تطرق النائب عدنان طرابلسي في كلمته في الجلسة المسائية من جلسات مناقشة الموازنة، إلى موضوع اللاجئين الفلسطينيين، وقال: “وأخيرا ظن البعض أو توهم أو يريد أن يوهمنا أن الوجود الفلسطيني في لبنان هو سبب أزماتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية، وأن اليد العاملة الفلسطينية هي سبب الركود الاقتصادي وضعف القوة الشرائية لدى اللبنانيين، وهي سبب إقفال مئات المعامل والمؤسسات التجارية، وهي سبب هجرة الشباب والأسر اللبنانية وهجرة الأدمغة والطاقات، ولا أدري إن كان هذا البعض يظن أن هذه اليد العاملة الفلسطينية هي سبب الإهدار والفساد في لبنان”.
وأضاف: “وقد يظن البعض أن محاربة التوطين ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية تبدأ بمحاربة الفلسطينيين أنفسهم وجعلهم يختنقون مزيد اختناق. وقد نسي أو يتناسى هؤلاء أن الحل في مكان آخر، وأن أهلنا الفلسطينيين مجمعون على رفض التوطين ومتمسكون بفلسطين ولكنهم يريدون أن يعيشوا بكرامتهم ويحصلوا قوت أولادهم. ويتناسى هؤلاء الودائع الفلسطينية في المصارف اللبنانية، والتحويلات المالية التي يرسلها الفلسطينيون في دول الشتات إلى أهاليهم في لبنان. ويكفي ما يتعرض له الشعب الفلسطيني على يد الاحتلال الصهيوني من ظلم وقهر، فلا تقهروا هذا الشعب في بلد المقاومة والتحرير”.
ودعا “الحكومة إلى النظر في هذه الأزمة الطارئة في أسرع وقت، قبل استفحالها وقبل فوات الأوان”.
وعن الموازنة قال طرابلسي: “لقد بنت الحكومة مشروع موازنة 2019 على بعض الحسابات غير الدقيقة، وقالت إنها ستخفض العجز والنفقات وستزيد الإيرادات ولكن التجارب الماضية تجعلنا نشك في هذه القدرة. والحسابات غير الدقيقة للحكومة، لا تنحصر بالسيناريوهات المتصلة بالنفقات والإيرادات بل وتشمل تقديرات النمو الاقتصادي أيضا حيث لم تنظر إلى الأثر الناتج عن السياسات النقدية الانكماشية والسياسات التقشفية الواردة في الموازنة التي تخفف من إنفاق الحكومة، ولا الزيادات الضرائبية التي ستدفع إلى المزيد من الانكماش. فوق ذلك كله فإن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن اقتصاد لبنان لن ينمو في السنة الجارية بل سيتقلص بنسبة 1 في المئة”.
وتابع: “كنا ننتظر موازنة استثنائية فجاءت الموازنة عادية بل وأقل من عادية. وتهرب الحكومة من الأسباب الحقيقية وتبحث عن الأركيلة وفي جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود وجيوب العسكريين المتقاعدين. وتريد أن تخفض النفقات وتزيد من الواردات، فإذ بها تغض الطرف عن الأملاك البحرية، وتدفع مئات ملايين الدولارات بدلات إيجار للمباني الحكومية”.
وسأل: “هل تريدون منا أن نصدق أن لم يعد ثمة نفقات لا حاجة لها؟ وأنه لم يعد ثمة محسوبيات؟ ولم يعد إهدار ولا فساد؟”.
وتابع: “تقول الحكومة إنها تريد محاربة الفساد ولكننا نسمع كلاما ولا نرى أفعالا جدية توصل إلى الهدف المنشود. فأين هي قطوعات حسابات الأعوام الماضية؟ وأين أصبح الحديث عن مليارات الدولارات الضائعة؟”.
واستطرد: “لقد نقلت عن أحد الدبلوماسيين الأجانب العاملين في لبنان خلاصة تقول إن لبنان ذاهب نحو الانتحار أو الانهيار. لا أريد أن أكون متشائما ولا أن أدعو الرأي العام إلى التشاؤم، ولكنني أريد أن أسأل: ألسنا في حال تشبه حال الانهيار؟ الشعب اللبناني يئن ويتوجع وينتظر الحكومة أن تضع مولودها المتأخر، أعني الموازنة. ولكن عن أي موازنة نتكلم؟ الموازنة التي نريد أن نرضي بها الخارج لاستجلاب القروض؟ أم الموازنة التي نعالج من خلالها أزماتنا ونصلح قدر الإمكان الخلل المتراكم في الأداء والنتائج الكارثية لهذا الأداء؟. لنسأل أنفسنا سؤالا واحدا: هل نريد أن نبني وطنا؟ أم نريد أن نشغل الناس بموازنة لا تنعكس على واقعهم ولا تنقذ بلدهم ولا تحقق طموحاتهم؟. ولنسأل سؤالا آخر، ما هي الرؤية الاقتصادية للحكومة؟ وما هي خطتها لمكافحة الفساد والإهدار؟ هل ثمة رؤية أو خطة أو ما يشبه ذلك؟. لقد قيل إن لبنان يشبه سفينة تغرق وركابها لاهون في الرقص. هل نحن في صدد إنقاذ هذه السفينة أم أننا نأخذها نحو جبل الجليد؟. نتحدث عن السياحة فإذ بحادث أمني خطر يهز الجبل ويهز لبنان. نتحدث عن السياحة والكهرباء تنقطع على رغم توقف الحرب منذ أكثر من ثلاثين سنة. نتحدث عن السياحة والبيئة والصحة ولم نعرف حتى الآن كيف نعالج مشكلة النفايات. نعلم طلابنا في كتب التاريخ والجغرافيا عن لبنان وجماله ومياهه وعندما يذهب هؤلاء إلى بيوتهم يجدون المياه مقطوعة. نقول لشبابنا إنكم جيل المستقبل وبناة الوطن، فإذ بهم يهاجرون ويغتربون ليكونوا بناة دول وأوطان أخرى. ندعو الشعب إلى التفاؤل ولكننا ننتج له أزمات تلو أزمات”.
وتابع: “في كثير من دول العالم، عندما يستشعرون حاجة اقتصادية أو إنمائية ما، يجتمعون ويبحثون ويقررون وينفذون. أما في لبنان فما أكثر الضجيج والأقوال وما أقل الإفعال.
لا شك أن الموازنة سيجري إقرارها، ولا شك أن الكثير من الملاحظات المهمة التي أبداها الزملاء النواب في شأن الفساد والاهتراء والمحسوبيات سيضرب بها عرض الحائط. ولكن ماذا بعد إقرار الموازنة؟ ألا تلاحظون معي أننا كثيرا ما ننشغل بالمناكفات والمساجلات السياسية والحزبية فيما الشعب يبحث عن لقمة العيش؟”.
وختم: “قريبا ستعود الحكومة إلى الاجتماع كما نتوقع لكن القصة ليست قصة اجتماعات حيث تبين حتى الآن أن حكومة (إلى العمل) ما زالت في بداية مسار العمل وعلى رغم مضي أشهر على تشكيلها. هل سيكون الأداء الحكومي ما بعد إقرار الموازنة مختلفا عما كان عليه قبل إقرارها؟. نتمنى ألا يكون هذا الأداء كما هو حال الكهرباء والمياه وأمور أخرى. وأخيرا، إن الحكومة تضعنا أمام خيارات صعبة مرة، وفي كل الأحوال نتمنى لها النجاح والتوفيق”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام