إنطلاقا من معادلة أن أمن إيران مرتبط بأمن المنطقة، بدأت طهران ترتيب أوراقها في محيطها من جديد، فبعد وقف الاتصالات مع السعودية وتهديدها علانية من قبل قائد حرس الثورة الإسلامية، تشهد العلاقات الإيرانية الأوروبية فتورا شديدا، بسبب دعم الأروبيين للاحتجاجات الدامية الأخيرة، التي راح ضحيتها أبرياء كثر، وطالت مساجد ومراقد الأولياء في إيران.
من جهتها، أبلغت دول أوروبية طهران أنه رغم العقوبات الأوروبية ضد بعض المسؤولين الإيرانيين بذريعة الاحتجاجات الأخيرة، ورغم موقفها من الاستخدام المزعوم للمسيرات الإيرانية في حرب أوكرانيا، ستبقى حريصة على عدم خلط هذه الملفات بالملف النووي، بل ستعمل على تهيئة الأرضية لاستئناف المفاوضات، وذلك بعد الانتخابات النصفية الأمريكية مباشرة.
ولكنْ يبدو أن الجمهورية الإسلامية لا تريد هذه المرة أن تفصل بين مواقف هذه الدول الأوروبية في ملفي الاحتجات الإيرانية الأخيرة والطائرات المسيرة، وبين دورها كوسيط في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، إذ إن طهران مصرة على اتخاذ خطوتها الأولى باستبدال الأوروبيين بقطر في أمر الوساطة النووية مع الأمريكان. هذا عدا احتمال وقف التفاوض حول السجناء الأوروبيين في إيران، بينهم موظف كان يعمل في البعثة الأوروبية بأفغانستان، وآخرون كانوا يعملون في سفارات بلدانهم لدى طهران، تم اعتقالهم بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها إيران مؤخرا.
ومما قاله الأوروبيون، هو أنهم يعولون على دور طهران في استمرار الهدوء و منع التصعيد في اليمن كما تطمح السعودية، إلى عودة وقف إطلاق النار، وهذه بحد ذاتها رسالة تظهر خشية هؤلاء من مساعدة إيران لأنصار الله عسكريا بسبب موقف السعودية من الاحتجاجات ودعمها لها، ذلك أن أي هجوم على شركة آرامكو سينعكس سلبا على أوروبا، التي تعاني أزمة طاقة ستتفاقم عند حلول الشتاء القارس.
و ليس من المستبعد أن تستهدف إيران مباشرة مصالح الكيان الإسرائيلي وأوكارها في منطقة القوقاز، كما دكت مواقع المجموعات الإرهابية في كردستان العراق، فطهران ترى ان سياسة الهدوء البناء مع بعض الدول، لن تؤتي أكلها ولابد من معاقبتها على نحو آخر.
المصدر: بريد موقع المنار