شوقي عواضة
شكل استهداف احد محطات شركة ارامكو في جدة امس نقلة نوعية في سياق مواجهة التحالف العدواني على اليمن اثبت من خلاله الجيش واللجان الشعبية مدى قدرتهم على نقل المعركة من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم على الجبهات الداخلية والخارجية . فعلى مستولا التصدي للعدوان خارجيا تم فرض قواعد اشتباك جديدة في ايلول عام 2019 حين استهدفت القوات المسلحة اليمنية حقول النفط في بقيق وخريص اضافة الى استهداف بعض المطارات والقواعد العسكرية السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة. وقد حققت انجازات وتقدما كبيرا وهذا يعني في المفهوم الاستراتيجي انه لا يمكن ان تهزم قوة استطاعت ان تحدث خرقا كبيرا على الجبهات الخارجية من خلال استهداف عواصم دول العدوان ومصالحه بالرغم من الحصار المطبق.
جاء استهداف ارامكو في جدة ترجمة لتهديدات المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع لتؤكد جدية التهديدات ومصداقية التزام القوات المسلحة بالرد. العملية اتت في ظل تحذيرات العميد يحيى سريع لكافّة الشركات الأجنبيّة العاملة في السعودية ولأبناء الحجاز ونجد والمقيمين فيها في كافّة المناطق بالابتعاد عن المنشآت العسكريّة والاقتصاديّة الحيويّة ذات الطّابع العسكري لأنّها ستكون هدفاً مشروعاً من أهداف قوّاتنا العسكرية مضيفاً بأنّنا لن نتردّد في اتخاذ خطوات تصعيديّة مماثلة خلال الأيام المقبلة في ظلّ استمرار العدوان الظالم والحصار الغاشم والتّصعيد العسكري المستمرّ والإصرار على استمرار إغلاق المطارات والموانئ على بلدنا.
اضافة الى ذلك شكلت ضربة ارامكو تحذيرا استباقيا لنظام ال سعود وتحالفه العدواني مع اقتراب سقوط مأرب بيد الجيش واللجان الشعبية، وقد حمل هذا التحذير رسالة مفادها ان نفط مأرب مقابل نفطكم اينما كان . اما على الجبهة الداخلية فقد شكّل سقوط معسكر ماس في مأرب بيد الجيش واللّجان الشعبيّة ضربة قاصمة لقوّات تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن. لتضيف قوّات صنعاء انجازاً عسكرياً جديداً في سجلات انتصاراتها يحمل العديد من المؤشّرات والرسائل على المستويات العسكريّة والأمنيّة والاستراتيجية والاقتصاديّة .
فعلى المستوى الاستراتيجي والعسكري فإنّ سقوط أكبر وأهم قاعدةٍ عسكريّة تشكّل خطّ الدفاع الأوّل عن مأرب يعني سقوطاً كاملاً لمحافظة تبلغ مساحتها 17405 كيلو متر مربع وتضمّ 14 مديرية أكبرها مأرب. ونظراً للأهميّة الاستراتيجية التي يشكّلها معسكر ماس كونه يشكّل مركز القيادة السابعة لقوّات هادي ومرتزقته ووفقاً للتّقسيم العسكري للمناطق اليمنية فإنّ المهام العسكريّة والأمنيّة التي تندرج ضمن مهام هذه القيادة تمتدّ إلى العاصمة صنعاء ومحافظات ذمارو إب والبيضاء التي تخضع لسيطرة الجيش واللّجان الشعبيّة وهذا يعني أنّ سقوطه بيد الجيش واللّجان الشعبيّة أثبت مدى الفشل العسكري والأمني لقوّات التحالف العدواني على مدى سنوات العدوان بالرّغم من امتلاكهم كلّ التجهيزات العسكريّة والتقنيّة والتّكنولوجيّة وبإشراف كبار الضّباط الأمريكيين والسّعوديين والامارتيين على الإعداد و التوجيه والتّخطيط والتنفيذ وإدارة كلّ المعارك إضافة الى توفر الأعداد الكبيرة من المرتزقة المتعدّدة الجنسيات، فقد سقط وهم العدوان وكلّ رهاناته باءت بالفشل ولم يحصد منها إلّا المزيد من الخيبات من خلال محاولاته المتعدّدة لاستعادة بعض المحافظات التي تندرج ضمن إطار مهامهم العسكريّة التي أحبطت بعزم وصمود الجيش اليمني واللّجان الشعبيّة التي سحقت كلّ مخطّطات قيادة العدوان في كلّ المعارك التي لن يكون آخرها سقوط معسكر ماس وتحالفه العدواني الذي أفقدهم الأمل الأخير في محاولتهم لتحقيق أي تقدّم باتجاه صنعاء والمحافظات الأخرى.
وهذا يعني بالمنطق العسكريّ والاستراتيجي سقوطاً مدويّاً وهزيمةً قلّ نظيرها في التّاريخ رغم عدم تكافؤ القوّة بين الطرفين، فإنّ سقوط معسكر ماس الذي يشكّل خطّ الدّفاع الأوّل عن مأرب أمّن الجبهات القتاليّة في نجد العتق وجبال صلب في مديرية نهم شرق العاصمة صنعاء، وامّن طريق صنعاء مأرب إضافة إلى تحقيق السيطرة النّارية على أجزاء كبيرةٍ من مديريتي مدغل ومجزر غرب مأرب وبذلك يحكم الجيش واللّجان الشعبية سيطرتهم على أهم الخطوط الدفاعيّة المتقدّمة و أكبر القواعد العسكريّة لتحالف العدوان التي يقع ضمن إطارها مقرّ ما يسمّى بوزارة الدفاع ومراكز عسكريّة وأمنيّة تابعة لتحالف العدوان وهذا يؤشّر إلى أنّ الجيش واللجان الشعبيّة سينقلون المعركة إلى الجهة الشماليّة الغربية لمدينة مأرب لتتقدّم باتجاه المناطق المطلّة على معسكر صحن الجن الذي يضمّ مقرّ ما يسمّى بوزارة الدفاع لقوّات المتمرّد عبد ربه منصور هادي ومراكز قوّات التحالف العدواني .
أمّا على المستوى الاقتصادي فإن سقوط مأرب المحافظة النفطية هو انتصار اقتصادي للجيش واللجان في ظل الحصار المطبق على صنعاء وهزيمة تضاف للهزائم العسكريّة للعدوان الذي فقد السيطرة على مصافي النفط التي تؤمّن جزءاً كبيراً من النفط لليمن وهذا يعني تحقيق انتصارٍ اقتصادي يخفّف من وطأة الحصار وقد يؤدّي إلى دفع دول العدوان لتحويل المعركة إلى معركة استهداف للنفط من خلال محاولة قوى العدوان تفجير أو استهداف مصافي النفط في مأرب لعدم تمكين الجيش واللّجان الشعبيّة من الاستفادة منه لتخفيف الحصار. أمر قد يستدعي الرّد على العدوان وفرض قواعد اشتباكٍ جديدة اشار إليها المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع وهذا يعني أنّ مرحلة ما بعد مأرب ستفرض قواعد اشتباكٍ جديدة تقول النفط بالنّفط والمطار بالمطار والموانئ بالموانئ والمدن بالمدن والبادي أظلم.
المصدر: بريد الموقع