“.. الرجل الحاضر في الشدائد في الأيام الصعبة، مثلا في حرب تموز حرب الـ33 يوما 2006، هو جاء من طهران الى دمشق واتصل بنا، وقال انا أريد أن آتي اليكم الى الضاحية الجنوبية، فنحن قلنا له كيف أصلا لا يمكن، الجسور تم ضربها الطرقات مقطعة، الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف كل الأهداف والوضع وضع حرب بالكامل، أصلا لا يمكن الوصول الى الضاحية والى بيروت، ولكن هو كان مصرا جدا، وقال ان لم ترسلوا السيارات لتأتي بي، انا سآتي وأصر ووصل وبقي معنا كامل الوقت..”، هذا ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني في حديث عن بعض ما حصل خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006.
فالحاج قاسم ومن خلفه إيران، كان شريكا للمقاومة ولبنان بالانتصار على العدو الإسرائيلي في حرب تموز، وكما لعب دوره الفعّال في دعم المقاومة بشكل عام في لبنان وفلسطين وبقية دول محور المقاومة، لعب هذا الدور بشكل خاص خلال عدوان تموز 2006، فالرجل بما يمثل في إيران، معروف عنه انه يقف بجانب الاصدقاء ولا يتركهم لا سيما في الاوقات الصعبة، وهذا ما فعله على سبيل المثال مع العراق خلال العدوان التكفيري واحتلال عصابات تنظيم “داعش” الارهابي بعض مناطقه لا سيما في إقليم كردستان، حيث أقفلت الأبواب بوجه أهل المنطقة ولم يستجب لنداءات الاستغاثة سوى الحاج قاسم والقيادة في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ولا شك ان إيران وقادتها دفعوا ويدفعون يوميا ثمن هذا الدعم اللامحدود للمقاومة بكل فصائلها، وخير دليل على ذلك ان الشهيد سليماني اغتيل على أرض العراق لانه وقف وإيران بوجه مشروع التمدد الاميركي الصهيوني التكفيري في المنطقة، وعطّل اكثر من مرة هذا المشروع، وكانت حرب تموز 2006 أحد فصوله الإجرامية بهدف تنفيذ ما كان يسمى وقتها مشروع “الشرق الاوسط الجديد”.
ومن هنا تأتي أهمية انتصار المقاومة في تلك الحرب العدوانية التي اصطف فيها كثير ممن اصطفوا بنفس الحرب الكونية التي شُنت لاحقا على سوريا والعراق، فالحرب واحدة وإن تعددت الساحات والمعارك، هذه الحرب فيها رأس مدبر واحد وأيادٍ متشابكة متشابهة وإن اختلفت الصور والاشكال والمظاهر الخارجية والأسماء، وهي تستهدف بشكل أساسي لبّ وجوهر الصراع القائم اليوم بين الحق والباطل أي فلسطين وقضيتها ومقدساتها، فهي تعمل لاستهداف هذه القضية لانها حرب تشن لحماية أمن وديمومة واستقرار كيان العدو الاسرائيلي.
وهنا لا بد من الاشارة لما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته في الذكرى السنوية الـ17 لحرب تموز 2006، حيث أوضح ان “حرب تموز كانت إحدى الوسائل الأساسية لتحقيق مشروع الشرق الاوسط الجديد”. وتابع “الشرق الاوسط الجديد لنعود ونتذكر ليعرف الاجيال التي بعد ذلك وعيت بعد الحرب أن هذا المشروع كان سيؤدي لو نجح كان يعني إعتراف كل دول المنطقة بإسرائيل ككيان ودولة وضياع فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، وضياع الجولان وما تبقى من لبنان تحت الإحتلال، وتكريس الإسرائيلي قوة عظمى في المنطقة في ظل هيمنة أميركية مطلقة.. هذا المشروع سقط وإنكسر هنا في لبنان سنة 2006 واستكمل الإجهاز عليه من قبل المقاومة الفلسطينية في فلسطين والمقاومة العراقية في العراق مما أدى إلى إنسحاب قوات الإحتلال الأميركي عام 2011 من العراق وفي ظل صمود كبير لسورية والجمهورية الإسلامية في إيران”.
فالهدف من عدوان تموز 2006 كان سحق المقاومة وإسكات كل صوت يرتفع ضد الهيمنة الاميركية الاسرائيلية في المنطقة، حيث كانت العين على ضرب المقاومة لانها شكلت عقبة امام تنفيذ المخططات الاميركية الصهيونية، وبعد فشل وسحق المؤامرات التي تحاك ضد لبنان وفلسطين، يعود الأعداء في كل مرة ويحاولون تحقيق غاياتهم – كما الشيطان الذي لا يتوقف عن تكرار المحاولات – وهم يستخدمون كل شيء للوصول الى مساعيهم، من الحرب الاقتصادية وما سبقها من حرب تكفيرية في المنطقة، مرورا بالحصار الاقتصادي وكل ما يبث في الاعلام عن حقوق الانسان وخاصة بعض الفئات وصولا للترويج للشذوذ، كل ذلك يترافق مع حرب ناعمة تستخدم فيها كل الادوات الشيقة للتأثير بعقول الأطفال والأجيال الصاعدة في سعي مستميت لتغيير الفطرة الانسانية السليمة ومحاولة خرق المجتمعات من الداخل وتفكيكها بمواجهة العقيدة الثابتة الراسخة بمقاومة الظلم والاستكبار والطغيان المتجسد بأداء الإدارات الأميركية المتعاقبة ومن خلفها الصهيونية العالمية.
المصدر: موقع المنار