ابتكارات علمية: زرع الأجهزة في الدماغ يعيد للمكفوفين بصرهم – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ابتكارات علمية: زرع الأجهزة في الدماغ يعيد للمكفوفين بصرهم

Implanting

عندما تتحرك أو تستشعر أو تتحدث أو تفعل أي شيء تقريباً، فإن عقلك يولّد نمطاً محدداً مطابقاً للنشاط الكهربائي. لعقود من الزمان، درس العلماء هذه النبضات من خلال الآلات لفهم أمراض الدماغ بشكل أفضل ومساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة.
والآن بات بإمكان أدوات التمازج بين الدماغ والكمبيوتر (BCIs) والتي يتم تطويرها حالياً استعادة الحركة لدى بعض المصابين بالشلل، وعلاج بعض الاضطرابات العصبية والنفسية، وآخرها ما تم الإعلان عنه في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021، عن مساعدة امرأة كفيفة باستعادة جزء بسيط من بصرها.

ثورة طبية بزرع الأجهزة في الدماغ
الخبر الذي تم تداوله في الصحف والمواقع العالمية، حمل أملاً واعداً لفاقدي البصر بطبيعة الحال، بل وُصف بالثورة الطبية بفضل جهود علماء من جامعة ميغيل هيرنانديز الإسبانية.
العملية كانت عبارة عن زراعة شبكية عين اصطناعية ملحقة بنظارات تُوجه الضوء أمامها، حسب ما أوضح موقع مجلة Scientific American.
تنقل معالجة الضوء بعد ذلك الضوء وتُحوله إلى إشارات كهربائية، ثم تُرسل هذه الإشارات إلى سلسلة أقطاب كهربائية دقيقة مزروعة في دماغ المريض، وهنا فقط يستطيع المريض أن يبصر الضوء الذي التقطته النظارات.
المريضة التي نجحت عملية الزراعة لديها، كانت معلمة تبلغ من العمر 57 عاماً، اسمها بيرنا غوميز.
فقدت غوميز بصرها عندما كان عمرها 42 عاماً، بعدما أُصيبت باعتلال عصبي بصري سام، وهي حالة طبية ضارة دمرت بسرعةٍ الأعصاب البصرية التي تربط عينيها بدماغها.
تطوعت لتكون أول شخص لديه قطب كهربائي صغير مع 100 إبرة مجهرية مزروعة في المنطقة البصرية من دماغها، بعدما اشتاقت لرؤية وجه زوجها وأولادها.
لم يكن حجم النموذج الأولي أكبر مما يقرب من 4 مم في 4 مم للزارعة في دماغها، على أن يُزال مرة أخرى بعد ستة أشهر.
وعكس الغرسات الشبكية، التي يتم استكشاف إمكانية استخدامها كوسيلة لاستخدام الضوء بشكل مصطنع لتحفيز الأعصاب التي تغادر الشبكية، فإن هذا الجهاز المعروف باسم Moran | Cortivis Prosthesis يتجاوز العين والعصب البصري تماماً ويذهب مباشرة إلى مصدر الإدراك البصري.
بعد خضوع غوميز لجراحة المخ والأعصاب لزرع الجهاز في إسبانيا، أمضت الأشهر الستة التالية تتوجه يومياً لمدة 4 ساعات؛ للخضوع للاختبارات والتدريب باستخدام الطرف الاصطناعي الجديد.
قضت غوميز الشهرين الأولين تتعلم التفريق بين الوخزات العفوية للضوء التي لا تزال تراها أحياناً في عقلها، وبقع الضوء التي نتجت عن التحفيز المباشر لطرفها الاصطناعي.
وبمجرد ما نجحت في ذلك، قدم الباحثون تحديات بصرية حقيقية لها، حسب ما نشر موقع NPR.
وعندما تم تحفيز قطب كهربائي في طرفها الاصطناعي، أبلغت غوميز عن “رؤية” وخز من الضوء يُعرف باسم الفوسفين. واعتماداً على قوة التحفيز، ظهرت بقعة الضوء أكثر إشراقاً أو بهوتاً أو بيضاء أو داكنة.
عندما تم تحفيز أكثر من قطبين كهربائيين في وقت واحد، وجدت غوميز أنه من الأسهل إدراك بقع الضوء.
بدت بعض أنماط التحفيز كأنها نقاط متقاربة، فيما بدت أنماط أخرى أشبه بالخطوط الأفقية، وعندما لمحت خطاً أبيض بدماغها في عام 2018 صرخت قائلة: “أستطيع أن أرى شيئاً!”.
كانت الخطوط العمودية هي الأصعب على الباحثين في تحفيزها، ولكن بحلول نهاية التدريب تمكنت غوميز من التمييز بشكل صحيح بين الأنماط الأفقية والرأسية بدقة تصل إلى 100%.
ورغم أن النتائج مُشجعة، فإنها تروي قصة حالة واحدة على مدار 6 أشهر، ومازال أمام العلماء درب طويل قبل أن يصبح هذا الاختراع قيد الاستخدام السريري، لاختباره بين العديد من المرضى لفترات أطول بكثير.
وقال المهندس الحيوي ريتشارد نورمان، من جامعة يوتاه، لموقع Science Alert: “يتمثل أحد أهداف هذا البحث في منح الشخص الكفيف مزيداً من الحركة”.
ويشرح: “يمكن أن يسمح لهم بالتعرف على شخص أو المداخل أو السيارات بسهولة، فيزيد الاستقلال والأمان. هذا ما نعمل من أجله”.
وفي الوقت الحالي، يبدو أنه لا يمكن إرجاع سوى شكل بدائي للغاية من الرؤية باستخدام الأطراف الاصطناعية البصرية، ولكن كلما درسنا الدماغ وهذه الأجهزة بين الأشخاص المكفوفين والمبصرين، كان من الأفضل لنا اكتشاف كيف يمكن أن تتكاثر أنماط معينة من التحفيز، وصور مرئية أكثر تعقيداً.

أجهزة للتحكم بالأطراف الصناعية
ولا تقتصر قصص النجاح الواحدة لهذه الابتكارات الطبية على البصر فقط، إذ أقدمت دراسات أخرى على زرع مصفوفات الأقطاب الكهربائية الدقيقة نفسها، المعروفة باسم “مصفوفات أقطاب يوتاه”، في أجزاء أخرى من الدماغ؛ للمساعدة في التحكم بالأطراف الاصطناعية.
إذ وصفت دراسة جديدة في مجلة Nature كيف سمحت غرسة دماغية للأفراد الذين يعانون من ضعف حركة الأطراف بإنشاء نص باستخدام العقل، دون الحاجة إلى أيديهم.
في دراستهم، قام الباحثون بجامعة ستانفورد بربط برامج الذكاء الاصطناعي بأقطاب كهربائية مزروعة في دماغ رجل مصاب بشلل كامل في الجسم.
طُلب منه أن يتخيل نفسه يكتب باليد، وحوّل جهاز BCI أحرفه وكلماته المرئية إلى نص على شاشة الكمبيوتر.
يمكن أن تفيد هذه التكنولوجيا ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين لا يستطيعون الكتابة أو التحدث، بسبب عدم القدرة على الكلام.
وربما في يوم من الأيام، سيتمكن مرضى آخرون في المستقبل من تتبُّع الأبجدية بأكملها باستخدام هذا الطرف الاصطناعي بسبب ما فعلته غوميز؛ وحتى الآن ينتظر 4 مرضى آخرين دورهم لتجربة الجهاز.

المصدر: وكالات