ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة، هنأ فيها المسلمين جميعا واللبنانيين خصوصا بذكرى ولادة الرسول الأكرم محمد، مشدداً على “وجوب حماية أصل مشروع الدولة أولا، ومبدأ العيش المشترك، والسلم الأهلي، وتحويل المطالب الاجتماعية والحراك المطلبي إلى أداة إصلاحية قوية، على قاعدة الشراكة الوطنية، التي تضمن إقرار قوانين ومحاكم كفيلة بمنع الفساد ومحاسبة الفاسد، واسترداد المال العام، وتأكيد مبدأ من أين لك هذا”.
وقال “هذا يفترض حماية الحراك من الابتزاز السياسي، والاستغلال الحزبي، ولعبة الأوكار، والغرف السوداء، والضغط الخارجي، ولعبة الأمم الملونة، وخاصة أن كثيرا من الأمور قد اتضح، لذلك لا يجوز تضييع الحراك وتغييب جوهر قضيته أو التعامل معه على طريقة ما جرى في نفق نهر الكلب، وطريق خلدة، وباقي المفاصل، أو تظهيره على طريقة تسكير الطرق وابتزاز المواطنين، ومنع لقمة عيشهم، وفرز الناس بين خائن ووطني، واعتماد القوة البديلة والتعامل الفوقي واستباحة كل شيء، وإلا تحول الحراك ضد أهدافه، وهو ما يعاني منه الحراك الآن، ويكاد يحوله إلى كانتونات شغب تتعامل مع قضايا الناس بخلفيات سياسية وغايات حزبية تتعارض بشدة مع مبدأ استعادة الدولة العادلة، وتطهيرها من الفساد بمختلف أشكاله وأنواعه”.
وأضاف “في يوم ولادة الرسول الأكرم نعيد التأكيد على ضرورة حماية الإنسان ودولة الإنسان وثروات الإنسان وإمكانياته من الضياع، واللحظة الآن مؤاتية جدا، فلا تضيعوا بوصلة الحراك في الزواريب الحزبية والأقنعة المشبوهة، حتى لا يضيع لبنان، أو يتحول إلى عشية كعشية 1975، لأن أي لعبة تمزيق أو تفكير بإنشاء كانتونات يعني إشعال حرب أهلية لن يربح فيها من يسعر نار الفتنة أو يشتغل كمقاول دموي، لصالح الأوكار الخارجية.
لقد آن الأوان لإحداث صدمة سياسية تجبر هذه السلطة على التغيير والإصغاء إلى صوت الناس، إلى الفقراء والعاطلين عن العمل، إلى المرضى والطلاب، إلى المستقبل الذي نريده أن يكون بحجم طموحات شبابنا وأبنائنا، فالبلد بلدنا، وعلينا مسؤوليات كبيرة لإخراجه من هذه المآزق التي إذا لم نتحاور ونتعاون ونتفاهم ونتآلف ونصغي لبعضنا بخلفية وطنية وبدوافع “كلنا لهذا البلد” يعني أننا أمام المجهول”.
ودعا المفتي قبلان “إلى تأليف حكومة تكون بمستوى التحديات، وذات كفاءات عالية، وقادرة على الإمساك بزمام الأمور، واستعادة ثقة الناس، لأن الاستمرار بذهنية الترقيع والتسويف وسياسة المسكنات لم تعد تجدي ودونها عواقب خطيرة، فالمتربصون والمتسلقون من كل حدب وصوب”.
ووجه خطابه للحراك بالقول “البلد في القعر، مالية الدولة منهوبة، والوضع الاقتصادي معدوم، وضع المصارف في أسوأ حالاته، ومؤشرات السقوط عالية، بلدنا على وشك الإفلاس والضياع، فيما هناك من يختصر حراككم ببعض الشخصيات الموهومة والمشبوهة. فأدركوا الحراك، لأن هناك من يعمل على سرقة حراككم، فانتبهوا، وكونوا مع جيشكم متعاونين مخلصين له، لأن الإخلاص لهذا الجيش هو إخلاص للوطن، ولحقوقكم، فالجيش لنا ومنا، وهو خشبة خلاصنا وملاذ تطلعاتنا، فلا تنغمسوا بالفتنة المدبرة، ولا تنخرطوا في مؤامرة قد تضيع الوطن فتضيع معه الحقوق. كما نقول لهذا الجيش الذي نحترم: إنك مسؤول عن أمن البلد، وأمن الناس، وواجبك الوطني يدعوك لأن تحفظ الأمن وتصون الاستقرار، فلا تتهاون ولا تتساهل في هذه المهمة، وكن حازما في اتخاذ القرار والموقف الشجاع الذي يمنع قطع الطرقات، ويحمي السلم الأهلي ويحصنه من الأيدي العابثة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام