ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، وقال “البداية من لبنان الذي يدخل مرحلة جديدة بعد القرار الذي صدر من حاكم المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات، نظرا لتداعيات هذا القرار وآثاره الكارثية ويزيد من معاناة اللبنانيين على الصعيد المعيشي والحياتي وعلى صعيد المؤسسات.. وهم الذين كانوا غير قادرين على تحمل أعباء ما قبل رفع الدعم وباتوا يضجون بأزماتهم من ارتفاع سعر الدولار والسلع والدواء والتراجع الخطير في الخدمات”.
واضاف “لقد أشار هذا القرار مجددا إلى مدى تدني مستوى حس المسؤولية لدى من يديرون هذا البلد على الصعيد المالي أو السياسي وعدم أخذهم بالاعتبار معاناة الناس وآلامهم..وقد لا يكون من الصحيح القول أن هذا القرار كان مفاجئا، فقد كان متوقعا لكون الجميع يعي أن ما تبقى في المصرف المركزي لم يعد كافيا لتحمل أعباء هذا الدعم بعدما لامس الموجود لديه الاحتياطي الإلزامي، ولوعي الجميع أن هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه، بل تستفيد منه الشركات والمهربين والسوق السوداء، لكن لم تقم أي من هذه القيادات بدورها في كيفية تجاوز هذه المعضلة أو جعل المواطنين قادرين على تحمل أعبائه إن هو صدر، إما برفع الأجور أو بإقرار البطاقة التمويلية أو بإيقاف الارتفاع المستمر بسعر صرف الدولار الأميركي وأسعار السلع والخدمات”.
وتابع “ومن هنا، فإننا ندعو القوى السياسية إلى تحمل مسؤوليتها في إعادة النظر بهذا القرار وألا يحملوا اللبنانيين الغارقين في معاناتهم تبعات تقصيرهم وإهمالهم وإيصال البلد إلى ما وصل إليه بفعل فسادهم أو سوء إدارتهم أو عدم للقيام بدورهم في علاج مشاكله، وهم من ينبغي أن يتحملوا المسؤولية، بأن يصنعوا الحلول.. لا أن توضع كرة النار بأيدي اللبنانيين أو أن يتركوا ليتدبروا أمورهم بأنفسهم، أو ليكونوا مكسر عصا دائما أمام الأزمات التي تعصف بهذا البلد، أو يكونوا هم الضحايا فيما يبقى المسؤولون ومن هم على كراسي هذه الدولة، آمنون بما لديهم أو بمن يحيطون بهم”.
واكد ان “على من هم في مواقع المسؤولية، ألا يراهنوا على قدرتهم في كم أفواه اللبنانيين بالضغط عليهم أو استغلال حرصهم على أمن بلدهم وعدم انجراره إلى الفوضى، أو بإثارة هواجسهم ومخاوفهم إن قاموا بأي تحرك بعدما وصلوا إلى هذه المرحلة أو بالمراهنة على تعبهم في التعبير عن سخطهم والرضوخ للأمر الواقع، إن عليهم أن يحذروا صولة الجائع إذا جاع أو صولة المريض إن لم يجد دواء، أو صولة من لم يجد كهرباء أو وقودا لسياراتهم وللأفران والمستشفيات والمحال. ونحن هنا، في الوقت الذي ندعو فيه إلى تعبير اللبنانيين عن غضبهم وسخطهم على هذا القرار واستمرار إدارة الظهر من القيادات المسؤولة لمعاناتهم، وألا يستكينوا للوعود المعسولة، أو لسياسة التدجين التي أتقنها وأدمنها السياسيون اللبنانيون، إلا أننا نريد لتحركهم أن يكون تحركا واعيا ومسؤولا وبعيدا عن الارتجال وردود الفعل.. وألا يكون على حساب بعضهم البعض كالذي يجري بقطع الطرقات أو العبث بالمؤسسات العامة والخاصة”.
وقال “يجري كل ذلك فيما حكومة تصريف الأعمال غائبة أو مغيبة، والحكومة الموعودة المطلوب منها أن تخرج البلد من معاناته لا تزال أسيرة المداولات التي لا وقت ولا أفق محدد لها، وكأن البلد ينتظر وكأن اللبنانيين بألف خير، وكأن ليس هناك انهيار ولا من حوادث أمنية يخشى منها من الداخل والخارج”.
واضاف “إننا نأمل أن يكون الحديث عن الإيجابيات التي تحدث على مستوى التأليف حقيقية، وأن تكون بداية للخروج بحكومة قادرة على فرملة الانهيار والتخفيف من حدة الأزمات”.
واشار الى “الجدل الداخلي حول العديد من القضايا، وكان آخرها ما جرى بعد العدوان الإسرائيلي والذي استوجب ردا من المقاومة عليه وتداعيات ما جرى بعد ذلك”. وقال: “إننا أمام ما جرى، نعيد التأكيد على ما قلناه سابقا حول إثارة القضايا الحساسة كمثل أسلوب مواجهة اعتداءات العدو، حيث لا ينبغي أن يتم عبر وسائل الإعلام أو عبر المنابر الدينية أو السياسية، بقدر ما ينبغي أن يبقى في مواقع اللقاء والمتاحة دائما، حتى لا يستفيد من هذا الجدل العدو الصهيوني، أو أن يكون سببا في زيادة الشرخ الداخلي بين اللبنانيين، والذي شهدناه عبر وسائل تواصل أو وسائل إعلامية.. ومع الأسف خلت من الحوار الموضوعي المطلوب في مثل هذه الحالات.. إننا نعيد التأكيد لضرورة وعي مخاطر كل ما يمس بالوحدة الداخلية، رغم ما قد يحصل من اختلافات في وجهات النظر، فالمطلوب هو التوافق على حفظ الوطن من كل ما يتهدده.. ولنكن في ذلك حرصاء على الكلمة الأحسن والحوار الأحسن مما دعا إليه الله {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم}، {وجادلهم بالتي هي أحسن}”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام