كشفت الدراسات الحديثة أن واحدا فقط من بين كل 5 أشخاص يصابون بـ “كوفيد-19″، ينقل المرض بالفعل لشخص آخر.
ويقول بعض العلماء إن هؤلاء “الناشرين الفائقين” يمكن أن يكون لهم تأثير عميق على أنماط العدوى، التي نراها في جميع أنحاء والعالم. وفي الواقع، يمكن أن يكونوا وراء 80% من جميع الإصابات الجديدة.
وإذا كانت النظرية صحيحة، فقد يعني ذلك أن التكتيك الحالي الذي تستخدمه NHS Test and Trace البريطانية، لمحاولة تعقب جهات الاتصال الوثيقة لكل شخص أثبتت إصابته بالعدوى، هو في أحسن الأحوال إهدار للموارد.
والآن، علمت The Mail on Sunday أن بعض فرق الصحة البيئية المحلية انتهكت بالفعل بهدوء بروتوكول إدارة الصحة الوطنية البريطانية NHS، وتوظف نهجا أكثر استهدافا يهدف إلى تحديد بداية كل تفش، ومن المحتمل أن يكون الموزع الفائق في قلبه.
وجرى التعرف على أول ناشر لـ”كوفيد-19″ بريطاني فائق في أوائل فبراير.
وأصيب ستيف والش، 53 عاما، بالفيروس في سنغافورة في مؤتمر، وزار منتجعا للتزلج في جبال الألب الفرنسية حيث أصاب 11 آخرين، ثم عاد إلى منزله في هوف، شرق ساسيكس. وفي ذلك الوقت، كانت جميع حالات كوفيد الثمانية في المملكة المتحدة، باستثناء حالتين، مرتبطة بالسيد والش.
وحُدد ما يسمى بـ “أحداث فائقة الانتشار” منذ ذلك الحين. وفي أوائل سبتمبر، قالت جامعة سوانسي إن أحد الطلاب كان مسؤولا عن 32 حالة إصابة بـ “كوفيد-19″ بعد حضور حفلة منزلية.
وفي الشهر نفسه، ذهب أحد المصطافين العائدين من إسبانيا إلى عدد من الحانات في بولتون – بدلا من عزل نفسه – وألقى المسؤولون المحليون باللوم عليه لـ”الارتفاع الشديد” في المدينة في حالات الإصابة بفيروس كورونا.
ولكن، هل يمكن تعقب هؤلاء الموزعين الفائقين قبل أن يتسببوا في الكثير من الضرر؟.
ربما لا. ولكن يمكن إلى حد كبير تحديد المكان الذي كان فيه الشخص، إذا كنت تستخدم الطريقة الصحيحة: يطلق عليها التتبع العكسي، وهي تقنية استخدمها مسؤولو الصحة العامة المحليون لسنوات.
وعادة، تطلب NHS Test and Trace ببساطة من كل حالة “كوفيد” شُخّصت حديثا، تسليم أعداد الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بهم خلال اليومين الماضيين، لاستدعائهم، بحيث يتم الحجر الصحي لمدة إسبوعين. ولكن التتبع العكسي يعمل بشكل مختلف. وتبحث الفرق الصحية المحلية أولا عن مجموعات من العدوى في منطقة معينة – وتركز اهتمامها عليها.
ويقابلون الأشخاص المعنيين ويسألونهم عن مكان وجودهم خلال الـ 14 يوما الماضية. ثم تتم مقارنة هذه القوائم، لمعرفة ما إذا كانت مواقع معينة تظهر العدوى أكثر من غيرها.
وقال البروفيسور جاكي كاسيل، خبير الصحة العامة في كلية الطب برايتون وساسكس: “إذا كانت هناك مواقع متكررة، على سبيل المثال مقهى، ووقت وتاريخ الزيارات، فإن المتتبعين سيتخذون قرارا بوجود موزع فائق هناك”. ثم يتصلون بالمكان ويحاولون العثور على أي شخص زار المكان في ذلك الوقت. وهؤلاء هم الأشخاص الذين يتم الاتصال بهم ونصحهم بالعزل أو إجراء اختبار.
ويضيف كاسيل: “في هذه العملية، من المحتمل أن ينتهي بنا الأمر إلى عزل الموزع الفائق”.
وتجادل الدكتورة موغ سيفيك، خبيرة الأمراض المعدية في جامعة سانت أندروز، بأن النظام الحالي المستخدم في اختبار وتتبع الحالات، يخاطر بالسماح للموزعين الفائقين بالمرور عبر الشبكة. وتقول: “كوفيد-19 ينتشر في مجموعات. نحن بحاجة إلى التركيز على البيئات التي تحدث فيها هذه المجموعات”.
ويعد التتبع العكسي الطريقة الرئيسية المستخدمة في اليابان، وهي واحدة من الدول القليلة التي لا تدخل في أي شكل من أشكال الإغلاق منذ البداية.
وبعد تحديد أول حالة لـ “كوفيد-19” في يناير – وعلى الرغم من أن طوكيو واحدة من أكثر المدن اكتظاظا بالسكان والتي تضم أكثر من 35 مليون نسمة – كان مسار الوباء مختلفا بشكل كبير هناك.
وحتى الآن، كان هناك نحو 1650 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، مقارنة بـ 43429 حالة وفاة في المملكة المتحدة. وعلى عكس معظم الدول الغربية، لم تكن خطتهم أبدا هي محاولة القضاء على الفيروس – وبدلا من ذلك صرحوا علنا أن هذا “مستحيل”. وتقول سيفيك: “اليابان لا تختبر الجميع. بدلا من ذلك، تحاول تحديد مكان إصابة الأشخاص”.
ويذهب هيتوشي أوشيتاني، من فريق عمل Covid-19 Cluster Taskforce في اليابان، إلى حد اقتراح محاولة القبض على كل حالة منفردة لـ “كوفيد-19”. وكان نهجهم هو “تحمل بعض انتقال العدوى” لتجنب “الإجهاد المفرط” أثناء محاولة تركيز تدابير الاحتواء على التجمعات عند ظهورها.
ويقول البروفيسور كاسيل: “كان من الممكن أن نستخدم التتبع العكسي منذ البداية. إنها الطريقة التي تعاملت بها فرق الصحة العامة دائما مع تفشي التهاب السحايا والحصبة. وتمتلك فرق الصحة العامة المحلية فهما للمنطقة التي يعملون فيها – ديناميكيات الأسرة، والحانات التي يذهب إليها الناس، وأين يعملون. لسوء الحظ، في الاندفاع نحو مركزية الاختبار والتعقب، تم نسيان هذه الفرق والعمل الحيوي الذي يقومون به”.
المصدر: دايلي ميل