ربما يصبح كوكب الزهرة وليس المريخ، الوجهة المفضلة لمستوطني الكواكب الأخرى في المستقبل خارج كوكب الأرض، رغم درجة حرارته المرتفعة بحسب تحقيق نقلته “بي بي سي” عن “بي بي سي فيوتشر “.
التحقيق يشيرإلى أن الغلاف الجوي الهش على سطح كوكب المريخ لا يوفر لمستعمري الكوكب أي هواء صالح للتنفس، علاوة على البرد القارص والضغط المنخفض إلى مستويات قاتلة، ويكاد لا يوجد حاجب يقي من إشعاعات الشمس الخطيرة.
لكن كوكب الزهرة لا يخلو من المشاكل أيضا، فالبيئة على سطحه خطيرة للغاية، والحياة، كما نعرفها، مستحيلة هناك. لكن مع ذلك، ثمة أوجه تشابه ظاهرية بين كوكب الزهرة وكوكب الأرض، منها أن قوة الجاذبية على كوكب الزهرة تعادل نحو 90 في المئة من قوة الجاذبية على كوكب الأرض، كما أن كوكب الزهرة أقرب إلى الشمس من كوكب الأرض بنسبة 30 في المئة فقط. وثمة فارق جوهري ومخيف بين الكوكبين.
ففي حين أن الغلاف الجوي للمريخ رقيق للغاية، فإن الغلاف الجوي لكوكب الزهرة أكثر سماكة من الغلاف الجوي لكوكب الأرض بتسعين مرة. ويتألف أغلب الغلاف الجوي لكوكب الزهرة من ثاني أكسيد الكربون ومغطى بسحب من حمض الكبريتيك. إن تأثير الاحتباس الحراري على كوكب الزهرة الناتج عن الغلاف الجوي للكوكب، الذي يغلب عليه ثاني أكسيد الكربون، يحتجز كمية هائلة من حرارة الشمس، وهذا يعني أن سطح كوكب الزهرة منفرّ بشكل مذهل، فكوكب الزهرة هو الأشد حرًا بين سائر كواكب مجموعتنا الشمسية، باستثناء الشمس نفسها. الحل ربما يكون هو الجانب الأكثر إشراقًا في هذا المخطط الجريء، وهو أن ثاني أكسيد الكربون أثقل وزنًا من الهواء الموجود على سطح الأرض، وهو ما يعني أن المنطاد المملوء بهواء من الأرض مكون من نيتروجين وأكسجين سيكون أخف وزنًا من الهواء على كوكب الزهرة الذي يغلب عليه ثاني أكسيد الكربون.
فإذا ملأنا منطادًا على كوكب الزهرة بهواء من كوكب الأرض سيطير في السماء مثل البالون المملوء بغاز الهيليوم على كوكب الأرض. فلكي نعيش على كوكب الزهرة سنملأ منطادًا بالنيتروجين والأكسجين ونعيش بداخل المنطاد. وكلما زاد حجم المنطاد زادت قوة الرفع التي تكفي لحملك داخل المنطاد مع كل ما معك من مؤن، وفي الواقع يستطيع المنطاد الضخم أن يحمل أكثر من ذلك.
تقول لوري جليز، عالمة بوكالة ناسا الأمريكية للفضاء، ومتخصصة في كوكب الزهرة: “عرفنا الكثير من المعلومات عن كوكب المريخ. فنحن نعرف الكثير عن تاريخه وكيف يعمل غلافه الجوي، ونعرف الكثير عن طقسه، ولم ينل كوكب الزهرة الاهتمام الكافي، وتركز البعثة على التوصل إلى إجابات للأسئلة الأساسية عن كوكب الزهرة، إذ ستعطينا صورة أوضح وأكثر تحديدًا عن تركيبة الغلاف الجوي لكوكب الزهرة وحركته، ومن هنا سنفهم كيف سنرسل شيئًا إلى هناك يبقى لفترة طويلة في الجزء العلوي من الغلاف الجوي”. وتضيف: “إن كوكب الزهرة كوكب مذهل يكتنفه الكثير من الغموض، وقد حان الوقت لنكشف عن خفاياه، وأعتقد أننا يجب أن نفهم هذا الكوكب فهمًا أوسع، ولهذا علينا أن نعود إلى (دراسة) كوكب الزهرة”.