تستمر تداعيات التعديلات القانونية التي تسير بها حكومة بنيامين نتنياهو وحلفائه، وسط هجوم شرس تشنه المعارضة الصهيونية عليه الى حد وصفه بجلاد الكيان، والذي يسير بالكيان نحو الهاوية، واصفين ما حصل في الكنيست خلال التصويت على قانون الغاء “حجة المعقولية” بالبياسكو (الفشل الذريع).
اقتصاديا وبعد التأثير المباشر الذي ظهر في البورصة وفي انخفاض سعر الشيكل، حذرت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني مساء الثلاثاء من “عواقب سلبية” و”مخاطر كبيرة” على الاقتصاد الصهيوني والوضع الأمني في أعقاب إقرار القانون الأول لـ “الإصلاح القضائي” المثير للجدل.
وكانت موديز قد خفضت سابقا التوقعات الائتمانية للكيان من “إيجابية” إلى “مستقرة”، مشيرة إلى تدهور الحكم في الكيان والاضطراب الناتج عن محاولة الحكومة “إجراء إصلاح جذري للقضاء”.
وكتبت “موديز” في تقريرها في وقت متأخر من يوم الثلاثاء “على وجه التحديد، نعتقد أن الطبيعة الواسعة النطاق لمقترحات الحكومة يمكن أن تضعف استقلال القضاء وتعطل الضوابط والتوازنات الفعالة بين مختلف فروع الحكومة، وهي جوانب مهمة للمؤسسات القوية. لا يوجد لإسرائيل دستور مكتوب ويعتمد هيكلها المؤسسي إلى حد كبير على الرقابة والمراجعة القضائية”.
وحذرت وكالة “موديز” من أن الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الفائقة الصهيونية تراجعت ماديًا، حيث جمع القطاع 3.7 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام، وهو أدنى رقم منذ عام 2019.
وردًا على تقرير “موديز”، أصدرت الحكومة بيانًا رفضت فيه التقرير، وجاء في البيان المشترك لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن “الاقتصاد الإسرائيلي يقوم على أسس قوية وسيستمر في النمو في ظل قيادة متمرسة تقوم بسن سياسة اقتصادية مسؤولة”.
وكان بنك الاستثمار الأمريكي “مورجان ستانلي” قد خفض يوم الثلاثاء الائتمان السيادي للكيان الصهيوني إلى “مكانة سلبية”، مشيرا إلى “زيادة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية في الأشهر المقبلة”.
المستوى الامني والعسكري
في مقابل المواقف الصاخبة والعلنية للمستوى السياسي، امتنع المسؤولون الصهاينة من المستوى العسكري – الأمني عن إطلاق مواقف علنية من الخلاف السياسي وتأثيره على الجيش، وحرصوا – حتى الساعة – على الادلاء بمواقفهم داخل الغرف المغلقة، حتى وإن تسرب مضمونها.
مقابلة خاصة لموقع المنار مع الباحث في الشأن الصهيوني أيمن الرفاتي حول تأثير قرار الكنيست على الجيش
وفي هذا السياق، نقلت تقارير عبرية عن رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش هرتسي هليفي، قوله خلال لقاء جمعه مع نتنياهو، إن الحديث عن جنود الجيش الصهيوني، يضرّ بكفاءة الجيش وتماسكه، ودعا للتوقف عن التحدث علنا ضد الجيش، وعناصره النظاميين والاحتياطيين، لأن من شأن هذه التصريحات الإضرار بكفاءة الجيش.
ووفقا للتقارير، قال هليفي لنتنياهو “حتى الآن لا يمكننا تقدير عدد الضباط الذين سيوقفون فعليا خدمتهم في الاحتياط، سواء في الأسراب الجوية أو في شعبة الاستخبارات، أو في المنظومات الأخرى.. وإذا تحققت التهديدات، حينها الكفاءة العملية للجيش يمكن أن تتضرر.
وفي السياق ذاته، شن عدد كبير من المسؤولين السابقين في الكيان المؤقت، لا سيما من المستوى العسكري – الأمني، هجوما قاسيا ضد الحكومة ورئيسها، بعد إقرار قانون تقليص حجة المعقولية، فانتقد رئيس الشاباك الأسبق، عامي أيالون، إقرار القانون. وقال إن “الكنيست لم يعد جزءا من النقاش العام في إسرائيل، الذي انتقل إلى الجماهير في الشارع، إلى المحكمة العليا، وإلى مؤسسة الرئاسة، وهم من سيحددون إلى أين تمضي إسرائيل”.
بدوره، رأى رئيس الموساد الأسبق تامير باردو إن “من صوّت (لصالح القانون)، مزّق هذا الشعب إلى أشلاء، وسيعلم أن هذا ما سيكون”. وأضاف باردو “أنا ببساطة لا أصدّق إلى أين وصلت دولة إسرائيل. أعتقد أن الديمقراطية رحلت”.
رئيس أسبق آخر للموساد، اللواء احتياط داني ياتوم حمل غالانت مسؤولية ما جرى، وقال ” كان عليه أن يستقيل”.
وفي تأثير مباشر، لم يصل جنود الاحتياط في بحرية العدو ووحدات النخبة الأخرى إلى أماكن خدمتهم في فحص المرشحين والتدريب يوم الثلاثاء ونفذ ضباط آخرون المهام بدلًا من ذلك.
وقال جنود احتياط لقناة كان، أنهم يتعاملون بشكل أساسي مع فحص المرشحين للخدمة العسكرية والتدريب الذين لم يصلوا صباح اليوم لأماكن خدمتهم العسكرية بعد تمرير قانون إلغاء سبب المعقولية في الكنيست، ونظرًا لعدم وجود أحد ليحل محلهم، قام جنود في الخدمة الفعلية بذلك، وغاصوا في البحر واضطروا إلى التخلي عن مهامهم الأساسية، وقد استدعى قائد وحدة “شيطتت” جنود الوحدة لإجراء محادثة يوم الأحد.
وفي المراسلات بين الجنود، كتبوا “الاحتياط والجيش قيمة عليا بالنسبة لنا، نحن نتعامل بالفعل مع نقص في القوى العاملة، هذه ليست مجموعة كبيرة تقوم بخدمة الاحتياط، من سيحل محلها؟ معظمنا يتراوح عمره بين 50 و40 عاما”. كما رفض جنود في الوحدات العملياتية ووحدات أخرى الالتحاق بوحداتهم في خدمة الاحتياط بعد إقرار “قانون المعقولية”.
علماء الطاقة الذرية
يبدو ان ما لم يكن يتوقعه اسوأ المحللين الصهاينة قد حصل، وهو ان تصل الازمة الى أكثر الاماكن حساسية في الكيان الصهيوني، حيث هدد العديد من كبار العلماء في لجنة الطاقة الذرية الصهيونية بالاستقالة احتجاجا على “الإصلاح القضائي”، الذي تدفع به الحكومة، حسبما ذكر تقرير يوم الثلاثاء، بعد يوم من إقرار الحكومة أول تشريع في خطتها لتقليص السلطة القضائية.
وذكرت القناة 13 أن العلماء هم من بين عشرات الخبراء “المسؤولين عن تطوير القدرة النووية الإسرائيلية”، في إشارة إلى التقارير الأجنبية حول ترسانة الأسلحة النووية للكيان الصهيوني.
وقال التقرير، إن العلماء ناقشوا استقالاتهم المحتملة في الأسابيع الأخيرة، لكن لم يكن هناك تحرك احتجاجي جماعي، وأن كل عالم سيتخذ قراره بشكل فردي.
وأفادت القناة 13 أن العلماء ما زالوا يناقشون المسألة مع بعضهم البعض ومع أسلافهم، بالإضافة إلى “رؤساء المجتمع العلمي العسكري”، لكنهم لم يناقشوا الموضوع مع رؤسائهم.
وتُعد منشأة ديمونا للأبحاث النووية في جنوب فلسطين المحتلة، والتي يطلق عليها رسميا مركز شمعون بيرس للأبحاث النووية في صحراء النقب، موطنا لبرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي، وفقا لتقارير أجنبية.
وجاء التهديد من العلماء وسط مخاوف من أن تبدأ الاستقالات الاحتجاجية في الجيش في المس بأمن الكيان الإسرائيلي. وقال أكثر من 10 آلاف من جنود الاحتياط إنهم لن يواصلوا التطوع للخدمة الاحتياطية احتجاجا على الإصلاح القضائي.
مقابلة خاصة لموقع المنار مع الباحث في الشأن الصهيوني أيمن الرفاتي: الجيش الصهيوني لم يعد يحقق أهداف بن غوريون
في الخلاصة، فان قسما لا يستهان به من الجمهور الصهيوني لا يرى بالحكومة الحالية حكومة شرعية. واعتبر الكثير من المسؤولين السابقين في كيان الاحتلال وعلى رأسهم رئيس الوزراء الصهيوني السابق ايهود أولمرت ان ما يجري في الكيان على خلفية تصويت الائتلاف في الكنيست الإثنين على قانون “إلغاء بند المعقولية” على أنه “حرب أهلية” على ما يترتب على ذلك من عصيان.
وقال الباحث في معهد الأمن القومي الصهيوني البروفسور محمد وتد، خلال مقابلة مع قناة i24NEWS، إنه “يتوقع حدوث انقلاب عسكري على الحكومة بعد قرار الكنيست حول تقليص بند المعقولية”، وذلك في حال حدوث صدام بين “السلطة القضائية والتشريعية” إن رفضت المحكمة العليا قرار الكنيست الذي يقيد عملها.
المصدر: قناة المنار