من المتوقع أن تغدو نسبة الشباب في صفوف العمال الفقراء هي الأكبر، إذ كشف تقرير لمنظمة العمل الدولية أن 156 مليون شاب عامل يعيشون في فقرٍ مدقع أو معتدل. وسترتفع نسبة البطالة لدى الشباب الى 13.1%، ما يرفع أعداد العاطلين من العمل من فئة الشباب الى 71 مليون شخص، مع تصدّر الدول العربية لائحة المناطق الأكثر بطالة في العالم، حيث وصلت نسبة بطالة الشباب إلى 30.6% مع بقاء فجوات كبيرة بين الجنسين ومعدلات عالية من العمال الفقراء.
مع نهاية عام 2016، سيصل عدد الشباب العاطلين من العمل في العالم الى 71 مليون شاب وهو أول ارتفاع يُسجل منذ 3 سنوات. فبعد سنوات من التحسن، سترتفع نسبة البطالة في صفوف الشباب من 12.9% عام 2015 إلى 13.1% عام 2016 وستبقى عند هذا المستوى عام 2017 وفق تقرير لمنظمة العمل الدولية بعنوان «الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم 2016: اتجاهات الشباب».
يشكّل الشباب 35% من إجمالي العاطلين من العمل في العالم عام 2016، علماً بأنهم يشكلون أكثر من 15% من حجم القوى العاملة. وتشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي العالمي عام 2016 بلغ 3.2%، أي أدنى بمقدار 0.4% عما كان متوقعاً أواخر 2015، أمّا «السبب الرئيسي لذلك فهو حدوث ركودٍ أكبر مما كان متوقعاً في بعض الاقتصادات الرئيسية الناشئة المصدِّرة للسلع، فضلاً عن جمود النمو في بعض الدول المتقدمة. وارتفاع معدلات بطالة الشباب كبيرٌ على نحوٍ خاص في الاقتصادات الناشئة»، كما يقول ستيفن توبين كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة العمل الدولية.
هذا الارتفاع بالأرقام والنسب لن يقتصر فقط على العاطلين من العمل، إنما يتوقع التقرير أن تغدو نسبة الشباب في صفوف العمال الفقراء هي الأكبر! فأرقام البطالة لا تعكس «الحجم الحقيقي لتحديات سوق عمل الشباب لأن عدداً ضخماً منهم يعمل من دون أن يكسب ما يكفي لانتشاله من الفقر». فالواقع أن 156 مليون شاب، أي ما يعادل 37.7% من العمال الشباب، يعيشون في فقرٍ مدقع (أي أقل من 1.9 دولار يومياً) أو معتدل (أي بين 1.9 دولار و3.1 دولارات يومياً) مقارنةً مع 26% من العمال البالغين.
العالم العربي: أعلى معدل بطالة في العالم
وعلى صعيد المناطق، يتحدث التقرير عن توقّع ارتفاع معدلات البطالة في الاقتصادات الناشئة من 13.3% عام 2015 (أي ما يعادل 52.9 مليون عاطلٍ من العمل) إلى 13.7% عام 2017 (ليصبح 53.5 مليون عاطل من العمل). كما يُتوقع بين عامي 2015 و2017 ارتفاع معدل البطالة من 15.7 إلى 17.1% في أميركا اللاتينية والكاريبي، ومن 16.6 إلى 17.5% في وسط وغرب آسيا، ومن 12.4 إلى 13.6% في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.
وعلى الرغم من عدم توقع ارتفاع بطالة الشباب في العالم العربي هذه السنة، فإن معدلها سيبقى الأعلى في العالم إذ ستصل إلى 30.6% عام 2016، رغم توقع تحسنها بشكل طفيف إلى 29.7% عام 2017، مع بقاء فجوات كبيرة بين الجنسين ومعدلات عالية من العمال الفقراء. ويعزو التقرير ارتفاع معدل بطالة الشباب في الدول المصدرة للنفط الى تباطؤ النمو وتشدّد السياسات المالية، مشيراً الى أن التوترات الجيوسياسية ستواصل تأثيرها الكبير على آفاق بطالة الشباب في بلدان أخرى من المنطقة. كذلك، أكثر من 39% من الشباب الذين يعملون في الدول العربية يعيشون على أقل من 3.10 دولارات يومياً، مقارنة مع نحو 35% من البالغين العاملين. وقد ارتفعت نسبة العاملين الشباب الفقراء 3% منذ عام 2007، في حين ظلت نسبة البالغين العاملين مستقرة.
ويرى التقرير أن «ثمة أدلة متزايدة في الاقتصادات المتقدمة على حدوث انزياحٍ في توزع الفقراء بحسب العمر، إذ يحتل الشباب الآن مكان كبار السن بوصفهم أكبر مجموعةٍ معرضة للفقر. ففي عام 2014 مثلاً، كانت نسبة العمال الشباب المعرضين بشكلٍ كبير للفقر في دول الاتحاد الأوروبي 12.9%، مقارنةً بـ 9.6% من العمال البالغين (25 – 54 عاماً). والوضع خطيرٌ بشكلٍ خاص في بعض الدول، حيث تتجاوز نسبة العمال الشباب المعرضين لخطر الفقر 20%».
ويلمس التقرير فروقات كبيرة بين الشبان والشابات في معظم مؤشرات سوق العمل، ما يزيد ويخلق فجواتٍ أكبر أثناء الانتقال إلى سن الرشد، إذ يبلغ معدل مشاركة الشبان في القوى العاملة 53.9% عام 2016، مقارنةً بـ 37.3% للشابات، ما يمثل فجوةً قدرها 16.6%. وتتدنى معدلات مشاركة الشابات في الدول العربية الى 32.3%.
التحصيل العلمي والبطالة: علاقة وثيقة
منذ سنوات، كشفت بيانات البنك الدولي معادلة مفادها أنّ نسبة البطالة تزداد مع ارتفاع المستوى التعليمي، فنسبة البطالة لدى الذين لديهم مستوى تعليم جامعي 14%، مقارنة بـ 10% لدى غير المتعلمين و7% لدى الذين يملكون مستوى تعليم أساسي، ما يعكس حاجة السوق الى عمالة غير ماهرة.
البيانات الحديثة الصادرة عن منظمة العمل الدولية تعلن أنّ المعدلات العالمية لمشاركة الشباب في القوى العاملة تسلك اتجاهاً تنازلياً طويل الأمد من 53.5% عام 2000 إلى 45.8% عام 2016. ويُعتبر ازدياد فرص مواصلة التعليم الثانوي السبب الرئيسي لتراجع معدلات مشاركة الشباب بعمر 15 إلى 19 عاماً في سوق العمل. وفي حين ترى المنظمة أن هذا «يُعتبر تطوراً إيجابياً يتيح لهم توسيع قاعدة مهاراتهم ومعارفهم للحصول على فرص عمل أفضل في المستقبل»، تنتقل في التقرير لتعلن أنه «بالنسبة للشباب بعمر 20 إلى 29 عاماً، غالباً ما يكون نقص فرص العمل الجيدة والدائمة العامل الرئيسي الذي يثنيهم عن المشاركة في سوق العمل»، ما يشير الى صعوبة الانتقال من التعليم الى العمل.
بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، يشكل ازدياد مدة فترات البطالة مصدر قلق وخاصة في العديد من الدول المتقدمة. فأكثر من 2 من كل 10 شباب عاطلين من العمل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لا يعملون منذ سنة وأكثر.
مدّة البطالة هذه يمكن أن تؤدي إلى تدهور المهارات وتعيق الجهود المبذولة لاكتساب الخبرة في سوق العمل، كما تؤدي الى تزايد الإحباط، وبخاصة بين الشباب الذين يسعون للحصول على وظيفتهم الأولى. أمّا على المدى الطويل، فمن الممكن أن يولد انعكاسات سلبية على توظيف الشباب في المستقبل والقدرة على الكسب، ما ينعكس على الإنتاجية الإجمالية والنمو الاقتصادي.
المصدر: جريدة الاخبار