نبدأ بالحلول المفترضة للأزمة المالية والاقتصادية، ولكن هذا الانسداد لا يزال قائماً. وهناك من يسرّب من هنا معطيات، وهناك من يضع فيتوات ومن يقول لا يقبل أو يقبل بهذا الاسم أو ذاك، ولكن بالنهاية الكتل النيابية هي من تقرّر، لا الخارج ولا التهويل الإعلامي ولا التسريبات ولا التحليلات على كثرتها، والكثير منها ليست له صدقية. فالطريق الوحيد المتاح اليوم، هو ما يتفق عليه اللبنانيون”.
أشارت مصادر عين التينة لـ “البناء” الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري مصمم على الحوار وهو يبدي إصراراً امام زواره على انّ الحلّ للأزمة هو بالحوار. وتشدّد المصادر على انّ حزب الله أسوة بالرئيس بري لا يزال يدعم ترشيح فرنجية ولم ينتقل بعد الى الخيار الثاني، وتبدي المصادر انزعاجاً من تقلبات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التي لا يمكن فهمها، فبعد أن أبدى ترحيباً بالحوار، عاد ليطرح ملاحظات لا طائل منها وليست إلا فذلكات.
وتحدث رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، عن تثبيت الشراكة الوطنية، شراكة التوازن بين المكوّنات، شراكة البناء وليس المحاصصة مذكّرًا برفضه لكل الإغراءات بموضوع رئاسة الجمهورية، وقال: “يجب أن نواجه إفشال الإصلاح بفرض الإصلاح وبمواجهة شرسة للفساد، كما عملنا بموضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتدقيق الجنائي. المسلسل النضالي للاصلاح لا يقف عند حدّ ما، والتيّار حقّق أهم إنجاز بالجمهورية اللبنانية: المحاسبة ونهاية زمن اللاعقاب، وصولاً للعقاب الفعلي.»
أضاف: “إذا الغرب بدّو يفرض عليكم رئيس بخلاف الدستور، خذوا منه على القليلة التزام علني برفع الحصار عن لبنان والأهمّ بآلية واضحة ومسبقة لإعادة النازحين الى بلدهم، متل ما نحن نطالب مسبقاً باللامركزية والصندوق مقابل مرشّحهم… وهنا تعالوا نتعهّد علناً انّه في حال تعذّر علينا، بسبب ضيق الوقت، إقرار قانوني اللامركزية الموسّعة والصندوق الائتماني قبل الانتخابات الرئاسية، نلتزم بإقرارهم كأولوية في العهد الجديد. هذان القانونان يمثلان حماية حقيقية لوحدة لبنان وتحقيقاً فعلياً للتنمية والازدهار”.
وفي السياق اشار باسيل الى رؤية التيار 2030.
الى ذلك، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، أن “قبرص بدأت تستشعر خطر النزوح إلى أوروبا، ولا حلّ لعدم وصوله إلّا بالعودة إلى المناطق الآمنة”.
وأضاف حجار “التنسيق والتعاون بين السياسة والأمن ضرورة لضبط الحدود وتطبيق القوانين من قبل وزارات العمل والداخلية والعدل بشكل أساسي”.
وعلى خط عين الحلوة، سمع مساء أمس إطلاق نار في الشارع الفوقاني لمخيم عين الحلوة في منطقة الطيرة – الصفصاف، وهو إطلاق النار الأول الذي شكل خرقاً محدوداً لمفاعيل التزام فريقي النزاع حركة فتح والإسلاميين قرار وقف إطلاق النار المعلن بمسعى من رئيس مجلس النواب نبيه بري، منذ السادسة من مساء يوم الخميس الفائت، والذي لا يزال صامداً. وكان عقد اجتماع بين مسؤولين من حركة فتح وعصبة الانصار بحث في آلية تنفيذ الاتفاق بعد وقف إطلاق النار.
وفي المعلومات أن التحصينات والدشم لا تزل قائمة حتى الآن، كما لم يتم إخلاء المدارس من المسلحين.
وآكد المجتمعون ضرورة تسريع تنفيذ الاتفاق لتحصين وقف النار.
وأكدت مصادر عسكرية لـ “البناء” أن ما يحدث خطير جداً ويثير الشكوك وسط إدارتها الى تعهد من القوى الإسلامية لتسليم المطلوبين الى السلطة اللبنانية، آملة أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ”.
الى ذلك اقام الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعي وصحيفة “البناء”، حفل تخريج “دورة الاستشهاديّة سناء محيدلي للإعداد الإعلاميّ”، في قاعة الشهيد خالد علوان، بحضور رئيس الحزب الأمين أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى الأمين سمير رفعت، نائب رئيس الحزب الأمين وائل الحسنيّة، رئيسي الحزب السابقين الأمينين حنّا الناشف وفارس سعد وعدد من العمد وأعضاء المجلس الأعلى والمسؤولين. كما حضر رئيس تحرير “البناء” ناصر قنديل، والمحاضرون والمدرِّبون في الدورة.
وعرض رئيس تحرير “البناء” النائب السابق ناصر قنديل في كلمة له مُجريات الدورة وبرنامجها، لافتاً إلى أنّ “هذه الدورة التي تحمل اسم الشهيدة سناء محيدلي، وحدها تقول نحن لا ننتصر في معارك الميدان فقط، ففعلُ شهادة سناء في الميدان عمرُه عقود، لكنّ فعلَ شهادة سناء لا زال مستمرّاً في الأمّة والمجتمع ولن ينتهي. وهذه الدورة علامةٌ من علامات هذا الاستمرار”.
وألقى رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين سمير رفعت كلمة فأوضح “أنّ الهدف الأساس من إقامة دورة إعلاميّة تحمل اسم الاستشهاديّة سناء محيدلي، هو أن نُعيد الاعتبار لأساسيّات العمل الإعلاميّ وقواعده. فالعمل الإعلاميّ، يقتضي أن يكون حاملاً قضيّة، وليس هناك أسمى من القضيّة التي بها آمنت سناء واستُشهدت في سبيلها سناء. فتحيّة لسناء محيدلي وتحيّة لكوكبة الشهداء والاستشهاديين الذين افتدوا القضيّة بدمائهم الزكيّة”.
وأشار إلى أنّ “الإعلام بالنسبة لنا، هو رسالة والرسالة التي نحمل، هي تحصينُ مجتمعنا، وبذلُ كلّ ما نستطيع في سبيل وحدته وخيره وفلاحه، هي رسالة الإنسان الجديد المُشبَع بقيم الحقّ والخير والجمال، والذي يفيض عزّاً وكرامةً وإقداماً في الدفاع عن أرضه وشعبه وقضيّته”، لافتاً إلى أنّ “مئاتٍ بل آلافَ الوسائل الإعلاميّة في عالمنا العربيّ، تُمارسُ التضليل وتبثُّ سموم الفتنة والتحريض والانحلال والتفتيت والتشظية والتدمير. هذه وظيفتها، وهذا دورها وهذا دأبها، والمشغِّل واحد، هو عدوّ بلادنا وعدوّ المجتمعات العربيّة”.
وأكّد أنّ “إعلامَنا هو إعلام الدفاع عن وحدة لبنان، والتصدّي لكلّ مشاريع التقسيم والتفتيت والفدرَلة، والتشديد على تطبيق الدستور بكلّ مندرجاته الإصلاحيّة وفي مقدّمها القانون الانتخابيّ خارج القيْد الطائفيّ وعلى أساس لبنان دائرة واحدة. إعلامنا هو إعلام القيَم والتحرُّر من قيود التقاليد والموروثات البالية، لكنّه قطعاً ليس إعلاماً يُروِّج للانحلال المجتمعيّ”.
كما شدّد على أنّ “إعلامنا ليس حياديّاً على الإطلاق، بل إعلامٌ حرٌّ مقاومٌ، والمقاومة بالنسبة لنا هي البوصلة وهي العزّ والكرامة، وهي السبيل لتحرير ما تبقّى محتلاً من أرضنا. لذلك نؤكّد أنّنا متمسّكون بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، وأنّ طعنَ المقاومة في الظهر خيانةٌ لا تُغتفَر”، معلناً أنّنا “مع مشروع الدولة القويّة القادرة وضدّ مشاريع الطوائف والمذاهب وديوكها”.
وتطرّق إلى أحداث مخيّم عين الحلوة الأخيرة وقال “راقبوا جيّداً أحداث مخيّم عين الحلوة. في هذه الأحداث عناصر مُدانة بالإرهاب، وترويع أبناء المخيّم، أحدَثت حالة نزوح من داخله وبعض الجهات سارعت إلى إقامة خيمٍ لهم خارج المخيّم تزامناً مع حركة نزوح سوريين إلى لبنان، تؤكّد تقاريرُ أمنيّة أنّ بينهم إرهابيين، فهل بدأ الشُغلُ على إغراق لبنان بالإرهابيين تحت مُسمّى النزوح وتفجير الوضع برمّته؟! إنّها أسئلة مشروعة، خصوصاً في ظلّ المعلومات عن قيام جمعيّات عديدة بتقديم مُغرَيات لتشجيع حركة النزوح من الشام إلى لبنان”.
اللواء:
الخماسية غداً بلا اتفاق على الرئيس.. والقطري على الخط بقوة
برّي لـ«اللواء»: جلسات متتالية مثل انتخاب البابا.. وباسيل لرئيس يتعهد باللامركزية والصندوق
غداً، من المفترض ان يناقش وزراء خارجية «المجموعة الخماسية» التقرير الذي سيضعه على الطاولة الموفد الرئاسي جان- ايف لودريان، مع بدء الدورة الحالية لجمعية العامة للامم المتحدة، والتي تستمر حتى نهاية الشهر في نيويورك.
ويترتب على قرار الخماسية مصير الجولة الرابعة التي تحدث عنها لودريان لدى مغادرته يوم الجمعة الماضي بيروت، فضلا عن موعد الدعوة الى طاولة حوارية التي لم يسقطها الرئيس نبيه بري من حساباته، ولا اجندته التي تعتمد على التنسيق او عدم التعارض مع التوجه الخماسي بشأن معالجة الازمة في لبنان.
وبالتوازي، تزايد الكلام على وصول موفد قطري الى بيروت، في اطار السعي لاقناع الجهات المعترضة على وصول قائد الجيش العماد جوزاف عون الى الرئاسة الاولى، وذلك في الايام المقبلة، خلال ما تبقَّى من الشهر الحالي.
ويرجح ان يكون الموفد محمد الخليفي الذي سبق وزار بيروت والتقى رؤساء كتل نيابية.
والسؤال البديهي هل اسقط النائب جبران باسيل مع بدء ولايته الرابعة الاطار الذي تصوره رئيس المجلس، عندما جدّد القول بالخروج من الحوار التقليدي، على طريقة الطاولة والرئيس، والالتفات الى حوار لا رئيس فيه ولا مرؤس، خارج طاولة مستديرة، ويمكن ان يأخذ شكل تباحث ثنائي او ثلاثي، معتبرا ان لا بأس من اقرار اللامركزية والصندوق الائتماني كأولوية للعهد الجديد، وليس من الضروري قبل انتخاب الرئيس او التزامن معه.
وهذا الموقف، لم يرقَ لمصادر عن التينة، التي رأت فيه تفخيخاً وتعقيداً، ولا امكان للأخذ به.
وقال الرئيس نبيه بري لـ «اللواء» انه يقصد بـ «جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس، على طريقة انتخاب بابا روما، في اوضح من هيك».
وكشف انه سيدعو الى الحوار في اوائل تشرين، اذا لم تحدث اي مفاجأة، ما زال الوقت امامنا، وسمعت بأن القطريين سيأتون الى لبنان بطرح ما».
واكد بري: أنا سأدير الحوار، وسيكون معي نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، معربا عن ثقته من احتمال الوصول الى حل»، مشيراً «انا حريص على مشاركة الجميع فالمرحلة حساسة، ولا بد من مشاركة الجميع ليكون الحوار منتجاً ومثمراً، فلننتظر مواقف القوى النهائية لنبني على الشيء مقتضاه».
وبإنتظار الرحلة الرابعة للموفد الفرنسي لودريان الى بيروت المرتقبة اواخر هذا الشهر، تتجه الانظار الى ترقب وصول موفد قطري، والى حوارات نيويورك التي يجريها الرئيس نجيب ميقاتي ووزراء مجموعة الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني، بما قد يمهّد للحوار اللبناني الداخلي الضروري للتوافق على اسم مرشح او اكثر لرئاسة الجمهورية، سواء من الاسماء الروحة او من الاسماء المخفية في الظل وفي حقائب الدبلوماسيين العرب والاجانب.
وتترقب مصادر نيابية متابعة لحركة الاستحقاق الرئاسي الموقف الاميركي الفعلي لا الاعلامي، وتقول لـ «اللواء»: ان القرار الاخير سيكون للإدارة الاميركية في حل ازمة الشغور الرئاسي، وربما كان مبنياً على مسار ومصير تطور العلاقات الإيرانية– الاميركية ومفاوضات الملف النووي، لأن الادارة الاميركية يمكن ان تضغط على الدول الاربع في الخماسية لطرح الحل الذي ترتأيه للأزمة اللبنانية وربما يكون في جعبتها اسم المرشح الذي تريد، إلّا في حال أصر العرب على ان يكون في لبنان عربيا، بموافقة ومباركة اميركية واوروبية وبخاصة فرنسية. ويبدو ان هذا الامر هو سبب تأخير الحل!
وترى المصادر النيابية، ان ما يراه العرب ويريدونه في لبنان مختلف الى حدّ كبير عمّا تراه وتريده الادارة الاميركية، فمصالح العرب مشتركة ومن ضمنها مصلحة لبنان، ومصالح اميركا معروفة في المنطقة. فهل يفرض العرب قرار اهم ام يلتحقوا بالقرار الاميركي في نهاية المطاف، ام ينقسموا بين بين؟
الرهان ما زال قائما برأي المصادر النيابية على ما يمكن ان تقنع به السعودية وقطر ومصر الدول الغربية بالحل القائم على توازانات دقيقة، وعلى وصول التقارب السعودي –الايراني الى حلول نهائية سعيد لمصلحة المنطقة قبل مصالح الغرب.
حوارات نيويورك
على صعيد الحركة الرسمية، غادر وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب بيروت صباح امس متوجها الى نيويورك ليلتحق بالوفد اللبناني الرسمي برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، للمشاركة في إفتتاح الدورة الـ ٧٨ للجمعية العامة للأمم المتحدة والنشاطات التي تقام على هامشها.
وخلال وجودهما في نيويورك وعلى هامش اعمال الدورة ستكون للرئيس ميقاتي وللوزير بوحبيب سلسلة لقاءات واتصالات لبحث قضايا لبنانية واقليمية، لا سيما مع وزراء خارجية دول مجموعة الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني.
وفي الحركة الدبلوماسية، اكد سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري خلال استقباله امس الاول رئيس تجمع «كلنا لبيروت» الوزير السابق محمد شقير على رأس وفد، «وقوف المملكة الى جانب لبنان وسعيها الدائم من أجل إستقرار الأوضاع في هذا البلد الشقيق، متمنياً توافق القوى السياسية اللبنانية لإنجاز إنتخاب رئيس للجمهورية وبدء مسيرة التعافي والنهوض».
وتحدثت معلومات، أن اجتماعاً مخصّصاً بجزء كبير منه للقضيّة اللّبنانيّة تعقده أمانة سرّ دولة الفاتيكان برئاسة الكاردينال بييترو بارولين هذا الأسبوع، بمشاركة سفراء دول الأعضاء في اللّجنة الخماسيّة لبحث خارطة طريق عمليّة إنقاذّية. وان أنّ السّفير البابوي لدى الأمم المتّحدة المونسنيور غابرييل كاتشيا يتولّى مهمّة دقيقة للدّفع باتّجاه إبقاء لبنان أولويّة في مجلس الأمن الدولي.
قبرص وقنبلة النازحين
في مجال آخر، أعلنت سلطات قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي أنّها طلبت من الإتحاد مراجعة وضع سوريا، إن كانت ما زالت غير آمنة ولا يمكن إعادة طالبي اللجوء إليها. وقال وزير الداخلية كونستانتينوس يوانو: أنه سيحاول إقناع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بإنهاء وضع سوريا كدولة غير آمنة لا يمكن إعادة اللاجئين إليها.
وفي رسالة إلى نائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريتيس سخيناس، قال يوانو: إنه أثار أيضًا الحاجة الملحة لمساعدة لبنان الذي لجأ إليه نحو 2,5 مليون سوري. وأشار إلى ان «المعلومات المتوافرة لدينا من السلطات في لبنان، هي أن هناك زيادة في عدد السوريين الذين ينتقلون إلى لبنان، ولبنان حاجز. إذا انهار لبنان، فستواجه أوروبا بأكملها مشكلة.
وفي الأشهر الأخيرة، شهدت قبرص تدفق أعداد من طالبي اللجوء، معظمهم سوريون، يصلون عن طريق البحر من سوريا ولبنان.
«تجديد» التيار
سياسياً، وتحت عنوان «تجديد الثقة»، أقيم في الربوة حفل إطلاق الولاية الجديدة لرئيس التيار الوطني الحر ونواب الرئيس، بحضور مؤسس التيار الرئيس العماد ميشال عون، وتضمّن الحفل كلمات لرئيس التيار النائب جبران باسيل ونائب رئيس التيار للشؤون السياسية مارتين نجم كتيلي ونائب رئيس التيار للشؤون الادارية غسان خوري ونائب رئيس التيار للشؤون الوطنية ربيع عوّاد ونائب رئيس التيار للشؤون الخارجية د.ناجي حايك ونائبي الرئيس السابقين منصور فاضل الذي تم نعيينه مستشارا لشؤون التواصل الميداني والشبابي ومي خريش مسؤولة عن ملفات وطنية منها ملف الجنوب، كما تم تعيين المحامي وديع عقل مستشارا لشؤون الاصلاح.
والقى باسيل كلمة اكد فيها «تثبيت الشراكة الوطنية، شراكة التوازن بين المكوّنات، شراكة البناء وليس المحاصصة. مذكّراً برفضه لكل الاغراءات بموضوع رئاسة الجمهورية».
وقال: يجب ان نواجه افشال الاصلاح بفرض الاصلاح وبمواجهة شرسة للفساد، كما عملنا بموضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتدقيق الجنائي. المسلسل النضالي للاصلاح لا يقف عند حدّ ما، والتيّار حقّق اهم انجاز بالجمهورية اللبنانية: المحاسبة ونهاية زمن اللاعقاب، وصولاً للعقاب الفعلي.
وفي الملف الرئاسي قال باسيل: لا فريق الممانعة يستطيع ان يفرض رئيسا للجمهورية لا يمثلّنا او يمثّل وجداننا وناسنا، وفي الوقت نفسه فريق المعارضة لا يقدر فرض على فريق الممانعة رئيسا يتحداه، من هنا يأتي منطق الحوار والتفاهم اذا اردنا الخروج من الفراغ والانهيار. الأولويّات الرئاسية هي خارطة انقاذ. فلنتحاور ونلتزم بما نتّفق عليه لنصل لانتخاب رئيس اصلاحي بمواصفات اصلاحية على اساس البرنامج الاصلاحي المتّفق عليه. رئيس بتجربته وسلوكه يملك مشروعا لتحديث الدولة، ويحمل رؤية وطنية. رئيس يعي اللامركزية على حقيقتها كحاجة انمائية وعدالة تنمويّة كجزء من الحل، حيث ان الحل المتكامل يعني دولة مركزية قوية بنظام لامركزي اداري ومالي، ويعي الصندوق الائتماني على حقيقته كطريق للخروج من الانهيار وبأنّ ممتلكات الدولة ليست للبيع بل للحفاظ عليها.
ودعا باسيل «للالتزام علانيةً، لا سيما رئيس المجلس النيابي، بأن يعقد المجلس بنهاية الحوار المحدود زماناً، جلسات انتخاب مفتوحة يكرّس فيها امّا الاتفاق على الاسم، اذا حصل، أو الالتزام بالتنافس الديمقراطي للانتخاب بين المرشّحين ونقبل النتيجة حسب نصّ الدستور. وأكمل قائلا: اذا الغرب يريد ان يفرض عليكم رئيسا بخلاف الدستور، أقله خذوا منه التزاما علنيا برفع الحصار عن لبنان والأهم بآلية واضحة ومسبقة لإعادة النازحين الى بلدهم.
هدوء عين الحلوة ينتظر تسليم القتلة
وفي ما خصّ الوضع في عين الحلوة، فوقف النار صمد واللاجئون الذين نزحوا بدأوا بالعودة، لكن الحذر بقي سيد الموقف، بانتظار ان يتم تسليم الاشخاص الذين اغتالوا ابو اشرف العرموشي، لتعزيز الاستقرار، وإلا فالوضع مرشح للانهيار مجددا.
وفي ما خص مهمة القوة الامنية المشتركة، فهي الانتشار في أماكن قيد الاتفاق حولها.
وفي ما خص النزوح السوري، اعلنت قيادة الجيش في بيان ان «وحدة من الجيش اللبناني تؤازرها دورية من مديرية المخابرات، دهمتا في تواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي، عددًا من مخيمات النازحين السوريين في منطقة البقاع وأوقفت 43 سوريًّا، لدخولهم خلسة إلى لبنان وتجولهم من دون أوراق ثبوتية. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».
الاخبار
موت التعليم الرسمي
إفلاس صناديق المدارس أيضاً يهدّد إطلاق العام الدراسي
على قاعدة «تعدّدت الأسباب والموت واحد»، كل المؤشرات تدل إلى صعوبات كبيرة أمام انطلاق العام الدراسي في المدارس الرسمية هذا العام. فحتى لو رضخ الأساتذة لضغوط الروابط ووزير التربية الذي يتلهّى بقرارات همايونية بفرض عقوبات عليهم، تفتقد صناديق المدارس الى الأموال اللازمة لتغطية المصاريف التشغيلية كالكهرباء والانترنت والقرطاسية ومازوت التدفئة في المدارس الجبلية. في دراسة للباحث التربوي عدنان الأمين حول السياسات الحكومية والخسائر التربوية (أنظر مقالة نعمة نعمة)، يلفت إلى أن وزارة التربية تتغنّى بالمشاريع الكبرى المموّلة من الجهات المانحة والخطط الخمسية، فيما النتائج كارثية: سنوات تعليم متعثّرة، شهادات رسمية متدنية المستوى، تسرّب مدرسي متفاقم، غياب التفتيش التربوي والتدقيق المالي وتراجع للمستوى الاجتماعي للمعلمين… هل هناك أكثر من ذلك قبل إعلان «موت التعليم الرسمي»؟
لا ضمانة لانطلاقة العام الدراسي الحالي من الناحية التشغيلية. لو عاد الأساتذة غداً إلى دوامهم، وتعهّدوا بأنّ العام الدراسي سيمرّ من دون يوم إضراب واحد، لن تكون المدارس الرسمية قادرة على فتح أبوابها للتعليم، إذ لا أموال لتغطية المصاريف التشغيلية في صناديق المدارس التي تغذّيها أموال تسجيل التلامذة. وفيما لا يمكن للمدرسة أن تعمل قبل تأمين هذه المبالغ، لا يمكن تأمين الأموال قبل فتح المدارس. هذه الدوّامة التي دخلتها الثانويات الرسمية لا إمكانية للخروج منها في المدى المنظور، خصوصاً أن المصاريف التشغيلية تضخّمت بشكل لا يمكن لرسوم تسجيل التلامذة أن تواكبه. ومع غياب أي دعم رسمي أو من الجهات المانحة، تقف إدارات الثانويات حائرةً على مشارف 25 أيلول، اليوم الأول لفتح المدارس وإطلاق الأعمال التحضيرية والتسجيل فيها.
تدفع المدارس الرسمية تكاليفها التشغيلية من صندوق مالي مستقل خاص بكل منها أنشئ بموجب المادة 49 من قانون «تنظيم التعليم الرسمي»، «يُنفق منه في الحالات التي تستدعيها مصلحة الثانوية ومصلحة التلاميذ». وتُموّل هذه الصناديق من المساهمات المالية للتلاميذ، و«من الواردات الأخرى المختلفة». وبعد تعديل وزير التربية عباس الحلبي رسم التسجيل في التعليم الثانوي، ارتفع المبلغ الذي يدفعه الأهالي بنسبة تقارب 688%، وأصبح 6 ملايين ليرة بعد أن كان 870 ألفاً.
لكن، رغم الزيادات «الصناديق فارغة تماماً بعد أن استهلكت كلّ موجوداتها العام الماضي من دون وصول أي شكل من الدعم»، بحسب رئيس لجنة مالية في إحدى الثانويات. فـ«مع انهيار قيمة العملة الوطنية، باتت الأموال من دون قيمة، فيما الموازنة التشغيلية في تضخم مستمر». فعلى سبيل المثال، لم تكن كلفة تعبئة خزان المازوت لستة أشهر قبل الأزمة تتجاوز ثلاثة ملايين ليرة، فيما تتخطى الآن 180 مليوناً، أي أكثر مما تجمع أي ثانوية من أموال التسجيل في عام واحد.
كذلك، تحتاج المدارس الرسمية إلى مصاريف تشغيلية أساسية لا يمكنها أن تعمل قبل تأمينها. هذه الأموال لا تلفت نظر غالبية المتابعين لأحوال التعليم، فلا يأتون على ذكرها إلا لماماً، لكنها أساسية ويستحيل الاستمرار من دون تأمينها. التيار الكهربائي الرسمي غائب، وعبء تأمين الطاقة يقع على المولّدات الخاصة فيها أو الاشتراكات. والدعم من وزارة التربية بالقرطاسية غير موجود، حتى الصيانة الأساسية تقع تكاليفها على صناديق المدارس. إلى ذلك، هناك مصاريف التدفئة في المناطق الباردة، وصولاً إلى أجور عمّال المكننة والنظافة والخدمة في المبنى، كما أن عقود بعض الأساتذة المتعاقدين هي على «حساب صندوق الأهل».
كلفة المازوت لستة أشهر أكثر مما تجمع أيّ ثانوية من أموال التسجيل في عام واحد
وسط انعدام القدرة المالية للإدارات على تشغيل المدرسة الرسمية لجأ بعض المديرين إلى الاستدانة بشكل شخصي لتأمين الخدمات الأساسية كالكهرباء والإنترنت والماء. ولكن، «لا إمكانية للاستمرار على هذا المنوال»، بحسب مدير ثانوية، فـ«الديون تراكمت على المديرين شخصياً وصرنا نقفل هواتفنا هرباً من الدائنين، أو ندفع من مدّخراتنا إن وجدت». في المقابل، وعشية انطلاق العام الدراسي، لا تزيد المبالغ الموجودة في معظم صناديق الثانويات على بضعة ملايين، «لا تكفي حتى لشراء الوقود لتشغيل المولّدات أو دفع اشتراكات الكهرباء في الأحياء». ولم يعد أمام الثانويات سوى «التسوّل من البلديات والمتموّلين في المناطق، وهذا ما طلبته منّا دوائر وزارة التربية»، وفقاً لمدير ثانوية في منطقة الجنوب. غير أنّ غالبية طلبات التمويل بقيت من دون استجابة، إذ إن البلديات مفلسة أساساً، والمتمولين إمّا يدعمون بشروطهم، أو غير موجودين من الأساس في بعض المناطق. هذه الأمور وغيرها دفعت الإدارات للتقشف، من تشغيل المولّد لساعة أو ساعتين صباحاً لطباعة الإفادات وتسيير بعض الأعمال، إلى استخدام الأوراق المستعملة للكتابة عليها.
الوزارة تبذخ من الصناديق
تعاميم وزارة التربية وكرمها في توزيع العطايا والأموال، كل ذلك لا يرحم الصناديق أيضاً. عدد كبير من الثانويات دفع تكاليف التشغيل خلال الامتحانات الرسمية من مازوت وأجراء، ولم تقم وزارة التربية حتى اللحظة برد هذه الأموال. كما يقع على عاتق الصناديق، إضافةً إلى الأعباء التشغيلية، تأمين أجور العاملين التي تطلب الوزارة مضاعفتها بمفعول رجعي ابتداءً من أيار الماضي بعد إقرار المساعدة الاجتماعية لموظفي القطاع العام، ودفعها بالدولار على سعر منصة صيرفة، إضافة الى تغطية اشتراكات الضمان للأجراء، والتي أصبحت أكبر من قدرة الصندوق على تغطيتها. وعلى أرض الواقع، تحوّلت طلبات الوزارة إلى «مكسورات» لا تُدفع. وتسأل مديرة ثانوية في منطقة الضاحية عن سبب «عدم تحمّل وزارة التربية لأجور موظفي المكننة الذين يقومون بالأعمال الإدارية التي تربط المدارس بالوزارة مركزياً، من إدخال ساعات المعلّمين، إلى العلامات، وصولاً إلى إصدار الإفادات الرسمية».
في المقابل، تتعامل المصارف مع صناديق المدارس الرسمية على أساس أنّها أشخاص لا مؤسسات. فتضع سقفاً على السحب لا يتجاوز خمسة ملايين ليرة شهرياً، وتصادر بعض ودائع المدارس الرسمية، إضافة إلى مشكلة برزت أخيراً حول مكان الاحتفاظ بأموال الصناديق بعد الإعراض عن المصارف، إذ لا حلول أمام المديرين سوى المخاطرة والاحتفاظ بالأموال في بيوتهم أو في خزنات داخل المدارس، وكلاهما يجعلانها عرضة للسرقة.
السلطة تفضّل الـ TVA بدلاً من «ضريبة الثروة»
عند كلّ مفترق طرق، تعود «عقلية المحاسب» لتظهر عند أزلام السلطة ساعيةً لتحقيق إيرادات سريعة. ففي مشروع موازنة 2024 كان التوجّه الأول نحو رفع معدلات الـ TVA من 11% إلى 12%. نتيجة هذه الزيادة في عام 2010، أي قبل انفجار الأزمة بنحو عشر سنوات، وردت في دراسة أعدّها الأستاذان في الجامعة الأميركية جاد شعبان ونسرين سلطي في عام 2010 عما سينتجه رفع ضريبة الـTVA إلى 12%، إذ تبيّن أن الإنفاق الاستهلاكي للأسر الفقيرة سينخفض بنسبة 8%، وستتضاعف نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى من 3% إلى 6%، وترتفع نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الأعلى من 28% إلى 31%. أما اليوم، فإن زيادة كهذه تُطرح بعدما سجّل الفقر «مستويات تاريخية» على حدّ تعبير صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير عن لبنان، وبعدما بات 37% من المقيمين في لبنان يعانون من صعوبات حادّة في تأمين الغذاء اليومي الأساسي، و54% يصنّفون هشّين وبحاجة إلى مساعدة، كما ورد في تقرير برنامج الغذاء العالمي.
تمثّل إيرادات ضريبة القيمة المضافة (TVA) بمعدل 11% (المعدل المعمول فيه الآن) نحو 32% من الإيرادات الضريبية للخزينة، وهي ضريبة غير مباشرة تُعدّ من الضرائب الأقل عدالة كونها تصيب المستهلكين الأكثر فقراً وحاجة، وهي بذلك تختلف عن الضرائب المباشرة التي يمكن فرضها مثل الضريبة على الثروة والفوائد. طرح كهذا، مطلوب من صندوق النقد الدولي الذي يقترح زيادة الضريبة إلى 15%، وهو طرح جاهز دائماً كونه يوفّر إيرادات سريعة يسهل على الخزينة تحصيلها مباشرة على كل شحنة سلع تدخل إلى لبنان وعلى كل خدمة يحصل عليها المستهلك. أُلغي الطرح هذه المرّة، لكنه سيكون تهديداً سنوياً في كل موازنة.
سلطي التي أعدّت مع زميلها جاد شعبان دراسة عن تأثير زيادة الـTVA إلى 12%، تقول لـ«الأخبار» إن الأثر بعد الأزمة وما خلّفته من مآسٍ، سيكون «مضاعفاً، إذ ستنفق الشرائح الأدنى قدرة، نسبة أعلى من مداخيلها لتغطية ما يصيبها من الزيادة»، وحذّرت من «الأذية التي ستسببها أيّ زيادة في الضرائب غير المباشرة، لأن تركيز الثروة في يد فئة محدّدة من اللبنانيين أصبح أكثر حدّة، والأزمة الاقتصادية فاقمت من المشكلة».
إلى جانب طروحات كهذه، لا يظهر أي أثر لمشاريع تعديل متصلة بالنظام الضريبي القائم في لبنان والذي وصفه المدير العام لوزارة المالية السابق آلان بيفاني بأنه «بالٍ ومجزّأ، يقوم فيه المكلّفون الذين لديهم مصادر دخل متعدّدة بتأدية ضرائب بنسبة منخفضة، إذ يشكّل مجموع الضرائب المفروضة على مختلف أنواع الدخل ما نسبته 2.7% من الناتج المحلي، وهي نسبة ضئيلة للغاية». ففي ظل نظام كهذا يحبّذ الضرائب غير المباشرة، ويعفي الأكثر ثراء كلما ازدادت ثروته، تفاقمت اللامساواة وازداد تركّز الدخل في يد فئة قليلة من المجتمع. على سبيل المثال، تشير قاعدة عدم المساواة العالمية إلى أن نسبة 10% الأعلى دخلاً من اللبنانيين حصلوا على 54% من الدخل القومي، وحصلت نسبة 40% المتوسطة الدخل على 34%، بينما حصل النصف الأكثر فقراً من السكان على 12% فقط. بهذا المعنى، فإن ضريبة القيمة المضافة تعمّق الهوة أكثر بين الأغنياء والفقراء، إذ إنها «تشمل كل الاستهلاك من دون تمييز، وهي تراجعية لا تصاعدية، ويدفعها الفقير أكثر من الغني، وتصبّ في نهاية المطاف في مصلحة الأخير»، بحسب الباحث أديب نعمة.
يعيد نعمة شرح الفكرة من الضريبة على القيمة المضافة، بـ«أنّها أتت مع تحرير التجارة، والتوجه نحو العولمة مطلع الألفية الحالية، وإلغاء الرسوم الجمركية بشكل نهائي، أو تخفيفها إلى الحدود الدنيا، بالتالي تستبدل الدولة رسم الجمارك على البضائع بضريبة على الاستهلاك». ولكن، بقيت الرسوم الجمركية موجودة، بل على العكس ارتفعت قيمتها، وقام التجار بإضافتها إلى فاتورة البيع بالمفرق للناس بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة، ما رفع من الأسعار أكثر. ووصف نعمة النظام الضريبي في لبنان بـ«العكسي» لأنه «يعيد سحب الثروة من الفقراء ويركّزها بيد الأغنياء». ويستنتج بأن «النظام مستمر في سياسة إفقار ممنهجة للمواطن». ففي مقابل كلّ هذه الضرائب المسحوبة من الفقراء، لا تقدّم الدولة أيّ خدمات حقيقية للمواطنين، لا على مستوى الاستشفاء أو التعليم أو البنية التحتية من طرقات وماء وكهرباء. وتضع هذه المسؤوليات كلّها لدى القطاع الخاص وشركاته الكبيرة التي ترى في لبنان جنة ضرائبية، إذ لا تزيد نسبة الضريبة المباشرة على أرباحها عن 17%، و«هذا معدل منخفض نسبياً وفقاً للمعايير الدولية والتاريخية، ما يعكس الآفاق الاقتصادية الليبرالية التي مثّلت الخيار السياسي في مرحلة ما بعد الحرب».
