تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 19 آب 2020 العديد من المواضيع والملفات من قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بعد 15 سنة على انطلاقتها الى الارتفاع الصادم لاعداد الاصابات بفيروس كورونا ما حتم على الحكومة اللبنانية اتخاذ قرار اقفال البلد لمدة اسبوعين فضلاً عن الصراع الدولي على الغاز والنفط الحاصل فوق مياه البحر المتوسط … وكانت الافتتاحيات على الشكل التالي:
* الاخبار
محكمة منتهية الصلاحية!
إنها محكمة «من أصحاب السوابق». المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحمل سجّلاً عدلياً غير نظيف. هي المرة الاولى في تاريخ العالم الغربي التي تُصدر فيها محكمة دولية حكما غيابياً، بإدانة شخص، من دون أي دليل: لا تسجيل فيديو، لا تسجيل صوتياً، لا تسجيل مكالمة، لا شاهد يقول رأيت، ولا شاهد يقول سمعت. لا تحويل مالي. هي محكمة التجهيل: دافع الجريمة مجهول. المخطط مجهول (المحكمة قالت إنها لم تقتنع بأنه الشهيد مصطفى بدرالدين). اشترى أداة الجريمة (الشاحنة) مجهولان، فخّخها مجهولون في مكان مجهول، واتوا بالمتفجرات من مكان مجهول. سجّل مجهولون شريط احمد أبو عدس لتلفيق تبنّي العملية، في مكان مجهول. وأبو عدس مجهول المصير. من وضعوا شريط أبو عدس فوق شجرة قرب مبنى الاسكوا في وسط بيروت مجهولون. ومن راقبوا الشجرة مجهولون. ومن اتصل بقناة الجزيرة ووكالة رويترز لتبني العملية مجهول أيضاً. الانتحاري الذي فجّر نفسه في موكب الحريري مجهول. والأفراد الثمانية الذين نفذوا الجريمة يوم 14 شباط 2005، لا يزالون مجهولين.
كمية الجهل كبيرة جداً. تتضاعف إذا ما قيست بالمدة التي أهدِرت للتحقيق، وبالموارد المالية التي أنفِقت. يمكن تقدير أن لبنان انفق نحو مليار دولار على التحقيق الدولي في 15 عاماً، من دون ان تنشر محكمة تقول إنها تعمل وفق أعلى المعايير الدولية، جردة حساب دقيقة تكشف كيفية إنفاقها للاموال التي تتلقّى نحو نصفها من دافعي الضرائب في لبنان. وبما ان المبلغ بالعملة الاجنبية، يمكن أن يُضاف جرم جديد إلى سجل المحكمة، وهو أن الدولة اللبنانية تسرق لحسابها دولارات المودعين. مليار دولار فيما قصور العدل اللبنانية «تنشّ» سقوفها وتميد الأرض من تحتها، وملفاتها في خزائن من غبار.
رغم ذلك، لم تجد المحكمة الدولية دليلاً لإدانة المتهم سليم عياش، سوى دليل الاتصالات. وهذا «الدليل»، لا يتضمّن تسجيلات المكالمات، ولا مضمون رسائل نصية، بل تحليل لحركة هواتف خلوية، جغرافياً، يسمح ببناء نظرية تحقيقية للظن، لا للحكم. فبناء على التحركات الجغرافية، يمكن الاستنتاج، لا الجزم، بأن شخصاً ما كان يحمل هاتفين معاً، في وقت واحد. لكن لا دليل يسمح بإثبات ذلك. هي نظرية تحقيقية لم تؤيَّد بأي دليل حسّي. وعندما عارضها دليل آخر، قررت المحكمة اسقاط الدليل الثابت، والاستناد إلى النظرية غير المؤكدة لإدانة عياش. سجلات الامن العام في مطار بيروت عام 2005 تُثبت انه كان في السعودية في كانون الثاني من ذلك العام، لأداء مناسك الحج. وسجّلات الامن السعودي تثبت ذلك أيضاً، كما استخدام بطاقته المصرفية في مكة والمدينة والمنورة أيضاً. وفيما هو في السعودية، كانت الهواتف المنسوبة إليه تستمر بالعمل في لبنان كالمعتاد. هذه الوقائع تكفي لتنهار نظرية الادعاء العام. لكن المحكمة أسقطت هذه الوقائع، مستغلة ثغرة في سجلات الامن السعودي، وهي عدم وجود سجل دخول وخروج إلى أرض الحجاز لابنة عياش التي رافقته وزوجته إلى الحج. ببساطة، قررت المحكمة نسف دليل واقعي، لحساب نظرية تحقيقية حبلى بالشك، والبناء عليها لإدانته.
القضاة والمحققون والمحامون سيسعون الى تقديم عروض جديدة لأطول فترة ممكنة، لإدامة فرص عملهم
هذه النظرية لم تكن الوحيدة السائدة بين عامي 2005 و2011، تاريخ صدور القرار الاتهامي في الجريمة. لكن المحققين قرروا إهمال كل ما عداها. ومما اهملوه، على سبيل المثال لا الحصر، ان مجموعة من «تنظيم القاعدة في بلاد الشام»، اعترفت في الايام الأخيرة من عام 2005 والايام الاولى من 2006، بارتكاب الجريمة، امام محققي فرع المعلومات. الموقوف السعودي فيصل اكبر سرد وقائع عن الجريمة لم يكن المحققون الدوليون قد توصلوا إليها بعد. مثلاً، ذكر الموقوف أن مجموعته اشترت من الشمال اللبناني الشاحنة التي استُخدِمَت في التفجير. وعندما قال ذلك، كان المحققون اللبنانيون والدوليون لا يزالون منشغلين برواية احد شهود الزور عن تهريب الشاحنة من سوريا إلى لبنان، ولم يتوصلوا إلى واقعة شراء الشاحنة من البداوي إلا بعد أربعة أشهر من اعتراف الموقوف فيصل أكبر.
أهمِل ما سبق، وغيره الكثير، لصالح الرواية الرسمية الجديدة لفريق الاتهام السياسي. ما ذكره رئيس المحكمة عند إعلانه الحكم امس، عن الاجواء السياسية السابقة للاغتيال، يبدو مقتبساً من البيانات الأسبوعية للامانة العامة المندثرة لقوى 14 آذار. أصدرت المحكمة حكماً بإدانة عياش، وبرأت ثلاثة متهمين آخرين (أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن مرعي)، كما برأت المتهم السابق الشهيد مصطفى بدرالدين، رغم أن أصول العمل القضائي الدولي تمنع أي إدانة او تبرئة لمتهين احتفظوا بقرينة البراءة بالوفاة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى ان المحكمة اقتنعت بمزاعم الادعاء العام القائلة إن بدر الدين كان يستخدم اسم سامي عيسى في حياته غير الحزبية، متجاهلة أنه كان يتابع دراسته الجامعية في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، ونال منها شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية، يوم 28 شباط 2005. وكان أساتذته وزملاؤه يعرفونه باسمه الحقيقي: مصطفى أمين بدر الدين.
