ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة، في مسجد الإمام الحسين، في برج البراجنة، اعتبرا فيها أن “المنطقة على برميل من بارود، والانفجارات تتنقل من دولة إلى أخرى، والخسائر البشرية والمادية لا تقدر، والخصومات والعداوات بين القيادات والأنظمة وحتى بين الشعوب تجاوزت كل الحدود، بغياب الضوابط والرؤى العاقلة والواعية، والتي يفترض أن تكون الأساس والمرتكز للعلاقات والتعاملات بين دول المنطقة، والتعاون في ما بينها، اقتصاديا وإنمائيا وأمنيا، كونها دولا مستهدفة في خيراتها وثرواتها واستقرارها، والتكالب عليها من كل حدب وصوب، وما تشهده دولنا وشعوبنا من حروب وتدمير وتهجير وتآمر على وجودها وكياناتها وثقافاتها وحضاراتها، يؤكد أن الهجمة كبيرة، والاستهداف خطير، وأن الآتي سيكون أفظع وأبشع مما نحن فيه، وعلى نحو قد يستحيل بعده ترميم ما هدمته الفتن، وخططت له المؤامرات”.
وأضاف “إزاء هذا الواقع الذي ينذر بالمزيد من التفكك والانحلال والانحطاط، فهل من يستدرك ويعاجل إلى موقف عربي إسلامي! ينزع كل الأقنعة المستعارة، وينفض تراكمات الخضوع والانبطاح، ويمد اليد نحو مصالحات عربية – عربية وإسلامية – إسلامية، تطوي صفحة الخلافات المصطنعة، والتي لا مبرر لها، وتوحد الصفوف، وتضاعف الجهود، وتضع حدا للتبعيات والإملاءات، وتؤسس لمستقبل واعد يخدم تطلعات المنطقة، ويليق بشعوبها التي من حقها أن تعيش بسلام واطمئنان، وأن تنعم بكامل حقوقها المشروعة، في إطار السيادة وعدم الاستتباع والاستخدام من أجل مصالح الآخرين. وما تقوم به تركيا اليوم في سوريا من غزو بكل ما للكلمة من معنى، وما قام به الأكراد من تمرد على السلطة الشرعية في دمشق، الآن يدفعون ثمنه دما وهزائم، لأن الأميركي يلعب بالمصالح ويعطي من يدفع أكثر، واليوم وضع الأكراد في طريقه للخراب. فالأمريكي مجرد تاجر، لا يهمه من يخسر، وهو ما يجب أن يفهمه اللبنانيون أيضا، وخصوصا أن تجربة الأميركي في هذا البلد ليست إلا بورصة، وهو نفسه ما حاوله في الشارع العراقي بالأمس، وهو ما يمكن أن يعتمده في بلدنا أو في أي بلد آخر، مع توافر الظروف والشروط، وهو ما يجب على الحكومة اللبنانية الالتفات إليه، لأن العالم يعيش عقلية الذئاب والمصالح القذرة، لا المبادئ والأخلاق، والضعيف ليس إلا ضحية، وهو ما يجب أن يدفع الحكومة اللبنانية للعمل مع الحكومة السورية وفق مبادئ المصالح المشتركة، لأن مزيدا من عزل الاقتصاد السوري عن الاقتصاد اللبناني يعني خسارة للبنان فضلا عن خسارة سوريا”.
وتطرق الشيخ قبلان الى الوضع الداخلي بالقول “إن بلدنا لبنان يعيش ظروفا قاسية، وشعبه يعاني ويتعرض لضغوطات اقتصادية واجتماعية وحياتية غير مسبوقة، لم نعد نجد ما نقول في طبقة سياسية تجاوزت كل ما له علاقة بمصالح الناس، تاجرت وفاجرت ومارست الفساد بكل أنماطه وأشكاله، وصادرت الدولة ومؤسساتها، وجعلت مرافقها ومرافئها في خدمة مصالحها، ومصالح التابعين والمستتبعين، الأمر الذي أفلس الدولة، وجوع الناس، ودفع البلد نحو الفوضى والانهيار. وما نشهده يؤكد أن هذه السلطة لا تريد بناء دولة، ولا تسعى إلى إنقاذ البلد، لأنها تعودت على سياسة المحميات والكانتونات الطائفية، ولن تتنازل عنها، لأن في ذلك خسارة لمواقعها ولمكاسبها، وسقوطا مدويا لصنميات لن تسمح بقيام دولة تلغي هيمنتها وتحجم سطوتها. إنها سلطة قرارات مع وقف التنفيذ، وميزانيات رقمية من دون جدوى، سلطة حكي ولجان ورؤى مختلفة، ووفق الولاءات السياسية والانتماءات الطائفية، وإذا ما توافقت على ورقة فسرعان ما تختلف على كيفية التطبيق، هي سلطة أضاد ومتاريس، وليس فيها أي معنى من معاني الوحدة والشراكة الوطنية، ولا نتوقع منها إلا مزيدا من الأزمات. نعم، لقد طفح الكيل، والظلم إذا دام دمر، فانتبهوا واحذروا، فوجع الناس بات كبيرا، والصراخ قد يتحول إلى انفجار كبير يدمر الهيكل على رؤوس الجميع”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام