وجد علماء في سياق دراسة حالات أشخاص راشدين فقدوا نصف أدمغتهم كليّاً في مرحلة الطفولة، أنّ النصف الثاني من الدماغ أعاد وصل أجزائه المتبقِّية ببعضها بعضاً من أجل تشكيل روابط قويّة استثنائيّة بين شبكاته الوظيفيَّة المتبقيّة، ما ساعد الشخص المعني كما يبدو على مواصلة نشاطه كما لو كان دماغه كاملاً تماماً.
شملت الدراسة ستة مشاركين بالغين كانوا قد خضعوا لعمليات استئصال نصف الكرة المخيِّة في مرحلة الطفولة بغية الحدّ من نوبات صرع كانوا يعانون منها، بالإضافة إلى ستة مشاركين في مجموعة ضبط، ودرس فريق البحث شبكات مناطق الدماغ المعروفة بقدرتها على التحكّم في الوظائف الجسديّة، بما فيها تلك المتعلِّقة بالرؤية والحركة والعاطفة والإدراك.
قارن العلماء البيانات التي جمعت في “مركز كالتك لتصوير الدماغ” مع قاعدة بيانات تضمّ حوالي 1500 دماغ بحالة طبيعيَّة في “مشروع بناء الجينوم في الدماغ”، وهو مشروع مصمَّم للعلماء من أجل مقارنة واستكشاف البيانات المتعلِّقة بوظيفة الدماغ، والسلوك، والاختلاف الوراثيّ.
وظنّ الباحثون أنّهم سيكتشفون روابط أضعف داخل شبكات معيَّنة لدى المشاركين الذين يملكون نصف كرة دماغيِّة واحدة، لأن كثيراً من تلك الشبكات عادةً ما يشمل نصفي الكرة الدماغيِّة لدى أشخاص يملكون أدمغة كاملة.
ولكن خلافاً لذلك، وجدوا لدى أولئك المشاركين تواصلاً شاملاً طبيعيِّاً مدهشاً بين أجزاء الدماغ، فضلاً عن روابط بين الشبكات الدماغيِّة المختلفة أقوى من تلك التي تمتّعت بها مجموعة الضبط.
يُشار إلى أنّ أعمار المشاركين الستة تراوحت بين العشرينات وأوائل الثلاثينات أثناء الدراسة، في حين كانت أعمارهم بين ثلاثة أشهر و11 عاماً عندما خضعوا لاستئصال نصف أدمغتهم. استناداً إلى ذلك، سمحت هذه المروحة الواسعة من الأعمار للباحثين بدراسة طريقة إعادة الدماغ تنظيم عملياته عندما يتعرَّض لإصابة.
يأمل “برنامج أبحاث استئصال نصف الكرة الدماغيّة” في “معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا” (كالتيك)، بقيادة كبيرة الباحثين والباحثة الرئيسة لين بول، في توسيع نطاق الدراسة من أجل فهم أفضل لكيفية تطوّر الدماغ وتنظيم آلياته ووظائفه لدى الأفراد الذين يعانون مجموعة واسعة من حالات شاذة في الدماغ.
المصدر: الاندبندنت