ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 6 ايلول 2021 على وفاة رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان وتقاطر الشخصيات السياسية والوطنية والروحية للتعزية في مقر المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى واطلاق المواقف والكلمات والثناء على دور الراحل الوطني والجامع في زمن الانقسام، واعلان الحداد امس واليوم والتوقف عن العمل يوم التشييع… كما ركزت الصحف على الملف الحكومي وحركة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في هذا الشأن، كما تناولت ملف العلاقات اللبنانية السورية وزيارة الوفد الرسمي اللبناني.
الاخبار
العلاقة مع سوريا لا تمرّ بأميركا: الحكومة أمام الفرصة الأخيرة؟
قد يكون يوم غد الثلاثاء الفرصة الأخيرة أمام تأليف الحكومة. إذا لم يتمّ تخطّي العقبات المتبقّية، فإن اعتذار الرئيس المكلّف سيعود مجدداً إلى الواجهة، إلا إذا فعل التواصل الفرنسي- الإيراني فعله وفتح الباب أمام التأليف، مدعوماً بضغط أميركي كبير على ما تردد أمس. في المقابل، عاد التيار الوطني الحر ليلوّح بمعادلة الاعتذار يقابله الاستقالة من المجلس. وفيما يزداد الوضع المالي والاقتصادي تأزّماً، أتى الضوء من سوريا التي رحّبت باستجرار الغاز عبر أراضيها، في الاجتماع الرسمي الأول الذي يعقده وفد وزاري لبناني في دمشق. المبادرة التي مهّدت لها أميركا برفعها الفيتو عن التواصل مع سوريا، يُفترض أن تستكمل بقرار سيادي لبناني يُفعّل الاتفاقات الثنائية لما فيه مصلحة البلدين
حتى اليوم، لا يزال التأليف لغزاً. ينام الناس على خبر تأليف الحكومة صباحاً ويصحون على عقَد لم تكن موجودة في اليوم الذي سبق. هذه المرة ضُرب موعد جديد لزيارة ميقاتي إلى قصر بعبدا. يوم غد الثلاثاء ليس موعداً حتمياً لتأليف الحكومة، لكنه موعد لحسم ما إذا كانت ستُؤلّف أم لا. على ما يتردّد، فإن ميقاتي سيزور رئيس الجمهورية غداً حاملاً معه تشكيلة جديدة. لكن إذا لم يتم الاتفاق قبل أن يحين موعد الزيارة على حل لمسألة حقيبة وزارة الاقتصاد، وإذا لم يسحب ميقاتي مطلبه المستجد بالحصول على حقيبة الطاقة، كما تؤكد مصادر مطلعة، فإن يوم غد سيكون موعد الارتطام بالمجهول، من دون أن يعرف ما إذا كانت الخطوة التالية لميقاتي ستكون الاعتذار، لثقته بأن رئيس الجمهورية لن يصدر تشكيلة لا يملك الثلث المعطل فيها، أم ستكون البحث عن مسعى جديد أو توليفة جديدة، لا تكون حكماً على شاكلة تشكيلة الـ 14 وزيراً التي طرحت للتداول بشكل غير رسمي.
ولأن هامش المناورة يضيق، نشطت اتصالات على أكثر من صعيد لتذليل العقبات الأخيرة تمهيداً لإعلان التشكيلة الحكومية. ولذلك، فإن 48 ساعة حاسمة تنتظر التشكيل. وإذا كانت مصادر مقربة من عملية التأليف تبقي على حذرها، مفضلة الإشارة إلى تساوي فرص التشكيل والاعتذار، فقد كانت التغريدة التي نشرها النائب جميل السيد كافية لتعيد الأمل بإمكانية الحسم. السيد أعلن أنه خلال الـ24 ساعة الماضية جرت اتصالات أميركية رفيعة المستوى بالرئيسين عون وميقاتي لتشكيل الحكومة في أسرع وقت. وقد ترافق ذلك مع مسعى فرنسي مكثف نتج منه تفاهم شبه نهائي على حكومة من ثمانية وزراء لكل فريق.
لكن مصادر التيار الوطني الحر لا تزال على موقفها الرافض لحكومة وفق صيغة «3 تمانات»، وهو ما يرى فيه التيار «مثالثة غير مقنّعة». وتشير المصادر إلى أن المشكلة ليست في «ثلث معطِّل» لم يطالب به رئيس الجمهورية، بل في أن الرئيس المكلف يُخرج مطلباً جديداً كلّما تم الاتفاق على الشكل العام للحكومة. وتشدّد المصادر على أن العقدة ليست في حقيبة محددة، ولا في تسمية الوزيرين المسيحيين، بل في «مجمل الحكومة». وتؤكّد المصادر أن الحكومة يجب أن تُبصر النور قريباً جداً، وكان يجب أن تتألف منذ مدة، ومن الممكن أن تُعلَن في أي وقت في حال لم تُخترع مطالب جديدة.
وفي سياق متصل، كانت الأزمة الحكومية حاضرة في الاتصال الذي أجري بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني إبراهيم رئيسي، الذي أكَّد دعمه «تأليف حكومةٍ لبنانيةٍ قويةٍ وقادرة على توفير حقوق الشعب اللبناني والمحافظة عليها». وأضاف رئيسي «إننا لن نتردد في تقديم كل أنواع الدعم والمساعدات الإنسانية إلى الشعب اللبناني، ومستعدون للتعاون مع فرنسا لتنمية لبنان وتطويره»، لافتاً إلى أن «الشعب اللبناني يعاني العقوبات الاقتصادية، وفي إمكان فرنسا أن تؤدّي دوراً في رفع هذه العقوبات». وأشار رئيسي إلى أنَّ «بذل الجهود والمساعي، من جانب إيران وفرنسا وحزب الله، من أجل تأليف حكومةٍ لبنانيةٍ قويةٍ، يمكن أن يكون لمصلحة لبنان».
من جهته، شدّد ماكرون على «ضرورة تعاون فرنسا وإيران، إلى جانب حزب الله، من أجل تأليف حكومة لبنانية قوية».
لبنان في دمشق… رسمياً
إلى ذلك، شكلت الزيارة الرسمية الأولى من نوعها منذ عشر سنوات لسوريا الحدث الأبرز خلال نهاية الأسبوع. وكان لافتاً أن الرضى الأميركي على الزيارة من بوابة السعي لتفعيل اتفاقية الغاز مع مصر، سمح بتسهيل مرورها، حتى من قبل عتاة معارضي سوريا. فقد بدا جلياً أن رفض هؤلاء لعودة العلاقات مع سوريا لا يرتبط بأي مبدأ أو قناعة، بل يعود بالدرجة الأولى إلى التماهي مع الموقف الأميركي السعودي. ولذلك، ما إن رفعت أميركا الفيتو عن التواصل مع سوريا، حتى أمكن رصد مواقف من قبيل «لا مشكلة لدينا إذا كانت زيارة الوفد اللبناني لسوريا ستجلب الكهرباء إلى لبنان». وهذا الموقف الصادر عن نائب «المستقبل» هادي حبيش أتبعه بالاستغراب من افتراض أنه معارض لها، ليقول: «أهلاً وسهلاً بالغاز من سوريا ومن أي دولة أيضا، شو هالمصيبة. أميركا سمحت للبنان باستجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا، كتّر خيرن».
وبعد أسبوعين على إعلان رئاسة الجمهورية تبلّغها موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن، مروراً بسوريا، زار الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال، وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر، ووزير المالية غازي وزني، ووزير الطاقة ريمون غجر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وعقد لقاء في مقر الخارجية السورية، بحضور وزيري الخارجية فيصل المقداد، والنفط بسام طعمة.
نصري خوري «يُفعّل» اتفاقيّة التعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا
وفي مؤتمر صحافي، بحضور المجتمعين، قال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري، نصري خوري: «طالب الجانب اللبناني بإمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، ورحب الجانب السوري بالطلب، وأكد استعداد سوريا لتلبية ذلك». واتفق الجانبان على متابعة الأمور الفنية عبر فريق فني مشترك. ومن المنتظر ان تشهد الأيام المقبلة اجتماعاً في العاصمة الأردنية عمّان، لوزراء سوريا والأردن ومصر ولبنان، لتوقيع مذكّرة تفاهم بشأن نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، كما لتوقيع مذكرة أردنية – سورية – لبنانية لاستجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان.
وبالرغم من الطابع التقني لزيارة الوفد اللبناني إلى دمشق، إلا أن الجانب السياسي كان حاضراً بقوة، فطبيعة الوفد تعبّر عن موقف بالانفتاح الرسمي مجدداً على سوريا، التي قاطعها الحكم في لبنان منذ بداية الأزمة السورية. كما بدا لافتاً تصريح خوري باسم المجتمعين، بما يوحي أن سوريا إنما أرادت أن تؤكد أن اتفاقية التعاون والتنسيق لم تمت ولا تزال هي الناظم للعلاقة بين البلدين، حتى بوجود تبادل دبلوماسي.
بالنتيجة، ولكي لا يكون التوجه اللبناني مرتبطاً بتنفيذ قرار أميركي حصراً، لم يعد مسموحاً بأن تبقى العلاقة مع سوريا أسيرة أهواء ومصالح فئات تعتاش على تنفيذ أجندات خارجية. واقع الحال أن البلد وصل إلى حدود من الانهيار يمكن أن تقضي على كل سبل العيش فيه، وهو لا يملك حدوداً إلا مع سوريا، التي يشاركها التاريخ والجغرافيا. ولذلك، فإن لبنان الرسمي مطالب بتفعيل كل أشكال التعاون مع سوريا، تمهيداً لتفعيل كل الاتفاقيات التي تجمع بين البلدين، بما يعود بالنفع عليهما معاً. فهل يكون رئيس الجمهورية الذي لطالما أبدى استعداده لزيارة دمشق أول من يعلنون عودة العلاقات السياسية مع سوريا؟ أم ربما يسبقه الرئيس نبيه بري الذي طال غيابه عن دمشق؟
عون: عدم توزيع الخسائر حمّل الشعب مسؤولية الانهيار!
أكد الرئيس ميشال عون أن «إفشال كل خطة تطرح للتعافي المالي والاقتصادي أو عدم وضعها من الأساس، إنما يعني شيئاً واحداً وهو أن المنظومة الفاسدة التي لا تزال تتحكم بالبلد والشعب تخشى المساءلة والمحاسبة، ذلك أن أي خطة تعافٍ تنطلق من ثلاثة مرتكزات، أولاً تحديد الخسائر وتوزيعها، وثانياً تحديد المسؤوليات والمحاسبة، وثالثاً تحديد سبل المعالجة».
وقال خلال استقباله وفداً شبابياً في قصر بعبدا: «عدم تحديد الخسائر المالية وتوزيعها بين المصرف المركزي والمصارف والدولة أدى إلى أمرين خطيرين، الأول تجهيل المسؤولين عن خراب البلد مالياً، والثاني تحمّل الشعب حالياً وحده مسؤولية الانهيار المالي واستنزاف ودائعه المصرفية وأصوله، في حين أن الشعب هو الضحية وليس المرتكب وليس بإمكان أحد، مهما علا شأنه، أن يحمّل الشعب بأكمله سياساته الخاطئة والمدمرة والفاسدة».
أضاف: «على الشعب أن يعرف من يذلّه يومياً للحصول على أبسط حقوقه ومنعه من التصرف بأمواله في المصارف وأصوله بحرية. كل ثورة شعبية يجب أن تصبّ في هذا الاتجاه: تحديد الخسائر وتوزيعها، تحديد المسؤوليات، محاسبة المسؤولين، إيجاد الحلول على نفقة من تسبّب بالكارثة المالية ومسؤوليّته وعدم تحميل الشعب مباشرة وحده من دون سواه أوزار الأزمة».
المصارف تسرق ليرات المودعين والموظفين… لتشتري بها الدولارات
تملك المصارف التجارية 2433 مليار ليرة، نقداً، يُفترض أن تستخدمها لتسيير العمليات اليومية. إلا أنّ المصارف قرّرت تخفيض سقف السحوبات بالليرة، وإطفاء الصرافات الآلية، ومنع أصحاب الحسابات من الولوج إلى أموالهم… بحجة أنّ مصرف لبنان لا يُعطيها الليرات. المصارف سطت سابقاً على دولارات المودعين، واليوم تمدّ يدها إلى ليراتهم لتستبدلها بالدولارات و«تُهرّبها» إلى الخارج. المعادلة ذاتها: إنقاذ المصارف على حساب المجتمع
«في اللحظة التي تضع فيها مصرفاً تجارياً وسيطاً بين أموال المصارف المركزية والمودعين، يحدث أمران: إمّا أنّ أكثرية المال لا يصل أبداً إلى الناس، أو يذهب بجزء كبير منه إلى أولئك الذين لا يحتاجون إليه». العبارة الواردة في كتاب وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، «واقع آخر… رسائل من الحاضر البديل»، تنطبق بشكل تامّ على ما يجري في لبنان: البنك المركزي يُعطي المصارف التجارية أموالاً نقدية بالليرة اللبنانية. المصارف تُخفّض سقف السحوبات للمودعين وتُطفئ ماكينات الصرّاف الآلي فلا يتمكّن حتى من لم يتخطَّ «السقف» من سحب أمواله. المال لا يصل إلى المودعين والموظفين والعائلات.
إجراء تقنين سحوبات الليرة ليس جديداً، بل فُرض منذ حصول الانهيار. لم يُخفِ حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، سياسته القاضية بامتصاص الكتلة النقدية من السوق. فيعتبر أنّه بهذه الطريقة يحدّ من قدرات الناس الاستهلاكية، فلا تعود رواتبهم أو مدخراتهم تكفي سوى لتسديد الفواتير الأساسية كالكهرباء والمولدات الخاصة والبنزين… بالتالي يتحقّق «حلمه» بتخفيض فاتورة الاستيراد، ويمنع الأفراد من استبدال ليراتهم بالدولار، فيضبط سعر الصرف في السوق الموازية. في الأسابيع الماضية، «خَنقت» المصارف السحوبات بالليرة أكثر، وامتنعت عن إعطاء الموظفين رواتبهم، مُستثنية الشركات التي تأتيها بالليرات النقدية. لماذا؟ جمعية المصارف أصدرت بياناً يوم الجمعة تضع فيه اللوم على مصرف لبنان لأنّه «خفّض سقوف الأموال النقدية التي يُمكن للمصارف سحبها من المركزي بحسب كوتا تمّ تحديدها لكل مصرف». لكنّ جمعية المصارف تكذب. والاتهام لا يأتي من أي جهة، بل من البنك المركزي. يُنقل عن سلامة أنّه كان يُعطي المصارف كميات كافية من الليرة، احتفظت بها لتشتري الدولارات («الأخبار»، عدد 4 أيلول 2021). وهو ما يظهر في إحصاءات مصرف لبنان عن الميزانية المجمّعة للمصارف.
يندرج ضمن الميزانية حساب اسمه «رصيد الخزينة النقدي»، يضمّ الليرات النقدية التي تملكها المصارف في محفظتها للتمكّن من تلبية الاحتياجات والعمليات اليومية. في تموز عام 2020، بلغت موجودات الحساب 1.7 ألف مليار ليرة. انخفض المبلغ في تشرين الأول عام 2020 إلى 1.3 ألف مليار ليرة، قبل أن يرتفع من جديد إلى 2.5 ألف مليار ليرة في حزيران 2021، ثم 2.4 ألف مليار ليرة في تموز الماضي. يعني أنّ المصارف قادرة على إعطاء المودعين والموظفين ليراتهم. يُدافع مدير أحد المصارف من الفئة الأولى بالقول إنّ «الرقم يشمل المصارف مجتمعةً، ولكن يجب النظر إلى حالة كلّ بنك على حدة. فمنّا من يتعرّض لتضييق كبير من مصرف لبنان، عبر تخفيض حجم الكوتا بالليرة».
أقرض مصرف لبنان المصارف 9.6 مليار دولار ردّتها بـ«اللولار»
ماذا عن تلك المعفاة من «حصار» سلامة؟ تُخزّن كميات كبيرة من الليرة لتشتري بها الدولارات. فالمصارف لم تستطع بعد تكوين سيولة بنسبة 3 في المئة (من مجمل الأموال المودعة لديها بالعملات الأجنبية) في حساباتها مع المصارف المراسلة في الخارج، ولديها استحقاقات مصرفية عدّة تحتاج – لإتمامها – إلى الدولار النقدي. فضلاً عن أنّ التعميم 158 (دفع 50 في المئة من الودائع بالدولار و50 في المئة بالليرة) «شرّع» لجوءها إلى السوق، حين سمح للمصارف استخدام سيولتها الخارجية لدفع الجزء من الوديعة بالدولار «شرط إعادة تكوين نسبة الـ3 في المئة في الحسابات لدى المصارف المراسلة في مهلة أقصاها 31/12/2022».
خلال مقابلته الأخيرة مع راديو «لبنان الحرّ»، نفى الحاكم وجود عجزٍ في حسابات المصارف في الخارج، بل تحدّث «عن 5 مليارات دولار أميركي مع المصارف المراسلة». بالعودة أيضاً إلى ميزانية مجمّعة للمصارف، يظهر العكس. فقد بلغت موجودات المصارف اللبنانية لدى المصارف المراسلة في تموز الماضي، 4 مليارات و702 مليون دولار أميركي، مُقابل التزامات بقيمة 5 مليارات و310 ملايين دولار أميركي، أي أنّه يوجد عجز في الحسابات يبلغ 608 ملايين دولار، وليس فائضاً بـ5 مليارات كما أوحى الحاكم. انخفض العجز في الحسابات مع المصارف المراسلة من 3 مليارات و155 مليون دولار في تموز عام 2020 إلى 608 ملايين دولار قبل شهر، وقد كان لسلامة و«السوق» الفضل في ذلك. فكما بات معروفاً أنّ الانهيار الكبير لليرة أواخر عام 2020 وبداية عام 2021، تسبّبت به هجمة المصارف لشراء الدولارات وترحيلها إلى الخارج. بالتوازي، كان مصرف لبنان يلعب دور «المنقذ الأخير». يُعلن أنّه لا يملك الدولارات لاستيراد المحروقات والدواء، ولكنّه يُخرج «9 مليارات و600 مليون دولار لتسديد التزامات خارجية لصالح المصارف، وودائع ائتمانية أي التي يودعها مصرف أجنبي لدى مصرف لبنان مع تجهيل هوية الزبون الفعلي («الأخبار» عدد 7 حزيران 2021)»، بحسب مصادر مصرف لبنان. الأخير أقرض المصارف الدولارات النقدية بفائدة بنسبة 20 في المئة، وكانت هذه المعاملات محصورة الموافقة عليها بين سلامة ومدير القطع في «المركزي» نعمان ندّور، من دون أن يصدر تعميم يُنظّمها. استخدمت المصارف الدولارات لتُنقذ نفسها وأموال أصحابها، وحقّقت بسببها أرباحاً كبيرة لأنّها سدّدت القروض لمصرف لبنان بالدولار الوهمي («اللولار»). وحالياً هي مستمرة في السياق نفسه، تدمير المجتمع عبر الاستيلاء على أمواله بالليرة، لتستخدمها في عملية تجميل ميزانياتها، من خلال شراء الدولارات من السوق! لدى المصارف حرية الحركة، بغياب المحاسبة من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وبمنع مجلس النواب من إقرار قانون القيود على التحويلات المالية.
وفد من دروز لبنان في قصر المهاجرين: مكان «الأقليات» المشروع الوطني
زيارة وفد من الموحدين الدروز من لبنان إلى دمشق ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد بالغة الأهمية، وتتضمّن عدة رسائل للقاصي والداني، عبّر عنها الأسد بقوله إن «الأقليات ليست أداةً بيد المشروع الغربي الذي يعمل على إقناعها بالتقوقع والانعزال للحماية»
كان كلّ شيء مدروساً وعفوياً في آن معاً. استقبال مميّز، شكلاً ومضموناً خصه الرئيس السوري بشار الأسد لوفد طائفة الموحدين الدروز في لبنان برئاسة رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان. أمضى الأسد ساعتين من الوقت في القاعة الكبيرة، فتح فيها باب الأسئلة للحاضرين، وقدّم مداخلةً وأجوبة حول لبنان وسوريا والمنطقة وموضوع الأقليات، كما تفهمه الدولة السورية. واتسع الوقت لكلمة لأرسلان الذي عقد خلوة مع الأسد قبل بدء اللقاء، ومداخلات لشيخ عقل الموحدين ناصر الدين الغريب والوزير السابق صالح الغريب ورئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب وطارق الداوود وعدد من المشايخ. حتى أن الرئيس السوري وبعد انتهاء الغداء على شرف الوفد، ودّع زوّاره عند باب القصر، وسمح بالتقاط الصور الشخصية معه للحاضرين أفراداً ومجموعات، كاسراً الحواجز الرسمية.
وبلا شكّ، فإن توقيت الزيارة مميّز أيضاً. من السويداء في الجنوب السوري إلى شويا على السفح الغربي لجبل الشيخ، تعتمل في الساحة الدرزية مجموعة عناصر، تأخذ حيزاً أساسياً من الاهتمام السوري.
تتعدّى مسألة الدروز إشكالية الأقليات في المشرق الممزّق بالهويات الضيقة وصراعات الأقليات والأكثريات، إلى الدور السياسي للطائفة انطلاقاً من انتشارها الجغرافي من جبل حوران وجبل الشيخ ووادي التيم إلى الجليل في فلسطين المحتلة.
وهذه الميزة، لطالما شكّلت بالنسبة للدولة اليهودية قلقاً وفرصةً في الوقت نفسه، ولدمشق كذلك. إذ إن الدولة اليهودية بعقليتها التقليدية تراهن وتعمل وتبذل الجهد لدفع الأقليات، على أنواعها، نحو خطاب التقسيم والحكم الذاتي والعصبية الدينية لتبرير يهودية الدولة. في المقابل، تلعب سوريا الدولة دور الحاضن الوطني للأقليات والأكثريات في سياق الحرب بين الدولة الوطنية السورية والدولة العنصرية اليهودية. وفي حالة الدروز، تطمح إسرائيل دوماً إلى دويلة درزية عميلة في شمال الكيان من لبنان إلى جنوب دمشق، فيما تطمح سوريا إلى بقاء دمشق مرجعية للدروز في الشام ولبنان وفلسطين ورعاية القوى الوطنية الرافضة للاستسلام وعلى لعب الدروز دورهم الوطني في حماية دمشق من جنوبها.
في السويداء اليوم، يعمل الأميركيون انطلاقاً من قاعدة التنف وبالتنسيق مع إسرائيل، على دعم ما يسمّى «اللواء السوري» بالمال والسلاح لتشكيل حالة مسلّحة خارجة عن القانون، تحمل مشروعاً انفصالياً عن الدولة السورية. وهذا اللواء المزعوم، الذي يملك علاقات وثيقة مع العصابات الانفصالية الكردية في الشرق السوري، استطاع جمع مئات المسلّحين برواتب تصل إلى 300 ألف ليرة سورية للفرد شهرياً، ينتشر في شرق المحافظة على تخوم البادية، ويتخذ من منطقة الحريثة مقراً له. حتى أن النائب السابق وليد جنبلاط، يعتبر أن «المنظّر» لهذا المشروع في باريس، المدعو كمال أبو الخير، يعمل عند الموساد الإسرائيلي.
وفي الوقت ذاته، نرى في شمال فلسطين المحتلة، شيخ عقل الموحدّين الدروز موفق طريف، يزور على رأس وفد من رجال الدين ما يسمّى «مقام يهوذا» نبي اليهود، في خطوة غريبة، ولا تعني إلّا ارتباط طريف بالمشروع الصهيوني. وطريف هذه الأيام، لا يكتفي بالعمل داخل فلسطين المحتلة، إنّما يوسّع نشاطه ومهامه للاتصال بمجموعة من المشايخ الدروز خارج فلسطين وعلى مدّهم بالمال تحت عنوان الدعم الاجتماعي والإنساني.
وبدل أن يسهّل الأردن الأسبوع الماضي زيارة وفد «لجنة التواصل الدرزية» نحو سوريا آتياً من فلسطين المحتلة، تكفّل الأردنيون بمنع الوفد من العبور بعد أن سمح كيان الاحتلال له بالعبور بخلاف المرّات السابقة حين تم منع المشايخ والاعتداء عليهم من قبل شرطة الاحتلال.
أما في شويّا اللبنانية، فظهرت مجموعة مدفوعة بالحقد والتحريض، اعترضت آلية عسكرية للمقاومة اللبنانية واعتدت على رجالها، كانت انتهت للتوّ من القصف على شمال فلسطين المحتلة، رداً على قصف العدو للأراضي اللبنانية.
من هنا، تبدو زيارة دمشق بهذا الشكل، بالغة الأهمية، وتتضمّن عدة رسائل للقاصي والداني، عبّر عنها الأسد بقوله إن «الأقليات ليست أداةً بيد المشروع الغربي الذي يعمل على إقناعها بالتقوقع والانعزال للحماية، إنما الحلّ هو بالانصهار بالمشاريع الوطنية وضمن الأكثرية الوطنية». وردّاً على سؤال حول ردع العدو الإسرائيلي عن قصف الأراضي السورية عملاً بتجربة المقاومة اللبنانية، أكد الرئيس السوري أن «المقاومة لم تنتصر على العدو إلا بعد أن انتصرت على ميليشيا العميل لحد» في إشارة واضحة لبقايا الجماعات الإرهابية في درعا، والتي جزم الأسد بأن «دورها اليوم تخريبي وسيتم التعامل معها بحزم». وكلام الأسد حول درعا، ينسحب حكماً على السويداء وعلى محاولات «اللواء السوري» المزعوم، القيام بأعمال تخريب والترويج للانفصال في السويداء، مع أن الأسد والجيش السوري، ومنذ بداية الحرب، تعامل مع جبل العرب بعناية خاصة على الرغم من الاعتداءات التي قامت وتقوم بها العصابات الانفصالية، عبر حصر تهديداتها وتركها رهينة الوقت والفشل أمام أهالي المحافظة.
زيارة الأمس بهذه القوة والعلانية، لا تشبه زيارة جنبلاط الخجولة إلى الأردن بشيء. إنها إعلان عن عودة سوريا للعب دورها السياسي خارج متاريس الحرب على أرض الجمهورية، ومرحلة جديدة من المواجهة مع محاولات تثبيت الدولة اليهودية.
الأسد: على الأميركيين الانسحاب من سوريا
تناولت مداخلات الرئيس بشار الأسد العديد من المسائل، حيث أكّد في مسألة الجولان أن «الشعوب لديها مبادئ ولا يجب أن تتنازل عنها لتحقيق الهدف المنشود، ومن هنا لا يمكن لسورية أن تتنازل عن أي شبرٍ من أراضيها». وتحدث الأسد عن محاولات أميركية للتواصل مع دمشق، إنّما «بالنسبة لنا المسألة الأساسية هي الانسحاب الأميركي، إن لم يكن بإمكان الأميركيين الالتزام بالانسحاب فلا ثقة بأي حوار وعليهم أن ينسحبوا». وحول لبنان، أكّد الأسد أن «مكانة سورية في قلوب اللبنانيين معروفة، ونحن لن نقف عند الصغائر وعند الذين يحرضون ويشوّهون صورة سوريا، وعلى العكس سوريا ستتعاون مع لبنان، وأنا شخصياً أعطيت التوجيهات لتسهيل استجرار الغاز عبر سورية نحو لبنان، وهذا كسر لقانون قيصر». واقترح الرئيس السوري عدة مشاريع للتعاون بين دمشق وبيروت، لا سيّما في مجال الطاقة البديلة حيث أكّد أهمية قيام شركات لبنانية وسورية في الاستفادة من المساحات السورية لإنشاء مدن صناعية مشتركة ومحطات لإنتاج الطاقة البديلة.
اللواء
ترقب اختراق حكومي غداً.. وطهران تدعو الأليزيه للتدخل!
إقفال وحداد وطني على رحيل قبلان.. واجتماع وزاري رباعي الأربعاء في عمّان
في خضم أزماته المتفاقمة، ووسط انحسار الاهتمام بتأليف حكومة جديدة، يودع لبنان غدا رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، رجل الحوار والوحدة ببعديها الإسلامي والوطني (الاسلامي- المسيحي)، الذي فجع لبنان برحيله، بعد معاناة مريرة من المرض.
ولئن كان يم التشييع غدا، يترافق مع حداد وطني اليوم، وبعده، وتنكيس للاعلام على الإدارات العامة والمؤسسات، علي ان تتوقف الإدارات والمؤسسات العامة عن العمل كافة، فإن الأنظار بقيت مشدودة إلى ما يتعين فعله، سواء في ما خصّ تذليل عقبات تأليف الحكومة أو متابعة ما تمخضت عنه اجتماعات دمشق بين الوفد الوزاري اللبناني والوزراء، السوريين المعنيين بشأن احياء اتفاقية استجرار الغاز من مصر عبر سوريا، على ان تصدر الإدارة الأميركية استثناءات على هذا الصعيد في ما خص قانون قيصر..
استئناف التواصل
حكومياً، استؤنف التواصل بدءاً من الليلة الماضية، على ان يؤدي إلى استئناف اللقاءات بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، بدءاً من اليوم عبر حركة قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وعلمت «اللواء» ان يوم غد تجري محاولة جدية للاختراق، على ان يجري إقناع الرئيس عون ان لا يحق له ان تكون له وزارة الاقتصاد إلى جانب الطاقة والشؤون الاجتماعية.
