لم يُسجِل عصرنا الحالي مثيلاً للإجرام والوحشية كاللذين يُرتكبان بحق اليمنيين على أيدي العدوان السعودي – الاميركي. عامٌ من المجازر والتدمير المُمنهج المستند على عقيدة دموية لم يشفِ غليل آل سعود الذين يسيرون على خطى الصهاينة في فلسطين المحتلة وربما تفوقوا عليهم.
يكفي الباحث عن أدلة لمدى الإجرام المُرتكب بحق اليمن ان يستعين بالتقارير الاممية والمنظمات الانسانية المتعددة (رغم ندرتها وعدم حيادية كثير منها) ناهيك عن المحلية التي تكشف بالوثائق عن حجم المجازر والانتهاكات لحقوق الانسان التي تقترفها طائرات السعودية وميليشياتها في اليمن.
من بين آخر تلك التقارير الأممية هو ما اعلنته مفوضية الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان ، والتي أكدت المؤكد لناحية تحميل قوى العدوان السعودي المسؤولية الكاملة عن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين في اليمن. وجاء في تقرير المفوضية ما حرفيته “ان التحالف (العربي) بقيادة السعودية مسؤول عن مقتل ضعف عدد المدنيين مقارنة مع جميع القوى الاخرى مجتمعة، وذلك بسبب عمليات القصف الجوي”.
كلام المفوضية سبقه وتبعه سلسلة تقارير لمنظمات إنسانية دولية تؤكد ارتكاب القوات السعودية جرائم حرب موصوفة عبر استخدام أسلحة محرمة دولية ، ومن بين تلك المنظمات ما نشرته منظمة العفو الدولية قبل شهرين ، حيث كشفت عن مواصلة الطائرات السعودية إلقاء القنابل العنقودية المحرمة دولياً على العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات.
تقاريرٌ تزامنت مع تأكيدات الامم المتحدة سقوط اكثر من 6 الاف شهيد واصابة عشرات الاف آخرين منذ بدء العدوان السعودي في 26-3-2015 ، إضافة الى إلحاق خسائر فادحة في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية ، فضلاً عن تدمير المرافق الحيوية اليمنية ، التي تحتاج الى عشرات المليارات وربما المئات منها لإعادة اعمار ما دمره العدوان ، حتى دور العبادة والعلماء كانوا تحت رحمة حمم الطائرات السعودية ، التي طالت نيرانها الحضارة التاريخية لليمن ، بحسب ما أشار مؤخراً موقع جلوبال ريسيرش البحثي.
وتبقى التقارير الدولية والاجنبية قاصرة عن قصد وعن عمد بشأن ايصال صورة شاملة وحقيقية للآثار التي خلفها العدوان السعودي ، نظراً للضغط السياسي والابتزاز المالي المُمارس من واشنطن والرياض على العديد من تلك المنظمات ، فضلاً عن عدم حيادية البعض الاخر.ولأن اهل مكة ادرى بشعابها كان لابد من الاتكال على الارقام الموثقة الواردة من اليمن عبر المنظمات الانسانية العاملة هناك. ومن بين العديد من الاحصاءات التي وُزعت عن حصيلة ضحايا وخسائر العدوان السعودي ، نشر المركز القانوني للحقوق والتنمية في 10 – 3 – 2016، ارقاماً مفصلة تكشف عن حجم الكارثة التي حلت باليمن ارضاً وشعباً…الخ.
وجاء في احصائية المركز انه بعد مرور 350 يوماً على العدوان السعودي – الأمريكي بلغ عدد الضحايا (27029) بين شهيد وجريح ، منهم (9366) شهيداً يتوزعون بين رجل وامرأة وطفل ، بالإضافة الى (17663).
وتُشير الاحصائية الى حجم الدمار الهائل للبنى التحتية والمشاريع التنموية التي تعرضت وماتزال للقصف الصاروخي المباشر في عموم محافظات، حيث دمر العدوان (14) مطاراً ، و(10) مرافىء (530) طريقاً وجسراً ، و(140) محطة ومولداً كهربائياً ، و(163) خزاناً وشبكة مياه ، اضافة الى (167) محطة وشبكة اتصالات.
مجازر وخراب تتحمل مسؤوليته القوى الغربية وتحديداً الولايات المتحدة الاميركية التي لا تزال تمد السعودية بترسانة اسلحة للفتك بالشعب اليمني ، وهو ما اكدته منظمة العفو الدولية قبل ايام قليلة ،والتي إتهمت واشنطن ولندن بصب الزيت على النيران المشتعلة في هذا البلد ، وذلك عبر مواصلة تصدير السلاح ، بهدف تحريك مصانع الاسلحة الغربية بالاموال السعودية وحلفائها وكل ذلك على اشلاء اليمنيين.
اضف الى ذلك ، هناك مصائب أُخرى خلفها العدوان واعوانه في اليمن ، تتمثل بنشر الفكر الارهابي والسماح لتنظيمي القاعدة وداعش بالتمدد في المناطق الجنوبية ، التي أضحى اهلها يعيشون تحت سكين فوضى أمنية مُدمرة تطيح بالبشر والحجر، وفق ما تؤكد التقارير الغربية.
ما يُثير الدهشة والسخرية في آن ، ما نقلته مؤخراً صحيفة الحياة المملوكة من السعودية عن وزير التخطيط والتعاون الدولي محمد عبد الواحد الميتمي ، الذي قال إن اعادة الامور في اليمن الى ما قبل العدوان تحتاج لأكثر من 100 بليون دولار…!
تُرى من الذي يرتكب المحرقة في اليمن ومن يصب حمم حقده على المواطنين محاولاً إزالة بلد بأكمله عن الخارطة تحت مسميات كاذبة من عواصف “حزم” و”امل” ، ليصح هنا القول المأثور “ان لم تستحِ فأفعل ما شئت”.
المصدر: موقع المنار