بعد توقفها في آذار/مارس، استؤنفت المفاوضات غير المباشرة لرفع الحظر بين ايران والولايات المتحدة في العاصمة القطرية الدوحة، بعد أن خيضت الجولات السابقة منذ عام تقريباً في فيينا.
الجولة الأخيرة حملت أجواء سلبية بعد أن قيل إنها “في الأمتار الأخيرة”، ذلك في ظل تعنت أميركي خصوصاً، في ما يتعلق بمطلب طهران رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة واشنطن لـ”المنظمات الإرهابية الأجنبية”، تبعه ضغط أميركي على طهران عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي اتهمتها بـ”عدم التعاون”، فردت طهران بوقف العمل بكاميرتين على الأقل تابعتين للوكالة لمراقبة أنشطتها النووية.
انطلاقاً من ذلك، تفرض عودة المحادثات بوساطة قطرية اسئلة عديدة حول إمكانية حدوث تطور ما يخرق حال المراوحة، تطور مرتبط بشكل أساسي بالتوجهات الأميركية، مع تأكيد ايران على لسان المتحدث باسم خارجيتها أن “الكرة في ملعب الولايات المتحدة”، موضحاً أنه “لن نتفاوض حول المسائل النووية التي تمت مناقشتها في فيينا، ستتناول النقاط العالقة في مسألة رفع الحظر (العقوبات)”.
الانتقال من فيينا إلى الدوحة، عزاه المستشار الإعلامي للفريق النووي الإيراني محمد ماراندي إلى أن “قطر دولة صديقة”، في وقت سبق أن تحدث فيه خبراء أن “الإدارة الأميركية تعتقد أنه ورغم الخلافات التي أدّت إلى شل المحادثات في فيينا، بالإمكان العودة إلى طاولة المفاوضات، ومن هنا جاء الترحيب الأميركي بالمبادرة القطرية”، ذلك انطلاقاً من طبيعة العلاقة والمصالح المشتركة التي تربط الدوحة بطهران وواشنطن على حد سواء.
هذه العلاقة أشار إليها الخبير في الشأن الايراني حسن حيدر، في حديث لموقع المنار، واصفاً الدوحة بـ “الوسيط الجيد في هذه المحادثات، والتي يهمها رفع العقوبات عن طهران”، مستنداً إلى العلاقات التجارية السياسية المتينة بين البلدين، التي أكدتها زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الأخيرة إلى طهران، حيث أكد خلالها الأخير “ضرورة إحياء الاتفاق النووي”، خصوصاً أن وجوده في طهران حينها تزامن مع زيارة لمنسق الاتحاد الأوروبي لمباحثات فيينا إنريكي مورا.
من جهة ثانية، لفت حيدر إلى التعاون بين ايران وقطر فيما يتعلق بفعاليات كأس العالم 2022 لكرة القدم المزمع اجراؤه على الأراضي القطرية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، إذ سبق أن أكد الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي للأمير تميم، استعداد بلاده تقديم كافة أنواع المساعدة لقطر في تنظيم هذا الحدث عبر جزرها المتواجدة في الخليج والقريبة من قطر. انطلاقاً من ذلك فمن مصلحة الدوحة ارساء نوع من أجواء الاستقرار في المنطقة في هذه الفترة لما يحمله هذا الحدث المرتقب من أهمية اقتصادية وسياسية لها.
الجدية والاندفاع القطري لإحداث تطور ما في تذليل العقبات التي سادت الجولة الأخيرة، يستند ربما أولاً على تعويل على ادراك أميركي بفشل الضغوطات عبر الوكالة الدولية، إضافة إلى تحرر طهران بشكل كامل من مفاعيل الاتفاق النووي بعد عامين، وحاجة واشنطن إلى مرونة ايرانية في بعض الملفات (سوريا واليمن مثالاً)، وذلك مقابل رفع اليد عن الأموال الايرانية المجمدة أي رفع للعقوبات، ثانياً وهذا عامل على مستوى من الأهمية وهو الحاجة الأوروبية الملحة والمستجدة للغاز الايراني والتي فرضتها الحرب مع روسيا في اوكرانيا، الذي انعكس ضغطاً اوروبياً على واشنطن في هذا السياق، خصوصاً أن الترويكا الاوروبية اثبتت أنها عاجزة عن التحرك خارج العباءة الأميركية في ما يتعلق بالموضوع الايراني.
بالمحصلة، لا أحد يمكنه حسم نتائج جولة الدوحة. بالنسبة لايران موقفها يبقى على ما هو عليه بالتمسك بالخطوط الحمراء في أي جولة، مع التزام السرية في التفاصيل، أما لجهة واشنطن فإن حضور مبعوثها روبرت مالي إلى الدوحة يوحي بمقدار من الايجابية، في ظل دعوة السفير الايراني في الدوحة حميد رضا دهقاني أثناء ترحيبه بوصول كبير المفاوضين الايرانيين علي باقري إلى “عدم ابداء التشاؤم أو التفاؤل غير الواقعي”.
المصدر: موقع المنار