كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، عن توجهات ولايته الجديدة التي ستستمر لمدة 5 أعوام، معلنا انطلاق بناء “قرن تركيا”، خلال خطاب ألقاه في المجمع الرئاسي التركي بالعاصمة أنقرة في إطار مراسم تنصيبه، عقب أدائه للقسم الدستوري في البرلمان.
وقال أردوغان “إيمانا بمبدأ (الجهد منا والتوفيق من الله) ننطلق بسم الله لبناء قرن تركيا اعتبارا من اليوم”، وأضاف “لن نخيب آمال أبناء شعبنا الذي منح ثقته لشخصي ولحزبنا ولتحالفنا وسنواصل مسيرة الإنتاج والخدمات لتركيا”، وتابع “سنحتضن جميع أبناء شعبنا بغض النظر عن آرائهم السياسية أو أصولهم أو عقائدهم أو طوائفهم”.
وأكد أردوغان أن “تركيا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة والالتحام بين جميع أفراد شعبها كالبنيان المرصوص”، وأضاف “انتهت انتخابات 28 مايو وتجلت الإرادة الوطنية في صناديق الاقتراع وبدأ قرن تركيا وفتح أبواب نهوض بلادنا”، مشيراً إلى أنه سيعلن عن “أعضاء حكومتنا الجديدة التي سنواصل معها صياغة ملامح قرن تركيا والثلاثاء سنعقد أول اجتماعاتها”.
وأردف “عقب كل انتخابات نمد يدنا للمعارضة لكنها ترفض مصافحتنا، نأمل أن تتخذ موقفا مختلفا هذه المرة”. وقال “نتطلع إلى تحلي المعارضة بحس المسؤولية فيما يتعلق بسلامة الديمقراطية التركية وأن تتصالح مع الإرادة الوطنية”، وأضاف الرئيس التركي “اليوم هو يوم الوحدة والتكاتف وترسيخ أخوتنا الممتدة منذ ألف عام، اليوم هو يوم حماية المستقبل المشرق لأبنائنا”.
وتابع اردوغان “سوف نفي بجميع الوعود التي قطعناها لشعبنا في الساحات الانتخابية مثلما فعلنا طوال السنوات الـ21 الأخيرة”، واستدرك “سنعزز ديمقراطيتنا بدستور جديد حر ومدني وشامل ونتحرر من الدستور الحالي الذي كان ثمرة لانقلاب عسكري”، ولفت إلى أنه “مصمم على تطبيق مبدأ مصطفى كمال أتاتورك (سلام في الوطن سلام في العالم) عبر تعزيز مجال نفوذ الدبلوماسية الإنسانية”.
وتعهد الرئيس التركي “بالعمل بكل ما نملك من قوة لحماية مجد الجمهورية التركية وكرامتها وزيادة سمعتها وإعلاء اسمها في العالم طوال السنوات الخمس القادمة”. وأعرب أردوغان عن شكره لجميع الناخبين الأتراك داخل البلاد وخارجها على مشاركتهم في الانتخابات. وقال إن الدعم الذي حصلوا عليه لم يقتصر على المواطنين فحسب، بل حازوا الدعاء من مئات ملايين المظلومين والمضطهدين الذي يعلقون آمالهم على تركيا.
وأضاف “أود أن أعبر عن امتناني لجميع إخوتي الذين عندما يذكر اسم تركيا تلمع عيونهم ويذرفون الدموع ويفرحون ويحزنون معنا”. وعبر عن شكره لجميع قادة الدول والحكومات الذين اتصلوا به عقب الانتخابات وقدموا له التهاني بمناسبة الفوز.
وأكد أن لن ينسى على الإطلاق أولئك الذي دعموه وملأوا الشوارع في مختلف المناطق حول العالم، لاسيما تلك التي تربطهم بها أواصر المحبة، من إفريقيا وحتى آسيا. وشدّد أردوغان على أنه لن ينسى أيضًا محاولات التدخل في الإرادة الوطنية لدى الأتراك من قبل بعض الجهات عبر أغلفة المجلات. كما تعهد بمواصلة إنتاج المشاريع والخدمات من أجل تركيا في المرحلة القادمة.
ولفت إلى أن محاولات تقويض الإرادة الوطنية باءت بالفشل، وأن الشعب التركي رفض مجددًا فرض الانتداب والوصاية عليه. وقال إن الديمقراطية التركية تعرضت لجروح بسبب الانقلابات التي تكررت كل نحو 10 سنوات منذ عام 1950، لكنها اليوم أثبتت مرة أخرى نضجها للعالم أجمع. وأوضح أن افتراءات الديكتاتورية والاستبداد من قبل أولئك الذين عجزوا حتى عن توجيه نصف ناخبيهم إلى صناديق الاقتراع، تبين أنها “كانت جوفاء تماما”.
وذكر أن الانتخابات الأخيرة لم تكتفِ بإفشال الحملات المتواصلة ضد تركيا منذ عشرات الأعوام، بل إنها أصبحت في الوقت نفسه ضمانة لمستقبل البلاد. وأكد أن الشعب التركي عبر عن موافقته على رؤية “قرن تركيا” التي تعتبر بمثابة تتويج للمئوية الثانية للجمهورية. وشدد الرئيس أردوغان على أن حكومته ستعمل لتفعيل رؤية “قرن تركيا” خطوة بخطوة خلال السنوات الخمس القادمة.
وقال إن نتائج الانتخابات الأخيرة تحمل في طياتها معاني عديدة، وإن الشعب التركي طلب المضي قدما ومواصلة العمل وتنفيذ المشاريع والخدمات. وأشار إلى أن تفعيل رؤية “قرن تركيا” لن يتحقق بمشاهدة الأحداث فحسب، بل عبر توسيع نطاق تأثير الدبلوماسية المبادِرة والإنسانية. وأوضح الرئيس أردوغان أن موقفه بات أقوى اليوم فيما يخص الدفاع عن مصالح تركيا.
وأكد أن المجتمع الدولي سيشهد أن تركيا تتخذ المزيد من المبادرات في حل الأزمات العالمية، وتسعى جاهدة أكثر من أجل إرساء السلام والاستقرار في منطقتها، وتعمل أكثر من أجل تنمية العالم التركي والإسلامي، وتحتضن أكثر المظلومين والمضطهدين.
وبيّن أن تركيا ستكون أكثر إصرارا وشجاعة ورحمة ونشاطا في كل مجال خلال الحقبة الجديدة، سواء من حيث مكافحة الإرهاب داخل أراضيها وخارجها، أو حماية حقوقها وحقوق أشقائها في “الوطن الأزرق” (المياه الإقليمية)، ورفع سقف إنجازاتها في الاقتصاد والتجارة والأمن والديمقراطية وغيرها.
يأتي هذا، بعدما أدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليمين رئيسا لتركيا، السبت، بعد فوزه في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة الأحد الماضي.
واجتمعت الجمعية العامة للبرلمان التركي في العاصمة أنقرة من أجل مراسم أداء أردوغان القسم، لولاية رئاسية جديدة مدتها 5 أعوام. وأدى أردوغان القسم عقب تسلمه وثيقة التنصيب من الرئيس المؤقت للبرلمان دولت باهتشلي.
أردوغان يعلن تشكيلة حكومته الجديدة
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تشكيلة حكومته الجديدة بعد ساعات من تنصيبه رئيسا للبلاد لعهدة جديدة، والتي شملت تغييرا شبه كامل للطاقم الوزاري السابق. وقدّم أردوغان وزراءه الجدد في مؤتمر صحفي مساء اليوم السبت، وأعلن تعيين جودت يلماز نائبا للرئيس.
وأعلن الرئيس التركي تعيين رئيس المخابرات هاكان فيدان في منصب وزير الخارجية في الحكومة الجديدة. وتم تكليف محمد شيمشك بحقيبة الخزانة والمالية، وهو ما جاء موافقا للتكهنات التي ترددت في الآونة الأخيرة، وقد يشير تعيينه إلى تغيير محتمل في السياسة المالية والنقدية التي انتهجتها تركيا في السنوات الماضية.
وقالت وكالة رويترز إن شيمشك حظي بتقدير كبير من المستثمرين عندما شغل منصبي وزير المالية ونائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2018. وأعلن أردوغان أيضا تعيين والي إسطنبول علي يرلي قايا وزيرا للداخلية، وكلف يشار غولر بمنصب وزير الدفاع. واحتفظ فخر الدين قوجة بمنصبه وزيرا للصحة.
وشهدت مراسم تنصيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لولاية رئاسية جديدة، السبت، حضورا عربيا لافتا، وفق إعلانات رسمية. وشارك في المراسم كل من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، ونظيره اللبناني نجيب ميقاتي.
كما شارك وزراء خارجية دول عربية هم السعودي فيصل بن فرحان، والكويتي سالم عبد الله الجابر الصباح، والمصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي، والعراقي فؤاد حسين، والتونسي نبيل عمار. كما شارك خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني وزير الداخلية القطري في حفل مراسم تنصيب الرئيس التركي.
وحضر المراسم رئيس المجلس الاتحادي الإماراتي صقر غباش، ورئيس مجلس الدولة العماني الشيخ عبد الملك الخليلي، ورئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح.
المصدر: وكالة أنباء الأناضول