الشيخ دعموش:القرار العربي باعتبار حزب الله منظمة إرهابية منطق اسرائيلي.رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الأعداء يريدون النيل من صورة المقاومة التي هزمت العدو وأعادت للأمة مجدها وحريتها وكرامتها .. معتبراً: أن من لم يخجل من توصيف أشرف مقاومة في المنطقة بأنها إرهاب!هو الارهاب .. بل هو أصل الارهاب التكفيري وأساسه في هذه المنطقة..
وقال: النظام السعودي هو النظام الارهابي, لأن الارهابي الحقيقي هو من يقتل الناس الأبرياء ولا يوفر أحداً ، لا رجلاً ولا أمرأة ولا طفلاً ولا شيخاً كبيراً.. ويدمر كل شيء ولا يستنثني مدرسة ولا سوقاً ولا مشفىً ولا مسجداً.. وهذا ما يفعله النظام السعودي في اليمن.
وأضاف: المجازر التي يرتكبها النظام السعودي وآخرها المجزرة المروعة التي ارتكبها في سوق شعبي في اليمن والتي ذهب ضحيتها أكثر من مئة شهيد وعدد كبير من الجرحى تكشف عن وحشية هذا النظام وتخبطه وافلاسه وفشله..
نص الخطبة
يقول الله تعالى: ” ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك إليّ المصير” لقمان 14 .ويقول تعالى في سورة أخرى: ” ووصينا الانسان بوالديه احساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ” الاحقاف 15. يحتفل العالم في الحادي والعشرن من شهر آذار من كل عام بعيد الأم تقديراً وتكريماً لها, واذا كان للأم يوم واحد في السنة نحتفل فيه بتكريمها فإن الاسلام اوصى بتكريمها وبرها في كل يوم وفي كل ساعة تقديراً لعطاءاتها وتضحياتها .
فالتاريخ لم يعرف ديناً ولا نظاماً كرّم المرأة ورفع من مكانة الأم، مثلما كرّم الاسلام المرأة ورفع من مكانتها ومكانة الأم, فقد جعل الاسلام برّها واحترامها والاحسان إليها واجباً دينياً وأخلاقياً وإنسانياً، وجعل حقها أعظم من حق الأب لما تحملته من مشاق الحمل والولادة والإرضاع والتربية وتنشئة الأولاد, وهذا ما يقرره القرآن ويكرره في أكثر من سورة ليثبته في عقول الابناء وقلوبهم ونفوسهم . ومن أعظم الأدلة على مكانة الأم في الاسلام الحديث النبوي الشريف الذي يروي قصة رجل جاء الى النبي (ص) وسأله: من احق الناس بحسن صحابتي (أي بحسن صحبتي) يا رسول الله ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال: أمك، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك.
ويروى ان رجلاً كان بالطّواف حاملاً أمه يطوف بها فسأل النبي (ص): هل أديتُ حقها ؟ قال: لا ، ولا بزفرة واحدة.. أي من زفرات الطلق والولادة.
برّ الأم يعني: أن يحسن الانسان عشرتها ومعاملتها, وأن يوقرها ويحترمها, وأن يطيعها في غير المعصية ، وأن يطلب رضاها في كل شىء، حتى في الجهاد إذا كان الجهاد واجباً كفائياً لا عينياً ، إذ لا يجوز الذهاب إلى الجهاد عندما يكون واجباً كفائياً إلا بإذنها ، فإن برّها وطاعتها شكل من اشكال الجهاد.
ومن الأحاديث الدالة على مكانة الأم في الاسلام قصة الرجل الذي جاء إلى النبي (ص) فقال : يا رسول الله, أردت أن أغزو وقد جئت استشيرك, فقال : هل لك أم ؟ قال : نعم ، قال: فألزمها فإن الجنة عند رجليها .
ولم يوص الاسلام بالأم والأب فقط ، بل أوصى بالأعمام والعمات، وبالأخوال والخالات, فقد روي أن رجلاً أتى النبي (ص) وقال: إني أذنبت فهل لي من توبة ؟ فقال (ص) : هل لك من أم؟ قال : لا ، قال : فهل لك من خالة ؟ قال : نعم ، قال : فبرّها .
ومن عجيب ما جاء به الاسلام أنه أمر ببرّ الأم حتى لو كانت مشركة, فقد سألت أسماء بنت أبي بكر النبي (ص) عن صلة أُمها المشّركة وقد قدمت عليها ، فقال لها (ص) : نعم صلِ أُمك.
ومن شدّة رعاية الاسلام لمقام الامومة وحقوقها وعواطفها أنه جعل الأم المطّلقة أحق بحضانة اولادها من الأب في سن معينة ، وأولى بهم وبتربيتهم من الأب. فالأم المطلقة إذا كان لديها ولد لم يبلغ عمره السنتين أو كان لديها إبنة لم تبلغ السبع سنوات، فهي أولى من الأب بحضانتهما ورعايتهما وتربيتهما, ولم يعطى هذا الحق للأم إلا تقديراً لمكانتها ومنزلتها في الاسلام, فقد جاءت امرأة إلى رسول الله(ص) تجر معها ولداً وقالت له: إن إبني هذا كان بطني له وعاءً, وثديي له سقاءً, وحجري له حواءً, وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني , فقال لها (ص) : انت أحق به ما لم تنكحي .
والأم التي اهتم بها الاسلام كل هذا الاهتمام وقرر لها كل هذه الحقوق من واجبها الى جانب الأب أن تحسن تربية أولادها وابناءها ، وان تعمل على هدايتهم إلى الله, وتعليمهم أحكامه وحلاله وحرامه, وأن تهتم بصلاتهم وصيامهم وأداءهم لواجباتهم الدينية وأن لا تهمل ذلك أو تتراخى فيه, وأن تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر. فالله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة). ويقول: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).
من واجب الوالدين وبالأخص الأم أن تغرس في أبنائها الفضائل والقيم والاخلاق والسلوك الحسن, وأن توجههم نحو القدوة الحسنة وأن تختار لهم المدرسة الصالحة والأصدقاء الصالحين, وأن تدربهم وتعودهم على طاعة الله, وتشجعهم على نصرة الحق وتحمل مسؤولية الدفاع عن قضايا الحق وعن المظلومين والمستضعفين وعن الاوطان ، ولا تمنعهم عن القيام بواجبهم الجهادي استجابة لعاطفة الامومة, بل عليها أن تقدم مصلحة الحق على العاطفة , وأن تغلب نداء الحق على نداء العاطفة.
في التاريخ أمهات مؤمنات طاهرات مملة قلوبهن بالعاطفة على أولادهن، إلا أن ذلك لم يمنعهن من حثّ أولادهن على القيام بالمسؤولية الجهادية.
في كربلاء نماذج مشرقة من أمهات مجاهدات صابرات دفعن أولادهن إلى ساحة المعركة للدفاع عن قيم الدين وشريعة سيد المرسلين محمد (ص).
يقول المؤرخون أن تسعة من الامهات في كربلاء دفعن بأولادهن للجهاد والشهادة, ومن هذه الأمهات أم وهب النصرانية التي كانت قد أسلمت حديثاً هي وولدها وهب عندما التقيا بالحسين(ع) وتأثرا بإيمانه وأخلاقه الرفيعة، والتحقا بموكب الحسين في كربلاء وعندما بدأت المعركة كانت هي من دفعت ولدها وهب للقتال, فكانت في اليوم العاشر من محرم تدور حول إبنها وتشجعه على الجهاد والقتال حتى استشهد ، وما إن التحق إبنها بالرفيق الأعلى حتى خرجت بنفسها الى ساحة القتال وأخذت بيدها عامود الخيمة لتدافع عن ابن بنت رسول الله (ص)، ولما رأها الحسين (ع) اسرع إليها وأرجعها وأعلمها بأن الاسلام أسقط عن المرأة فريضة الجهاد, لكن الحسين(ع) ضمن لها الجنة لأنها كانت تواقة إلى الجنة.
اليوم أمهات شهداء المقاومة والدفاع المقدس يفتخرنَ بأبنائهن الشهداء ويبدين استعدادهن لمزيد من العطاء ، عطاء الدم والشهادة على طريق المقاومة.
أمهات الشهداء في هذه المقاومة هنَ أعظم الأمهات, لأنهنّ في قمة الايمان والصبر والثبات والرضا والاحتساب، ولأنهنّ علمنّ أولادهن أن النصر لا يأتي بالكلام والشعارات ، بل بالجهاد والمقاومة وبالدم القاني والتضحيات الجسام.
وهنّ أسمى وأرقى الأمهات, لأنهنّ لقّن أولادهن أن الأرض لا تتحرر وأن الأوطان لا تحفظ ولا تصان من كيد الأعداء والمتآمرين والمتربصين إلا إذا ارتوت بدماء أبنائها بل بخيرة أبنائها, ولذلك ضحين بأولادهن…
إذا كانت الأم مدرسة لإعداد الأجيال الصالحة، فأمهات الشهداء مدرسة في تخريج المجاهدين الأبطال الذين أعزوا أمتهم ووطنهم وكل من ينتمي إليهم ويسير على دربهم’ في وقت بات الملتزم خيار المقاومة والقابض على سلاحه كالقابض على الجمر, لكثرة الأعداء الذين يحيطون بنا في الداخل والخارج . هؤلاء الأعداء الذين يريدون النيل من صورة المقاومة التي هزمت العدو وأعادت للأمة مجدها وحريتها وكرامتها..
هؤلاء الذين لا يخجلون عن توصيف أشرف مقاومة في المنطقة بأنها إرهاب!؟ . أنتم الارهاب .. بل أنتم أصل الارهاب التكفيري وأساسه في هذه المنطقة..
النظام السعودي هو النظام الارهابي, لأن الارهابي الحقيقي هو من يقتل الناس الأبرياء ولا يوفر أحداً ، لا رجلاً ولا أمرأة ولا طفلاً ولا شيخاً كبيراً.. ويدمر كل شيء ولا يستنثني مدرسة ولا سوقاً ولا مشفىً ولا مسجداً.. وهذا ما يفعله النظام السعودي في اليمن.
المجازر التي يرتكبها النظام السعودي وآخرها المجزرة المروعة التي ارتكبها في سوق شعبي في اليمن والتي ذهب ضحيتها أكثر من مئة شهيد وعدداً كبيراً من الجرحى تكشف عن وحشية هذا النظام وتخبطه وافلاسه وفشله..توصيف النظام السعودي لحزب الله بالارهاب يتماهى مع الرؤية الاسرائيلية وهو انسياق وراء المنطق الاسرائيلي بالكامل.
ولذلك نجد نتنياهو يرى في قرار وصف حزب الله بالمنظمة الارهابية من قبل بعض الدول العربية (تطوراً مدهشاً وبالغ الأهمية ) وهو يرى أيضاً (أن دولاً كثيرة في المنطقة باتت تدرك أن اسرائيل ليست عدواً لها بل إنها تقف إلى جانبها في كفاحها ضد ايران) على حد قوله.
كما أن وزير الاستخبارات الاسرائيلي يقول عن هذا التوصيف: (إن هذا الحدث دراماتيكي ويمكن أن يؤسس عليه) ويعتبر هذا التوصيف (حيوي جداً لأمن اسرائيل).إذن ادعياء العروبة أفرحوا قلب اسرائيل عندما اعتبروا المقاومة منظمة ارهابية ، واشعروها بالزهو والانتصار والانجاز…
ولذلك هذا القرار هو منطق اسرائيلي وإنجاز اسرائيلي بامتياز, يأتي بعد فشل المحاولات السعودية الاسرائيلية في تأليب المجتمع اللبناني والقوى السياسية اللبنانية ضد حزب الله وفي زرع الفتنة في لبنان, وبعد نجاح المقاومة الى جانب الشعب والجيش الوطني في حماية لبنان من الجماعات الارهابية التكفيرية المدعومة من السعودية واسرائيل بالمال والسلاح والإعلام وكل الإمكانات .
لكن هذا القرار كغيره من القرارات الظالمة بحق المقاومة لن يثنينا عن التصدي للجماعات الارهابية التكفيرية في المنطقة وعن القيام بواجبنا في حماية بلدنا, سنستمر في القيام بمسؤولياتنا حتى استئصال الجماعات الارهابية في المنطقة وإبعاد خطرها عن لبنان.
المصدر: خاص