اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة أن “الوقت يضيق، وأوضاع البلد إلى تصاعدٍ في التعقيد والتأزم السياسي والاقتصادي والمالي وكل المؤشرات والمعطيات تؤكد تفاقم المشاكل الاجتماعية والمعيشية، في ظل نزاعات سياسية ومصلحية، باتت حالة متجذرة في الذهنيات القائمة على الخصومات والعداوات والانقسامات، وعلى انعدام الإحساس بالمسؤولية الوطنية، في وقت باتت فيه المنطقة على فوهة البركان، فيما المسؤولون يتلهون بتحقيق المكاسب ونهب الثروات وهدرها على حساب الوطن والمواطن، ويفاخرون بالإصلاحات والإنجازات الوهمية، ويتاجرون بالطائفية والمذهبية، وبلقمة عيش الناس، وبالمدرسة، وبالكتاب حتى الهواء لوثوه ودواء الأمراض المستعصية منعوه”.
وتابع”فيا ساسة ويا قادة اعلموا أن الرئاسة والنيابة والوزارة ليست مكاسب ولا مناصب، لا لكم ولا لأزلامكم ولا لأرحامكم، إنما هي عمل وتضحيات وخدمة إنسان مواطن، كما أن الأبطال والقادة الكبار الذين جعلوا من الحطام دولا هم من طينة البشر، ولكن كانت فيهم كرامة، فهل من كرامة في هذا البلد، وهل من قامات وطنية كبرى ومتميزة تضع حدا لهذا الاهتراء الذي يكاد يقضي على كل شيء، أين الهمم وأين الأخلاق؟ وأين الحياء؟ في بلد ينهار وأنتم تكابرون وتنظرون وتتحدثون في الدستور والصلاحيات، في الوقت الذي أطحتم فيه بالدستور، وتجاوزتم فيه القوانين، وبات همكم الأكبر كيف تسلبون هذا الوطن، لا كيف تضحون من أجله”.
ووجه خطابه للسياسيين بالقول”تذكروا أنكم مسؤولون، ولديكم أمانة وطن فلا تخونوها، ولا تيئسوا ناسكم وشعبكم الذي اختاركم وأمل فيكم الخير، فأين هو؟ وأين الوعود؟ وأين الدولة التي قلتم أنها ستعود، وأن الإصلاح والتغيير ومكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واعتماد الكفاءة وإيصال الحقوق إلى أصحابها ستتحقق؟ ولكن للأسف بدل أن نخطو إلى الأمام وباتجاه الدولة، وجدنا أنفسنا كل يوم إلى الوراء ونحو الفراغ، وخير دليل على تضارب الصلاحيات التي أصابت عدواها بعض الأجهزة، ما جرى ويجري في المطار، وهذا أمر مؤسف ومشين، وأقل ما يقال فيه إنه مجسم حقيقي لدولة فاشلة بكل مؤسساتها وأجهزتها، وبمختلف مضامينها السياسية، الخاصة والعامة، حيث لا رؤى ولا خطط ولا برامج، بل صراعات ونزاعات وكيديات وتحديات ومحاور وخطابات فارغة ومواقف لا معنى لها”.
وتابع”إلى متى كل هذا العهر السياسي؟ وكل هذه المتاجرة بالوطن وناسه؟ ألا يستحق هذا البلد الذي سرقتموه وأثقلتموه بالديون والصفقات والسمسرات، وشوهتم حاضره ومستقبله بسياساتكم الفاشلة والرخيصة أن ترحموه! وأن تكونوا مع ناسكم وفي خدمتهم من خلال حكومة جامعة تستطيع محاكاة الواقع المأساوي، وإصلاح ما خلفته سياسة الانقسام، وتعدد الولاءات، وتغييب المصلحة الوطنية، سيما أننا في ظروف صعبة ومفتوحة على مخاطر جمة”.
واوضح المفتي قبلان ان “أبرز المخاطر المحدقة بنا التهديد الإسرائيلي الذي عبر عنه رئيس وزراء العدو بادعاءات ملفقة وكاذبة أثناء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني أننا أمام استهدافات كبرى تستوجب خروج الجميع من دائرة المشاحنات والنكايات، للانصراف إلى تفاهمات عملية تسمح بإزالة كل العقد والعراقيل، وتضمن ولادة حكومة وطنية بحجم المأساة، حكومة مواطنين من دون هويات طائفية ومذهبية، حكومة مواطنين من دون جنسيات حزبية ومناطقية، تنقذ الدولة من مخالب الدويلات، وتوقف عمليات السلب والنهب ودفع الرواتب الوهمية، حكومة تؤسس لوفاق وطني حقيقي، ولقيام دولة تكون قادرة على مواجهة المفاجآت والتحديات”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام