ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 06-03-2021 على تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الـ 10 آلاف ليرة، ما أدّى إلى اشتعال الشارع بصورة توحي بأن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من الغضب الذي لا يمكن ضبطه بسهولة،كما ركزت الصحف على زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس الى العراق .
الأخبار
الأخبار:واشنطن “تُنعش” سلامة: لا عقوبات على حاكم البنك المركزي | الدولار يُشعِل الشارع
كتبت الأخبار تقول:”بعد حالة اللايقين التي مرّ بها حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، والقوى السياسية والمصرفية، يبدو أنّ الولايات المتحدة الأميركية “سَحبت” الفتيل بإعلان وزارة الخارجية أنّ خبر فرض عقوبات على الحاكم “غير صحيح”. تزامن ذلك مع تجاوز سعر الدولار، بيعاً وشراءً، عتبة الـ 10 آلاف ليرة، ما أدّى إلى اشتعال الشارع بصورة توحي بأن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من الغضب الذي لا يمكن ضبطه بسهولة”.
بعد تصنيف النيابة العامة الاتحادية في سويسرا لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مُشتبهاً فيه بقضايا اختلاس وتبييض أموال، أقرّ الحاكم في لقاءاته مع “أصدقائه” بأنّ الولايات المتحدة الأميركية “تخلّت عنه”. وقد لمس هؤلاء من المسؤولين الأميركيين المعنيين بالشأن اللبناني “انتقاداً” للإدارة النقدية، ودخولهم في تفاصيل القرارات كالسؤال عن تنفيذ التعميم 154، وتحديداً لجهة إجبار السياسيين وأصحاب المصارف على إعادة 30% من أموالهم المُحوّلة بين الـ 2017 و2020. ولكن إدراك سلامة لتغيّر المزاج الأميركي تجاهه، لا يُلغي أنّ نشر وكالة “بلومبرغ”، أول من أمس، لتقرير طويل، نقلاً عن أربعة مصادر، وفيه معلومات عن احتمال فرض الإدارة الأميركية عقوبات عليه، شكّل له “نقزة”. لسنواتٍ طويلة، كان سلامة عضواً في نادي “رجال واشنطن”، يتبادل معها المعلومات، تشترط بقاءه في منصبه لثقتها به، يُنفّذ أوامرها حتى من دون طلب مُباشرٍ منها. أن “ينتهي دوره” بالنسبة إلى الأميركيين يبقى “أهون” من فرض عقوبات تُنهي مسيرته كحاكم بنك مركزي، وتفرض قيوداً شخصية قاسية عليه وعلى عائلته وأعماله الخارجية.
ردّة الفعل الأولى لسلامة كانت تشغيل شبكة اتصالاته للتأكّد من دقّة المعلومات، فحين تنشر “بلومبرغ” تقريراً وتؤكد أنّها قاطعت المعلومات مع أربعة مسؤولين أميركيين يعني أنّها فعلاً استقت أخباراً داخلية. الجواب الذي وصل إلى سلامة كان مُطمئناً له، وعلى هذا الأساس بدأ يُجيب السائلين بأنّه واثق من عدم صحّة التقرير المنشور. ثمّ انتقل سلامة، أو الدائرون في فلكه، إلى تعميم جوّ بأنّ مصارف “مُتضرّرة” من تعاميمه الأخيرة، و”التضييق” المُمارس عليها من “المركزي”، هي التي “حرّضت” على الحاكم لدى “بلومبرغ” لتسريب أخبار كاذبة. يُريد سلامة الإيحاء للرأي العام بأنّه “الآدمي” الذي يُريد إعادة تفعيل عمل القطاع المصرفي، في حين أنّ المصارف “عناصر مُشاغبة” لا تلتزم بالتعاميم. استفاق أخيراً إلى وجود مادة في التعميم 154 “تحثّ” السياسيين وأصحاب المصارف على إعادة 30% من تحاويلهم إلى الخارج، وقرّر أنّها “معركة” سيمضي بها حتى النهاية، لذلك شهرت المصارف أسلحتها بوجهه. هذه رواية سلامة، والتي تسقط حين يُستعرض تاريخه في نسف تعاميمه التي يُصدرها، وإيجاد المخارج دائماً للمصارف حتّى تُسوّي أوضاعها ولو على حساب أموال المودعين والمُلك العام. وآخر تراجعاته هو ترك المجال أمام عدد من المصارف حتى تؤمّن سيولة الـ 3% المطلوبة منها حتى بعد انتهاء المهلة في 28 شباط الماضي.
بعد اتهام المصارف، أعلن المكتب الإعلامي لمصرف لبنان أنّ سلامة “سيتقدّم بدعاوى قانونية بحقّ وكالة بلومبرغ الأميركية ومراسلتها في بيروت، وكلّ من يقف وراءهما بجرائم فبركة أخبار والإساءة ومحاولات تشويه سمعة حاكم المصرف المركزي”. اللافت أنّ سلامة انتظر حتى ما بعد ظُهر أمس ليُصدر بيانه، مُنتظراً الموقف الأميركي الرسمي بشأن القضية. المُتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أجاب عن أسئلة الصحافيين المُعتمدين بأنّه “لا أريد استباق الأمور أو الحديث عن ردود فعل سياسية في هذا الوقت”. الموقف الرمادي أوضحه المُتحدث الإعلامي في السفارة الأميركية لدى لبنان، كايسي بونفيلد، مؤكّداً أنّ التقارير عن فرض عقوبات محتملة على سلامة “غير صحيحة”. ونقلت وكالة “رويترز” عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قوله إنّه “اطّلعنا على تقارير عن عقوبات محتملة على رياض سلامة. هذه التقارير غير صحيحة”.
اتّهم سلامة المصارف بأنّها هي التي “حرّضت” ضدّه
بصرف النظر عمّا إذا كانت المعلومات المُسرّبة دقيقة أو “قنبلة دخانية” لبثّ الذُّعر، أو وسيلة للضغط على سلامة لتنفيذ طلب ما، فإنها، وكما كان متوقعاً، أرخت بثقلها على سوق الصرف أمس. عادةً، تنخفض يوم الجمعة عمليات الصيرفة إلى الحدّ الأدنى، ويقلّ الطلب على الدولار. على الرغم من ذلك، ومن انخفاض الضغوط التي مارستها المصارف في الأيام الماضية على أسعار الصرف، تخطّى الدولار أمس عتبة الـ 10 آلاف ليرة. الحاجز النفسي كُسر. لماذا في يوم لم يشهد عمليات صرف كبيرة؟ لأنّ تحريك السعر أتى ردّاً على خبرية فرض العقوبات على سلامة، فتبادل الرسائل بين “النافذين” يتمّ عبر تعميق مصائب الناس. ولليوم الرابع على التوالي، أُقفلت معظم الطرق الرئيسية من الشمال إلى الجنوب، بالإضافة إلى عددٍ من الطرقات الفرعية والداخلية، من دون أن تظهر أي بوادر حلّ للأزمة الحكومية، باستثناء معلومات منسوبة إلى محيط الرئيس المكلّف، سعد الحريري، توحي بحلحلة ما في ملفّ التأليف، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وبعد يومين من “الهدوء النسبي”، اشتعل الشارع غضباً أمس، بعدما تجاوز سعر الدولار، بيعاً وشراءً، عتبة الـ 10 آلاف ليرة، من دون أيّ مؤشّر على إمكان تدخّل مصرف لبنان للجم السعر. كذلك، فإنّ الاحتجاجات الليلية أظهرت ميلاً لدى المتظاهرين في أكثر من منطقة إلى المضيّ في تحرّكهم بزخم أكبر من السابق، مع تسجيل توتر أمني في أكثر من مكان.
من جهتهم، تبلّغ محامو “متّحدون” قرار قاضي التحقيق في جبل لبنان، زياد مكنّا الذي قضى بردّ الدفوع الشكلية المقدمة من رياض سلامة، وبتعيين جلسة استجواب له في 7 أيار المقبل، وذلك في الشكوى المقدمة من المحامين بحقّ الحاكم بجرم “النيل من مكانة الدولة المالية والإخلال بالواجبات الوظيفية”.
البناء
البابا فرانسيس يؤسّس من النجف بعد الأزهر حلف المرجعيّات لتعويض ضعف الحكومات
عون يتقدّم بالنقاط على الحريري الذي بدأ يخسر تفهّم الثنائيّ وجنبلاط
الفوضى تطلّ برأسها من اشتباكات الطرق… ومشاهد السوبرماركت
وكتبت البناء”:خطفت زيارة البابا فرانسيس للعراق الأضواء الدولية والإقليمية، من الملف النووي الإيراني مؤقتاً، بينما اعلنت إيران عن تحرير ودائعها في البنوك العراقيّة عملياً، بعد إعلان نية التحرير قبل أيام، وجاءت زيارة البابا فرانسيس الى العراق لترجمة مشروع حلف المرجعيات الذي يضمّ الفاتيكان كممثل لمسيحيي الشرق عابر لكنائسهم الغارقة في خصوصيات محلية، والأزهر بعدما غزت الوهابيّة الشارع الإسلامي السني وأنتجت ظواهر الإرهاب التكفيري، والأزهر رمز للاعتدال والحرص على العيش المشترك مع المسيحيين بوجه موجات العنف الإرهابي الذي استهدف وجودهم في مصر والمنطقة، والنجف الذي أطلقت مرجعيته ورعت تشكيل الحشد الشعبي الذي حمى الوجود المسيحيّ في العراق، والتي لا تشكل امتداداً لإيران لكنها لا تشكل مصدر قلق لها، وتقول مصادر متابعة لزيارة البابا الى العراق، إنها بداية لمسار سينجح بمقدار ما تنجح واشنطن في فهم وقائع المنطقة، والتحرّر من رفع المصالح الإسرائيلية فوق المصالح الأميركية، وحكماً فوق مصالح شعوب المنطقة ودولها، فتبريد الصراعات الذي بدونه يستحيل للتوافقات أن تملك مناخ التحرك، لا يزال وقفاً على درجة استيعاب الأميركي متغيرات المنطقة”.
على المستوى الداخلي وفي المسار الحكومي سجلت مصادر متابعة، تقدّم موقع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالنقاط على الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، بعدما كان الحريري متقدماً، في قضية الثلث المعطل، ليشكل تخلي رئيس الجمهورية عن مقعد وزاري تسهيلاً لولادة الحكومة وإسقاطاً لفرضية الثلث المعطل، نقطة تحول توقع الكثيرون أن تشكل باباً للتفاؤل بتسريع ولادة الحكومة، ليفاجئهم موقف الحريري الذي أهدر الفرصة فاتحاً نزاعاً حول حجم تمثيل رئيس الجمهورية ما لم يضمن تصويت نواب التيار الوطني الحر لصالح منح الثقة للحكومة، بينما الأمر لن يقدّم ولن يؤخّر في وضع الحكومة من جهة، والحصة الرئاسية التي يسعى الحريري لربط حجمها بموقف التيار من الثقة، لا قيمة سياسيّة لها ما دامت لا تحقق الثلث المعطل، طالما الحديث عن حكومة اختصاصيين غير حزبيين.
وربطت المصادر تراجع وضع الحريري، خصوصاً لدى الثنائي حركة أمل وحزب الله، بعدما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يمنح الأولوية لتخلي رئيس الجمهورية عن المطالبة بالثلث المعطل، وفقاً لمبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وينتظر من الحريري عدم إهدار الفرصة، بينما جاء عدم تلقف الحريري سابقاً لمبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لحكومة من 20 و22 وزيراً من دون ثلث معطل، وتفهّم تمسك الحريري بوزارة الداخلية، وهجومه المفتعل على الحزب وتحميله مسؤولية التعطيل، ومن بعده إهمال كلام النائب السابق وليد جنبلاط حول تخليه عن التمسك بحكومة من 18 وزيراً، مخيباً للآمال، خصوصاً عند الثنائي وجنبلاط، وسط تساؤلات عن حجم قلقه من وضعية ولي العهد السعوديّ وعلاقته به.
في الشارع بدأت بوادر الفوضى ترسم مسارها الميداني كنتاج للارتفاع الذي يشهده سعر صرف الدولار بعدما كسر حاجز الـ 10 آلاف ليرة، فتحوّلت عمليات قطع الطرق في عديد من المناطق الى اشتباكات بين الذين يقطعون الطرق والعابرين لها الذين ضاقوا ذرعاً من احتجازهم داخل سياراتهم لساعات، فيما شهدت العديد من السوبرماركت ظاهرة جديدة تمثلت بمهاجمتها من مواطنين او مجموعات من المواطنين، للاستيلاء على سلع ضرورية لا يملكون ثمنها، وليس بهدف السطو، وتحول هذه الغزوات المدفوعة بالفقر والحاجة الى صدامات أحياناً بين المواطنين وحرس السوبرماركت وموظفيها، وقالت مصادر أمنية إن ذلك يحدث مع ارتفاع نسبة التسرب في المؤسسات العسكرية والأمنية بفعل تدني القيمة الشرائية لرواتب العسكريين وعجز بعضهم عن دفع أجور التنقل للالتحاق بمراكزهم.
لليوم الرابع على التوالي استمرّ مسلسل قطع الطرقات بالإطارات وحاويات النفايات المشتعلة على المواطنين الآمنين في مناطق نفوذ وسيطرة تيار المستقبل وحزبي القوات والكتائب والاشتراكي في استخدام واضح للعبة الشارع والأوضاع الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية في الضغط السياسي في المعركة الحكوميّة بين بعبدا وبيت الوسط.
وفيما وقف سعر صرف الدولار في السوق السوداء دون عتبة الـ10 آلاف ليرة لثلاثة ايام تجاوز أمس هذا الحد مسجّلاً للمرة الاولى منذ بدء الأزمة 10000 ليرة للشراء و10075 ليرة للمبيع. ما يعني بحسب خبراء مصرفيين وماليين بأن الدولار لم يعد لديه سقف والحبل عالجرار. فيما لم يتمكّن مصرف لبنان ولا المصارف ولا الأجهزة الحكومية والأمنية من تحديد شبكات المضاربة بالدولار ولا ضبط التطبيقات الإلكترونية التي تتحكّم بالسوق ولا اكتشاف الصرافين غير الشرعيين الذين يجولون في الطرقات وفي الدكاكين!
والتطور الخطير الذي سُجِل يوم أمس تفاقم الغليان الشعبي حيال قطع الطرقات على المواطنين العائدين من عملهم وترجم باشتباكات بالأيدي وبالآلات الحادة بين المارة وقطاع الطرق الذين تباهوا بانتمائهم إلى أحزاب سياسية رافعين شعارات حزبية وسياسية وطائفية، وكاد الاحتكاك أن يتطور إلى إطلاق نار لولا تدخل القوى الأمنية. وكما توقعت أكثر من جهة أمنية لـ»البناء» فقد بدأت الوضع الأمني ينحو اتجاهات خطيرة، فقد حصل أمس إشكال كبير في الجية بين محتجين قطعوا الطريق وبين بعض أهالي المنطقة، تطوّر الى تضارب واستعمال السكاكين وإصابة شخص بجروح طفيفة نقل على أثرها الى المستشفى. وتولى الجيش معالجة الموقف وسط حالة من التوتر في المنطقة. كما عُلِم أن شابين على دراجة نارية جابا بعض أحياء خلدة ضمن منطقة العرب واستفزا بعض المواطنين بحركاتهما، ما دفع بعض الشبان الى مطاردتهما، لكن أحدهما شهر مسدساً غير حربيّ (كبسون) وأطلق منه النار، وعمد شباب الحي على إطلاق النار فتوقف الشابان وجرى اعتقالهما وتسليمهما الى نقطة الجيش في المنطقة.
وفيما نقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تخوّفه من ذهاب البلد نحو الفوضى الأمنية والانهيار الكبير، لفتت مصادر مطلعة على الواقع الأمني لـ»البناء» أن «مؤشرات عدّة تجمعت مؤخراً تنذر بأن الوضع الأمني يتجه إلى مزيد من التأزم، لا سيما أن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المواد الغذائية بدأت تنعكس سلباً على الوضع الأمني وهذا ما تثبته الأرقام على صعيد تنظيم تحركات شعبية ومظاهرات وقطع الطرقات وردود الفعل من قبل المواطنين المارة الذين يرفضون ذلك، فيما الأجهزة الأمنية تقف عاجزة عن التدخل إلا ضمن هامش معين لغياب أي قرار من قياداتها الأمنية والسياسية المتمثلة بوزيري الدفاع والداخلية والمجلس الأعلى للدفاع بفتح الطرقات بالقوة والسيطرة على الوضع»، كما تتوقف المصادر بقلق أمام تداعيات تزايد حالات الفقر والجوع على الوضع الأمني وترجمة ذلك في تهافت المواطنين الكثيف على المحال التجاريّة لشراء المواد الغذائيّة لا سيما المدعومة منها وحصول إشكالات وعراك على بعض السلع كما حصل مؤخراً على كيس حليب وزيت وهذا الأمر خطير جداً جداً لأنه سيزيد الإشكالات الأمنية في المحال التجارية وتزيد نسبة الجريمة التي سجلت أرقاماً كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية من غشّ واحتكار وأعمال سرقة ونشل واحتيال فيما يعمد بعض المحال والسوبرماركات والمخازن الكبيرة إلى التخزين والاحتكار والتلاعب بأسعار السلع».
وخلصت المصادر بالتحذير من أن «المعالجة الأمنية للشارع وللجريمة الاجتماعية والمعيشية غير كافية بل تحتاج الى معالجة على المستوى السياسي والمالي والاقتصادي وإلا الأجهزة الأمنية لن تستطيع الصمود إلى ما شاء الله»، لا سيما في ظل حالة من التململ تسود صفوف القوى الأمنية بحسب معلومات «البناء» «نتيجة تدهور الرواتب وتزايد المهمات الأمنية المكلفة بها». ما يدعو للتساؤل والخوف هل سنصل إلى مرحلة الانهيار والفوضى الأمنية العارمة التي ستدفع كل مواطن إلى أن يحمي نفسه وعائلته ومنزله؟
وتساءلت أوساط سياسية عن سبب تلكؤ قيادة الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بإعطاء الأوامر للعناصر على الأرض لفتح الطرقات وترك المواطنين رهائن عصابات وقطاع طرق على الطرقات حتى ساعات متأخرة من الليل فيما الأجهزة الأمنية لديها كافة المعلومات عن الذين يحرّكون هذه المجموعات ويدفعون لها المال؟ علماً أن مهمة فتح الطرق ليست عصية على الجيش لا سيما أن عدد قطاع الطرق ليس كبيراً وأقل بكثير من التجمعات التي كانت تحصل في العام الماضي. وأوضحت المصادر لـ»البناء» إلى أن «الحصار الأميركي والخليجي الاقتصادي والمالي للبنان منذ أكثر من ثلاث سنوات وعرقلة الحل السياسي وتأليف الحكومة وتحريك الجهات السياسية والأمنية المحوسبة عليهم هو المسؤول الأساسي عمّا يجري في لبنان من تردي الأوضاع الاقتصادية والنقدية والأمنية»، فالأميركيّون بحسب المصادر مستمرّون بمخططهم وسياساتهم التدميرية لاقتصادات المنطقة وبسياسة الضغط على حزب الله ورئيس الجمهورية لتقديم تنازلات في قضايا متعددة كالسلاح الاستراتيجي الذي تملكه المقاومة في لبنان والذي يشكل خطراً وجودياً على «اسرائيل» وفي ملف ترسيم الحدود الذي يعتبر ملفاً حيوياً بالنسبة لـ»اسرائيل»، مذكرة بـ»تصريح مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد شينكر منذ أيام والذي أعاد طرح ملف الترسيم من جديد عبر رسائل شديدة اللهجة للمسؤولين اللبنانيين ورابطاً بين إعادة تحريك الملف وبين استمرار الأحداث في لبنان وثورة الشعب اللبناني على فساد الطبقة السياسية الحاكمة».
وفيما أفادت مصادر «البناء» أن سلعاً غذائية عدة فقدت من الأسواق منذ أيام كحليب الأطفال، كشف عدد من أصحاب المحال التجارية لـ»البناء» أن عدداً كبيراً من شركات الاستيراد الكبيرة أبلغت زبائنها من التجار الصغار والسوبرماركات بأنها ستتوقف عن تسليم السلع المدعومة كلياً، كما أبلغتهم بما معناه: «عملوا حسابكم الأسبوع الجاي موجة ارتفاع أسعار كبيرة». وكشفت معلومات «البناء» ايضاً أن «معظم الشركات الكبرى والمتاجر الكبيرة والسوبرماركات المتوسطة وحتى بعض الدكاكين الصغيرة كما والكثير من المواطنين بدأوا منذ اليوم الأول لفتح البلد إلى تخزين المواد والسلع بكثرة وكل جهة لسبب معيّن وذلك تحسباً لارتفاع كبير بأسعارها، والأخطر كما أظهرت الفيديوات أن السوبرماركات بدأت تفرض على الزبائن شراء أنواع السلع وكمياتها وإجبارهم على شراء سلع إضافيّة مع كل سلعة مدعومة ما يرتب على المواطنين أعباءً ماليّة اضافية»، علماً أن مصادر الشركات والسوبرماركات أوضحت لـ»البناء» أن «هذا الإجراء يهدف الى الحد من عمليات «قش» السلع المدعومة من أصحاب المتاجر الصغيرة الذين يدخلون أكثر من مرة لشراء السلع المدعومة بهدف إعادة بيعها بأسعار أعلى، كما أن المواطنين يدخلون أكثر من مرة لشراء السلعة المدعومة نفسها لتخزينها في المنازل، لذلك اضطرت السوبرماركات الى تقنين شراء هذه السلع لتشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين».
وأوضح نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد أن «التأخير في وصول السلع الى المحال هو بسبب تأخّر وصولها الى لبنان والطلب على أصناف معيّنة أكثر بكثير من العرض». وقال: «فرض شراء بمبلغ معيّن على الزبون للحصول على السلع المدعومة أمر مرفوض وفي حال حصول ذلك نطلب من المواطن الاتصال على 1739 لتقديم شكوى».
وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي من أحد المتاجر في منطقة دوحة عرمون عن بيع أصناف غذائية مدعومة، تهافت المواطنون لشراء ما امكن من الحاجات والسلع، ووقفوا في طوابير ومعظمهم من دون كمامات وقائية.
وفيما البلاد على حافة الانهيار والفوضى الأمنية، لم تسجل الساحة الداخلية أي معالجات سياسية أو تطورات حكومية في ظل انسداد الباب الداخلي على الحلول حتى الساعة وعدم مبالاة الخارج لا سيما الأميركي الذي لم يضع لبنان ضمن اولويات الحلول لديه، فيما بقي الرئيس المكلف الموجود في الإمارات على مواقفه على أن ينتقل الى روسيا في الأيام القليلة المقبلة.
هذا الواقع الحكوميّ والسياسيّ سيدفع ببعبدا الى البحث بخيارات دستورية وسياسية أخرى لدفع عملية التأليف الى الأمام وللضغط على الرئيس المكلف الذي يحتجز التكليف في جيبه وفق مصادر التيار الوطني الحر. ولم تستبعد أوساط مطلعة على موقف بعبدا لـ»البناء» أن «يكون لرئيس الجمهورية أكثر من مبادرة ممكنة سعياً للخروج من المأزق القائم سواء الدعوة إلى طاولة حوار أو إرسال رسالة إلى مجلس النواب يعرض فيها ملابسات وظروف التأخّر في تأليف الحكومة. وهنا يتعين على البرلمان الانعقاد خلال ثلاثة أيام للاستماع إلى رسالة الرئيس واتخاذ الموقف او الإجراء أو القرار اللازم، وقد يتضمّن الإجراء توصية معينة».
واشار المفتي الشيخ أحمد قبلان الى أن «حاجة البلد اليوم قبل الغد إلى حكومة إنقاذ أضحت كحاجة الجسد إلى الرأس، حكومة باتت ضرورة ماسّة لمنع الفوضى والفلتان وسياسة الشوارع المفتوحة على أكبر المخاطر».
وفي المواقف الدولية، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة تراقب «الوضع في لبنان عن كثب وباهتمام بالغ». وتابع «هناك حاجة ملحة لتشكيل حكومة ووقف الفساد، ونحن ندعم الشعب». وأكدت سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو أن «الوضع الطارئ على الصعيد الصحي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب يقظة كما يستوجب أن يتحمل أخيراً جميع الأفرقاء السياسيين مسؤولياتهم».
وبقيت المعلومات التي تحدثت عن توجه أميركي لفرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تتفاعل. وأكد المتحدث الإعلامي في السفارة الأميركية في لبنان كايسي بونفيلد أن «هذه التقارير والمعلومات غير صحيحة».
وفي المقابل أعلن مكتب سلامة أنه «سيتقدّم بسلسلة دعاوى قانونية في داخل لبنان وخارجه بحق وكالة بلومبرغ الأميركيّة ومراسلتها في بيروت وكل مَن يقف وراءهما بجرائم فبركة أخبار والإساءة ومحاولات تشويه سمعة حاكم المصرف المركزي».
وساهم الحديث عن فرض عقوبات على سلامة بالضغط على السوق وإشاعة حالة من الخوف والقلق وعدم الثقة في لبنان والخارج ما أدى الى ارتفاع اضافي بسعر الدولار ما يؤشر الى أن بث هذه المعلومات مقصود والهدف زيادة حالة الهلع ومفاقمة الأزمة.
وفيما أمل المودعون خيراً من تطبيق المصارف تعميم مصرف لبنان لجهة رفع رساميلها بأن يساهم في إعادة ودائعهم في المصارف، غرّد نائب التيار الوطني الحر النائب حكمت ديب قائلاً: «بدكن تعرفوا وين مصرياتكم؟ ودائع اللبنانيين في البنوك 112 مليار $ و45 ألف مليار ليرة. من الدولارات أودعت البنوك 77 مليار$ في مصرف لبنان، يللي بيقول عندو 17 مليار $ فقط (هودي مصرياتكم مش الاحتياطي) وديّن الدولة منهم 5 مليارات $ فقط! يعني باقي 55 مليار$! وينن؟ بح!!!».
المصدر: صحف