تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 06-09-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تعليق رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسات طاولة الحوار الوطني حتى إشعار آخر..
السفير
«ميثاقية باسيل» تقلب الطاولة.. وفرنجية «المنتفض»: أنتم انتقائيون
«الفراغ» يبتلع الحوار.. ماذا بعد؟
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “حصل ما كان متوقعا، وانفجر «لغم» الميثاقية بطاولة الحوار، فعلق الرئيس نبيه بري جلساتها حتى إشعار آخر، لتنضم الطاولة الجريحة الى الرئاسة الشاغرة والمجلس المشلول والحكومة المتعثرة، تعبيرا عن التمدد المتسارع لبقعة زيت الفراغ التي تكاد تبتلع كل الدولة.
أساسا، لم يتوقع أحد معجزات أو إنجازات من هيئة الحوار، التي تبين منذ البداية أن دورها الأساسي والمضمر هو تقطيع الوقت بأقل الخسائر الممكنة.
بهذا المعنى، كانت وظيفة الهيئة «نفسية» أكثر منها سياسية، بحيث بدت الصورة أهم من المضمون، لأسباب «دعائية» تتعلق بالمحافظة على بقايا صورة الدولة وآخر قطرات ماء وجهها.
لم يكن مطلوبا من الحوار أكثر من أن يجمع المتخاصمين حول طاولة مستديرة، لعل هذا المشهد الدوري يساهم في تخدير اللبنانيين ويخفف من وطأة الشغور المؤسساتي، وكثيرا ما قيل إننا أمام حوار للحوار فقط، على قاعدة أن استمراره ولو من دون نتائج يبقى أفضل من انعدامه، أقله لجهة إبقاء خيوط التواصل الداخلية ممدودة في انتظار أن ينضج أوان الحل الاقليمي.
ولكن حتى هذا الحد الادنى والمتواضع من الطموحات بات متعذرا، بعدما ضاقت الطاولة بالتناقضات المتراكمة والحسابات المتعارضة. لم تعد أرانب الرئيس بري قادرة على تدوير الزوايا في غابة سياسية متفلتة من قانون الجاذبية وأي قانون آخر، ولم يعد التهيّب من تعميم الفراغ يكفي لحماية الحوار من.. أهله!
ما حصل أمس هو إعلان رسمي عن تعليق حوار حائر، كان عالقا في نفق المراوحة، لتكتمل بذلك واحدة من المفارقات الجديدة: الحوار الذي أُريد منه أن ينقذ لبنان، أصبح بحاجة الى إنقاذ!
وإذا كان البعض يعتقد أن تفاقم المأزق قد يمهد لاختراقه، على قاعدة «اشتدي أزمة تنفرجي»، إلا أن أي مقوّمات واقعية للانفراج المنشود لا تبدو متوافرة حاليا، بل ان تدرج «التيار» في التصعيد من مقاطعة الحكومة الى تعليق المشاركة في الحوار يوحي بأنه لمس ان الأفق الرئاسي مسدود بالكامل، بعد طول انتظار لتحولات إيجابية.
مع ذلك، وبرغم «الجرعة الزائدة» من التصعيد البرتقالي، فإن عون تعمد حتى الآن أن يترك خطا أو خيطا للرجعة، عبر قراره بمقاطعة مجلس الوزراء لا الاستقالة، ثم تعليق الحضور في الحوار لا الانسحاب منه، تاركا الأوراق الحاسمة للتوقيت المناسب.
وبينما يُفترض أن تشكل الفترة الفاصلة عن انعقاد مجلس الوزراء الخميس المقبل فرصة لمحاولة احتواء العوارض المتفاقمة للأزمة السياسية، هناك من ينتظر تحركا ما لـ «حزب الله» على خط المعالجة انطلاقا من معادلة مركبة قوامها: تفهم هواجس العماد عون المشروعة وضرورة عدم الاستهتار بها، والتنبيه الى مخاطر تعطيل الحوار والحكومة كونهما يضبطان الإيقاع في ظل شغور أو شلل بعض المؤسسات الدستورية.
ولعل من أبرز العلامات الفارقة لجلسة أمس، الاشتباك المسيحي – المسيحي الذي نشب بين رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وهو اشتباك يتجاوز في أبعاده الخلاف حول مفهوم الميثاقية ليعبّر عن «قلوب ملآنة»، في ظل تمسك كل من فرنجية والعماد ميشال عون بترشحه.
ويبدو أن باسيل رفع منسوب المواجهة من الرئاسة الى الجمهورية، بعدما طرح إشكالية الميثاق من زاوية التحدي الوجودي والمظلومية المتراكمة والاضطهاد السياسي للمسيحيين ومحاولة اختزال دورهم بأصحاب الستة بالمئة من التمثيل، معتبرا انه لم تعد هناك جدوى من الاستمرار بالحوار إذا لم يتم الاعتراف بنا، وسائلا المسلمين: «بدكن يانا او ما بدكن..»، ليختم مداخلته بالإعلان عن تعليق المشاركة في الحوار.
أما فرنجية الذي استفزه كلام باسيل حول تواضع تمثيله المسيحي، فقد رد بعنف، معتبرا أنه ليس من حقه الكلام عن الميثاقية والتمثيل «وأنت الراسب في كل الانتخابات النيابية، وحتى في «التيار» لم تجرؤ على خوض الانتخابات، بل عُيّنت مديرا له من قبل الجنرال، وأنا أتحداك أن تقبل بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، حتى نرى النتيجة». وأشار الى أنه إذا كان المسيحيون قد خسروا بعض الحضور فذلك من وراء إدارتكم السيئة لمعارك خاسرة. وتوجه الى باسيل بالقول: أنا مستعد لأن أقف معكم في ما يتعلق بحقوق المسيحيين، ولكن مشكلتكم أنكم لا تنسقون مع أحد وتتخذون القرارات منفردين، وتعتمدون الانتقائية في الميثاقية..
باسيل
وقال باسيل لـ «السفير» ان الوزير فرنجية جرّب أن يأخذ النقاش الى مكان آخر يتعلق بكيفية ادارة الملفات والمعارك السياسية على الساحة المسيحية، ولذلك امتنعت عن الرد عليه حتى لا يضيع أصل الموضوع. ويضيف: نعم.. أنا لا أستحي مما طرحته.. نحن تعاقدنا مع الشريك المسلم على أساس قواعد معينة للشراكة، وأنا أريد أن أعرف ما إذا كان هذا الشريك لا يزال يحترم هذه القواعد ام لا.
واعتبر باسيل ان الازمة الراهنة هي أكثر من وجودية، ونحن بصراحة نفقد القناعة بإمكانية أن نستمر في العيش سويا، مع بعضنا البعض، إذا استمر هذا الاستهتار والاستخفاف بحقوق مكوّن لبناني أساسي، وأنا أتسلح هنا بمقولة شهيرة للرئيس صائب سلام مفادها ان لبنان يبقى بالقناعة المشتركة لا بالعدد.
وأكد عدم السماح بمواصلة المساس بكرامتنا، لافتا الانتباه الى أنه إذا تأخر تعيين مدير عام ينتمي الى طائفة أخرى تقوم الدنيا ولا تقعد ويصبح كيان هذه الطائفة مهددا، ولكن عندما يصل الامر الى المسيحيين يصير الشباب علمانيين فجأة.. كفى عبثا بالتوازنات التي يستند اليها الوطن اللبناني.
وتساءل: إذا انسحب «تيار المستقبل» أو «حركة أمل» و «حزب الله» أو «الحزب التقدمي الاشتراكي» من الحكومة.. فهل تجرؤ على الاستمرار في علمها الطبيعي كما تحاول أن تفعل بعد مقاطعة وزيري «التيار» ووزير «الطاشناق» لها؟ لماذا يستخفون بدورنا ووجودنا على هذا النحو الذي يتنافى مع شروط المساواة والشراكة؟ وأشار الى ان أي استطلاع رأي يتم في الشارع المسيحي سيعكس هذه الهواجس التي يُشكل الاعتراف بها أول الطريق نحو معالجتها.
«المردة»
لكن مصادر قيادية في «المردة» أكدت لـ «السفير» أن الخطاب الذي استخدمه باسيل على طاولة الحوار هو في غاية الخطورة، مشيرة الى أنه ينطوي على نَفَس طائفي متعصب.
واعتبرت المصادر المقربة من النائب فرنجية أن خطاب باسيل يعود بالمسيحيين عشرات السنين الى الوراء ويدفع نحو اتجاه إحياء حالة متطرفة في بيئتهم، كان يُعتقد أنه تم تجاوزها، منبّهة الى محاذير اختزاله للأزمة على أساس انقسام طائفي، وصولا الى سؤاله المسلمين عموما عما إذا كانوا يريدون مواصلة العيش مع المسيحيين ام لا، علما ان جزءا من هؤلاء المسلمين، أي «حزب الله»، هو حليف لـ «التيار الحر»، فكيف يجوز التعميم في الاتهام، معربة عن خشيتها من أن يكون هذا الطرح توطئة للفدرالية أو التقسيم.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن خطاب سمير جعجع الاخير لم يتماش مع طرح «التيار الحر» حول مفهوم الميثاقية، كما ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل التزم الصمت حين كان الوزير باسيل يتكلم في هيئة الحوار عن هذه النقطة تحديدا، متسائلة عما إذا كان يكفي موقف الرابية وحده، حتى تُعتبر الميثاقية منتهكة.
وأشارت المصادر الى أن غياب التيار عن الحكومة يعكس أزمة سياسية حقيقية، كما أن العديد من المطالب التي يرفعها هي من حيث المبدأ محقة، ولكن هذا شيء ومحاولة اختصار الميثاقية بمكوّن سياسي واحد شيء آخر لا يمكن القبول به، لأن القوى والشخصيات الاخرى في الساحة المسيحية تختزن بدورها حيثية تمثيلية لا يصح تجاهلها.
وتساءلت المصادر المقربة من فرنجية: كيف ارتضى «التيار الحر» انتخاب ميشال سليمان رئيسا للجمهورية ولم تكن لديه مشكلة ميثاقية آنذاك، ثم افتعلها الآن برغم أن هناك تسعة وزراء مسيحيين في الحكومة؟ ورأت المصادر أن ميثاقية الرابية باتت استنسابية، ولا تخضع الى معايير واحدة، بل تُفصل على قياس المصالح المتحركة.
النهار
تعليق الحوار ينذر بتمدد شامل للتعطيل
الحكومة “الهدف” التالي للتصعيد العوني؟
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول “لم تكن الخطوة التصعيدية الجديدة لـ”التيار الوطني الحر” أمس بعيدة من حسابات افرقاء كثر قبل انعقاد الجولة الحوارية، ومع ذلك جاء وقعها شديد الوطأة وخصوصاً لجهة التحسب أيضاً لتمدد “التعليق” والتعطيل الى المؤسسة الدستورية الأخيرة “العاملة ” بشق النفس اي الحكومة. بدا “التيار” فعلاً كأنه اتخذ قرار قلب الطاولة تحت شعار تفسيره الخاص لـ”الميثاقية ” واعتراضه على الحلفاء والخصوم سواء بسواء في سياسات الحفاظ على “الستاتيكو” السياسي والحكومي والنيابي القائم الذي يمليه الانسداد التصاعدي في أزمة الفراغ الرئاسي. لكن ما اقدم عليه امس من التسبب بتعليق الحوار شكل المغامرة الاكثر اثارة للشكوك في حساباته المتصلة بمعركة ترشيح العماد ميشال عون والجدوى الحقيقية التي يمكن ان يوظفها من خلال تمديد التعطيل في كل الاتجاهات . واذا صحت التوقعات المتصلة بشل الحكومة في شكل أو في آخر ، وهو الامر الذي يشكل الخميس المقبل اختباره الحاسم في جلسة مجلس الوزراء ، فان ذلك سيعني خلاصة كبيرة أساسية هي ان البلاد توغلت نحو أزمة اضافية مجهولة المدى والنتائج سياسياً لكن تداعياتها السلبية المتزايدة على المستويات الاخرى لا تحتاج الى تبصير وتنجيم .
في أي حال، لم يكن السجال اللاهب الذي حصل في جلسة الحوار بين رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية ووزير الخارجية جبران باسيل والذي شكل شرارة كهربة الجلسة الا العينة المعبرة لتداعيات ضرب “التيار” على وتر الطعن في تمثيل الافرقاء المسيحيين الذين لا يماشونه في مقاطعة جلسات مجلس الوزراء امتدادا الى جوهر الصراع على رئاسة الجمهورية. واعتمل الاحتقان في الجلسة حين بدا للجميع ان الوزير باسيل جاء بقرار متخذ بمقاطعة الحوار وابلاغه الى المتحاورين . واشعلت مداخلة مكتوبة لباسيل الاجواء اذ بدأ بمطالعة عن الميثاقية من باب الطعن في ميثاقية الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء رافضاً ان تعقد في حضور ستة في المئة ممن يمثلون المسيحيين، ومعتبراً ان “الميثاقية باتت تشكل اليوم المشكلة الرئيسية التي تتسبب بأزمات في جوهرها وجودية”. وردّ فرنجية لم يسقط الاعتراض العوني في المبدأ اذ اكد ان “حقوق المسيحيين غير مؤمنة في بعض الاحيان”، لكنه انبرى لانتقاد الاساليب التي يتبعها “التيار” قائلاً: “نحن نعمل على تحصيل ما افسدتموه. هذا الكلام يدمر مكتسبات المسيحيين” ثم وجه كلامه الى باسيل : “من انت ومن تمثل وانت راسب في كل الانتخابات… كفى تخبرنا عن عنترياتك فاي انتخابات ربحت؟ انت مدير عينك عمك لتدير التيار ولا تمثل اي حيثية”.
ولم يطل الامر وسط تصاعد الاجواء الصاخبة حتى تحول مسار السجالات ناحية رئيس مجلس النواب نبيه بري. وكان تدخل آخرون كالوزير بطرس حرب ثم الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة بمداخلات اجمعت على رفض “المزايدات” والخلط بين الميثاقية والتزام الاصول الدستورية . كما ان ممثل “حزب الله” النائب محمد رعد طلب من باسيل التريث . لكن باسيل بادر الى القول انه “يعتكف ويعلق الحوار” وما كان من الرئيس بري الا ان رد “ما حدا بيمرك علي بتعليق الحوار انا بعلقو”.
تصعيد
وليلاً قالت مصادر وزارية شاركت في إجتماع الحوار النيابي امس لـ”النهار”إن الامور” ذاهبة الى التصعيد” وهو ما عكسه الرئيس نبيه بري بقوله: “ما سمعته هو الاخطر منذ الحرب الاهلية وهو ينذر بحرب أهلية جديدة”.ولفتت الى السجال الحاد بين النائب فرنجية والوزير باسيل فقالت إن الحكومة باتت” متصدّعة ومثلها الوضع السياسي”.ووصفت صمت “حزب الله” في الحوار بإنه” أقرب الى الاعتراض على موقف باسيل من التأييد له بدليل ان النائب رعد قال بعد إنفراط الاجتماع إن الحوار يجب أن يستمر”.
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، علمت “النهار” من مصادر وزارية أن رئيس الوزراء تمام سلام يزن خياراته بالنسبة الى مصير الحكومة في ضوء ما حصل في جلسة الحوار النيابية امس. وقالت ان هناك إتصالات جارية مع عدد من الوزراء وخصوصاً وزيريّ “حزب الله” لمعرفة موقفهم من حضور جلسة مجلس الوزراء العادية بعد غد الخميس، علما ان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قال وهو يغادر إجتماع الحوار النيابي أمس إن جلسة الحكومة ما زالت قائمة الخميس حتى في غياب وزيريّ “التيار الوطني الحر”.
ودعا وزير الثقافة روني عريجي الى اعتماد “التواضع والحكمة” في معالجة الامور وكل: “ان من يفجر او يعلق طاولة الحوار يتحمل مسؤولية كبيرة ومن يتخذ قرارا كهذا عليه التفكير مليا قبل اتخاذه”. وردا على طرح “التيار الوطني الحر” لمسألة الميثاقية التي علقت طاولة الحوار بسببها قال عريجي في حديث الى برنامج “وجها لوجه” من “تلفزيون لبنان” إن “هناك تجاذباً سياسياً كبيراً في البلد، لكنه لا يرقى الى مستوى الميثاقية والخطاب العالي النبرة لا يناسب المسيحيين”. ولاحظ ان موضوع الميثاقية لم يطرح مع عدم مشاركة “القوات اللبنانية” في الحكومة ولا بعد انسحاب الكتائب من الحكومة وطرح فقط لدى مقاطعة “التيار الوطني الحر” جلسة مجلس الوزراء. لكن عريجي شدد على “اننا لا نرغب ابدا في اقصاء احد ويجب ان يكون التيار الوطني الحر موجودا في مجلس الوزراء وان يلعب دوره فنحن ضد الشلل في الحكومة ولوزراء التيار مساهماتهم ونريد العمل بايجابية اذ هناك مصالح الناس”.
الأخبار
جبران باسيل … أم المادة 24؟
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “ليست المسألة متعلقة بتهمة الهوس الرئاسي عند ميشال عون. ولا بطبيعة الصدام السياسي لدى جبران باسيل. القضية تبدأ في عمقها من سؤال: ما هي آلة الحساب (أو كالكولاتريس) الوحيدة للشرعية، بحسب ما ينص عليه دستور لبنان؟
فلنبدأ أولاً بالأسئلة المسلّمات: هل تريدون بقاء لبنان كما هو؟ أم ثمة أوهام لدى البعض بتطييره؟!
التوقيت يبدو ملائماً ربما، قبل أربعة أعوام من مئوية لبنان الكبير، للعودة بتخرّصات من نوع لبنان الأصغر، أو اللالبنان الأكبر، سورياً أو عروبياً أو إسلاموياً حتى … إذا ما نفينا تلك المشاريع الانتحارية، يجب الانتقال إلى سؤال مسلّمة ثانية: هل تريدون لبنان كما رسا على صيغة الدستور الحالي المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني؟ أم لا؟ أيضاً ههنا التوقيت ملائم. فالمحيط كله في أتون حروب بدأت ولما تنته. وأي تغيير في دستورنا، يحتاج إلى مئة ألف قتيل على الأقل. فإذا كان هناك من يريد تغييره، فعليه أن يبدأ فوراً. عله يستفيد من الإدماغ والإدماج بين قتلانا وقتلى الحروب المحيطة، ليكتشف بعد عقد من الدم، أن ما حققه لا يتعدى سطراً او عبارة…
إذا كان ما سبق مرفوضاً ومكروهاً و»ملعوناً»، عندها فلنسلم أن البحث في أوضاعنا وأزماتنا ومآزقنا، ينطلق من دستورنا الحالي ومن وثيقته المؤسسة. فلنعد إليه إذن ولنعد قراءته: من أين تأتي الشرعية في نظامنا بحسب الدستور؟ الجواب واضح: من الشعب. فهو مصدر السلطات. لنتفق على هذه القاعدة الأولى إذن. مصدر الشرعية هو الشعب. لا الثروة، طبيعية أم مشبوهة. ولا القوة ولا حتى فائضها ولا العنف ولا العسف ولا البطر. ولا الخارج وموازينه. ولا إخراج القيد العائلي ولا الدم ولا القدرة عليه. ولا نمط التافهين في إسباغ صورة الأسطورة على كل عابر سبيل في مركز ما في لحظة ما… الشعب وحده مصدر الشرعية.
سؤال ثان، بحسب دستورنا نفسه: ما الذي يسقط هذه الشرعية؟ في الدستور كلام كثير عن حالات سقوط الحكومة. وعن محاسبة أي مسؤول، من وزير إلى رئيس. كما عن كيفيات تداول السلطة في كل مؤسسة. لكن في دستورنا كله، ثمة فقرة واحدة قاطعة، تحدد كيف تسقط الشرعية عن أي سلطة. إنها تلك الفقرة «ي» الأخيرة والشهيرة من المقدمة الميثاقية للدستور، التي تجزم وتقطع بأن «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»… لكن في المقابل، ما هو ميثاق العيش المشترك؟ هل هو ما كتبه تقي الدين الصلح قبل عقود؟ هل هو ما دبّجه ذات يوم يوسف السودا تحت هذا العنوان؟ هل هو عقد اجتماعي غير مكتوب، أو حتى عرف محفوظ في الصدور، يجري تأويله بحسب الحفاظ؟ أو هو مجرد نفحة أدبية عاطفية أو حتى كذبة شعبوية أو تسويغ إنشائي لشبق سلطوي رومانسي؟ هل هو دم رفيق الحريري، أم مقاومة اسرائيل، أم محاربة إرهاب، أم أي عنوان لاحق قد يستجد أو يطرأ؟
بالعودة كذلك إلى نص الدستور نفسه، لا تعريف ولا تحديد ولا توضيح لمفهوم ميثاق العيش المشترك هذا. رغم وظيفته العليا التي أناطها به الدستور. أن يكون الحالة الوحيدة التي تسقط أي شرعية عن أي سلطة. لكن ثمة عبارة في هذا الدستور تشي بمضمون الميثاق. عبارة واحدة لا سواها. هي تلك الكلمات في المادة 24 منه، المدرجة ضمن الفقرة «أ» منها، عند الحديث عن تكوين المجلس النيابي. كلمات تقول: «التساوي بين المسيحيين والمسلمين». هذا هو إذن جوهر ميثاق العيش المشترك كما أراده الدستور. تكتشف أن معادلته واضحة جلية. حتى أنها حسابية رقمية، «ديجيتال». ليس الميثاق إذن شعراً ولا زجلاً ولا صليباً وهلالاً ولا قبة ومئذنة ولا أسقفاً ومفتياً ولا غيرها من الصور الفارغة. إنه معادلة رياضية واضحة: التساوي. والمقصود فعلاً، كما هو محسوم بحسب النص، التساوي بين جماعتين. بين طائفتين. لا بين أفراد منهما. ليس الميثاق إذن هو أن يكون مجلس النواب متساوياً بين 64 مسيحياً ومثلهم من المسلمين. بل هو التساوي بين كل المسيحيين وكل المسلمين. هكذا يقول النص. وهكذا هو الميثاق. وهكذا تسقط كل شرعية تخالف هذه القاعدة.
لكن، ما هي الآلية التي تسمح بتجسيد معادلة «التساوي» هذه، انطلاقاً من كون الشعب هو مصدر السلطات؟ الجواب بسيط: قانون الانتخاب. فإحدى وظائف هذا القانون، هي تكريس هذا التساوي ورفعه من إرادة الناخب إلى مجلس النواب، بشكل دقيق عادل منصف وصحيح. بحيث يأتي المجلس تعبيراً عن إرادات الناس، كما عن التساوي بين «الناسين» في نظامنا المتخلف. بعد المجلس، تتشكل الحكومة وفق المعادلة نفسها والمنطق الرقمي نفسه.
لا شرعية لهؤلاء؟ ليست المسألة كيدية شخصية ولا حرتقة فردية. وليس جبران باسيل ولا ميشال عون من يعلن ذلك. إنه الدستور. إنه الميثاق. ما الحل؟ صيغه موجودة: إما قانون انتخابات ميثاقي. وإما تسوية رئاسية ميثاقية، على قاعدة المعادلات الحسابية الفعلية لآخر استحقاق انتخابي. وإما الأفضل، فلنذهب إلى إلغاء الطائفية كاملة، من كل النصوص وفوراً. ونرتاح.
بين هذه الصيغ، هناك من يفكر بتكرار تجارب خادعة فاشلة. على طريقة أن الناس كفرت من الفاسدين. وهم يرفعون صوتهم بلا نتيجة. حسناً، فلنأت لهم بفاسد جديد، لكن لا يمكنهم تناوله ولا ذكر فساده ولا حتى التلميح إليه… فكرة عبقرية. فإذا كان الصراع مع الفساد من دون جدوى ينذر بثورة، فالخضوع له من دون صرخة وجع حتى، أسهل طريق إلى الانتحار… حذار!
اللواء
التيار العوني يركب رأسه ويكرِّر حماقة التسعينات!
برّي يُعاجل باسيل بتعليق الحوار.. وفرنجية يسأله عن «الميثاقية» في هزائمه الإنتخابية
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “هل قلب التيار الوطني الحر الطاولة؟ وعلى مَنْ قلبها؟ وماذا عن مسار العلاقات بين الأطراف اللبنانية؟ سواء بين المتحالفين، أو المتخاصمين، أو خلاف ذلك؟
قبل الأجوبة، على هذه الأسئلة المهلكة، انقسمت انطباعات اللبنانين، بين موغل في التشاؤم، لا يرى امامه سوى التصعيد في ضوء خارطة الطريق العونية المعدّة باتقان، ضمن تصعيد تدريجي، خطوة خطوة، تمهيداً للوصول إلى الشارع. فأحد الوزراء المقربين قال لـ«اللواء» ليلاً: «الاوضاع فارطة»، متسائلاً إلى أين نحن سائرون..؟ أو بين متفائل حذر، يراهن على دور لحزب الله، في عدم ذهاب الوضع إلى ما هو أبعد من أزمة مشاركة في الحوار أو مجلس الوزراء، فالموقف الآن، وفقاً لأوساط الحزب، تخفيف التأزم، وتبريد الأجواء، ومن ثم العودة إلى المقاربة الممكنة للملفات الخلافية..
أصحاب التفاؤل هؤلاء يسألون: ما البديل عن الحوار، وما البديل عن العودة إلى طاولة الحوار؟ فلا لعبة الشارع متاحة، ولا ظروف المنطقة، تجعل من البلد المشلول والمحاصر بالازمات بنداً على جدول الأعمال الإقليمي أو الدولي.
موضوعياً، وضع التيار الوطني الحر نفسه في «شباك المأزق» الخطير، فغالبية الذين شاركوا في الجلسة الـ21 لطاولة الحوار، اثارتهم مداخلة رئيس التيار جبران باسيل، حتى ان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي قال للرئيس نبيه بري: انزعجت من عبارة باسيل «بدكّن إيانا أو ما بدّكن».
وموضوعياً وضع باسيل تياره ولبنان في مؤسساته امام وضعية التعطيل، أو «الابتزاز الميثاقي»، معرضاً الاستقرار النسبي الذي ينعم به البلد للإهتزاز..
استفزت مداخلة باسيل أركان الطاولة، بمن فيهم مدير الحوار الوطني، الذي لم يتأخر في الردّ على باسيل بخطاب استعد له الرئيس برّي: «مش أنت اللي بيمرك عليي بتعليق الحوار انا بعلقوا»، وأعلن عن تعليق الحوار من دون تحديد موعد جديد…
ليست المرة الأولى التي يعلق فيها الحوار فقد عُلّق في العام 2007، وعلق بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. ووفقاً لمتابعين فإن الحوار الذي بدأ في آذار من العام 2006، بعد دعوة وجهها الرئيس نبيه برّي إلى 14 و8 آذار، شكل رافعة للحياة السياسية، وصمام أمان، فتح الباب على مصراعيه امام الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و«حزب الله».
وأطلق الرئيس سليمان في عهده المبادرة الحوارية في 9 أيلول حيث احتلت الاستراتيجية الدفاعية، كبند رئيسي بعدما ذهبت المحكمة الدولية في مبادرة برّي الأولى.
ومن المؤكد ان تاريخ 5 أيلول 2016 لن يكون خاتمة المطاف الحواري، وهي ليست المرة الأولى التي يتحوّل فيها الوزير باسيل والنائب فرنجية إلى نجمي سجال واشتباك، على مرأى المتحاورين وعلى خلفية الشغور الرئاسي، حيث يتنافس القطبان المارونيان ميشال عون وسليمان فرنجية في الجدوى من السباق إليه.
مصدر شارك في الجلسة قال لـ«اللواء»: ان طاولة الحوار كانت ولا تزال حاجة لتبريد الاحتقان، والتقاء رؤساء الكتل والأحزاب وممثلي الطوائف للتباحث في الملفات الخلافية.
وتساءل هذا المصدر ما العمل الآن؟ لا سيما وأن «التيار الوطني الحر» الذي علّق مشاركته في جلسة مجلس الوزراء فرض على رئيس المجلس تعليق طاولة الحوار، وحول جلسة انتخاب الرئيس الـ44 يوم غد الأربعاء، إلى مناسبة بلا جدوى، وطرح أسئلة حول مصير جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس. وتخوف هذا المصدر، من ارتدادات سلبية على الاستقرار الأمني نفسه.
وأعربت مصادر السراي الحكومي عن استيائها الكبير مما حصل داعية انتظار الساعات المقبلة، التي من شأنها توضيح الكثير من الأمور. اما الرئيس برّي فأوضحت مصادر مقربة منه انه ليس على عجلة من امره وأن موقفه يرتبط بمصلحة الاستقرار العام في البلاد.
تعلقت ولم تنفجر!
والاهم في مجرى نقاشات الجلسة انها توترت في الداخل ولم تنفجر. والجلسة كانت حقل من الألغام نجح الرئيس برّي في منع انفجارها، ووفق الخلاصة التي وصل إليها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي قال بعد خروجه المبكر من جلسة الحوار: «ان جلسة مجلس الوزراء بعد غدٍ الخميس ما تزال قائمة».
وكانت جلسة الحوار، التي انعقدت بغياب النائب وليد جنبلاط الذي مثله الوزير غازي العريضي ابتعدت عن جدول الأعمال حيث كان من المتوقع ان يسلم رؤساء الكتل والأحزاب أسماء ممثليهم في لجنتي مجلس الشيوخ وقانون الانتخاب حيث تمكن الوزير باسيل من أخذ زمام المبادرة، من خلال دعوته المتحاورين إلى تبني مفهومه «للميثاقية».
ووفقاً لأحد المشاركين، فإن المسرح كان مُعداً لتخريجة تعليق الجلسات، حيث اقتصرت الجلسة على انفجار الموقف بواسطة «القنبلة الميثاقية العونية» بين رئيس التيار الوزير باسيل ورئيس المردة النائب سليمان فرنجية، على خلفية الخلاف بين الفريقين على انتخابات الرئاسة الأولى.
وعندما تساءل باسيل كيف تُعقد جلسات لمجلس الوزراء في غياب الممثلين الحقيقيين للمسيحيين، والاكتفاء بما يمثل 6٪ فقط، استشاط النائب فرنجية غيظاً، مقاطعاً باسيل: «حضرتك أي انتخابات ربحت، إنت لا تمثّل شيئاً لأنك رسبت في الانتخابات فأنت مدير عيّنك عمك لتدير «التيار الوطني الحر» مكانه، أما بشأن الـ6٪ فإني أسألك من أعطاك هذا الرقم، إنه من إختراعك وفذلكتك ولا قيمة له».
وخاطب باسيل قائلاً: «أنتم تتاجرون بحقوق المسيحيين، ونحن من العام 1992 لليوم، نعمل لإرجاع جزء من الحقوق التي أضاعها عمّك (ميشال عون) على المسيحيين».
واعتبر الوزير حرب ما قاله باسيل عن الـ6٪ بدعة لا تنطبق على الواقع ومشكلة المسيحيين مع الذين يدّعون الحرص عليهم.
ورأى الرئيس ميقاتي أن باسيل يخلط ما بين الميثاق والدستور، وقال: «لا يجوز أن يتحوّل العيش المشترك لتوزيع مغانم بين الطوائف أو المذاهب لأنه أمر مقدس وهذا الأمر لا علاقة له بالدستور»، ودعا لتطبيق تفصيلات الدستور وترك موضوع الميثاق جانباً لأنه خارج أي بحث.
ومع احتدام هذا الوضع، امتنع عدد من المشاركين على الطاولة وفي مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة عن الإدلاء بأي موقف، مع العلم أن بعض الأركان كانوا يرغبون ومن بينهم الرئيس السنيورة والنائب الجميّل للتأكيد على أن الميثاقية تبدأ بانتخاب رئيس، ثم كيف يمكن أن يُحكى عن الميثاقية في حكومة 1988 التي ترأسها العماد عون وانسحب منها الوزراء المسلمون.
وقالت مصادر المجتمعين أن النائب محمّد رعد دعا إلى أخد وجهة نظر التيار الوطني بعين الاعتبار مبتعداً عن الدخول في سجالات. وكشفت هذه المصادر أن النائب رعد وفي نهاية الجلسة التي استمرت قرابة الثلاث ساعات، تحدث بصوت خافت مع كل من الرئيسين تمام سلام والسنيورة، لكن لم يُعرف ما قال لهما.
إجتماع التكتل اليوم
ومجمل هذه الأجواء ستكون أمام الاجتماع الأسبوعي «لتكتل الإصلاح والتغيير» في الرابية بعد ظهر اليوم، حيث قالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن كلام الوزير باسيل في جلسة الحوار قد يكون مؤشراً على الاستعداد لنوع من التحرّك.
وذكرت هذه المصادر أن التكتل سيبحث مشاركة وزيريه في جلسة مجلس الوزراء الخميس، وإذا قرّر المقاطعة وعقدت الجلسة فإن التيار يستعد لحركة على الأرض.
وكشف وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب أن التكتل سيبتّ اليوم موضوع مشاركة وزيريه في الحكومة، مطالباً بعدم التطرق إلى موضوع تعيين رئيس للجامعة اللبنانية في الجلسة بصفته الوزير المختص.
وعشية اجتماع التكتل غرّد باسيل عبر «تويتر»: «عندما يصبح الظلم قانوناً تصبح المقاومة واجباً».
وبالنسبة لمصير الحكومة قال أحد الوزراء لـ«اللواء» أن لرئيسها وحده الحق في أن يُقرّر مستقبلها، في ظل السعي المستمر لإفشالها وشلّها وتعطيلها، مطالباً «حزب الله» بحسم الأمور، لأن «التيار الوطني الحر» لا يستطيع أن يفتح معركة بهذا الحجم من دونه، ووصف مطالب التيار الوطني بالتعجيزية، ومشيداً بموقف رئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجية.
ولم يستبعد المصدر في ضوء قرار تكتل الإصلاح والتغيير اليوم، إذا ما تمسك بالمقاطعة، أن يطالب «حزب الله» بإرجاء جلسات انعقاد مجلس الوزراء لاستيعاب الموقف.
وفي السياق نفسه أبلغ وزير السياحة ميشال فرعون تمسكه بموقفه بضرورة تعليق جلسات مجلس الوزراء أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لتنفيس الأجواء السياسية المتأزمة وذلك حرصاً منه على المحافظة على الحكومة، خصوصاً أن هناك سوابق بتعليق الجلسات بسبب ملف النفايات، كذلك علقت الجلسات الحكومية في آب من العام الماضي شهراً بسبب موضوع التعيينات العسكرية.
ولفت فرعون إلى أن موقفه لا يعني أنه يرى عدم ميثاقية بغياب الوزراء الذين هم يغيبون أنفسهم بل من باب الحرص على عمل الحكومة وإبقاء هامش لعملها خصوصاً أن وضعها صعب، ولا يجوز إتخاذها لقرارات غير موقّعة من عدد كبيرمن أعضاء الحكومة.
النفايات
ولم تحجب هذه التطورات الدراماتيكية السياسية، الاجتماعات والاتصالات الجارية لحل أزمة النفايات حيث تتجه الأنظار إلى الاجتماع الذي يعقد اليوم في وزارة الداخلية والذي سبق ودعا إليه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والذي يحضره وزير الزراعة أكرم شهيّب ورؤساء البلديات المعنية في المتن وكسروان.
وكان عقد اجتماع بين الوزير شهيّب وكل من رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان والوزير بو صعب لرفع النفايات من الشوارع، وتعديل الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء لاختصار الفترة الانتقالية ومعالجة جبل النفايات في برج حمود وتجهيز البلديات لتصبح قادرة على استقبال النفايات الخاصة بها، وإنشاء معامل الفرز، على أن تكون الأفكار التي طرحت في الاجتماع الذي يعقد في وزارة الداخلية اليوم.
البناء
كيري ولافروف يواصلان التفاوض في الصين وأردوغان يأمل بالتفاهم قبل العيد
دي ميستورا يتوقع قمماً رئاسية في نيويورك تتوّج التفاهمات حول سورية
طاولة الحوار تفقد توازنها وشظايا التشنُّج تصيب الحكومة… بانتظار الوساطات
صحيفة البناء كتبت تقول “ستنتقل المتابعات لمصير التفاهمات خلال الأسبوعين المقبلين من بكين إلى نيويورك، حيث تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية التي يتوقع ان يحضرها رؤساء الدول الكبرى وعدد من القادة في العالم، والتي ربط بها المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا توقعات إقلاع الحلّ في سورية، بينما يواصل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري محادثاتهما وفقاً لما وصفه الرئيس الروسي بالخطوة الهامة التي تمّ قطعها مع الرئيس الأميركي باراك اوباما، الذي تحدث عن فجوة عميقة، بينما العيون تراقب جبهات حلب لمعرفة ما بين سطور المتفاوضين، حيث موسكو لا تستطيع منح جوائز ترضية لمن يخسرون التوازن الذي صنعوه في الميدان عندما سيطروا على معبر الراموسة، وواشنطن لا تستطيع منحهم أكثر من مهلة لاستعادة التوازن.
الرئيس التركي رجب أردوغان أعرب عن أمله بالوصول إلى التفاهمات قبل حلول عيد الأضحى الأسبوع المقبل، بينما روزنامة دي ميستورا تحدثت عن الأسبوع الذي يليه، بين ثلاثاء وثلاثاء، يصير الموعد في الثالث عشر من أيلول أو في العشرين منه، بينما المعارك في جنوب غرب حلب ترسم خرائط جديدة قد تحمل مفاجآت معاكسة للتمنيات الأميركية، حيث تتهاوى مواقع جبهة النصرة والجماعات المسلحة امام وحدات الجيش السوري والحلفاء التي تواصل اندفاعاتها بعد تحرير الكليات العسكرية نحو استرداد البلدات المحيطة، بعد إحكام السيطرة على التلال، وصولاً إلى خلصة وخان طومان.
لبنانياً، كان الحدث الذي رسم مساحة من القلق على المشهد السياسي هو فقدان طاولة الحوار الوطني لتوازنها بشجار اندلع بين الوزير جبران باسيل والنائب سليمان فرنجية حول توصيف الطابع التمثيلي للقوى المسيحية الذي تبنى عليه الميثاقية، بعدما وصف باسيل المشاركين المسيحيين في الحكومة بجماعة الستة بالمئة، وردّ عليه فرنجية بالراسب في الانتخابات، ورغم التهدئة التي أنهت الشجار، أنهى الشجار انعقاد الحوار، حتى إشعار آخر، وأصابت شظاياه الحكومة التي كان يأمل رئيسها تمام سلام بأن يعقب مشاركة التيار الوطني الحر في الحوار عودته إلى المشاركة في اجتماعات الحكومة، وصار مصير الحكومة كما الحوار معلقاً بانتظار الوساطات ومساعي الشركاء والحلفاء المشتركين بين التيارين الحليفين في الخيارات الكبرى المتنافسين رئاسياً، المردة والوطني الحر.
تعليق جلسات الحوار
قرّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري تعليق جلسات الحوار الوطني بعد سجال حاد بين رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على خلفية مفهوم الميثاقية والتمثيل المسيحي. وبُعيد انطلاق الجلسة التي غاب عنها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، طلب باسيل البحث في مفهوم الميثاقية، مستغرباً كيف يتم عقد جلسة لمجلس الوزراء فيما الممثلون الحقيقيون للمسيحيين غائبون ويتم الاكتفاء بحضور من يمثلون 6 فقط منهم. فتدخل فرنجية، وحصل السجال بينهما أدّى الى إعلان باسيل تعليق مشاركة التيار في الحوار وانسحابه من الجلسة.
وعلقت مصادر مقربة من الرابية لـ «البناء» على وقائع الجلسة، معتبرة أن «ما حصل هو انعكاس للازمة الأساسية وإن تظهر بردات الفعل المتبادلة بين أطراف الحوار، لكن المرض الأساسي هو الواقع غير الدستوري جراء سياسة التمديد الذي طرأ على البلد ومصادرة السلطة القائمة على قانون انتخاب غير دستوري»، وإذ حذرت المصادر من أن «خيارات العماد ميشال عون باتت مفتوحة وعلى الصعد كافة بعد جلسة أمس»، لفتت الى أن الوضع الداخلي يتجه الى التأزم وبات انعقاد طاولة الحوار أمراً صعباً والوضع الحكومي أصعب، مرجّحة أن «يكون التصعيد هو التوجه العام لدى العماد عون لعدم القبول بالأمر الواقع الذي بُني على أكثرية نيابية صادرت السلطة من خلال التمديد لنفسها مرتين».
وألمحت المصادر الى أن «اتفاق الطائف لم يعُد قادراً على احتواء مكوناته ورموز الدولة فيه وعندما يعجز الدستور والنصوص أن يحتضن أبناءه ورموزه يصبح البحث عن عقد اجتماعي جديد أمراً جائزاً وضرورياً، لا سيما في ظل نظام يحوي عقول سوداء في الداخل» غامزة من قناة الرئيس فؤاد السنيورة ومقولته الشهيرة «أنتظر المقصقص ليأتي التيار»، وتساءلت: هل ينتظر السنيورة الخارج ليفرج عن الحل في الداخل؟ وهل يراهن على عدوان إسرائيلي جديد على لبنان أم على انتصار الإرهاب وداعميه على الدولة في سورية؟
جلسة للحكومة الخميس بلا قرارات
وعلى وقع التصعيد الذي شهدته عين التينة أمس، يعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس المقبل بغياب وزراء تكتل التغيير والإصلاح، بحسب ما علمت «البناء»، وعلى جدول أعماله بنود عادية وتحويل اعتمادات روتينية لبعض الإدارات والمؤسسات. وأكد مصدر وزاري لـ»البناء» أن «رئيس الحكومة تمام سلام مصمم على عقد الجلسة الخميس، لكن لن يتخذ المجلس قرارات هامة بوضعه الحالي»، ونفى المصدر وجود أي نية لدى سلام بالاستقالة من الحكومة، وشددت على أن ما حصل على طاولة الحوار سيترك تداعياته السلبية على عمل الحكومة وإن عقدت الجلسات، مضيفاً أنه «لو حصل توافق بين المتحاورين على استمرار عقد جلسات الحوار لكان وزراء التيار الوطني الحر حضروا جلسات الحكومة واتخذت قرارات في قضايا رئيسية يحتاجها المواطن والوطن»، لكن المصدر أوضح أن مقاطعة بعض الوزراء لن يؤثر على استمرار جلسات الحكومة لوجود 9 وزراء مسيحيين من أصل 12 ومقاطعة وزيرين فقط، أما وزراء الكتائب استقالوا لأسباب أعلنوا عنها تتعلق بأزمة النفايات وليس مقاطعة الجلسات وبالتلي فإن الميثاقية مؤمنة». ولفت الى أن «سلام منفتح على الحوار مع جميع المكونات، لكنه كان واضحاً مع التيار بأنه لا يستطيع تلبية مطالبهم».
النفايات إلى الحل اليوم؟
وفي ظل الأجواء التشاؤمية التي تخيم على البلاد وانسحاب الجمود في المؤسسات الدستورية الى هيئة الحوار، يداهم ملف النفايات الحكومة والقوى السياسية مع تراكم جبال النفايات في شوارع المتن وكسروان وبرج حمود وبعض أحياء بيروت، ولهذه الغاية يعقد اجتماع اليوم في وزارة الداخلية، بحضور مختلف الجهات المعنية في محاولة لإيجاد الحل، وقالت مصادر الوزير أكرم شهيب لـ «البناء» إن «اجتماع اليوم سيكون هاماً وحاسماً بين وزير الداخلية والفريق التقني المركزي لمعالجة أزمة النفايات بحضور بلديات المتن وكسرون لإقرار الحل اللامركزي، وسيسأل وزير الداخلية عن استعداد البلديات لأخذ الملف على عاتقها لناحية إيجاد الاراضي المناسبة لإقامة المطامر ومعامل الفرز ضمن خطة وعقود مع شركات». وأوضحت المصادر أنه «وفي حال استطاعت البلديات ذلك فلن نكون بحاجة حينها الى كل مطمر برج حمود وبالتالي سيتقلص حجم النفايات التي ستنقل اليه».
ولفتت الى أن «البلديات أعلنت مراراً وفي اجتماعات عدة أنها مستعدة للحل اللامركزي من ناحية النيات والإرادة، لكن المشكلة أنها لا تملك أجوبة حول مواقع للطمر ولا أحد مستعدّ لتقديم عقار أرض لذلك». وأوضحت المصادر أن «التفاوض مستمر بين الوزير شهيب وحزب الكتائب الطرف الوحيد المعترض على خطة الحكومة، أما التيار الوطني الحر فيحاول التوفيق بين الكتائب والطاشناق وبين الحكومة لتسهيل الحل»، لكن المصادر رجحت «ألا يتبلور الحل قبل جلسة مجلس الوزراء المقبلة لتحسم اللجنة الوزارية إقرار الحل من خارج مجلس الوزراء أم أنها ستعود اليه».
وشرحت المصادر أن «الحل المؤقت الذي يقضي بإعادة فتح مطمري برج حمود والكوستبرافا أمام النفايات يشكل ممراً الزامياً لجميع الأطراف، ريثما تجهز البلديات للحل المستدام واللامركزي ولو كان لأي طرف حل آخر لباشر بتنفيذه ورفعت النفايات المكدسة في الشوارع». بينما رجّحت مصادر وزارية لـ «البناء» «التوصل الى حل لأزمة النفايات في برج حمود والمتن خلال أيام»، مؤكدة أن «مجلس الوزراء وضع الخطة في آذار الماضي والمؤسسات المعنية تعمل على تنفيذها رغم الصعوبات التي تعترضها، لكن الحكومة لن تتراجع عن خطتها»، مشددة على أن «مجلس الوزراء إذا ارتأى ضرورة تعديل ما على الخطة بعد اجتماع المعنيين لجهة التنفيذ وإبرام العقود سيطرح الملف من خارج جدول الأعمال في جلسة الخميس».
وعقد اجتماع ثلاثي أمس، في وزارة الزراعة ضم الوزيرين أكرم شهيب والياس بو صعب والنائب ابراهيم كنعان، خرج بعده المجتمعون بإقرار اللامركزية مبدأ أول لحل الأزمة. وأشار بوصعب إلى أن موضوع اللامركزية في ملف النفايات هو الأساس، «اليوم نستطيع تعجيل اللامركزية، أي أن قضاءي المتن وكسروان باتا قادرين، اليوم أو في أي وقت يصبحان فيه جاهزين، ولديهما معمل لفرز النفايات والبدء بفرز النفايات من المصدر، على أن يتطوّر ليصبح الفرز من المنازل، وتتطوّر المعامل لتصبح جاهزة للتسبيخ. وبذلك، نكون اعتمدنا اللامركزية في الشق الأول من الخطة المتعلق بالفرز والمعالجة، أي أننا خفّفنا الضغط عن معملي العمروسية وبرج حمود لأنهما لا يحتملان الكميات التي كانت تصل إليهما، ما يفسّر أن الفرز كان أقل مما يجب، باعتراف مجلس الإنماء والإعمار».
المصدر: صحف