تمر مواسم اللبنانيين وهي مواسم خير وعطاء، كما يصر المزارع أبو حسين على تسميتها. فهو مزارع “مناضل في كل الصعاب، وصاحب الارض سلطان”. ويقول أن موسم هذا العام من القطاف وفير. فقلد بدأ اللبنانييون بقطاف الزيتون منذ أسبوع تقريباً وهو الموسم الذي يهل سنوياً في “تشارين” (بالسريانية تعني تشرين: البدء). وتتجمع العائلات في مختلف المناطق في طقس اعتيادي موسمي حيث يجب على كل أفراد العائلة المشاركة في عملية القطاف.
يشير الحاج أبو حسين، وهو صاحب معصرة زيتون في بلدة بيت ليف الجنوبية أن هذا الموسم “حامل زيتون الحمدالله”. ويعتمد في معصرته على 14 عامل لبناني موزعين على مدار اليوم بكل دقة ونظافة وأمانة في سبيل الحفاظ على جودة المنتج.
بالارقام
بحسب المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان “إيدال”، يوجد في لبنان حوالى 13 مليون شجرة زيتون تمتد على مساحة 563 كلم مربع، أي ما يقدر بنسبة 8 في المئة من مجمل الاراضي الزراعية.
تعيش أشجار الزيتون اللبناني حوالي 150 سنة، 70% منها معدة لإنتاج زيت الزيتون، أما ما تبقى منها فهو لإنتاج زيتون المائدة.
تحتل منطقة الشمال المرتبة الاولى من حيث انتاج زيت الزيتون بنسبة 41 % تليها منطقة النبطية بـ 21 % من إجمالي الإنتاج، و15 % في الجنوب، و13 % في البقاع و10 % في جبل لبنان.
ويعتبر زيت الزيتون احد الصناعات الزراعية القليلة الذي فاقت صادراته وارداته حيث سجّل فائضاً في ميزان التجارة الخارجية عام 2013.
وبحسب منظمة الاغذية العالمي احتل لبنان المرتبة الخامسة عشر بين أكبر منتجي زيت الزيتون في عام 2018، حيث بلغت حصته 0.5 % من الإنتاج العالمي. ويستورد أكثر من 70 بلداً زيت الزيتون اللبناني، في طليعتهم الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية، الكويت، فنزويلا وكندا.
تكاليف الموسم المرتفعة
وككل عام يواجه الموسم العديد من التحديات والعقبات، وعن الضغوط يتحدث الحاج أبو حسين عن ارتفاع تكلفة المازوت وهي المادة التشغيلية للمعاصر والالات التي تدخل في عملية القطاف لتعكس على ارتفاع تكاليف الموسم بشكل عام من أجرة عامل، تشغيل معصرة، آلالات قطاف ومن ثم سعر كيلو الزيتون وسعر تنكة الزيت.
وعن الأسعار تختلف سعر تنكة الزيت بحسب المنطقة وجودة المنتج وتتراوح ما بين 120 – 130 دولار أمريكي لهذا العام. أما كيلو الزيتون الغير مرصوص فسعره يتراوح ما بين 90-100 ألف ليرة.
لفت أبو حسين الى أن الاهتمام بشجرة الزتيون يتراجع، وهنا ضرورة تأهيل المزارع لطريقة حرث الارض بالاسلوب الذي لا يؤثر على نمو الاشجار ويحافظ على جودة المنتج.
وعن أجر العمال يقول أبو حسين أن هناك معاصر تقوم بالاتفاق على أن تعطي للعامل تلت الانتاج مقابل ساعات عمله، وبذلك يكون العامل قد أمّن مونته من الزيت والزيتون كونها من أساسيات مائدته على مدار العام. والا فإن يومية الأجير تتراوح ما بين 300 الى 400 ألف ليرة لبنانية، ويعتبر هذا السعر مقبولا ًمقارنة مع ما تدفعه اليونسيف في مشاريعها الزراعية المنفذة في لبنان حيث يتقاضى العامل 9 دولارات ونصف مقابل ست ساعات عمل. ويقول أبو حسين أنّ هذا الرقم منصف، وبحال كان أقل ففيه ظلم للعامل حيث تفوق التكلفة المعيشية اليوم القدرة الشرائية.
“تعى نحوش سوا”
وأمام هذه الضائقة ومعاناة المزارع اللبناني وبسبب الكلفة العالية لعملية القطاف تطلق مؤسسة جهاد البناء مشروع “تعى نحوش سوا”، يشارك فيه جمعية كشافة الامام المهدي (عج)، والتعبئة التربوية، وجمعيات أهلية وفعاليات عديدة.
المشروع سيطلق في منطقة جبل عامل الثانية وسيشمل 17 قرية، وعبر لجان زراعية تم تدريب الفرق المشاركة منها سيشارك بصفة المتطوع وأخرى ستكون مقابل بدل مالي.
ويشير المهندس قاسم حسن وهو مسؤول مركز الفردوس للتنمية والارشاد الزراعي إلى أن هذا المشروع يخفف عبئ تكاليف عملية القطاف ويعيد تشغيل اليد العاملة اللبنانية.
يشكل المشروع بادرة أمل وتعاون فلقد شهدت البلاد خلال الازمة الاقتصادية التي ما زالت مستمرة العديد من المشاريع الداعمة والتكافلية والتي تحتاج الى احتضان رسمي ما يعزز دور المزارع التنموي ويجعله شريكاً في عملية النهوض الزراعي.
المصدر: موقع المنار