ورأى السيد علي فضل الله في خطبتي صلاة الجمعة أننا “أحوج ما نكون إلى قيمة العدل والعطاء لحماية مجتمعنا من تداعيات الفقر والحاجة التي تعصف بنا، وما أشدها، لنكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات.
ونوه بخطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي عبر فيه من منبر الأمم المتحدة عن هواجس اللبنانيين من تداعيات الأزمات التي باتت تهدد أوضاعهم الاقتصادية والأمنية، بدءا بأزمة النزوح السوري، مرورا بانعكاسات صفقة القرن على توطين الفلسطينيين، وصولا إلى العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف على أرض لبنان وبحره وجوه، مقدراً مواقف رئيس الجمهورية في دعوته المنظمة الدولية إلى تحمل مسؤولياتها بالوقوف مع لبنان لمواجهة هذه الأعباء التي جاءت كنتيجة لسياسات دولية عملت وتعمل على وضع عقبات أمام إيجاد الحلول لها، كما يحدث في التعامل مع عودة النازحين السوريين، أو في عدم إيجاد حلول لعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه، أو في عدم ردع الكيان الصهيوني عن اعتداءاته والعبث بأمن اللبنانيين وثرواتهم، وفي تأكيده الجازم والحاسم حق لبنان في استخدام كل الوسائل لبسط سيادته على أراضيه، وإصراره على تثبيت حدوده البرية والبحرية، وفي اعتباره أنه لن تقوم عدالة ولن يستقيم حق ولن يتحقق سلام، ما دام المبدأ السائد غالبا هو “أنا قوي، إذا أنا على حق”.
وتابع”في هذا الوقت، يزداد الوضع الاقتصادي سوءا، بعد تراجع الآمال بتنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” في وقت قريب، أو أي دعم آخر، بعدما رهنت بتنفيذ إصلاحات حقيقية لا يزال يؤخرها حتى الآن غياب الإرادة السياسية الجدية، واستمرار التجاذب الداخلي بين القوى السياسية على مناطق النفوذ، ما بات يثقل كاهل اللبنانيين، وقد يؤدي إلى إخراجهم إلى الشارع، بعدما بلغ السيل الزبى مع كل التداعيات الخطيرة التي قد يحدثها أي نزول إلى الشارع. وما فاقم هذا الوضع هو أزمة توافر السيولة بالدولار، والعقوبات الأميركية التي بات من الواضح أن حدودها لن تقف عند جهة سياسية محددة، كما أعلن، بل تحولت إلى هاجس لدى المودعين والمصارف والشركات ورجال المال والأعمال، وبالتالي فهي ستؤدي إلى شل القطاع الاقتصادي والمالي في البلد، ما يستدعي من الدولة اللبنانية التحرك بسرعة لمعالجة تداعيات كل ذلك وإيقاف هذا التدهور، من دون أن تكتفي بالتدابير الأخيرة التي اتخذها المصرف المركزي، والتي لا تعالج هواجس كل المواطنين”.
ولفت السيد فضل الله الى انه “ليس بعيدا من ذلك، تعود إلى الواجهة الاصطفافات الطائفية التي نخشى تداعياتها، والتي عبرت عنها السجالات الحادة في المجلس النيابي حول بعض المشاريع الإنمائية، حيث ما عادت مقاييس القبول بالمشاريع ورفضها تتصل بالجدوى أو بتوفر السيولة أو الكلفة، إنما بحقوق الطوائف، أو بصراع الصلاحيات بين زعمائها. ومن المؤسف في ذلك أن تذوب كل التمايزات السياسية وكل الانقسامات بين الأطراف لحساب تشكيل جبهات طائفية متراصة في مواجهة بعضها بعضا، وهو ما جرى أيضا في الخلاف الذي حصل بين الضنية وبشري على مشروع إنمائي، والذي وصل إلى حد الحديث عن ترسيم حدود، وهو أمر لا يجري إلا بين دولتين، مما ينبغي ألا يحصل. نريد من كل المسؤولين الترفع عن إثارة الحساسيات الطائفية في التعامل مع القضايا الإنمائية وغير الإنمائية، بعدم تسميم العلاقات بين اللبنانيين الذين لا تزال تتربص بوحدتهم مشاريع خارجية تحاول أن تستغل أي توترات لتفجير هذه الساحة لغايات معروفة”.
واردف “أما على الصعيد الدولي، فإننا ومع كل العالم، استمعنا إلى الخطابات السياسية الحادة التي صدرت عن بعض رؤساء الدول الكبرى في الأمم المتحدة، بعد أن استخدمت منصتها لتوجيه رسائل التهديد والوعيد للدول المستضعفة، أو تلك التي تريد أن يكون لها موقع في هذا العالم أسوة ببقية الدول. إننا نعيد التأكيد أن لغة التهديد والتهويل والابتزاز التي يتقنها الأقوياء في هذا العالم، لم تعد تجدي نفعا مع الشعوب والدول الأخرى التي تريد الحفاظ على سيادتها واستقلالها، مهما كانت التضحيات، وأن سياسة الحصار والعقوبات والضغوط لن تؤدي إلى تحقيق أهداف صانعيها، بل سترتد حروبا وانفجارات كبرى لن يسلم منها أحد في هذا العالم، ولا حل لكل ذلك إلا بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية في معالجة الخلافات”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام