أًغلق ملف “تمرد فاغنر” في روسيا. فبعد وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقاتلي فاغنر أمام ثلاث خيارات: مواصلة خدمة روسيا من خلال إبرام عقد مع وزارة الدفاع أو غيرها من وكالات إنفاذ القانون، أو العودة إلى عائلاتهم، أو المغادرة والالتحلق بزعيمهم  يفغيني بريغوجين في بيلاروسيا مع ضمان عدم الملاحقة القانونية، أعلن الأمن الفدرالي الروسي اليوم الثلاثاء إسقاط الدعاوى الجنائية عن “متمرّدي فاغنر”وطي التحقيق الجنائي الذي أثير ضدهم، في وقت سلّم هؤلاء أسلحتهم الثقيلة إلى وزارة الدفاع. من جهته، تطرق وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى تداعيات الأحداث الأخيرة، خصوصاً بعد ما تمّ تداوله عن تداعيات ما جرى على مسار الحرب في أوكرانيا وعلى وحدة الجيش ، قائلاً إن ما جرى ” لن يخلق أي صعوبات ولن يؤثر على العلاقات الروسية مع الشركاء والأصدقاء”، كاشفاً أن السفيرة الأمريكية أرسلت إشارات إلى ممثلي روسيا، بأن لا علاقة لبلادها بأحداث 24 حزيران/يوينو، مؤكدة أنه “شأن داخلي، وأنها مهتمة بسلامة الأسلحة النووية”.

في التفاصيل، جاء في بيان هيئة الأمن الفدرالي الروسي أنه “في إطار التحقيق في القضية الجنائية المثارة على خلفية التمرد المسلح، كفّ المتمردون عن ممارساتهم التي كانت ستقودهم نحو الجريمة في الـ24 حزيران/يونيو”، لافتأً إلى أن الهيئة “طوت القضية الجنائية، وكفّت البحث عن المتمردين”.

وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم أن مقاتلي مجموعة “فاغنر” يستعدون لتسليم معداتهم الثقيلة إلى وحدات الجيش الروسي. وقالت الوزارة في بيان إن الاستعدادات جارية لتسليم المعدات العسكرية الثقيلة الخاصة بشركة “فاغنر” العسكرية، إلى وحدات القوات المسلحة الروسية التي تشارك في العملية العسكرية الخاصة.

بوتين منع السيناريو الأسوأ

المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أعلن اليوم أن “حل أزمة التمرد المسلح تم بفضل جهود الرئيس الروسي فلاديمير، وإرادته في منع تطور الأحداث حسب سيناريو أسوأ”. وأعرب بيسكوف عن أمل الكرملين في أن تفي جميع أطراف الاتفاق بوعودها، وأن الرئيس بوتين “يثمن عالياً جهود نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في الوساطة”. وأشار بيسكوف إلى أن الرئيسين الروسي والبيلاروسي على تواصل مستمر وينسقان الآراء والإجراءات التي يتعين اتخاذها يومياً.

الجيش والشعب لم يكونا مع المتمردين

الرئيس الروسي، في مراسم تكريم العسكريين ورجال الأمن الذين ساهموا في إحباط التمرّد المسلح السبت الماضي،رأى  أن “الطيارين الذين لقوا حتفهم أثناء تصديهم لـ”فاغنر” أدوا واجبهم بشرف”، معلناً الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواحهم.

وأكد الرئيس الروسي أن “الجيش والشعب لم يكونا مع المتمردين”، وأن القيادة الروسية لم تضطر خلال تصديها لمحاولة التمرد لاستخدام الوحدات المشاركة في العملية العسكرية، معتبراً أن الإجراءات السريعة والفعالة من جانب قوات الأمن ضمنت عدم وقوع إصابات في صفوف المدنيين وأن “المدافعين الحقيقيين في الأوقات الصعبة وقفوا في طريق الاضطرابات التي كان لها أن تثير الفوضى”.

وتوجه بوتين بالشكر إلى جميع أفراد القوات المسلحة الروسية وأجهزة الأمن على “شجاعتهم وبسالتهم وولائهم للشعب الروسي”.

وقال بوتين مخاطبا إياهم “تصميمكم وشجاعتكم في تعزيز تماسك المجتمع كان لهما دور حاسم في إحباط التمرد ومنع وقوع إصابات بين المدنيين، تصرفتم بتنسيق ووضوح، وأثبتّم ولاءكم الحقيقي لشعب روسيا وللقسم العسكري، وأظهرتم المسؤولية حول مصير الوطن ومستقبله”.

“قتال الأشقاء” إرادة الأعداء

في وقت سابق، ألقي الرئيس الروسي كلمة تطرق فيها لتطورات ونتائج التمرد المسلح الذي شهدته البلاد.

 وشكر بوتين جميع مواطني روسيا، “على صمودكم وتضامنكم ووطنيتكم. أظهر هذا التضامن المدني أن أي ابتزاز وأي محاولة لإحداث اضطراب داخلي محكوم عليها بالفشل”.

وأكد أنه “منذ بداية الأحداث، تم اتخاذ جميع القرارات اللازمة على الفور لتحييد التهديد الذي نشأ، لحماية النظام الدستوري وحياة المواطنين وأمنهم”، مؤكداً أن “التمرد المسلح كان سيقمع في أي حال. ومنظمو التمرد، على الرغم من فقدان التعقل، كان من غير الممكن ألا يدركوا ذلك”.

ولفت بوتين إلى أن “قتال الأشقاء – هو ما أراده أعداء روسيا”، مشيرا إلى أن “كلا من النازيين الجدد في كييف، ورعاتهم الغربيين، وجميع أنواع الخونة القوميين، أرادوا أن يقتل الجنود الروس بعضهم البعض، ويقتلوا العسكريين والمدنيين، حتى تخسر روسيا في النهاية، وينقسم مجتمعنا، ويختنق في حرب أهلية دموية”.

في الوقت نفسه، قال بوتين إن “الغالبية العظمى من مقاتلي وقادة مجموعة فاغنر هم أيضا وطنيون روس، مخلصون لشعبهم ودولتهم”، موضحاً أنهم “أثبتوا ذلك بشجاعتهم في ساحة المعركة، وحرروا دونباس ونوفوروسيا، وقد جرت محاولة تضليلهم واستغلالهم ضد إخوانهم في السلاح الذين قاتلوا معهم من أجل الوطن ومستقبله”.

وذكر الرئيس الروسي أنه منذ بداية الأحداث، “وبناء على تعليماتي المباشرة، تم اتخاذ خطوات لتجنب إراقة الدماء”. لافتا إلى أن الأمر “استغرق وقتا.. لمنح أولئك الذين ارتكبوا خطأ فرصة للتفكير مرة أخرى، لفهم أن أفعالهم مرفوضة بشدة من قبل المجتمع، وما هي العواقب المأساوية والمدمرة على روسيا”.

وشكر بوتين “أولئك الجنود وقادة مجموعة فاغنر الذين اتخذوا القرار الصحيح الوحيد – ولم يسمحوا بسفك دماء الأشقاء، وتوقفوا عند الخط الأخير”.

وأعرب بوتين عن شكره لرئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، على جهوده ومساهمته في التسوية السلمية للوضع. كما أكد بوتين على أن “الروح الوطنية للمواطنين، ولحمة المجتمع الروسي بأكمله، هي التي لعبت دورا حاسما في هذه الأيام”، مشيرا إلى أن “هذا الدعم، سمح لنا بالتغلب معا على أصعب الاختبارات التي عاشها وطننا”.

لوكاشينكو يعلن حالة الاستنفار القصوى

من جهته، أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حالة الاستنفار القصوى للجيش والقوات المسلحة في البلاد، على خلفية الأحداث التي شهدتها روسيا. وقال الرئيس البيلاروسي  إن “انهيار روسيا سيعني أن الجميع سيهلكون تحت الأنقاض”. وتابع الرئيس البيلاروسي أنه “نرى اليوم بوضوح موجة جديدة من توسع الناتو، وحشدا غير مسبوق لإمكانات الدول أعضاء الحلف في المنطقة، بما في ذلك في المناطق المجاورة مباشرة لحدودنا في استعراض فج للقوة”.

وقال إن “أي اضطرابات تحدث، سيستغلها الغرب على الفور”.

وخلال اجتماعه بالقيادات العسكرية للبلاد،  تابع لوكاشينكو “لا أخفيكم قولا، كان من المؤلم مشاهدة الأحداث التي وقعت في جنوب روسيا. ليس فقط بالنسبة لي، وإنما للكثير من مواطنينا الذين تأثروا بها أيضا، لأننا أبناء وطن واحد”.

وأشار لوكاشينكو إلى رغبة المعارضة البيلاروسية في الخارج لاستغلال الأحداث الأخيرة في روسيا، قائلاً “لقد انتفض الهاربون من العدالة، وسعوا جاهدين ليثبتوا لقيميهم وجود بعض النتائج على الأقل، حتى بدأوا في نشر نداءات وخطط منتظمة، وأعربوا عن استعدادهم لتنفيذ سيناريو آخر لتمرد مسلح”.

وأشار إلى الانتقادات التي طالما وجهت إليه على إعداده المستمر للحرب خلال 30 عاما، موضحاً إن نتيجة ذلك هي أن بيلاروس اليوم “تعيش تحت سماء هادئة”. وأكد لوكاشينكو على أن الجيل الحالي “يمر باختبار قوته، ولديه مهمة إنقاذ العالم أسوة بالآباء والأجداد”.

وشدد على أن المسؤولية العليا عن مصير الوطن تقع على عاتق الجنرالات، وتابع “نحن كعسكريين، ندرك جيدا أن الحياة بسلام هي نتيجة عمل يومي شاق، وهو أمر ليس مرئيا دائما، ويتطلب جهودا هائلة، وفي بعض الأحيان مخاطرة بالحياة”.

واشنطن: لا دخل لنا…  و”سي إن إن”: الاستخبارات الأمريكية جمعت معلومات دقيقة بشأن خطط بريغوجين

وفي وقت نفت فيد الولايات المتحدة أي دور لها في ما جرى، أفادت شبكة “سي إن إن” الأميركية (CNN) بأن “الاستخبارات الأميركية تمكنت من جمع معلومات دقيقة للغاية مسبقا عن خطط بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر، بما في ذلك أين وكيف كانت المجموعة تخطط للتقدم في تحركها العسكري”.

المصدر: روسيا اليوم