حقتت المقاومة الفلسطينية في معركة “ثأر الأحرار”، انتصاراً جديداً، راكمت فيه تجربتها الميدانية، وقيادتها للعمليات بوجه العدوان الصهيوني، وتمكنت من فرض شروطها عليه. ومن أبرز الشروط التي فرضتها، هي وقف عمليات الإغتيال، والذي تم التعبير عنه بالإتفاق، وقف استهداف الأفراد. كما تمكنت المقاومة الفلسطينية من تثبيت حقها بالرد على أي عدوان صهيوني، بحال استهدف المدنيين والمنازل في قطاع غزة.
وتميز أداء المقاومة، بالإدارة النفسية الهادئة واستيعاب الصدمة الأولى للاغتيال المباغت للقادة، والتأني في البدء بالرد واعتماد سياسة الصمت الاعلامي التام ما أدى إلى ضغط نفسي حاد لدى العدو.
وأثبتت المقاومة قدرتها على الرد رغم الاستنفار الصهيوني الشامل والقصف المتكرر واغتيال القادة، كما ثبتت المطلب الرئيسي وهو فرض تعهد على الكيان بوقف عمليات الاغتيال، بالتزامن مع الاستهداف المركز والمدروس لنقاط انتشار المستوطنين النازحين من غلاف غزة في رامات غان.
كما وخلال المعركة، استمرت المقاومة في التأثير على نظام الإنذار وفعاليات القبة الحديدية بطرق تقنية وتكتيكية، ونجحت في تخطي النسبة المئوية التي تتصدى لها القبة الحديدية حيث أسقطت فقط 33% من الصواريخ، وهو فشل هائل للمنظومة التي كانت تسقط 90% من الصواريخ.
واخترقت صواريخ المقاومة دفاعات القبة الحديدية ومقلاع داوود من خلال صاروخ واحد (أصاب روحوفوت) من دون الاعتماد على صلية يمكن أن تؤدي إلى ارباك المنظومة، ما يعكس ويكشف الخلل في القبة الحديدية، بالتزامن مع المحافظة على وتيرة القصف بحيث تحقق أفضل النتائج الإستراتيجية مع حفظ المخزون الاحتياطي، وممارسة الضغط الذكي من خلال المزاوجة والمزامنة الدقيقة بين الخطوات التفاوضية وعمليات القصف.
وعلى صعيد تأثير عمليات المقاومة، فقد استمرت في قصف العمق واستخدام صواريخ تدميرية لها تأثير في العمران بشكل غير مسبوق، وقدمت المقاومة صورة حول طبيعة القصف القادم في المواجهات الآتية وأثبتت نجاعة مقبولة، وكرست المعادلة المثبتة المتعلقة بشأن الاغتيالات والرد عليها عبر قصف مدن الكيان وعاصمته.
تمكنت المقاومة من تدفيع العدو ثمناً سياسياً واستراتيجياً مقابل عملية الاغتيال ما يدفعه إلى التفكير الطويل قبل تكرارها، وتهشيم الردع الإسرائيلي من خلال إبطال مفعول الاغتيالات كأداة لردع المقاومة، ومنع العدو من الإيغال في التدمير والقتل والإبقاء على الردع النسبي.
واستدرجت المقاومة الكيان المؤقت لمعركة طويلة أكثر مما كان يرغب، وبالتالي استنزاف معنويات المستوطنين، وبدء تشكيل الضغط الداخلي، وفتحت المجال للمعارضة للبدء بالضغط التصاعدي لوقف الحرب وبدء لابيد بالتصريح علناً بهذا التوجه.
كما يشار إلى أن قصف تل أبيب بهذا الحجم واصابة الأهداف ونسبة التدمير والتأثير لها قيمة معنوية في مسار الصراع، كما أن قصف منطقة قريبة من مدينة القدس المحتلة (رمز الدولة بحسب قول نتنياهو) وتأكيد تكرار تخطي الدفاعات الصاروخية رغم طول المسافة بين غزة والقدس.
ومنعت المقاومة نتنياهو من تحقيق صورة النصر أو استرجاع المقبولية الشعبية نتيجة استمرار قصف العمق، وفرضت شرط الالتزام بالامتناع عن استهداف الأفراد والمتعلق بالاغتيالات.
وعلى صعيد التماسك، قدمت الفصائل في غزة صورة موحدة تحت عنوان غرفة العمليات المشتركة وكافحت بنجاح الحرب النفسية المكثفة والمتواصلة طوال مدة القتال والهادفة إلى التفرقة بين الفصائل، وحافظت على التماسك والتنسيق بين الفصائل ووحدة الخطاب ووحدة الإجراء.
ويعكس استمرار القصف الصاروخي رغم سقوط القادة واستشهاد قائد الوحدة الصاروخية ونائبه، تماسك تنظيم الجهاد الإسلامي والجهوزية العسكرية والمرونة وحضور الغرفة المشتركة، وإدارة المعركة عبر توزيع الأدوار المنسق في المستوى العسكري والإعلامي والتفاوضي.
المصدر: موقع المنار