التوجه السياسي بلغ ذروته في التبرئة كما في الإدانة. أسقطت المحكمة التهم عن متهمين لا وجود لأي دليل ضدهم، ولو على شكل شبهة. كل إفادات الشهود المتعلقة بهم أسقِطَت بالضربة القاضية. إدانتهم كانت فضيحة الفضائح، فاستعاضت المحكمة عنها ببراءة تدفع بها عن نفسها تهمة التسييس. بات في مقدور فريق الاتهام السياسي القول إن التبرئة دليل على ان المحكمة غير مسيسة. فيما الواقع ان إدانة عياش، بليّ عنق الحقيقة، معطوفة على تبرئة الثلاثة الآخرين، هي التسييس المحض. إثبات عدم التسييس كان في رفض ادلة منقوصة يرقى إليها كل شك معقول، وفي عدم قبول تضييع ملايين ساعات العمل لمئات المحققين والمستشارين، بلا أي نتيجة.
المحكمة لن تقف عند الحد الذي وصلت إليه امس. المحامي الذي عيّنته ليدافع عن مصالح عياش، إميل عون، سيطلب استئناف حكم الإدانة. والادعاء العام يدرس الحكم ليرى إمكان نقضه. وإذا وافقت المحكمة على الاستئناف، فستعاد المحاكمة التي ستدوم لسنوات جديدة. فضلاً عن نية الادعاء العام تقديم قرارات اتهامية جديدة، بحق متهمين جدد، في الجريمة نفسها، إضافة إلى وجود 3 جرائم متلازمة (اغتيال القيادي الشيوعي الشهيد جورج حاوي، ومحاولة اغتيال مروان حماده، ومحاولة اغتيال الياس المر). ستدوم المحكمة. سياسياً، سيسعى فريق الادعاء السياسي إلى جني الأرباح من عملها.
صرف المحققون والقضاة والمستشارون والمحامون 15 سنة ونحو مليار دولار، ليبنوا حكمهم على دليل ظرفي كان محققو مخابرات الجيش اللبناني، ولاحقا محققو فرع المعلومات، قد اعدوه كما قرأه علينا امس قضاة المحكمة… من دون اي اضافة!
اذا كان لبنان قد قبِل بهذه المسرحية، فهذا يعني ان القضاة والمحققين والمحامين سيسعون الى تقديم عروض جديدة لأطول فترة ممكنة، لإدامة فرص عملهم ورواتبهم، في واحدة من المؤسسات الدولية المنتهية الصلاحية.
خيبة أمل 14 آذار
أتى قرار المحكمة الدولية مخيّبا لقوى 14 آذار التي ظنت أن موعد النطق بالحكم سيكون مناسبة لنفض الغبار عنها واعادتها الى دائرة الضوء السياسية. ففيما، جاء موقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري هادئا ومتزنا، بدأت حفلة المزايدات وكيل الاتهامات لحزب الله الذي لم تتهمه المحكمة نفسها! انتظر «ثوار الأرز» حكما يرضي احقادهم ويمهد لفتنة داخلية وحرب أهلية جديدة؛ ولما لم يتناسب مع مخططاتهم، عمدوا الى تحوير العبارات وتفسيرها كما يشاؤون. الواضح أن «الحقيقة» التي اختبأ خلفها دعاة «الاستقلال»، كانت مجرد شماعة لتحقيق مآرب شخصية وتصفية حسابات سياسية. فقد اعتبر النائب السابق مصطفى علوش أن «هناك نوعاً من خيبة الأمل، لا يمكن أن يكون إتهام المحكمة الدولية التي تحقق باغتيال الرئيس الحريري محصورا بالمتهمين الـ4 الذين هم على قيد الحياة فقط، وهم عناصر في حزب الله». على نسق علوش، قال النائب سمير الجسر: «يمكن أن يكون للناس خيبة أمل من الجانبين وليس من جانب جمهور تيار المستقبل فحسب، لكن بعض الناس رحبت بالحكم». الخيبة عبّرت عنها أيضاً الوزيرة السابقة مي شدياق بالقول ان القرار «خيّب ظني»! ورغم أن المحكمة لم تدن حزب الله أصر النائب السابق أحمد فتفت على الافتاء بنفسه: «المحكمة أدانت سليم عياش الذي ينتمي إلى حزب الله، وهناك ادانة لحزب الله عمليا لأن سليم عياش من صفوفه». أما الوزير السابق بطرس حرب فذهب أبعد من زملائه في انتقاد أداء المحكمة التي «خرجت عن صلاحياتها بإعطاء بعض الجهات والدول البراءة في وقت ليس هذا دورها»، معتبرا أن عياش «لا يستطيع أن يقوم بهذا التفجير لوحده، بل يحتاج إلى فريق كبير، والحكم ما هو الا تعزية للبنانيين الذين دفعوا 900 مليون دولار للمحكمة». ولم يخجل حرب من القول إن «المحكمة برأت الجهات التي نشك سياسيا بضلوعها في الاغتيال». وكرر النائب المستقيل مروان حمادة المعزوفة نفسها بأن «إدانة عياش إشارة للجهة التي ينتمي اليها وعلى حزب الله التعاطي مع القضاء الدولي بطريقة جديدة». فيما خيبة أمل النائب السابق فارس سعيد دفعته الى تفسير الحكم الى «جماهيره»: «الى المواطنين، المحكمة الدولية تبرز أدلة ولا تتهم أحزاباً وأنظمة. ترفع حكمها الى مجلس الأمن الذي بدوره يربط الأمور ويتكلم سياسة».
خريطة «مضخّمة» للمدارس المتضررة: هل بدأ السباق على المساعدات؟
رغم أنّ أعمال المسح الميداني للمدارس المتضررة من انفجار مرفأ بيروت لم تنتهِ بعد، لم يكن مفهوماً لماذا نشر المركز التربوي للبحوث والإنماء خريطة بالمدارس الرسمية والخاصة الواقعة في المناطق المتضررة بالانفجار، وعددها 673، و«إيهام» الرأي العام بأنها «مدارس متضررة»، أو هذا على الأقل ما فهمه الكثيرون. فيما أحصت وزارة التربية، حتى الآن، 75 مدرسة رسمية متضررة فقط، وأوردت – في خريطة أخرى – أسماء هذه المدارس والرقم التربوي لكل منها، وأعلن المكتب الإقليمي لليونسكو أن الانفجار ألحق دماراً جزئياً أو شاملاً بـ 70 مدرسة رسمية و50 مدرسة خاصة فحسب.
تزدحم الأسئلة بشأن غياب التكامل في العمل بين الوزارة والمركز التربوي، وعن الهدف من خريطة المركز وخلفيات تضخيم العدد فيها، وما إذا كانت لذلك علاقة بالمساعدات التي سيحصل عليها القطاع التربوي من الجهات المانحة.
رئيسة المركز ندى عويجان لفتت إلى أن «هناك جهات تطلب منا معلومات عن المدارس المتضررة وقد أعددنا جداول تتضمن: الاسم، المحافظة، القضاء، قطاع التعليم، الرقم التربوي للمدرسة، رقم الهاتف، البريد الإلكتروني، عدد التلامذة، البلدة، الحي، الشارع، اسم المدير…». مثل هذه اللوائح توفر، بحسب عويجان، «داتا للراغبين في دعم المدارس بالتعاون مع الوزارة».
وأقرت عويجان بأنّ فريقها لم يزر المدارس الرسمية والخاصة ولم يجرِ مسحاً ميدانياً للتأكد من أن ضرراً لحق بهذه المدرسة أو تلك، بل استعان بمشروع الخريطة المدرسية الذي كان أجراه قبل الانفجار! وأوضحت أن الخريطة التي نُشرت على موقع المركز تتضمن توزيعاً جغرافياً للمدارس الواقعة في المناطق الأكثر تضرراً بالانفجار والمحددة من كيلومتر واحد وحتى 7.6 كيلومترات (410 مدارس)، وفي المناطق الأقل تضرراً الممتدة من 7.6 كيلومترات وحتى 12.6 كيلومتراً (263 مدرسة). الهدف الأساس من الخريطة، كما قالت عويجان، «تقديم صورة أولية لأعداد المدارس وتوزيعها في المناطق المتضررة»، مشيرة إلى أن المرحلة الثانية ستتم بالتنسيق مع وزارة التربية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الترميم والبناء، حيث «سيجري كشف ميداني على المدارس لتحديد حجم الأضرار وكلفتها في كل مدرسة». وأضافت: «صحيح أن بعض المدارس تضرر بفعل الانفجار، لكن هناك مدارس بعيدة عن مكان الانفجار وفي مناطق نائية وليس لديها أدنى مقوّمات التعليم، وهذه يجب أن لا ننساها. كما أن من بين المدارس الواقعة في مناطق الانفجار مدارس مقفلة وقد تكون متضررة ويجب التنبه إلى هذا الأمر».
وبدا لافتاً أن تضع عويجان، وهي تتولّى مسؤولية رسمية، ترميم المدارس وبناءها في الدرجة الثانية من الأهمية، وأن تعطي الأولوية في مساندة العام الدراسي المقبل لتوفير المقوّمات الأساسية للتعلّم عن بعد، سائلة: «أين نحن من الموارد التربوية الرقمية، والإنترنت والكهرباء والكثير من الحاجات الأساسية لهذا التعلم؟»، مشيرة إلى أن «مثل هذه المقوّمات يمكن تأمينها في وقت أسرع من الترميم، من أجل مساعدة المعلم والتلميذ لدخول آمن إلى العام الدراسي وتوفير العدالة وتكافؤ الفرص وتدريب الأساتذة والأهل والتلامذة». اللافت أكثر كان دعوة رئيس المركز التربوي إلى «دعم المدارس الخاصة التي تشكل غنى للبنان، ولا سيما أن مدارس كثيرة أقفلت وأخرى في طريقها إلى الإقفال».
وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب اكتفى بالقول إنّ «الأرقام المعلنة غير صحيحة وسيصدُر تقرير علمي بشأن المدارس المتضررة الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى أن الوزارة هي المسؤولة عن إحصاء المدارس وليس المركز التربوي. وأكد «أننا لن نسمح بأي هدر»، على أن يتحدث لاحقاً عما سيجري في الوزارة والمركز.
عويجان: ترميم المدارس المتضررة سيتم بالتنسيق مع وزارة التربية
وكان مدير المكتب الإقليمي لليونسكو حمد بن سيف الهمامي قد اجتمع غداة الانفجار بوزير التربية وكشف، في بيان، أن تضرر المدارس يهدد بتعطيل العام الدراسي لـ55 ألف تلميذ لبناني وغير لبناني، وأن اليونسكو ستتكفل بإعادة تأهيل المدارس المتضررة بالتنسيق مع الشركاء التربويين والجهات المانحة، كما ستوفر نوعين من الدعم: وصول جميع الطلاب إلى التعليم من خلال أجهزة إلكترونية وموارد تعليمية رقمية لجميع الطلاب، وضمان جودة التعليم عن بعد من خلال تقديم الدعم التقني والفني لواضعِي السياسات التربوية ومطوّري المناهج والمعلمين لتطوير برامج التعليم عن بعد».
السؤال: كيف سيكون شكل المساعدات من الجهات المانحة وهل ستذهب الأموال مباشرة إلى وزارة التربية أم إلى المركز التربوي بالنظر إلى أن مؤتمر المانحين أعلن أن المساعدات ستذهب إلى الناس وليس إلى الحكومة، ومن يحدد الأولويات في دعم القطاع التربوي؟
الصراع على المتوسط
مواجهة مصرية ــ تركية جديدة… في البحر؟
شد وجذب بين أطراف يفترض أن بينهم «علاقات تعاون وثيقة»، هذا هو المشهد الحالي في منطقة شرق المتوسط ضمن الصراع حول الثروات. لكن، حتى مع إحاطة سفن التنقيب عن الغاز والنفط بالفرقاطات البحرية، لا توجد رغبة في تصعيد الأزمة لتتحول إلى معركة عسكرية. وفي المقابل، يبدو مسار المفاوضات مليئاً بالألغام، إذ تحاذر كل دولة من دول المتوسط العمل في مناطق غير خلافية مؤقتاً حتى ترسيم الحدود وفق رؤية تشمل تنازلات من الجميع، وذلك بسبب التفسيرات المختلفة. المؤكد أن الغياب الأميركي المؤثر عن المنطقة لعب دوراً كبيراً في تعقيد الموقف، لكن حائط الصد الفرنسي ــ الألماني يحاول وضع حدّ للاشتباكات المرتقبة، حتى وإن كانت باريس منحازة إلى أطراف محددين في الصراع نتيجة مواقف من أزمات أخرى..
تلوح بوادر أزمة مصرية ــ تركية جديدة، لكن هذه المرة ليس بسبب التدخل العسكري التركي في ليبيا بل ترتبط بالاستكشافات البحرية التي تجريها أنقرة في منطقة شرق المتوسط، بعدما اعترضت مصر عبر وزارة الخارجية على تنفيذ سفينة تركية أعمال مسح «سيزمي» في منطقة تتداخل مع النقطة الرقم 8، التي تعدّ «منطقة اقتصادية مصرية خالصة». يأتي الموقف المصري مدعوماً بما تم التوافق عليه في «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي يضم قبرص واليونان، ليتوسع لاحقاً ويشمل العدو الإسرائيلي وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية، على ما يقول موقع المنتدى الذي مقره في القاهرة. والصدام بين القاهرة وأنقرة بشأن الحدود البحرية، بعد صدامٍ آخر مع نيقوسيا ومنع بالقوة لأعمال الاستكشافات للأخيرة، كاد يتحول إلى اشتباك عسكري مع اليونان الشهر الماضي، للسبب نفسه.
تقول مصر إنها تستند إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» التي تنص على امتداد المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى أكثر من 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي، وكما ورد في كتاب لصلاح الدين عامر حول «القانون الدولي للبحار»، فإن سواحل مصر على المتوسط تصل أقصى الغرب من جزيرة كريت على بعد 190 ميلاً من السلوم، فيما تقع السواحل التركية في مواجهة المنطقة الوسطى من الساحل المصري وتبعد عن الإسكندرية نحو 280 ميلاً بحرياً. وكانت مصر قد وقّعت تقاسماً للحدود البحرية مع قبرص في 2003 تبعتها مذكرة تنفيذية في 2014، كما وقعت اتفاقية مماثلة مع اليونان بعد إنهاء قضايا عالقة. لكن الحدود البحرية مع فلسطين لم يتم ترسيمها، انتظاراً لاتفاق ترسيم حدود يفترض أن يوقع أولاً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
حاولت أنقرة أيام مرسي تمرير اتفاقية ترسيم تهدر مساحات مصرية كبيرة
في المقابل، حددت تركيا الجرف القاري لها للمرة الأولى، عندما أرسلت مخاطبة إلى الأمم المتحدة في 2004، فيما أبرمت اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع جمهورية شمال قبرص التركية التي لا يعترف بها المجتمع الدولي. ونهاية العام الماضي، أبرمت اتفاقية أخرى مع حكومة «الوفاق الوطني» في ليبيا لترسيم الحدود البحرية، وهي بخلاف «بطلانها قانونياً» وفق الرأي المصري لعدم أحقية «الوفاق» في توقيع اتفاقات دولية وغياب الموافقة من مجلس النواب الليبي، فإنها «تنتهك جميع الاتفاقات الدولية المرتبطة بأعالي البحار وتخلق حدوداً بحرية بين دولتين لا توجد بينهما مثل هذه الحدود وفق القواعد الدولية». وبناءً على ذلك، قدمت تركيا مذكرة اعتراض على الاتفاقات التي أبرمتها قبرص، وعلى التراخيص التي منحتها الأخيرة للشركات العالمية من أجل البدء بالتنقيب استناداً إلى التقسيم من جانب واحد.
وكان لافتاً حرص أنقرة على تقوية أسطولها العامل في التنقيب عن الغاز والنفط في السنوات الأخيرة عبر شركة النفط الوطنية. وتركيا من الدول الرائدة في دعم شركاتها الوطنية من أجل التنقيب، على عكس قبرص ومصر واليونان التي تلجأ إلى الشركاء الأجانب، علماً بأن الأولى اشترت سفناً عديدة بدأت العمل بالفعل خلال السنوات الماضية، أبرزها السفينة التي أطلقت عليها اسم «محمد الفاتح»، وهي واحدة من أكثر السفن تطوراً في الحفر في المياه العميقة، ضمن خطة تضمن زيادة الاعتماد على الكفاءة الوطنية بدلاً من الأجانب.
وعلى مدار السنوات الماضية، تتهم مصر تركيا بعرقلة الاستكشافات القبرصية في المتوسط، رغم توقيع نيقوسيا اتفاقيات منفصلة لترسيم الحدود البحرية مع مصر في 2003 ولبنان في 2007 وإسرائيل في 2010، وهي الاتفاقات التي جنّبتها أي خلافات مع جيرانها باستثناء أنقرة التي عمدت إلى عرقلة الأنشطة القبرصية، بل إلى مضايقة السفن التي تجري أعمال المسح بإبعاد الشركات الأجنبية ومنها «إيني» الايطالية. لكن، على العكس من استقواء تركيا عسكرياً على قبرص التي تستعين بالشركات العالمية في مناطقها الاقتصادية لضمان حماية هذه الشركات عبر بلدانها، فضلاً عن الحماية الأوروبية كونها عضواً في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يكاد يتشابه مع الموقف اليوناني، يبدو الصدام مع مصر في هذه النقطة مختلفاً كلياً، خاصة أن القاهرة تؤكد أنها لن تسمح بالمساس بمناطقها الاقتصادية الخالصة سواء لتركيا أم لغيرها.
هذا التأكيد يترافق مع تعزيز مصر ترسانتها البحرية بصورة غير مسبوقة بحاملة طائرات «ميسترال» وفرقاطات وغواصات، خاصة منذ تزايد اكتشافات الغاز الطبيعي التي تنفذها كبريات الشركات العالمية. وتعزيز الترسانة للدفاع عن المصالح المائية يعني أن المواجهة العسكرية خيار محتمل، خاصة مع استناد مصر، كما تعلن دوماً، إلى القوانين الدولية وترسيم حدودها بوضوح مع غالبية دول الجوار في شرق المتوسط باستثناء تركيا التي حاولت إبّان حكم الرئيس الراحل محمد مرسي تمرير ترسيم لهذه الحدود كان يهدر مساحات شاسعة على الدولة المصرية، وهو ما رفضته وزارة الدفاع والجهات المعنية بالملف منذ مطلع 2013.
* الجمهورية
العدالة لرفيق الحريري تعبر هادئة..
سعي فرنسيّ لتأليف حكومي قبل عودة ماكرون
على وقع هول كارثة انفجار مرفأ بيروت وما خلّفه من المآسي والدمار، نطقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس حكمها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مُدينة أحد عناصر «حزب الله» سليم عياش بارتكابها، ومبرّئة ثلاثة منها، فيما لفّ الوضع السياسي والامني هدوء لافت، خلافاً لِما كان قد أثير من مخاوف من حصول ردود فعل سلبية في الشارع إثر صدور هذا الحكم، ما سيساعد في استمرار الاتصالات والمشاورات للاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة بعد اختيار الشخصية التي سترأسها، فيما أعمال الاغاثة ورفع الانقاض مستمرة في المرفأ المدمّر والاحياء البيروتية المنكوبة بينما يستمر تقاطر الموفدين والمساعدات من كل حدب وصوب.
فقد نطقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس بحكمها النهائي في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وبعد 15 عاماً على تأليفها وما رافقها من جدل سياسي محلياً وإقليمياً ودولياً.
وأبرز ما تضمنه الحكم:
1 ـ سليم عياش هو المذنب الرئيسي في الجريمة، وقد أدين بالقتل وارتكاب عمل إرهابي في ما يتصل بقتل الحريري إضافة الى 21 آخرين.
2 ـ المتهمون الثلاثة وهم: حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا، تمّت تبرأتهم.
3 ـ لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تقتنع بأنّ مصطفى بدر الدين كان العقل المدبّر لاغتيال الحريري، لكنها أكدت أنه كانت لديه النية وقام بالأفعال اللازمة لوقوع الاغتيال.
4 ـ لا دليل الى أنّ قيادة «حزب الله» كان لها دور في اغتيال الحريري، وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا.
5 ـ العقوبة ستحدد في 21 ايلول المقبل، والمحكمة ستواصل النظر في 3 قضايا أخرى مرتبطة بقضية الحريري، وهي: محاولتا اغتيال مروان حمادة والياس المر، واغتيال جورج حاوي، متحدثة عن مسار لتعويض المتضررين.
6 ـ «أبو عدس» ليس من نفّذ الاغتيال، بل إن الانتحاري قام بتفجير نفسه ولم يتم التعرف إليه وتبقى هويته مجهولة.
7 ـ إغتيال الحريري عملية إرهابية تم تنفيذها لأهداف سياسية.
ردود الفعل
وقد توالت ردود الفعل المحلية والاقليمية والدولية إثر صدور الحكم، فدعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين الى ان يكون الحكم «مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعواته الدائمة الى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من اجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف الى اثارة الفتنة، لا سيما انّ من أبرز اقوال الشهيد انّ ما من احد اكبر من بلده».
فيما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري «اليوم، وبعد حكم المحكمة الخاصة، يجب ان نربح لبنان الذي آمن به الرئيس الشهيد وطناً واحداً موحداً. وليكن لسان حال اللبنانيين: العقل والكلمة الطيبة، كما عبّر الرئيس سعد الحريري بإسم أسرة الراحل». امّا رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب فأمل «أن يشكّل حكم المحكمة الدولية معبراً لإحقاق العدالة وإرساء الاستقرار، كما كان يحلم الرئيس الشهيد، ليخرج الوطن من هذه المحنة قوياً ومتماسكاً بوحدته الوطنية وسلمه الأهلي وعيشه الواحد».
الحريري
وإثر صدور الحكم أعلن الرئيس سعد الحريري من لاهاي «باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباسم جميع عائلات الشهداء والضحايا، نقبل حكم المحكمة ونريد تنفيذ العدالة».
وقال: «لا تنازل عن حق الدم. امّا مطلب اللبنانيين الذي نزلوا بعد جريمة الاغتيال هو كان الحقيقة والعدالة الحقيقية. اليوم عرفناها جميعاً، وتبقى العدالة التي ستتنفّذ مهما طال الزمن». وأضاف: «ما بقى حدا يتوقّع منّا أي تضحية» فنحن ضَحّينا بأغلى ما عندنا ولن نتخلى عن لبنان الذي دفع الشهداء حياتهم لأجله».
وقال: «التضحية يجب ان تكون من «حزب الله» الذي أصبح واضحاً أنّ شبكة القتلة خرجوا من صفوفه، ولن أستكين حتى يتم تسليمهم للعدالة وينفذ فيهم القصاص». وطالب الحريري بتحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، متأسفاً لأنّ «الانفجار عثرة وجرح كبير للبنان ولكن لا يجب ألا نفقد الأمل». واعتبر أنّ «المملكة العربية السعودية دعمت المحكمة الدولية لإيمانها بالعدالة».
وليلاً، عاد الرئيس سعد الحريري من لاهاي وتوجّه مباشرة لزيارة ضريح والده في بيروت.
مواقف خارجية
وفي المواقف العربية والدولية علّقت المملكة العربية السعودية، فقالت وزارة خارجيتها في بيان انها ترى في هذا الحكم «ظهوراً للحقيقة وبدايةً لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم»، داعية «لتحقيق العدالة ومعاقبة «حزب الله» وعناصره الإرهابية». واضافت أنّ السعودية تتطلّع «إلى أن يعمّ لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين بدون استثناء».
رد سوري
وفي اول رد فعل سوري على قرار المحكمة في قضية الحريري، قال عضو مجلس الشعب السوري أحمد الكزبري لقناة «آر تي» الروسية، إنّ «على الساسة في لبنان أن يقدموا اعتذارهم للحكومة السورية وإلى الشعب السوري عن كل ما بدر منهم من اتهامات زائفة، بعدما صدر الحكم عن المحكمة الدولية وأثبت عدم علاقة الحكومة السورية بعملية الاغتيال».
وأضاف أنّ «الموضوع الآن سيخضع للتدقيق من قبل الأجهزة القضائية السورية ومن المحامين السوريين بما يخدم مصالح الشعب السوري المتضرّر، والذي يحتفظ بكامل حقوقه القانونية نتيجة اتهام حكومته المتكرر وما ترتّب على ذلك من إجراءات على المستوى الدولي أدّت إلى إلحاق الضَرر الجسيم به، وذلك وفقاً لقواعد ومقتضيات القانون الدولي».
وذكر الكزبري انّ «فريق 14 آذار وعلى رأسهم سعد الحريري رئيس الوزراء آنذاك قام بتوجيه الاتهام إلى سوريا، ومنذ عام 2005 نفى الرئيس بشار الأسد أيّ علاقة لسوريا باغتيال الحريري بل قال: إذا أثبت التحقيق الدولي تورّط سوريين فسيكونون خونة وسيعاقبون بشدة. كما تعاونت الحكومة السورية بشكل حثيث مع التحقيق الدولي لأنّ كشف الحقائق هو مصلحة سورية مهمة».
بريطانيا
وقال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية جيمس كليفرلي: «إنّ إدانة عضو في «حزب الله» بالتآمر لقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في تفجير عام 2005 هي خطوة نحو تحقيق العدالة». وقال: «حكم اليوم هو خطوة نحو العدالة، يجب محاسبة من يرتكبون مثل هذه الفظائع».
إسرائيل
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: «إنّ حكم المحكمة التي حققت في مقتل الرئيس الحريري والذي تمّ الإعلان عنه اليوم جَلّي، لا لبس فيه. إنّ جماعة «حزب الله» الإرهابية وأفرادها متورّطون في جريمة القتل وعرقلة التحقيق». واضاف: «حزب الله» أخذ مستقبل اللبنانيين رهينة خدمة للمصالح الخارجية… على دول العالم أن تتخذ إجراءات ضد هذه الجماعة الإرهابية لمساعدة لبنان على تحرير نفسه من هذا الخطر». ومن جهة ثانية اتهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي «حزب الله» بانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 حول لبنان، داعياً الحكومة اللبنانية «للسيطرة» على ما يجري في البلاد.
وقال كوخافي خلال تسليم وتسلّم القيادة للعمليات العسكرية في العمق، أمس، إنّ «حزب الله» أصبح «جيشاً إرهابياً يعمل في بيروت والبقاع وجميع مناطق جنوب لبنان». واضاف انّ «حزب الله» يخرق القرار الدولي الرقم 1701، ويواصل تعزيز قدراته وتسلّحه بسلاح دقيق، ويحاول استهداف دولة إسرائيل»، مشيراً إلى «أنّ القرار يحظّر حيازة سلاح غير حكومي جنوب نهر الليطاني.» . واتهم «حزب الله» بمنع مراقبة قوات «اليونيفيل» الأممية، معتبراً أنه يعمل «تحت رعاية عدم مبالاة الحكومة اللبنانية». واعتبر أنّ الحكومة اللبنانية «تلغي نفسها أمام «حزب الله» ومَكّنته من تفريغ القرار 1701 من مضمونه». وأضاف أنه «آن الأوان لتعزيز ملموس في القدرات والصلاحيات التي تتمتع بها «اليونيفيل»، ومطالبة الحكومة اللبنانية ببسط نفوذها والسيطرة على ما يجري في لبنان في ما يتعلق بالإرهاب والسلاح».
الموقف الايراني
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، امس، «إنّ السياسات الأميركية والسعودية الخاطئة هي التي أوصَلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم». وشدّد على أنّ «من واجب السعودية وأميركا التعويض عن الدمار الذي لحق بلبنان من دون فرض شروط مسبقة».
وقال ظريف إنّ «تعزيز الجماعات المتطرفة من قبل السعودية في لبنان هو ما أوصَله إلى ما هو عليه اليوم، لم ننس أنّ من فجّر السفارة الإيرانية في بيروت كان أجيراً سعودياً، والآن على السعودية أن تساعد لبنان كي تصحح أخطاءها لا أن تفرض عليه الشروط». وأضاف أنه بعد لقائه بعدد من المسؤولين في لبنان فإنّ غالب الظن أنّ «انفجار مرفأ بيروت ناجم عن حادث غير متعمّد»، داعياً لبنان إلى إجراء التحقيق حول هذا انفجار المرفأ بشكل مستقل، ويمكن للدول الأخرى تقديم المساعدة له في التحقيق.
وأكد ظريف أنّ مقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان «مقترح جيد للغاية»، مشدداً على أنه على لبنان التركيز على إعادة البناء وتأجيل الدخول في المحادثات السياسية. واعتبر «أنّ الضغوط الأميركية لتشكيل حكومة غير سياسية في لبنان غير منطقية ولا معنى في لبنان لدولة غير سياسية». وقال: «إنّ اللبنانيين يعتقدون بوجوب إيجاد إصلاحات في لبنان، ويمكن لـ»حزب الله» أن يساعد في الإصلاحات»، مضيفاً: «الفساد موجود في لبنان. أمّا «حزب الله» فيمتلك نظاماً سالماً يمكنه المساعدة في الإصلاح، والأمين العام للحزب حسن نصر الله سيكون في طليعة إجراء الإصلاحات في لبنان».
مسؤول أممي
وكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش في تغريدة على «تويتر»: «بقلق شديد، ناقش سفراء مجموعة الدعم الدولية اليوم الأزمة الشاملة المتفاقمة التي يمر بها لبنان». وأضاف: «جرى نقل تحذيرات شديدة إلى السلطات والقادة السياسيين، وكانت ردودهم في كثير من الأحيان مخيبة للآمال».
وتابع: «توقعات المجتمع الدولي معروفة جيداً، فمن دون إصلاحات عاجلة تتطلب دعماً سياسياً واسعاً لن يتمكن لبنان من الاعتماد على أي إنقاذ». وختم: «اليوم صفحة جديدة في تاريخ لبنان عنوانها العدالة وإحقاق الحق».
الجهود متواصلة للاستشارات الملزمة
ومن جهة ثانية، وعلى رغم الانشغال بالحكم في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ الاتصالات مستمرة في الكواليس تَوصّلاً الى مرحلة تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في أجواء لا توحي أنّ المهمة سهلة او انّ هناك سيناريو حتى اليوم يمكن ان يؤدي الى تحديد هذا الموعد في وقت قريب.
وأضافت المصادر «انّ الإتصال الذي جرى بين عون وبري قبل يومين أطلق حملة اتصالات في الكواليس، ويشارك فيها عدد محدود من الوسطاء لتذليل بعض العقبات التي تحول دون التوصّل الى التفاهم على اسم الرئيس المكلف. وإن كان التفاهم على برنامج الحكومة واهدافها في هذه المرحلة يمهّد للتفاهم على اسم الرئيس المكلف، فإنّ البحث لا يتجاهل هذا المعطى».
الديبلوماسية الفرنسية
من جهة اخرى كشفت مصادر ديبلوماسية انّ الجهود المبذولة ليست على المستوى اللبناني فحسب، بل انّ هناك عدة مساع يقودها السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه بإشراف باريس المباشر، في حين انّ الجانب الفرنسي يدير الملف بتكليف من الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يرغب في أن تنجح الديبلوماسية في إطلاق ورشة تشكيل الحكومة قبل زيارته المقررة لبيروت في 1 ايلول المقبل للمشاركة في احتفالات مئوية اعلان دولة لبنان الكبير.
موفدان أمميان
والى ذلك تتواصل حركة الزيارات الدولية والاممية باتجاه بيروت بعد انفجار المرفأ، وبهدف المساهمة في برامج المساعدات المقررة من اجل مواجهة النكبة التي تسبّب بها.
وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية سيلتقي قبل ظهر اليوم مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غرانتي الذي وصل الى بيروت في الساعات الماضية. كذلك سيلتقي نجاة رشدي التي عيّنت أخيراً نائبة للمنسّق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش للبحث في ترتيبات الامم المتحدة لتنسيق المساعدات للبنان، والتي وضعت في عهدة المنظمة الدولية.
كورونا
وعلى صعيد وباء كورونا، قالت مصادر وزارة الصحة لـ«الجمهورية»: بحسب الجداول، تشير الأرقام إلى انّ لبنان سجّل في الأشهر الـ6 الأولى نحو 5 آلاف إصابة، في حين سجل أكثر من 3500 إصابة منذ تاريخ الانفجار حتى اليوم. وترتفع نسبة الإصابات في بيروت والشمال تحديداً. ففي بيروت،أدى انفجار المرفأ ونقل المرضى الى المستشفيات من دون اتباع الاجراءات الوقائية، إلى إصابة عدد كبير من الطاقم الطبي والجرحى الموجودين في المستشفيات. في حين انّ ارتفاع الاصابات في الشمال، وتحديداً في طرابلس وعكار حيث سجلت طرابلس 45 إصابة امس وعكار 15 اصابة في قرى مختلفة، مردّه إلى الاختلاط الذي حصل في تظاهرات ساحة الشهداء التي تلت الانفجار.
ولم ترتفع الإصابات في البقاع والجنوب وجبل لبنان، ما عدا بعبدا التي كانت تسجّل نسباً مرتفعة.
وتؤكد المصادر أنّ هدف الاغلاق التام هو تقليص الاحتكاك بين الناس ما عدا في بيروت، التي تحتاج إلى إعادة إعمار، حيث سيتم التشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية ومنها وضع الكمامات. وتتوقع الوزارة ان تنخفض نسبة الاصابات بدءاً من اليوم العاشر للإقفال.
ولفتت المصادر إلى انّ 70 % من المستشفيات امتلأت بالكامل، خصوصاً مستشفى الحريري، بعبدا، البوار، وعكار، فيما يتم نقل الاصابات الخطرة إلى مستشفى بعلبك.
* اللواء
الحريري يقبل حكم المحكمة: على حزب الله التعاون
عقد ونصف على اغتيال رجل الاعتدال وإعادة البناء والاعمار ودعم تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة الحقوق العربية، عبر مقررات قمّة بيروت عام 2002 رفيق الحريري، أصدرت المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1757 حكمها، على مستوى غرفة البداية، الذي انتظره اللبنانيون طويلاً، لجلاء الحقيقة من أجل العدالة في جريمة الاغتيال التي وقعت في 14 شباط 2005، وقتلت الرئيس الشهيد رفيق الحريري إضافة إلى 21 شخصاً واصيب 226 بجروح في تفجير استهدف موكبه في وسط بيروت.
وأعلن رئيس المحكمة القاضي ديفيد ري، في ختام نص حكم استغرقت تلاوته ساعات ان «غرفة الدرجة الأولى تعلن سليم جميل عياش مذنباً بما لا يرقى إليه الشك بصفته شريكاً في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجرة».
وقالت القاضية ميشلين بريدي في معرض قراءتها للحكم الواقع في 2600 صفحة «الأدلة أثبتت كذلك انتماء عياش لحزب الله».. وكان بحوزته واحد من ستة هواتف محمولة استخدمت في الهجوم.
وأضاف القاضي ان المتهمين الآخرين حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي واسد صبرا «غير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة اليهم»، ويعتقد حسب المحكمة انهم ينتمون إلى حزب الله أيضاً.
وقالت المحكمة في قرارها إن «الاغتيال عمل سياسي أداره هؤلاء الذين شكل الحريري تهديدا لهم». وأضافت أن المتهمين «تورطوا في المؤامرة على الاقل يوم 14 شباط 2005 والفترة التي سبقتها، والأدلة لا تثبت على نحو مؤكد مَن وجهّهم على قتل الحريري ثم تصفيته كخصم سياسي».
وقال القاضي ديفيد ري في وقت سابق «ترى المحكمة أن سوريا وحزب الله ربما كانت لهما دوافع للقضاء على السيد الحريري وحلفائه السياسيين، لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها أي دور في اغتيال السيد الحريري وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر».
إقفال حتى 7 أيلول
وحتم تفشي وباء كورونا لجوء وزير الداخلية إلى اقفال المؤسسات التجارية والخاصة في بيروت والمحافظات اعتباراً من صباح الجمعة 21 آب إلى صباح الاثنين 7 أيلول، على أن يمنع التجول من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً من كل يوم.. وذلك لضرورات المصلحة العامة، ومقتضيات السلامة العامة.
وجاء القرار بعد اجتماع لخلية الأزمة، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بحث في تطورات فيروس كورونا، وتزايد عدد الإصابات.
وحددت المادة الخامسة السماح للوافدين والمغادرين وناقليهم، من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي الانتقال شرط حيازتهم على صورة تذكرة السفر كمستند إلزامي..
وكلفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الايعاز إلى جميع الوحدات التشدّد في تطبيق قرار الاقفال العام، وقمع المخالفات، وتنظيم محاضر ضبط بحق المخالفين.
وبناءً عليه صدر بيان عن بلدية بيروت دعا إلى تجنّب التجمعات الشعبية، ووقف الأنشطة الرياضية واقفال الملاهي الليلية وخفض عدد رواد المسابح المفتوحة إلى 30٪ مع المحافظة على التباعد الاجتماعي، وخفض نسبة رواد السوبرماركت والأسواق المقفلة إلى 30٪ مع التشديد على شروط السلامة.
9758
صحياً، سجلت وزارة الصحة 421 إصابة جديدة بفايروس كورونا، ليرتفع العدد إلى 9758 إصابة مثبتة مخبرياً، على طريقة السيناريو الأوروبي، وفقاً لمستشارة رئيس الحكومة الدكتورة بترا الخوري.
* البناء
لا أدلّة على معرفة أو تورّط سورية وحزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري
المحكمة تُسقط التحقيق وتفتح بالتبرئة والإدانة باب الدعوات لاستقالة المدعي العام
15 سنة ومليار دولار من دون معرفة الانتحاريّ وصاحب السيارة ومَن جنّد شهود الزور
كتب المحرّر السياسيّ
رغم تبني المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتحليل سياسي لسياق اغتيال الرئيس رفيق الحريري، هو التحليل الذي قدّمه أركان فريق الرابع عشر من آذار، القائم على ربط الاغتيال بما وصفوه بنيّة الرئيس رفيق الحريري قيادة المعارضة للمطالبة بالانسحاب السوريّ من لبنان، وخوض الانتخابات النيابية على هذا الأساس، وهي فرضيّة تنفيها كل الوقائع والتفاصيل المحيطة بالاتصالات التي كانت حتى عشية يوم الاغتيال تهدف بمبادرة من الرئيس رفيق الحريري الى التوصل لتفاهم مع سورية وحزب الله وحلفائهما، وصياغة عناوين متفق عليها لقانون انتخابات جديد، لخوض الانتخابات ضمن جبهة واحدة، فإن المحكمة قالت بوضوح إنها لا تملك أي أدلة أو إثباتات مقنعة بتورّط كل من سورية وحزب الله بالجريمة أو بمعرفتهما بها، وبدا هذا التوازن بين الموقفين ما يشبه التوازن في قرارات المحكمة التي رفضت كلياً كل السياق الذي قام عليه التحقيق، الذي عجز بعد إنفاق مليار دولار ومرور خمسة عشر عاما، عن تقديم أي أدلة تشير إلى هوية الانتحاريّ الذي نفّذ الاغتيال، ولا هوية صاحب السيارة الميتسيبوتشي التي استخدمت في التفجير، ولا هوية الذين قاموا بتسجيل شريط إعلان المسؤوليّة، مكتفياً بتقديم تحليلات لتحرّكات أرقام هواتف يشتبه بصلتها بعملية الاغتيال كانت خلال فترات معيّنة قريبة من أماكن وجود أرقام أخرى، كانت هي الأخرى قريبة خلال أوقات معينة من أماكن وجود أرقام حاول المدعي العام إثبات أنها تعود للأشخاص الذين وجّه لهم الاتهامات، فقبلت المحكمة اتهامه لأحد هؤلاء وهو المتهم سليم عياش، ورفضت سائر الاتهامات وبرأت المتّهمين.
برأي مصادر قانونية تابعت قرار المحكمة أن ما هو أهم من السياق اللاحق المتصل بفرضيات الاستئناف وما سيليها، فإن أول ما تجب مراقبته هو مستقبل المدعي العام الذي يفترض بعدما سقطت فرضياته الاتهامية وجرى تسخيفها من منبر المحكمة، ان يستقيل لفتح المجال لتسمية بديل ربما يعيد البحث بفرضيات جديدة، لكن المصادر قالت إن السياسة ستبقى هي الحاكمة، وربما يكون لها دور في طبيعة ما صدر عن المحكمة، وسيكون لها دور حكماً في بقاء أو استقالة المدعي العام، والسياق المقبل للمحكمة الذي يبدو وفقاً لإشارات القرار في منتصف الطريق يبرئ ويدين، ويرفض الاتهام السياسي ويتبنّاه، يعني فتح الباب للمداخلات السياسية التي تشبه ما يجري على الساحة الدولية والإقليمية في هذه المرحلة، من ضغوط ومفاوضات، كما كانت تشبه الاتهامات المرحلة السابقة القائمة على المواجهة وحدها.
التلقي اللبناني لقرار المحكمة كان هادئاً، وقد كان الهدوء سياسياً وشعبياً، حيث غاب حزب الله وجمهوره عن التعليق، وحضر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وجمهور تيار المستقبل بمواقف بعيدة عن التشنج رغم محاولات الإثارة لبعض القنوات الإعلاميّة، وجاءت مواقف رؤساء الجمهورية ومجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال تصب في اتجاه تعزيز مناخات التهدئة والعقلانيّة، والتمسك بالوحدة الوطنية.
الحاضر الأكبر في القرار والتعليق عليه كان النائب جميل السيد الذي خصصت المحكمة فقرة من قرارها لتأكيد لا مشروعية توقيفه ورفاقه الضباط ودعت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لتعويضهم والاعتذار منهم، واعتبر السيد أن مجرد تجاهل ملف شهود الزور يكفي لضياع الحقيقة ومن خلفها العدالة.
بعد خمسة عشر عاماً على اغتيال الرئيس الشهيد رفق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط 2005، رفعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الستار عن الحكم النهائي فأشارت إلى أن سليم عياش مذنب، أما حسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا فغير مذنبين، في ما يتعلق بجميع التهم الموجهة إليهم، في حين اعتبرت ان مصطفى بدر الدين هو مَن خطّط لعملية الاغتيال، إلا أنّه قُتل لاحقاً في سورية. وحددت المحكمة تاريخ 21 أيلول المقبل موعداً لإصدار العقوبة بعد صدور الحكم.
ورأت المحكمة الدولية بلسان القاضي ديفيد راي أن لحزب الله وسورية استفادة من اغتيال الحريري، لكنها أشارت إلى أنه لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسورية في الاغتيال، وشدّدت على أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والرئيس رفيق الحريري كانا على علاقة طيّبة في الأشهر التي سبقت الاعتداء.
وشدّدت مصادر قضائية لـ«البناء» على ضرورة انتظار إبرام الحكم، فالحكم قابل للاستئناف خلال 30 يوماً من صدوره وإعادة النظر من أي دولة معنية خلال 15 يوماً، واعتبرت المصادر أن المحكمة الدولية التي تسلمت قضية اغتيال الرئيس الشهيد الحريري منذ 15 عاماً لم تكشف الحقيقة ولم تقدم للمعنيين في لبنان الحقيقة على العكس إنما شرعت في تقديم كلام متناقض لا سيما في ما يتصل بمسرح الجريمة.
ولفت محامي الدفاع عن مصطفى بدر الدين ، أنطوان قرقماز إلى أنني كنت أتوقع أن نحصل على البراءة لجميع المتهمين بقضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل.
واعتبر ان «ادانة المحكمة سليم عياش هي جائزة ترضية للمدعي العام، ولسليم عياش الحق بالاعتراض وأن يطلب إعادة المحاكمة ولكن بشرط أن يكون وجاهياً «.
وقال النائب اللواء جميل السيد: «أشكّ في أن يكون سليم عيّاش هو قاتل رفيق الحريري لسبب أنّ المحكمة الدولية لا يمكنها أن تصدر حكماً من دون متّهمين، فبرّأت الآخرين واتّهمته، بعدما حصلت على تحقيق مزوّر»، معتبراً أن «مَن قتل الحريري حرّ طليق والأيام ستثبت ذلك».
وكان المكتب الإعلامي للنائب جميل السيد قد وزع فقرة الحكم المتعلقة باعتقاله في القرار الذي أصدرته اليوم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وقضت بـ «إلزام الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية بالتعويض عليه وظروف اعتقاله بناء لشهود الزور وتواطؤ القضاة اللبنانيّين ولجنة التحقيق الدولية».
وفيما كان وفد موسّع من كتلة «المستقبل» والمكتبين السياسي والتنفيذي والأمانة العامة تتقدمه النائب بهية الحريري يزور ضريح الرئيس الشهيد الحريري في وسط بيروت، كان الرئيس سعد الحريري يعلن من أمام مقر المحكمة قبول الحكم ويعاهد والده الشهيد ان لا أحد أكبر من بلده وقرار اللبنانيين ولا أحد أكبر من العدالة، موجّهاً رسائل إلى حزب الله قائلاً: لا أحد يتوقع منا تضحية لأننا ضحينا بأغلى ما لدينا واليوم مطلوب التضحية من حزب الله، لأن المعتدين من صفوفه ولن نستكين حتى تنفيذ القصاص. بات واضحاً للجميع أنّ هدف الجريمة الإرهابية هو تغيير وجه لبنان ونظامه وهويته الحضارية وعلى وجه لبنان ونظامه وهويته أيضاً لا مجال للمساومة. وأضاف: احمل اليوم طلباً جديداً، مطلبي ان الحقيقة والعدالة لرفيق الحريري تؤسس لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة للأبرياء الذي سقطوا في مرفأ بيروت وكل من تدمّرت بيوتهم ومصالحهم من دون أي سبب ومبرّر، وهنا أقول لا تنازل عن حق بيروت».
وفور صدور حكم المحكمة، اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، أن تحقيق العدالة في جريمة اغتيال الحريري ورفاقه، يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة التي هدّدت الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان وطاولت شخصيّة وطنيّة لها جمهورها ومشروعها الوطني. ودعا اللبنانيين، الى «ان يكون الحكم الذي صدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مناسبة لاستذكار مواقف الرئيس الشهيد ودعواته الدائمة الى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من اجل حماية البلاد من أي محاولة تهدف الى إثارة الفتنة، لا سيما وان من أبرز أقوال الشهيد ان ما من احد اكبر من بلده». واعرب عن أمله «ان تتحقق العدالة في كثير من الجرائم المماثلة التي استهدفت قيادات لها في قلوب اللبنانيين مكانة كبيرة وترك غيابها عن الساحة السياسية اللبنانية فراغاً كبيراً».
وقال الرئيس نبيه بري إن ما بعد الحكم يجب أن يربح لبنان الذي آمن به الرئيس الشهيد وطناً واحداً كما خسر باستشهاده قامة وطنية لا تعوَّض.
وقال رئيس المجلس: ليكن لسان حال اللبنانيين العقل والكلمة الطيبة، كما عبر الرئيس سعد الحريري باسم أسرة الراحل.
وأمل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ان يشكل حكم المحكمة الدولية، معبراً لإحقاق العدالة وإرساء الاستقرار كما كان يحلم الرئيس الشهيد ليخرج الوطن من هذه المحنة قوياً متماسكاً بوحدته الوطنية وسلمه الاهلي وعيشه الواحد.
الى ذلك عرض رئيس الجمهورية الترتيبات المتعلقة بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الشهر المقبل لبيروت مع السفير الفرنسي برونو فوشيه الذي زار مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وكان بحث في الزيارة والمستجدات السياسية.
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن الحكومة الجديدة لن تبصر النور قريباً، بفعل تضارب المواقف المحلية والخارجية في آن. وهذا يعني أن طريق التسوية لم يتضح بعد. فالأمور لم تدخل بعد المربع الأول في إشارة الى التكليف الذي لا يزال محل تجاذب وشدّ حبال، مع اشارة المصادر الى أن حظوظ الرئيس سعد الحريري تتفوّق على اي اسم آخر خاصة أنه يحظى بدعم الثنائي الشيعيّ والنائب السابق وليد جنبلاط.. وليس بعيداً ربطت المصادر بين الحكم الصادر عن المحكمة الدولية وبين تأليف الحكومة المرتقبة، معتبرة أن خلط الأوراق قد يتظهّر في ملف التكليف والتأليف، وسوف يتظهّر أيضاً في ملف ترسيم الحدود.
أمنياً، تابع المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، تحقيقاته في القضية، فاستجوب مدير استثمار المرفأ حسن قريطم على مدى أربع ساعات، بحضور وكيله القانوني المحامي صخر الهاشم وأصدر مذكرة توقيف وجاهية في حقه، سنداً الى مواد الادعاء. وأرجأ القاضي صوان استجواب المدير العام للجمارك السابق شفيق مرعي بعدما تقدّم وكيله القانوني بدفوع شكلية، على أن يستأنف تحقيقاته الاستنطاقية غداً الأربعاء مع بقية الموقوفين وعددهم 21.
وليس بعيداً، أكّد رئيس الجمهورية أن فرضية أن يكون انفجار مرفأ بيروت نجم عن انفجار مستودع لأسلحة لحزب الله مستحيلة، لكن التحقيق سيشمل كل الاحتمالات. وشدّد في مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية على أنّ حزب الله لم يكن يخزّن أسلحة في المرفأ. وردًا على سؤال عن تلك الفرضية التي يروّج لها البعض، قال الرئيس عون: «مستحيل، لكن الأحداث الجسام كتلك الحادثة تشحذ الروح والخيال». وأشار إلى أن التحقيق يتحرّى ما إذا كان الانفجار نجم عن إهمال أم حادث أم «تدخل خارجي»، مضيفًا: «على الرغم من أنه يبدو كحادث، لكنني أريد أن أتحاشى اتهامي بعدم الاستماع إلى جميع الأصوات». وقال: «كُثر تحدّثوا عن رؤية طائرات تمرّ في السماء فوق المرفأ قبل الانفجار مباشرة، وعلى الرغم من أن هذا الحديث «لا يعوّل عليه كثيراً» فإنه يجب الاستماع له.
وفي سياق غير بعيد، اشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى ان السياسات الأميركية والسعودية الخاطئة هي التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم. وشدّد على أن واجب السعودية وأميركا التعويض عن الدمار الذي لحق بلبنان من دون فرض شروط مسبقة، مضيفاً أنه بعد لقائه بعدد من المسؤولين في لبنان فإن غالب الظن أن «انفجار مرفأ بيروت ناجم عن حادث غير متعمّد». ودعا لبنان إلى إجراء التحقيق حول انفجار المرفأ بشكل مستقل ويمكن للدول الأخرى تقديم المساعدة له في التحقيق.
صحياً، بقيت أرقام الإصابات بفيروس كورونا في تصاعد مخيف تكشفه المحصّلة اليومية للإصابات. وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 421 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 9758. وأصدر وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي قراراً قضى بالإقفال بالحد الأقصى ضمن إجراءات التعبئة العامة للحدّ من انتشار وباء كورونا اعتباراً من 21 الحالي ولغاية 7 أيلول المقبل.
المصدر: صحف