فوقَ كاريش ارتفعَ العويلُ الصهيونيُ معَ تآكلِ المهلِ وضيقِ الخيارات، فاصواتُ مُسيَّراتِ حزبِ الله لا تزالُ تُربكُ العقولَ الامنيةَ والسياسيةَ العبريةَ، ومعادلاتُ الامينِ العامّ لحزبِ الله تُقيِّدُ آمالَهم..
فبينَ استجداءِ الاميركي للاسراعِ بتسويقِ اتفاقٍ معَ لبنان، والبحثِ عن خياراتٍ لابعادِ منصةِ استخراجِ الغازِ في كاريش خارجَ المنطقةِ المتنازعِ عليها، يتركزُ البحثُ الصهيوني. لكنهم مشتبهونَ لانَ المعادلةَ التي رسمَها سماحةُ السيد حسن نصر الله في غايةِ الوضوح، وخلاصتُها لا نفطَ لاحدٍ اِنْ مُنِعَ لبنانُ من نفطِه، وما بعدَ بعدَ كاريش لُبُّ المعادلة.. فهل عَدَلَ الاسرائيليُ عن عدوانيتِه وطلبَ من عاموس هوكشتاين العودةَ الى لبنانَ معَ جديد؟ ام اِنها محاولةٌ جديدةٌ للاسعانةِ بالضغطِ الاميركي على اللبنانيينَ المنقسمينَ تحتَ كلِّ الخطوطِ وآخرُها النفطية؟
ومهما كانت الغاياتُ في الكيانِ العبريِّ المؤقت، فانَ توقيتَ الكلامِ عن ضِيقِ الوقتِ قبلَ ايلولَ يَحملُ استشعاراً عبرياً بالخطرِ القادمِ من الشَمالِ ما لم يَتِمَّ الاتفاق، وعليهِ استفاقَ يائير لبيد لتذكيرِ الاوروبيينَ والاميركيينَ بأنَ في كاريش كمياتٍ هائلةً من الغازِ القادرِ على حلِّ جزءٍ من ازمةِ الطاقةِ العالميةِ على زعمِه ويجبُ استخراجُه..
لكنَ راعيَهُ الاميركيَ ما زالَ يكابر، اما الاوروبيُ فلا طاقةَ له على تحمُّلِ الازمةِ التي لن يَحُلَّها الا الغازُ الروسي.. غازٌ باتَ ضَخُّهُ بحاجةٍ الى مصافٍ سياسيةٍ جديدةٍ معَ التطوراتِ التي اَوصلت الاوروبيَ والاميركيَ الى عُنُقِ الزجاجة..
ولعلَّ الاعناقَ التي اشرأَبَّتْ بالامس – من واشنطن الى تل ابيب وما بينَهما مساحاتٌ اوروبيةٌ وخليجية – لتَستمِعَ الى مُقرَّراتِ القمةِ الروسيةِ الايرانيةِ التركيةِ في طهران، خيرُ دليلٍ على ما يَعصِفُ بالعالمِ من تطورات، ولا قدرةَ لاحدٍ على وقفِها ..
اما في لبنانَ فكلُّ شيءٍ متوقفٌ مكانَه، وكلُّ الترقيعاتِ في العجلاتِ السياسيةِ لم تُحرِّك المساراتِ الحكوميةَ الضرورية، فيما العُصفوريةُ التي اَطربت البعضَ اليوم، معلومٌ انها احتاجت الى اوركسترا كبيرةٍ من ملحنينَ وموزعينَ اَنتجوا ابشعَ مقطوعةٍ نشازٍ في تاريخِ الوطن، رتَّلَتها على مدى عقودٍ جوقةٌ من السياسيينَ والتجارِ والاقتصاديينَ والماليينَ والاعلاميينَ على مسامعِ اللبنانيينَ وعلى مرأَى العالم، والمايسترو أميركي..
المصدر: قناة المنار