ويلتقي وفد من حزب الله اليوم النائب باسيل لابلاغه بالتوجه الحاسم لتأليف الحكومة.
وذكرت مصادر متابعة لتشكيل الحكومة لـ«اللواء» ان رئاسة الجمهورية لم تتبلغ لا مباشرة ولا بالواسطة من الموفدين والوسطاء، ما تردد عن توجه الرئيس نجيب ميقاتي لعرض تشكيلة حكومية من ١٤ وزيرا من الاقطاب السياسيين، وانه عندما يُطرح الموضوع رسميا يحدد الرئيس عون موقفه، اما ان يرد او يوضح كلما رمى احد «خبرية» في الاعلام فهذا غير وارد.
اضافت المصادر: ان هذه التسريبة قد تكون من باب جس نبض الرئيس عون لمعرفة رد فعله، لكنه تعاطى معها ببرودة. اما اذا كانت جدية عند ميقاتي فهي تنسف كل التوجه والكلام السابق عن تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وتعني ربما فتح مشكل جديد مع عون، خاصة بوجود اقطاب خصوم له على طاولة مجلس الوزراء.
تسريبة الـ14 وزيراً من الاقطاب ربما تكون «مزحة سمجة» في هذا الظرف، وربما تكون جدّية حيث تحدثت اوساط مطلعة على موقف ميقاتي «انه يدرس خيارات اخرى عديدة ومن بين الخيارات التي باتت حاضرة لديه، في حال تعثر امر تشكيل الحكومة وفق التصور الحالي اي حكومة من 24 وزيراً، هو طرح «حكومة انقاذ تنفيذية» تتكون من 14 وزيرا»، لوضع الجميع امام مسؤولياتهم، منطلقا في ذلك من التصور الذي وضعه لعمل الحكومة ودورها، ومن الاسس والمبادئ الدستورية المحددة في المادة 17 من الدستور ، التي اناطت السلطة الإجرائیة بمجلس الوزراء وهو یتولاها وفقاً لأحكام هذا الدستور».
ولفتت هذه المصادر إلى أن عدم انعقاد اجتماع بين الرئيسين عون وميقاتي هذا الاسبوع يؤشر إلى نسق المساعي مع العلم أنه حتى الآن ليس هناك من تراجع عن رغبة تأليف الحكومة.
اما موضوع حكومة الـ١٤ وزيرا من الأقطاب فان التداول به يتوقف عند نسف الحل حول حكومة الـ٢٤ وزيرا مع العلم أن هذا الطرح بتم للمرة الأولى ولم تتم مناقشته وفي حال بحث فأنه ينتظر بعض التفاصيل لأنه يستدعي قيام لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
ودعت إلى ترقب الحركة الحكومية ليُبنى على الشيء مقتضاه ولتبيان الواقع ومعرفة السيناريو الجديد تأليفا أو اعتذارا.
واوضحت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة، ان التعثر الحاصل بعملية التشكيل، مازال مستمرا، ولم تحصل اي اتصالات اوتحرك،مؤثر خلال الايام الماضية، بل جرت اتصالات جانبية عادية، لم تفض الى اي اختراقات او تقدم ملموس باتجاه حلحلة الامور وتسريع مسارالتشكيل. وتوقعت المصادر معاودة اتصالات الوساطة ومحاولات اعادة المشاورات الى حرارتها، مطلع الاسبوع، الا،انها اعتبرت مواقف النائب جبران باسيل نهاية الاسبوع بخصوص تشكيل الحكومة، بمثابة ذر الرماد بالعيون، والقاء مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، باتجاه الاخرين، في محاولة ممجوجة لاخفاء مسؤوليته بالتعطيل، لم تعد تنطلي على احد. بينما كشفت تهديداته بخيارات يزمع القيام بها، بتكرار اسلوبه لابتزاز الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، كما فعل من قبل، وهو اسلوب مرفوض ولا يساعد على حلحلة الامور بل، على زيادة التعقيدات وابقاء لبنان بلا حكومة جديدة. واكدت المصادر ان الرئيس المكلف، مستمر بمهمته، برغم كل محاولات العرقلة والتعطيل، ومتمسك بصلاحياته الدستورية بتشكيل الحكومة، ولن ينجر الى محاولات التهويل والابتزاز، من اي طرف كان، و ومنفتح لمناقشة كل الأفكار بمرونة،لان هدفه بالنهاية تشكيل حكومة جديدة تتولى مهمة إنقاذ البلد من الانهيار الحاصل. واكدت المصادر ان الاتصالات توقفت عند الطروحات الاخيرة، ولاسيما منها المطالب المتجددة لرئيس الجمهورية بالحصول على حقائب الطاقة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف ويصر على صيغة التشكيلة الوزارية التي قدمها لرئيس الجمهورية ميشال عون مؤخرا، وكانت نتيجة تشاور مطول بينهما، واذا استلزم الامر اجراء بعض التعديلات، فيمكن التشاور بخصوصها.
وفي أوّل إشارة من نوعها، طالب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فرنسا بأن تلعب دورا في رفع العقوبات الأميركية عن لبنان، مشيرا إلى عدم تردّد بلاده بتقديم كل أنواع المساعدات الإنسانية للبنانيين.
وأكّد رئيسي في اتصال مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على دعم تأليف حكومة لبنانية قوية قادرة على توفير حقوق الشعب اللبناني.
وليلا غرّد النائب جميل السيد عبر حسابه الخاص على «تويتر»: «الحكومة إلى النور خلال ٤٨ ساعة؟ خلال الـ24 ساعة الماضية جرت أتصالات أميركية رفيعة من واشنطن بالرئيسين لتشكيل الحكومة بأسرع وقت، بالإضافة إلى مسعى فرنسي مكثّف، نتج عن ذلك تفاهم شبه نهائي على حكومة من ثمانية وزراء لكل فريق، إذا صعد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي اليوم أو بعده الى بعبدا، ستولد الحكومة».
تبرئة ساحته
وفي محاولة لتبرئة ساحة فريقه، تحدث الرئيس ميشال عون امام وفد شبابي، استقبله في بعبدا، عن ان كل ثورة شعبية عليها ان تحدد الخسائر وتوزيعها، وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المسؤولين، وإيجاد الحلول على نفقة من تسبب بالكارثة المالية وعدم تحميل الشعب مباشرة وحده من دون سواه أوزار الأزمة.
الأسد والوفد الوزاري
وعلى خط الاتصالات بين بيروت ودمشق، في أوّل زيارة من نوعها، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وفدا درزياً، ضم شيخ عقل الطائفة الشيخ نصر الدين الغريب، والنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهّاب ورئيس حركة النضال العربي طارق الداوود.
وقال الأسد امام الوفد: سوريا بستسهل كل ما يخدم الأشقاء اللبنانيين طارحا فكرة إقامة مشاريع انتاجية مشتركة على صعيد الطاقة البديلة واستعداد سوريا لوضع بعض أراضيها الشاسعة في خدمة مشاريع مشتركة ومشاريع انتاجية.
زيارة دمشق
وكان وفد وزاري لبناني السبت الماضي أجرى محادثات رسمية مع الحكومة السورية حول إستجرار الكهرباء والغاز من الاردن ومصر، وضم كلا من: نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر، ووزير الطاقة والمياه ريمون غجر ووزير المالية غازي وزني، ورافقه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وانضم الى الوفد اللبناني فور وصوله دمشق، السفير اللبناني في سوريا سعد زخيا، والتقى وزير الخارجية فيصل المقداد، وزير النفط والثروة المعدنية بسام طعمة، وزير المال كنان ياغي والسفير السوري في بيروت علي عبدالكريم علي والامين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري.
واعلن خوري بعد اللقاء في بيان عن نتائج المحادثات التي إستمرت ساعتين ونصف الساعة في مقر الخارجية السورية: جرت مناقشة الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلدان، وبخاصة في مجالات الكهرباء والغاز. وطلب الجانب اللبناني إمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، فرحب الجانب السوري بالطلب، مؤكدا إستعداد سوريا لتلبيته. واتفق الجانبان على متابعة الجوانب الفنية التفصيلية من خلال فريق مشترك لمناقشة القضايا المتعلقة بالأمور الفنية في كلا البلدين.
وعلمت «اللواء» من مصادر لبنانية وسورية متقاطعة شاركت في اللقاء ان البحث لم يتطرق نهائيا إلى اي جانب سياسي في المحادثات، بل تركز على الجانب التقني والفني المتعلق بإستجرار الغاز والكهرباء. حتى ان الوزير المقداد لم يتحدث عن عودة العلاقات الى طبيعتها بين البلدين، لكن المهم في اللقاء انه كان لقاءً حكومياً رسميأً للمرة الاولى، وهو فاتحة لتزخيم أعمال اللجان المشتركة، التي لم تتوقف اجتماعات بعضها أصلا لكنها لم تكن بالشكل المطلوب بغطاء حكومي.
وقالت المصادر: انها المرة الاولى التي يحصل فيها اجتماع رسمي حكومي بين البلدين، نتيجة قرار رسمي من الدولتين، ونأمل ان تكون فاتحة خير لمصلحة البلدين.
وبموجب الاتفاقية عند إنجازها وبدء التنفيذ، يحصل لبنان على نحو 450 ميغا واط من الكهرباء، ما يوفّر زيادة ساعات التغذية نحو اربع ساعات يومياً، وبالتالي يمكن ان تفتح «الزيارة التقنية» الباب لاحقاً امام زيارات سياسية رسمية، خاصة اذا تشكلت الحكومة الجديدة لمتابعة البحث في كل المواضيع العالقة بين الجانبين.
ووصف وزير الطاقة ريمون غجر المحادثات بين الجانبين السوري واللبناني بأنها «كانت ايجابية، وقد أبدى الجانب السوري رغبة كبيرة بالتعاون مع الجانب اللبناني».
وقال في تصريح بعد اللقاء: سيعقد اجتماع رباعي لبناني سوري أردني مصري الاسبوع المقبل (هذا الاسبوع) في الاردن للتعرف على الخطوات اللازمة لتفعيل الاتفاقيات بين الدول الاربع، وبحث المواضيع الفنية والتقنية والمالية ونضع برنامج عمل وجدولا زمنيا ونفعّل فريق عمل تقنياً فنياً للكشف على كل المواقع في لبنان وسوريا ومصر والاردن، ويتم التأكد من سلامة استثماراتها حتى يتم تشغيلها بشكل آمن، وهذا يمكن أن يبدأ بين لبنان وسوريا لانهما مترابطان فوراٍ وبين سوريا والاردن ومصر.
وفي موضوع الكهرباء قال غجر: حتى نستطيع أن نستجر الكهرباء يجب أن تمر الكهرباء بشبكة 400 كيلو فولت من الاردن عبر سوريا الى لبنان. مشيرا الى «وجود أضرار وبحاجة للمسح للتأكد من حجمها.
وقال وزير النفط السوري غسان طعمة: أن سوريا ولبنان هما من أول الموقعين على مذكرة تفاهم لانشاء الخط العربي عام 2000 وفي العام 2001 إنضم الاردن الى هذه الاتفاقية، إذاً التعاون السوري اللبناني في هذا الاطار ليس جديدا، وقد ناقشت مع الوزير غجر الموضوع التقني والبنى التحتية وجاهزيتها لنقل هذا الغاز، وتم استعراض هذا الجانب، يعني الخط العربي من الحدود الاردنية الى وسط سوريا من وسط سوريا الى محطة الدبوسة ومنها الى الداخل اللبناني. واتفقنا على تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين تعمل على التأكد من سلامة البنى التحتية.
وأضاف: ان الشعب السوري يعاني في موضوع الطاقة كما الشعب اللبناني، والاختلاف بين سوريا ولبنان أن سوريا تمتلك ثروات وهذه الثروات عرضة للاحتلال الاميركي، ويتصرفون بها تصرف قطاع طرق، والشعب السوري هو المالك الشرعي لهذه الثروة، وهو يعاني ولا يستطيع الاستفادة منها.
واستكمالاً، يعقد بعد غد الأربعاء اجتماع رباعي في عمان يضم وزراء الطاقة في كل من مصر والأردن ولبنان وسوريا، لإعادة احياء اتفاقية استجرار الغاز من مصر، والتي كانت ابرمت في العام 2009 لتزويد معمل دير عمار في الشمال بكمية كافية لتشغيله على الغاز، وقال وزير الطاقة ريمون غجر عندها يصبح بامكاننا استخدام النفط العراقي في معامل أخرى. وهذا يعني انه يصبح بامكاننا زيادة الطاقة بحدود 4 ساعات إضافية زيادة على الساعات التي يؤمنها لنا النفط العراقي.
وقال: لدى الأردن فائض كبير من الكهرباء، وهم على استعداد لبيعه، وهذا يمكن ان يؤمن ما بين 200 إلى 400 ميغاوات. مشيرا إلى انه يمكن مفاوضة سوريا على استجرار هذه الطاقة عبر أراضيها.
مالياً، تعود لجنة المال والموازنة للاجتماع الخميس المقبل، للبحث في وضع آليات لتحديد رقم جديد لتداول سعر صرف الدولار في السحوبات من أموال المودعين.. استناداً إلى ما يقدمه مصرف لبنان من دراسات عملية، وعليه يقترح سعر قبل نهاية شهر أيلول الجاري.
607400 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن اصابة 864 شخصاً بكورونا و12 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 607400 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..
البناء
يومان للعلاقات اللبنانية السورية: وفدان وزاري وسياسي روحي شعبي يزوران دمشق
الأسد لوفد الموحدين: الانفتاح الوطني والقومي يحمي الأقليات وليس الانغلاق… ومع لبنان بكلّ ما نقدر
مصدر سوري لـ «البناء»: هذا هو مفهوم الرئيس الأسد للعروبة… وما بيننا قدر فلم لا يكون خياراً؟
كتب المحرر السياسي
فيما يودع لبنان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، كقامة وطنية شامخة غادرته بالأمس، بقي المشهد اللبناني تحت وطأة ترددات بركات سفينة المقاومة، فتتواصل اليوم المساعي الهادفة لتذليل العقبات من أمام طريق ولادة الحكومة، التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعدما تلقى الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، عتاباً غربياً واضحاً على تسريبة تشكيلة حكومية تنعي مساعي الحكومة التي يُفترض أنّ أمتاراً قليلة تحول دون ولادتها، بينما تبلغ الرئيس السابق سعد الحريري طلبات واضحة بترك الرئيس ميقاتي يكمل مشوار التأليف دون طلبات إضافية، والحركة الغربية التي تقودها واشنطن، لمنافسة حزب الله على من يتصدّر الصف الأول لمساعي الحلول، تصل الى نتيجة مفادها، «كي نجعل حزب الله يخسر يجب ان ندعه يربح»، فإذا كان السعي لمنع قيام الحكومة وزيادة الضغوط قد أخذ حزب الله نحو خيار البحر، فلنتراجع ونسابقه بفتح خيار البر الذي سبق أن دعا إليه الحزب مراراً، فجاء التراجع الأميركي عن تعطيل قيام الحكومة، ومعه التراجع عن الحصار المضروب حول ايّ شكل من العلاقة اللبنانية السورية، فدبّت الحياة في مشاريع ممنوعة، مثل استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية بتصريحات أميركية علنية، وجاءت الترجمة بزيارة وفد وزاري، هو الأول منذ عقد، لفتح الحوار مع دمشق حول التعاون الكهربائي، وستليه فوراً الأربعاء لقاءات تقنية رباعية لبنانية مصرية أردنية سورية في عمّان، للبحث في التفاصيل التقنية، وفي اتصال بين الرئيسي الإيراني السيد إبراهيم رئيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، فتحت باريس باب البحث بالتعاون لتسريع ولادة الحكومة اللبنانية.
