في دمشق ودع المناضل الكبير رمضان عبد الله شلح مقاومون يتابعون مسيرته، ليستقبله شهداءٌ احتضن ثرى العاصمة السورية جثامينهم الطاهرة في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك.
فبعد قرابة خمسين عاما من النضال والجهاد بشقية السياسي بعد العسكري، والقيادي بعد الأكاديمي، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أمينها العام السابق الدكتور المقاوم رمضان عبد الله شلح في ذمة الله، وهو من كان قد حمل في ذمته النضال من أجل تحرير فلسطين وشعبها طيلة تلك السنوات وصولاً إلى مثواه الأخير.
لم ينقل جثمانه إلى غزة ليدفن هناك، حيث مسقط رأسه ومعقل مقاومته الأول، فبقي في العاصمة السورية التي أصبحت منذ النكبة ملجأً للفلسطينيين، وموئلاً خاصّاً لكل فلسطيني وعربي قصدها لتكون معقلاً له من أجل أن يتمكن من متابعة مسيرة المقاومة، فهنا عاش سنواته الخمسة والعشرين الاخيرة، حيث ناضل وكان له دور فاعل في الساحة الفلسطينية رغم المسافة المكانية وحدود الاحتلال، ومن هنا كان له دوره في تطوير الفكر المقاوم، وهنا توفي ودفن لأنه البديل الوحيد كمثوى للمناضلين في حال لم يتمكن أخوتهم من نقل جثامينهم إلى أرض الوطن.
عصر اليوم الاحد اقيمت الصلاة على جثمانه وانطلق موكب مهيب لجنازة تليق به وبعمله وإنجازاته على الصعيد الفلسطيني.
جاب موكب الجنازة شوارع العاصمة بعشرات السيارات المحملة بالوفود الرسمية والشعبية الغفيرة، منطلقاً من جامع الأكرم في منطقة المزة قاطعاً طول المسافة وصولاً إلى حي الميدان الدمشقي قبيل دخوله إلى مخيم اليرموك حيث عاصمة اللجوء، وهناك تم دفنه في مقبرة الشهداء الحديثة إلى جانب رفيق دربه الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشهيد فتحي الشقاقي.
ما شهدته الجنازة خلال الصلاة والتشييع والدفن، وجوه ظهرت عليها ملامح صادقة بشعور الفقد، فلم يكن الدكتور شلح أميناً عاماً له تأثيره وشعبيته ضمن حركته فقط، إنما تعدت شعبيته لتشمل كل التيارات الفلسطينية والفصائل المقاومة، إذ من أهم ما كان يعمل عليه مع رفاق له وأخوة في الجهاد والنضال، توحيد الصف الفلسطيني خاصة في خنادق المواجهة في غزة وتطوير العمل المقاوم إضافة للتوافق بين الفصائل، والدأب على الوحدة الوطنية الفلسطينية مع جميع من كان يعمل على هذا الأمر. وكان رجلاً محبوباً ومقبولا لدى الجميع، وصاحب فكر متطور وأيقونة مقاومة.
رحل القائد والامين العام السابق لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، موْدِعاً الامانة في أيدي رجال مخلصين لها من حوله وفي الوطن، وموكلاً الراية للأمين العام الجديد رفيق دربه زياد نخالة، إذ يشهد الجميع حين يذكرون القائد رمضان عبدالله شلح بأنهما خير رفيقين كانا إلى جانب الشهيد فتحي الشقاقي.
المصدر: موقع المنار