32% من اللبنانيين يعانون من صعوبات حادّة في تأمين الغذاء اليومي الأساسي
السلطة في لبنان تفضّل زيادة ضريبة القيمة المضافة بدلاً من استحداث ضرائب مباشرة تصيب الأكثر ثراء. يقول وزير مال سابق لـ«الأخبار» بأن ضريبة القيمة المضافة ليست عادلة، وأنه اقترح سابقاً إقرار الضريبة على الثروة التي «يفترض تطبيقها في الظروف الحالية، ولا سيّما مع التركّز الكبير في الثروة والذي زادت من حدّته الأزمة المالية». لكنّ أركان السلطة رفضوا هذا الطرح واعتبروه كأنه لم يكن مع أن تحصيل هذه الضريبة مع الانهيار والإفلاس المصرفي ممكن ومتاح في ظل «إمكانية استخدام تقارير التدقيق الجنائي للاطّلاع على أرقام الثروات». كما يمكن الاعتماد على ما يُعرف بـ«العوامل الخارجية». فعلى سبيل المثال «معرفة من هم أصحاب الشقق السكنية في الوسط التجاري، والشاليهات في المناطق السياحية هي أحد مؤشّرات الثروة»، كما يمكن للمراقبين في وزارة المالية القيام بزيارات تفقدية لمنازل أصحاب الثروات ومعاينة ممتلكاتهم من منازل وسيارات وعقارات، ولا سيّما من يعتمد منهم على المصارف في الخارج لإخفاء حساباته.
الضرائب المباشرة أكثر عدالة
«الإصلاح الضريبي ليس سهلاً، ولكنّه ممكن»، تقول أستاذة الاقتصاد في الجامعة الأميركية نسرين سلطي. تستدلّ على فرص الإصلاح بالإشارة إلى «الجهد الكبير المبذول لإقامة البنية التحتية اللازمة لإدارة الضريبة على القيمة المضافة، لكن «لم يُبذل جهد مماثل على تحصيل الضرائب الأخرى». ولفتت إلى «أنّ الضرائب المباشرة أكثر عدالة دائماً، إلا أنّها تتطلّب بنية تحتية ضريبية أفضل، لأن جمع هذا النوع من الضرائب أصعب»، إنما ليست هناك «رغبة في فرض ضرائب مباشرة، ولا سيّما أنّ القاعدة التي تستهدفها أضيق، ما يجعل من السهل مقاومتها ومعارضتها». علماً أن إحدى الطرق السريعة لجمع الإيرادات تكمن في «فرض غرامات كبيرة وضرائب متأخّرة على المؤسّسات التي استفادت من الأملاك البحرية، وغرامات أكبر على مخالفات قوانين البناء». المطلوب «خطوات غير شعبية ولكنّها فعّالة»، مثل فرض ضريبة على التبغ بهدف تقليص الإنفاق على الرعاية الصحية، أو زيادة الضرائب على المشروبات الكحولية والمشروبات المحلّاة بالسكر، ورفع معدلات الضرائب على المنازل الثانية والممتلكات الشاغرة والمعاملات العقارية، كما يمكن زيادة الضرائب على السيارات ذات المحرّكات القوية، بالإضافة إلى السلع الفاخرة.
«الأخبار» تنشر نص وثيقة دبلوماسية من سفارة عربية في بيروت
ابراهيم الأمين
علاقة العرب بفكرة المؤامرة ملتبسة إلى حدّ تمرير مؤامرات كبيرة لا يقتنع أحد بها، حتى ولو كشفت تفاصيلها بعد زمن. أما العارفون بتفاصيلها، فغالباً ما لا يجيدون التعامل معها، كون عناصرها غالباً ما تكون سرية، أو مغلّفة بعناصر أخرى. وإذا كان هناك، بين العرب واللبنانيين، من ليس مقتنعاً بالتآمر المستمر على القضية الفلسطينية، فهذه على الأغلب مشكلة لا علاج لها.
قبل عشرة أعوام على الأقل، بدأ مسلسل تراجع تمويل منظمة «الأونروا» المسؤولة عن غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم، وفُرضت بدائل عن طريق منظمات يموّلها الغرب ويديرها. وسرعان ما ارتفعت نسبة الراغبين أو الساعين إلى الهجرة إلى بلاد العالم!
في تلك الفترة، عُقدت اجتماعات بإدارة الولايات المتحدة، حضرها لبنان عبر موفدين لرئاسة الحكومة باعتباره البلد المضيف لأكبر عدد من اللاجئين. وفي اجتماع شهير في عمّان، قبل نحو تسع سنوات (بالمناسبة، شاركت فيه السفيرة الأميركية الحالية في بيروت دوروثي شيا)، تبلّغ اللبنانيون من مسؤول أميركي بأن عليهم التفكير بواقعية والتوقف عن ترداد معزوفة القرار 194. وحتى لا تكثر الأسئلة، بادر المسؤول الأميركي نفسه بالقول: «لم يعد في لبنان أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني، بعضهم يريد السفر إلى الغرب، وقسم صغير يدرس إمكانية الانتقال إلى قطاع غزة، وعلى لبنان استيعاب من يتبقّى منهم ودمجهم سكنياً – بإخراجهم من المخيم الى داخل المدن – واجتماعيا واقتصادياً – من خلال إلغاء الحظر المفروض على ممارستهم لمهن وأعمال معينة -، ومنحهم إقامات دائمة في انتظار اللحظة المناسبة لتجنيسهم.
حدثت أمور كثيرة خلال هذه الفترة، لكن هذا الهدف لم يتحقق. وعاكست نتائج الحرب على سوريا المشروع الرامي إلى إنهاء ملف اللجوء الفلسطيني في دول الطوق. وتطوّر واقع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، وحقّق الفلسطينيون إنجازات تتيح لهم فعلياً العودة إلى بلادهم. إلا أن هذا كله تحوّل إلى سبب إضافي عند الأميركيين للتسريع في خطوات، هدفها الفعلي إزالة المخيمات الفلسطينية في لبنان من الوجود.
وثيقة رسمية عربية: المشروع الأميركي
عندما زار رئيس المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج لبنان في النصف الثاني من تموز، نفى كثيرون أي علاقة للزيارة بأي تطورات سلبية في لبنان. وعندما اندلعت الاشتباكات في عين الحلوة، نهاية تموز، بذريعة عملية اغتيال (غالباً ما تحصل عمليات كهذه مجهولة المنفّذ وتتسبب بمعارك مفتوحة)، خرج من يؤكد أنه لا يوجد أي تنسيق بين الولايات المتحدة والقوى الحليفة لها في لبنان وفلسطين والمنطقة لإشعال المخيمات تمهيداً لتدميرها وإزالتها.
أما من تحدثوا عن المشروع الأميركي، فقد اتُّهموا (ونحن منهم) بأنهم شركاء في شيطنة حركة «فتح»، وبتحميل سلطة رام الله أكثر مما تحتمل. غير أن سفارة دولة عربية بارزة في بيروت، لا تربطها أي علاقة بـ«الأخبار»، كانت تراقب وتجمع المعطيات، وأعدّت تقريراً إلى حكومتها، عرضت فيه التطورات السياسية والأمنية التي شهدها الشهران الماضيان. وكانت خلاصة الوثيقة أن ما يجري هو جزء من مشروع أميركي ونقطة على السطر!
في ما يلي، تنشر «الأخبار» نصاً (غير كامل لضرورات مهنية) لوثيقة مصنّفة «سرّيةً للغاية» أعدّتها هذه السفارة، وجاء فيها:
«منذ وقت غير قصير، هناك تحضيرات أميركية مُبكّرة لتصفية مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان باعتباره عنواناً أساسياً من عناوين اللجوء الفلسطيني في الشتات. وقد بُوشر هذا التوجه من قبل قادة وضباط عسكريين أوفدتهم واشنطن في السنوات الأخيرة». وتضيف الوثيقة «أن الاشتباكات المُتكررة في مخيم عين الحلوة بين حركة فتح وجماعات ذات طبيعة عقائدية مُتشددة ليست بعيدة عن تحركات قامت بها وفود عسكرية أميركية، وبسرية تامة، إلى المنطقة المُطلة على المخيم، حيث سُجلت زيارات ميدانية مُتكررة للوفود الأميركية التابعة للقيادة العسكرية الوسطى، بلغت ثلاث زيارات على الأقل عام 2018، أبرزها لقائد القيادة الوسطى آنذاك الجنرال جوزيف فوتيل».
ونسبت الوثيقة إلى «مصادر أمنية لبنانية، أن الجنرال فوتيل طلب خلال زيارة دورية لقيادة الجيش اللبناني ترتيب جولة استطلاعية له إلى محيط مخيم عين الحلوة على أن يرافقه فيها ضباط لبنانيون مُلمّون بهذا الملف. وقد استغرب قائد الجيش العماد جوزيف عون هذا الطلب، باعتبار أن بإمكان قائد المنطقة الوسطى الذي تمتد سلطته العسكرية بين أفغانستان ولبنان أن يوفد بدلاً منه فريقاً من ضباطه لهذه الغاية، فضلاً عن أن المخيم لا يُمثل في نظره رقماً صعباً في الحسابات العسكرية الإستراتيجية. وبالفعل، تم للجنرال الأميركي ما أراد، حيث عاين المخيم من تلة سيروب المطلّة على المخيم. وتبيّن أن فوتيل يحمل معه خرائط مفصّلة للمخيم ومحيطه، وقد وجّه أسئلة مُحددة إلى فريق مخابرات الجيش الذي رافقه تناولت النقاط الآتية:
أولاً: واقع المخيم جغرافياً وبشرياً.
ثانياً: هوية المجموعات المسلحة المُنتشرة في داخله وأعدادها وأماكن تمركزها، وتوقف بالتحديد بالسؤال عن جماعة «أنصار الله» بقيادة جمال سليمان ومجموعات إسلامية أخرى.
ثالثاً: عدد النازحين الفلسطينيين الذين وفدوا من سوريا إلى مخيم عين الحلوة.
رابعاً: طبيعة التدابير التي يتخذها الجيش اللبناني حول المخيم.
خامساً: تطورات خطة بناء جدار إسمنتي حول المخيم».
وجاء في الوثيقة أيضاً: «متابعة لهذه الزيارة، تلاحقت الاجتماعات بين الجانبين الأميركي واللبناني، وقام فريق تقني من القيادة المركزية الأميركية بزيارة قيادة الجيش اللبناني في أيلول 2018 والتقى قائد الجيش ومدير المُخابرات ومسؤول الملف الفلسطيني في الجيش. وتناولت مهمة الفريق جوانب تنفيذية، لعل أهمها استكمال بناء الجدار الذي يفصل المخيم عن محيطه، وتم بحث ضم «بساتين الطيار» الواقعة داخل المخيم إلى الجدار، وكانت هذه بمثابة معسكر تدريب لعصبة الأنصار التي تُعتبر فصيلاً بارزاً من بين المجموعات الإسلامية في المخيم. وسبق أن اتُّهمت العصبة بالوقوف وراء عمليات اغتيال من أبرزها قتل القضاة الأربعة على قوس المحكمة في صيدا. لكن علاقة العصبة مع الجيش اتخذت منحى إيجابياً في السنوات اللاحقة، وخاصة لجهة المساعدة في ضبط سلوك مجموعات أقل حجماً».
مسؤول اميركي في لقاء مع مسؤولين لبنانيين في عمان: قسم من ابناء المخيمات يسافر وتوطين من يتبقون في لبنان
وتابعت الوثيقة: «إن بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جاء في الأساس بناءً على اقتراح أميركي، على الرغم من أن الجيش تعلّل في حينها بالحاجة إلى اتخاذ تدابير أمنية في ضوء الخُروقات التي تقوم بها عناصر مُسلحة من داخل المخيم باتجاه المُحيط. ولم تَحُل الاعتراضات على هذه الخطوة دون إتمام بنائه. ولاحظت أن عدداً من الإرهابيين الذين غادروا المخيم في أوقات سابقة للمُشاركة في القتال في سوريا، عادوا إلى عين الحلوة مُجدداً في توقيت لافت، الأمر الذي ساهم في إذكاء التوتر داخل المخيم وأثار مخاوف من أن يكون ذلك مقدّمة لتفجير المخيم من الداخل على طريق تفكيكه وإنهاء حق العودة، ما دفع مصادر أمنية لبنانية إلى السؤال عما إذا كانت هناك دولة خليجية مُعينة لها علاقة بمجموعات «إسلامية» وبالولايات المتحدة في آن واحد قد دفعت باتجاه عودة هؤلاء المسلحين بما يؤدي إلى وصم المخيم بأنه معقل للإرهاب». وحسب الوثيقة «ترافق هذا المُخطط مع تقديم تسهيلات لأعداد من الشباب الفلسطيني في عين الحلوة للسفر إلى دول أوروبية، ولا سيما الدول الأسكندنافية. وتولّت هذه العملية شركات سفر لبنانية».
وفي خلاصة التقرير تذكر الوثيقة أن «مصادر دبلوماسية رسمت أهدافاً عدة لجولات وزيارات الضباط الأميركيين، منها:
1 – فصل المخيم عن جواره بجدار يمكّن من عزل الأحداث التي تجري أو ستجري في داخله عن المحيط.
2 – تعقيد مهمة الخروج والدخول على «المجموعات الإرهابية». وادّعى الأميركيون خلال مباحثاتهم المُتتالية مع الجانب اللبناني أن لديهم معطيات عن وجود حوالي 500 إرهابي مسلح داخل المخيم، من بينهم سعوديون وفلسطينيون وسوريون ولبنانيون.
3 – الهدف الأساسي الذي لم يفصح عنه الأميركيون للجانب اللبناني يتعلق بعملية مواكبة صفقة القرن وفرض واقع يؤدي إلى إنهاك الفلسطينيين وفرض توطين قسم منهم في لبنان وتهجير قسم آخر إلى دول يمكن أن تستقبلهم».
وأبرز ما تنتهي إليه الوثيقة هو أنها تنقل «عن مصادر أمنية استشرافها بحدوث توترات واشتباكات من وقت إلى آخر في مخيم عين الحلوة، بتوجيه من أجهزة أمنية عربية وأميركية، بهدف تأزيم الموقف إلى أقصى حد مُمكن وتهجير سكان المخيم، توطئةً لتوطين قسم منهم في المجتمع اللبناني، ودفع القسم الآخر للسفر إلى دول أجنبية تقدم تسهيلات خاصة بالتنسيق مع إسرائيل».
فوتيل: الجدار والقوات الخاصة في لبنان
بعد سلسلة زيارات قام بها إلى لبنان ودول المنطقة، عقد قائد المنطقة العسكرية الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل لقاء صحافياً نظّمته وزارة الخارجية مع مراسلين لصحف عربية نهاية كانون الثاني 2018. ورداً على سؤال لمراسلة «دايلي ستار» فيكتوريا يان عن دور القوات الخاصة الأميركية في لبنان، قال: «أقوم بزيارات متكررة إلى لبنان.
لن أدخل في الكثير من التفاصيل حول العمليات المحددة التي ندعمها، ولكن يتمثل دورنا في بناء قدرات القوات المسلحة اللبنانية ومساعدتها في مكافحتها للإرهاب في لبنان ومنع تأثيرها على المنطقة».
في نيسان من العام نفسه، أفاق أبناء مدينة صيدا على إجراءات استثنائية اتخذها الجيش اللبناني، قبل أن تحطّ على أرض ملعب المدينة الرياضية طوافة عسكرية تُقل وفداً عسكرياً أميركياً مع مسؤول في السفارة الأميركية في بيروت، وتؤازرها طوافة عسكرية أخرى. وانتقل الوفد وسط حراسة مشددة إلى ثكنة محمد زغيب في حارة صيدا، وبعد اجتماع مع ضباط من مخابرات الجيش، انتقل الجميع إلى منطقة سيروب المُطلة على مخيم عين الحلوة، وسط انتشار أمني على طول الطريق المؤدي إلى المنطقة. وتبيّن لاحقاً أن فوتيل كان في عداد الوفد الأميركي، علماً أن نائبه الجنرال شارل براون قام في أيلول 2017 بالجولة نفسها برفقة مسؤولين في السفارة الأميركية في بيروت. وقد اطّلع الوفد على مراحل العمل في إقامة الجدار الأمني الذي تقرّر أن يرتفع إلى أكثر من 6 أمتار، على أن يُزود بأبراج يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار، تلفّ غرب المخيم وجنوبه باتجاه الشرق نحو درب السّيم وحتى منطقة الأيتام. وطلب الأميركيون من الجيش اللبناني الاجتماع بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وإبلاغها أن الهدف من الجدار هو حماية المخيم، وأن لا يطلق عليه اسم جدار، بل «سور حماية» بهدف «الحفاظ على سلامة المخيم».
تقدّم سريع في المفاوضات: السعودية تهمّش حلفاءها اليمنيين
صنعاء | منذ أيام، تُجرى مفاوضات بين وفد صنعاء والجانب السعودي في الرياض، من دون مشاركة أي طرف موالٍ لدول “التحالف”. فـ«المجلس الرئاسي» وحكومة معين عبد الملك والأحزاب والتكتلات التي أعلنت تأييدها للحرب والحصار على اليمن، قبل تسع سنوات، تبدو بلا دور في المفاوضات التي تقول مصادر سياسية مطلعة، لـ«الأخبار»، إنها حققت تقدماً كبيراً، وحسمت عدداً من الملفات؛ أبرزها الملف الإنساني، فيما طاول النقاش الملفات الأخرى، السياسية والاقتصادية والعسكرية. ووفق المصادر، فإن المفاوضات التي تجرى بوساطة عُمانية في الرياض شبه نهائية، ولن يتجاوز دور الموالين لـ”التحالف” التوقيع وحضور المراسم.
فحتى الآن، لا تعلم حكومة عبد الملك تفاصيل ما يدور من نقاشات أو حتى خطوطها العريضة، فيما تقول مصادر مقرّبة من تلك الحكومة إن الرياض تجاهلت طلباً من وزير خارجيتها، أحمد بن مبارك، لإطلاعه على ما يجري، ما أثار موجة سخط عارمة في أوساط الموالين لـ”التحالف” الذين اتهموا حكومة عدن و«المجلس الرئاسي» بالعدمية والفشل في إدارة الوضع سياسياً واقتصادياً.
وكان «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، قد لوّح بإفشال جهود السلام في اليمن، داعياً إلى تقديم ضمانات بانفصال الجنوب، معلناً في بيان أنه «يجدد تأكيد حرصه على تحقيق عملية سياسية شاملة ومستدامة تؤسّس لحوار غير مشروط لضمان معالجة جميع القضايا، وفي طليعة ذلك الإقرار بقضية شعب الجنوب». إلا أن الرياض قابلت تلك المطالب بالتجاهل، ورفضت عرضاً تقدم به رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، يتضمن ضمه إلى المفاوضات، وهو ما ردّ عليه نائب رئيس «الانتقالي» السابق، هاني بن بريك، بالتعهد بالتصدي لأي محاولات لفرض أمر واقع على الجنوبيين، بينما لوح الأمين العام لـ«الانتقالي»، فضل الجعدي، بورقة الشارع لفرض مطالب المجلس، والتي سبق أن قوبلت برفض “مجلس التعاون الخليجي” الشهر الفائت.
وعلى رغم التزام الأحزاب السياسية الأخرى الصمت، إلا أنها دفعت ناشطيها إلى شن هجوم على السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمت الرياض بالتخلي عن حلفائها وتقزيم دورهم في مفاوضات السلام. واتهم رئيس تحرير صحيفة «الثوري» السابق، خالد سلمان، في منشور له على منصة «X»، الرياض باستخدام أسلوب الحملات الإعلامية كثيراً مع حلفائها في الداخل اليمني. ولمّح إلى أن الرياض ستجرّد حلفاءها من أي مكاسب سياسية، وستجبرهم على التوقيع على الاتفاقات مقابل البقاء على قيد الحياة في مستقبل اليمن السياسي الذي رُسم مسبقاً في مفاوضات طويلة ومعقدة أُجريت بين الرياض وصنعاء.
وأشار إلى أن «السعودية تسعى بشكل جدّي إلى سلام طويل الأمد مع صنعاء بأسلوبها الخاص بعيداً عن الضغط الأميركي، لإفقاد واشنطن أيّ أوراق ضغط عليها قد تُستخدم ضدها مستقبلاً في صراع القوة الدولي، وخصوصاً أن هناك رغبة جامحة لدى الرياض في الخروج من العباءة الأميركية».
مفاوضات الرياض شبه نهائية، ولن يتجاوز دور الموالين لـ«التحالف» فيها التوقيع وحضور المراسم
وعلى رغم تراجع الثقة بين صنعاء والرياض خلال الأشهر الماضية جراء نكوص الأخيرة عن تنفيذ التفاهمات التي جرى التوصل إليها أواخر شهر رمضان الفائت، إلا أن سقف التوقعات باقتراب الحل النهائي لأزمة اليمن ارتفع أخيراً.
ويرجع ذلك إلى أن المفاوضات تجرى بين أطراف الحرب بشكل مباشر من دون تدخّلات، ولا سيما بعد التقارير التي تحدّثت عن لقاء جمع وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، بوفد صنعاء المفاوض في سلطنة عُمان خلال زيارته لها الأسبوع المنصرم.
ونُقل عن مصدرين، أحدهما يمني موالٍ لحكومة الطرف عدن، وآخر المستشار في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، القول إن ولي العهد الذي توجّه مباشرة من الهند حيث شارك في “قمة العشرين إلى السلطنة، استدعى اللجنة الخاصة بالملف اليمني” بقيادة شقيقه خالد الذي يشغل منصب وزير الدفاع، إلى مسقط للمشاركة في الاجتماع.
وأشار اليامي إلى أن ثلاث نقاط خلافية نوقشت خلال لقاء ابن سلمان مع وفد صنعاء؛ أبرزها الموازنة العامة للدولة، والتنقل بين المحافظات، ورفع الحصار عن الموانئ، مبدياً ارتياح بلاده لنتائج اللقاء.
ولفتت المصادر إلى تقديم ابن سلمان ضمانات لصنعاء حول نقاط الخلاف كافة، بما فيها الموقف الأميركي المعارض للسلام.
المصدر: صحف