أعاد تقرير تلفزيوني هولندي تسليط الضوء على مخاوف لطالما انتابت بعض الناس، من أن العشب الصناعي الذي يكسو بعض ملاعب كرة القدم قد يصيب اللاعبين بالسرطان. والمخاوف سببها مطاط السيارات تحت شعيرات العشب الذي يعتبره البعض مادة مسرطنة.
وليست هذه أول مرة تُثار فيها مخاوف من العشب الصناعي الأخضر اللماع الذي يكسو بعض الملاعب، فلطالما تناولت وسائل إعلام أميركية وبريطانية وأوروبية فرضيات مفادها أنّ هذا العشب قد يسبب السرطان.
لكن الذي أثار الموضوع هذه المرة تقرير تلفزيوني بثّه تلفزيون هولندي، وأعادت بثه ونشر تقرير عنه قناة “في دي إر1” الألمانية. تأثير التقرير جاء مباشرا على عشاق اللعبة في هولندا، فقد قرر نحو 12 ناديا لكرة القدم للهواة في هولندا -في عطلة نهاية الأسبوع المنصرمة- عدم استخدام الملاعب ذات العشب الصناعي.
وتتحرى السلطات هناك تأثيرات العشب الصناعي في الملاعب المذكورة على الصحة العامة، بعد أن تحدث عالم هولندي لبرنامج “تسيمبلا” في التلفزيون عن حبيبات بلاستيكية تحت العشب الصناعي قد تحتوي على مواد مسرطنة. ولفت الخبير الأنظار إلى أنّ هذا الاحتمال لم يجرِ بحثه بما يكفي.
صحيفة “ذي تلغراف” البريطانية نشرت في فبراير/شباط 2016 قصة لويس ماغوري البالغ من العمر 18 عاما، والذي أُصيب فجأة -وهو الرياضي النشيط اليافع- بمرض سرطان الغدد اللمفاوية، فقام أبوه نيغل بإعادة نشر النظرية التي تؤكد أنّ العشب الصناعي مسبب للسرطان، وأنه هو المسؤول عن إصابة ولده بهذا المرض.
الطبقات الثلاث الصناعية التي يتكون منها هذا العشب تصنع من خلال زرع شعيرات “السنثتك” الخضراء في طبقة من الرمل، وتدعم الشعيرات بعد خلط الرمل بطبقة من مطاط الكرومبو، وهي حبيبات مستخلصة من إطارات السيارات المستعملة. وإلى هذه الحبيبات يوجه ماغوري أصابع الاتهام، لكن سيل الاتهامات المرعبة يرجع لتواريخ أقدم، ففي عام 2006 قيّمت دراسة نرويجية مخاطر استخدام حبيبات الإطارات المطاطية المستعملة لصناعة العشب الصناعي، وخلصت إلى أنّ “طيف المكونات الداخلة في صناعة النجيل الصناعي له آثار غير مضمونة على الصحة البشرية”، لكن هذا التقييم لم يلتفت إليه أحد.
وفي عام 2008 كشف عالم من ولاية مشيغان الأميركية عن وجود مواد كيميائية ضارة في العشب الصناعي، كما كشفت التحليلات عن وجود خيوط من الزرنيخ والكروم والرصاص. ورغم أنّ أكاديميين قد علقوا بالقول إن “الموضوع بحاجة إلى مزيد من البحث”، فإنّ مزيدا من الدراسات لم تجرِ بهذا الخصوص.
في عام 2013 كشفت صحيفة شيموسفير الهولندية أنّ استخدام إطارات السيارات المعاد تصنيعها لإنتاج أرضيات الملاعب يحمل في طياته أخطارا غير منظورة قد تصيب اللاعبين وحتى الأطفال المترددين على تلك الملاعب، مؤكدة على ضرورة الالتفات جديا لهذا الموضوع. لكن ورغم مرور ثلاثة أعوام، لم يلتفت أحد إلى هذه التحذيرات، حتى ظهر تقرير التلفزيون الهولندي وتناقلته وسائل الإعلام الألمانية بالتحليل والعرض.
من جانبه أعلن اتحاد كرة القدم الهولندي (KNVB) أن أرضيات الملاعب تطابق المعايير القانونية، مبينا أنّه بانتظار ظهور نتائج الاختبارات على العشب الصناعي بشكل نهائي قبل تقرير الخطوة التالية.
وفي معرض الدفاع عن العشب الصناعي، قال إريك أو دونيل المدير العام لشركة التأمين الرياضية سبورتس لابس “بينما أشارت خمسون دراسة إلى احتمال وجود علاقة بين حبيبات المطاط وبين مرض السرطان الذي تسببه المواد الكيمياوية في الحبيبات، فإنّ أيا من هذه الدراسات لم تقدم دليلا قطعيا على وجود خطر في استخدام حبوب المطاط المعاد تصنيعها على صحة المستخدمين وحياتهم”، وقال إن “العشب الصناعي خضع لاختبارات صعبة ودقيقة قبل وضعه في التداول، وثبت أنّه أمين ومقاوم ولا يحتوي مركبات ومواد تضر بالصحة”.
المصدر: مواقع