عادت دمشق الى المعادلة اللبنانية من الباب الواسع، لأنّ هذا هو الطبيعي، وقد سلّم الأميركي بهذه الحقيقة رغم سنوات المكابرة والإنكار التي لا يزال بعض اللبنانيين أسيراً لها، وبينما دمشق تودّع الوفد الوزاري كانت تستقبل وفداً كبيراً من طائفة الموحدين الدروز يضمّ قيادات سياسية يتقدّمها النائب طلال أرسلان، الذي ترأس الوفد الذي ضمّ الوزير السابق وئام وهاب، نائب رئيس حركة النضال طارق الداوود، وقيادات روحية يتقدّمها شيخ العقل نصر الدين الغريب.
استقبل الرئيس السوري الوفد بحفاوة فاتحاً الباب لحوار امتدّ لساعتين، مؤكداً انّ سورية ستكون الى جانب لبنان في كلّ ما تستطيع تلبيته من احتياجاته، داعياً الى شراكات متعددة للبلدين في مواجهة التحديات التي تفرضها الأزمات، راسماً لمعادلة قوامها انّ الانفتاح الوطني والقومي وحده يحمي الأقليات وليس الانغلاق والانعزال.
حول نتائج زيارة الوفد الوزاري وصف مصدر سوري طلب عدم الإفصاح عن اسمه لـ «البناء» القرار السوري بالاستجابة لطلب الحكومة اللبنانية للسماح باستجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان عبر الأراضي السورية، بالترجمة الملموسة لمفهوم تجديد العروبة الذي دعا إليه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، باعتبار العروبة تجسيداً للمصالح المتبادلة وتعبيراً عن الهوية والانتماء المشترك، وأضاف المصدر، أنّ سورية لم تكن بحاجة لتناقش طويلاً الطلب اللبناني، لأنها تنظر في مثل هذه الأمور التي تخفف المعاناة عن الشعب اللبناني الشقيق بعين المسؤولية بمعزل عن المواقف والحسابات السياسية التي قد يتوقف عندها الآخرون، ودعا المصدر إلى الإنتباه للمعنى الذي تحمله هذه التجربة إلى الوعي العام حول ثبات ورسوخ حقيقة الترابط بين لبنان وسورية، وكذلك سائر الدول والشعوب العربية، وإدراك أنّ العلاقات التي تنمو بقوة الجغرافيا والتاريخ أقوى من ايّ محاولة للإنكار والمكابرة، وهي إن لم تكن خياراً ذاتياً واعياً ستكون قدراً إلزامياً لا مفرّ منه.
يستضيف الأردن اجتماعاً لوزراء الطاقة في مصر وسورية ولبنان يوم الأربعاء لبحث نقل الغاز المصري إلى لبنان لأغراض توليد الكهرباء. وكانت الحكومة اللبنانية، أنهت يوم السبت، قطيعة في العلاقات الرسمية مع سورية حيث زار وفد وزاري رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر العاصمة دمشق، وأجرى محادثات مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بهدف الحصول على موافقة سورية من أجل تمرير الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها. وأبدت دمشق استعداداً لتلبيته، في ظل أزمة الطاقة التي يعاني منها لبنان.
ووصف وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر «محادثات بين الجانبين السوري واللبناني بأنها كانت إيجابية»، كاشفاً أن «الجانب السوري أبدى رغبة كبيرة بالتعاون مع الجانب اللبناني». وأشار في تصريح إلى «انعقاد اجتماع رباعي لبناني- سوري- أردني- مصري الأسبوع المقبل في الأردن للتعرف إلى الخطوات اللازمة لتفعيل الاتفاقيات بين الدول الأربع، ونرى المواضيع الفنية والتقنية والمالية ونضع برنامج عمل وجدولاً زمنياً ونفعل فريق عمل تقنياً فنياً للكشف على كل المواقع في لبنان وسورية ومصر والأردن، ويتم التأكد من سلامة استثماراتها حتى يتم تشغيلها بشكل آمن، وهذا يمكن أن يبدأ بين لبنان وسورية لأنهما مترابطان فوراً وبين سورية والأردن ومصر».
وفي موضوع الكهرباء، قال: «حتى نستطيع أن نستجر الكهرباء يجب أن تمر الكهرباء بشبكة 400 كيلوفولت من الأردن عبر سورية إلى لبنان»، مشيراً إلى «وجود أضرار وبحاجة للمسح للتأكد من حجمها».
وقال وزير النفط السوري غسان طعمة: «إن الموضوع الذي تم بحثه كان في إطاره التقني»، مشيراً إلى أن «سورية ولبنان هما من أول الموقعين على مذكرة تفاهم لإنشاء الخط العربي عام 2000 وفي عام 2001 انضمّ الأردن إلى هذه الاتفاقية، وقد ناقشت مع الوزير غجر الموضوع التقني والبنى التحتية وجاهزيتها لنقل هذا الغاز، وتمّ استعراض هذا الجانب، يعني الخط العربي من الحدود الأردنية إلى وسط سورية من وسط سورية إلى محطة الدبوسة ومنها إلى الداخل اللبناني. واتفقنا على تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين تعمل على التأكد من سلامة البنى التحتية».
واعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية أنّ موافقة الجمهورية العربية السورية على عبور الغاز المصري عبر أراضيها إلى لبنان، يؤكد وقوفها إلى جانب لبنان ومدّ يد المساعدة للبنانيين لتجاوز معاناتهم نتيجة أزمة المحروقات والكهرباء وغيرها من الأزمات.
وأكد الحسنية أن سورية لم تتأخر يوماً عن تلبية ما يطلبه لبنان، وهي في ظل اشتداد الحرب الإرهابية ضدها، أعلنت هذا الموقف والتزمت به، غير أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ عام 2011 نأت بنفسها عن تحمل مسؤولياتها بما يفيد لبنان واللبنانيين.
ورأى الحسنية أن زيارة الوفد الوزاري اللبناني الرسمي إلى العاصمة السورية، دمشق، وإن جاءت متأخرة، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث أن التعاون والتنسيق والتعاضد والتآزر بين لبنان والشام، هو مصلحة عليا لشعبنا في البلدين.
وقال الحسنية: لقد نبّهنا مراراً وتكراراً الذين رحبوا بما يسمى «قانون قيصر» وهللوا له، وأكدنا بأن تداعياته على اقتصاد لبنان وأمنه الاجتماعي ستكون شديدة الوطأة، إلاّ أن البعض في لبنان عاشوا الوهم الأميركي بالفتات، وأسهموا في وصول لبنان إلى ما وصل إليه من وضع مزر على الصعد كافة.
وشدّد الحسنية على ضرورة البناء على ما تمّ إنجازه خلال زيارة الوفد الرسمي اللبناني، مؤكداً ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة في لبنان اليوم قبل الغد، لكي تتحمل مسؤولياتها وتقوم بالجهود المطلوبة لمعالجة الأزمات ولتعزيز التعاون والتنسيق مع الشام في كل الملفات ومختلف الجوانب، بما يحقق المصالح المشتركة والتي هي حاجة ملحة للبنان واللبنانيين بالدرجة الأولى.
ورأى النائب حسن فضل الله أنه بينما يستعد اللبنانيون لاستقبال المازوت الإيراني، وعلى أبواب وصول الباخرة الأولى، بدأت تتكسر أبواب الحصار الأميركي، وتنفتح خيارات أمام لبنان للتخفيف من وطأة أزمته بعد اضطرار الإدارة الأميركية إلى التراجع عن تهديداتها وضغوطاتها القصوى أمام إرادة مقاومة لبنانية صلبة لا تؤخذ بلغة التهديد، ولا تخضع للضغوط.
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد أن العلاقات بين لبنان وسورية ينبغي ألا تتأثر بالمتغيرات والظروف، بل يجب العمل على تمتينها. فسورية ستبقى مع الشعب اللبناني وتدعمه على مختلف الأصعدة».
كما شدد أمام وفد من القيادات الدرزية اللبنانية برئاسة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان ومشاركة رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب وشيخ العقل نصر الدين الغريب على أنّ سورية ستبقى مع الشعب اللبناني وتدعمه على مختلف الأصعدة. واعتبر أنّ «القيادات التي تمتلك الرؤية الصحيحة والواضحة هي التي تستطيع عبر العلاقة المتبادلة مع الناس أن توصلهم إلى الهدف الصحيح والاستقرار وإلى الحماية من المطبات التي تواجههم بأوقاتٍ مختلفة، في ظل ما تتعرض له المنطقة من محاولات تفكيك للبنى الاجتماعية والوطنية، والمعركة التي يجب أن تخوضها القيادات هي معركة حماية العقول مما يستهدفها وهو إلغاء الهويات والتخلي عنها». وقال إن أعضاء الوفد والقيادات التي يضمها يمثّلون وجه لبنان الحقيقي ويعبّرون عن غالبية اللبنانيين الذين يؤمنون بضرورة العلاقة مع سورية وأهميتها، وكانوا أوفياء لها ووقفوا معها خلال سنوات الحرب.
أما أرسلان فأشار إلى أن كل من يعادي فلسطين يعادي لبنان وسورية والعروبة الحضارية كلها، وكل من يعادي سورية يعادي لبنان والعروبة الحضارية كلها، منوهاً بضرورة عودة العلاقات اللبنانية- السورية إلى طبيعتها، حيث يشكل البلدان معاً تكاملاً اقتصادياً بات ضرورة ملحة لكليهما. وأكد أرسلان أن دمشق «أعطت العالم درساً في عدم الخضوع أمام الاستكبار الاستعماري العالمي وعدوانيته»، معتبراً أن «معاناة اللبنانيين والسوريين هي من صنع الاستعمار الجديد».
وفي الشأن الحكومي، لا جديد إيجابياً على خط التفاوض الذي يفترض وفق معلومات «البناء» أنّ يستأنف اليوم بشكل غير مباشر بين بعبدا والبلاتينوم عبر وساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مع إشارة مصادر مطلعة إلى أن الساعات الـ 48 المقبلة ستكون حاسمة لجهة إما تأليف الحكومة أو عدم التأليف، بخاصة أنّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي كان قد قدم التشكيلة الحكومية منذ نحو عشرة أيام وكان ينتظر الجواب النهائي من الرئيس ميشال عون الذي حتى الساعة لم يصل.
وليس بعيداً تقول المصادر إنّ مطالبة الرئيس المكلف بحقيبة الاقتصاد أو الشؤون الاجتماعية مردّه أنّ الرئيس ميقاتي منذ تكليفه تحدث عن سعيه لتشكيل فريق متجانس لمفاوضة صندوق النقد، بالتالي وبينما آلت حقائب الاتصالات إلى المردة والأشغال إلى حزب الله والصحة إلى تيار المستقبل، بالتالي كل الأطراف ستكون ضمن اللجنة التي ستفاوض صندوق النقد، يفترض أن يكون في اللجنة ممثل عن الرئيس المكلف وهذا الأمر منطقي وطبيعي ولا يحتمل التأويلات. ومن هنا فإن الوساطات القائمة تصب في خانة حل عقدتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد على قاعدة أن تؤول وزارة منهما لرئيس الجمهورية ووزارة للرئيس ميقاتي. ولا تخفي المصادر استغرابها لشروط الرئيس عون لتسهيل التأليف بحصوله على 8 وزراء مسيحيين وحصوله على حقائب الطاقة والشؤون الاجتماعية والاقتصاد، معتبرة أنها تصب في خانة إقفال الباب أمام أي تشكيل يفتح الباب لمجلس الوزراء إدارة البلد بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس ميقاتي الذي يعمل بهدوء ويتطلع إلى تأليف حكومة سريعاً لضرورات الإنقاذ لن يبقى إلى ما لا نهاية رئيساً مكلفاً، داعية إلى انتظار ما ستسفر عنه الساعات المقبلة، علماً أن المصادر نفسها أبدت قلقها من احتمال اعتذار الرئيس ميقاتي، قائلة قد يكون الرئيس المكلف الأخير في عهد الرئيس عون.
في غضون ذلك، أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال تلقيه اتصالاً هاتفياً من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تأييد إيران لتشكيل حكومة قوية في لبنان حتى تتمكن من الحفاظ على مصالح وحقوق هذا الشعب، مشدّداً على «أننا لا نتخلى عن أي دعم إنساني للشعب اللبناني ومستعدون للتعاون مع فرنسا لتنمية وتقدم لبنان». وشدّد رئيسي على أن «لبنان يعاني من الحظر المفروض عليه وبإمكان فرنسا أن تساعد لرفع ذلك»، معتبراً أن «جهود ومساعي إيران وفرنسا وحزب الله تصبّ لصالح هذا الشعب عبر تشكيل الحكومة القوية في لبنان».
وأكد رئيس الجمهورية ميشال عون أن إفشال كل خطة تطرح للتعافي المالي والاقتصادي أو عدم وضعها من الأساس، إنما يعني شيئاً واحداً وهو أن المنظومة الفاسدة التي لا تزال تتحكم بالبلد والشعب، تخشى المساءلة والمحاسبة، ذلك أن أي خطة تعافٍ تنطلق من ثلاث مرتكزات، أولاً تحديد الخسائر وتوزيعها، وثانياً تحديد المسؤوليات والمحاسبة، وثالثاً تحديد سبل المعالجة.
وقال: «على الشعب أن يعرف من يذله يومياً للحصول على أبسط حقوقه ومنعه من التصرف بأمواله في المصارف وأصوله بحرية. كل ثورة شعبية يجب أن تصب في هذا الاتجاه: تحديد الخسائر وتوزيعها، تحديد المسؤوليات، محاسبة المسؤولين، إيجاد الحلول على نفقة من تسبب بالكارثة المالية ومسؤوليته، وعدم تحميل الشعب مباشرة وحده من دون سواه أوزار الأزمة».
المصدر: صحف