قال السيد علي فضل الله، في خطبة الجمعة، ان “الشائعات وصناعة الأخبار الكاذبة والملفقة أصبحت من أبرز الوسائل التي تستخدم لكسب الحروب والسيطرة على البلدان والمواقع التي يراد الدخول إليها. فلنمسك على ألسنتنا وأيدينا قبل بث أي خبر أو نقل أية معلومة أو إرسالها إلى الآخرين. وعندها، سنكون أكثر وعيا، ولن نقع في مرمى من لا يريدون خيرا بالعباد والأوطان، وسنكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات”.
واضاف ” لبنان وصل فيه الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي إلى حد غير مسبوق، لم يعهده اللبنانيون طوال مراحلهم السابقة، وفي أشد الأوقات التي مرت عليهم، والذي لا يقف عند حدود الأزمات المعروفة في الماء والكهرباء والبيئة، وارتفاع أسعار صرف الدولار الأميركي والسلع الضرورية، وانقطاع العديد منها، مما يحتاجه المواطنون من الدواء ووسائل الاستشفاء، بل وصل إلى حد الحجر على أموالهم المودعة في البنوك، فهم لا يستطيعون الحصول عليها، وإن حصلوا عليها فليس بالقدر الكافي، وبالحرية التي ينبغي أن تعطى لهم، مما هو من حقهم، ما ساهم ويساهم في المس بمقدرات الناس وتلبية احتياجاتهم وإيقاف أعمالهم ومشاريعهم”.
اضاف: “إننا نعيش كل هذا الواقع المتردي، فيما الوضع السياسي حتى الآن على حاله من الجمود، حيث لم تستطع القوى السياسية الفاعلة حتى الآن الوصول إلى صيغة توافق في ما بينها تؤدي إلى إنهاء هذا الواقع المتردي، وذلك بتأليف حكومة قادرة على حل أزمات البلد المستجدة والنهوض به، بل يستمر الخلاف المستحكم حول تشكيل الحكومة ومن تضم، في ظل ضغوط الخارج الذي أصبحت مطالبه غير خافية على أحد، حتى بات البلد أسير لعبة عض الأصابع، حيث ينتظر كل فريق تنازل الفريق الآخر وعدم قدرته على تحمل أعباء مواقفه، من دون أن يأخذ الجميع في الاعتبار أنهم يعضون على أصابع الوطن، لا أصابع بعضهم البعض”.
وتابع “إننا أمام كل ما يجري، نعيد دعوة كل القوى السياسية إلى تحمل مسؤوليتها في إخراج البلد من الحال المتردي الذي وصل إليه، ونقول لهم جميعا: إنكم مسؤولون عما وصل إليه البلد، وعليكم إخراجه مما وصل إليه، وأنتم قادرون على ذلك إن قررتم الخروج من حساباتكم الخاصة أو المذهبية أو الطائفية وكنتم أحرارا في مواقعكم، لا تنتظروا في ذلك إملاء من هنا وهناك.لا تضعوا المسؤولية على عاتق الشعب الذي ارتفع صوته من الألم والمعاناة، فالكرة ليست في ملعبه. بادروا إلى الاستجابة لصوت هذا الشعب الذي ائتمنكم على إدارة شؤونه وحل مشاكله، لتقطعوا الطريق على كل من يعمل في الليل والنهار لتجيير آلامه ومعاناته لحساباته الخاصة أو لمصالحه.
واضاف “إن المرحلة الصعبة التي يعيشها هذا البلد تفرض على الجميع، من القوى السياسية إلى المتواجدين في الساحات، أن يكونوا إيجابيين تجاه الحلول الواقعية، فالبلد لا يبنى بمنطق اللاءات من هنا وهناك، ولا بالشروط والشروط المضادة، ولا بالأسقف العالية، ولا بتعطيل مؤسسة هنا مقابل مؤسسة هناك، ولا بأن يرمي كل الكرة في ملعب الآخر، بل بمنطق التواصل والحوار للوصول إلى القواسم المشتركة والخروج من هذا النفق المظلم الذي يعيشه البلد، حتى لا يذهب في مهب رياح الآخرين، ولا يسقط الهيكل على رؤوس الجميع”.
وقال “لقد أصبح واضحا أن هناك في هذا العالم من ينتظر البلد حتى يصل إلى حافة الانهيار حتى يأتي ليقول: نخرجكم من الانهيار شرط أن تقدموا التنازلات من حسابكم وحساب الوطن. إن البلد بحاجة إلى الإيجابيين وإلى المضحين الذين يضحون بحساباتهم لحساب وطنهم، ونأمل أن نراهم في هذه المرحلة. ويبقى لنا كلمة نتوجه بها إلى الإعلام، الذي بات سلطة فاعلة وحاسمة قادرة على صنع الأحداث وحتى الثورات، والذي يتجاوز في تأثيره كل السلطات. إننا إذ نقدر دوره في الإضاءة على مواقع الضعف في الأداء السياسي ومكامن الهدر والفساد، وهو الذي شكل صوتا للمواطنين ومعبرا عن معاناتهم، ولكننا في الوقت نفسه، نريد له أن يتحسس مسؤوليته جيدا، وأن يأخذ في الاعتبار في الأداء والأسلوب الحساسيات الطائفية والمذهبية وغيرها في بلد تتأجج فيه هذه الحساسيات، وأن يكون حريصا على اعتماد العقلانية والموضوعية والعدالة وعدم الارتهان لأحد. إننا مع حرية الإعلام، لكنها الحرية الواعية والمسؤولة والحكيمة لحساب الوطن لا على حسابه”.
وتابع “وإلى فلسطين، حيث تستمر معاناة الشعب الفلسطيني بفعل الاحتلال الصهيوني الذي لا يزال يستبيح الأرض والمقدسات والبشر والحجر.. في الوقت الذي يستمر الدعم الأمريكي له والتبرير لاعتداءاته على حساب الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه.. وكان آخر تعبير عن ذلك شرعنته للمستوطنات في الضفة الغربية واعتبارها حقا لهذا الكيان.
إننا في الوقت الذي ندعو إلى الوقوف مع هذا الشعب في صموده، ندعو إلى رفع الصوت عاليا في وجه الإدارة الأمريكية لتكف عن دعمها لهذا الكيان المستمر في غطرسته وعدوانه، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل الشعوب العربية والإسلامية”.
وختم فضل الله “وفي يوم الاستقلال، نتوجه إلى اللبنانيين جميعا بالتهنئة بهذا اليوم، وهم مدعوون إلى أن يكونوا أوفياء لكل الدماء التي بذلت من أجل استقلال هذا البلد طوال المراحل السابقة حتى الآن، وأن يحموا هذا الاستقلال من كل الذين يريدون المس به، مستفيدين من الأزمات التي تعصف به والتوترات التي تحصل بين أبنائه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام