تتسارع الاحداث التي تؤرق يوما بعد يوم كيان العدو الاسرائيلي وقادته العسكريين والامنيين، فهذا الكيان بات مكبلا من اكثر من جهة، ففي الجنوب يعاني الصهاينة مع المقاومة الفلسطينية ومع الانتفاضة التي أججها قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة للكيان الغاصب، وما أفرزته من توقد لجذوة المقاومة في صدور الشباب الفلسطيني الثائر.
وبرزت العمليات الفدائية المدروسة باتقان يحترفه العقل الفلسطيني الذي يقاوم من تحت رماد الحصار والاحتلال ليردي الصهاينة ويجعلهم يعيشون حياة اشبه بالجحيم يلاحقهم في الطرقات والمستوطنات وعلى مفارق الطرق من نابلس الى جنين وكل مدينة وقرية في الضفة المحتلة، وما نموذج الشهيد البطل احمد نصر ضرار إلا مثال بسيط على ما ينتظر المحتل الاسرائيلي بلباس العسكري او الديني الصهيوني متمثلا بالحاخامات او باللباس المدني للمستوطنين، فالجميع محتل والجميع سيدفع جزءا من الفاتورة.
من دماء الشهداء الى الانتفاضة المتأججة..
والوصول الى الشهيد ضرار احتاج عمليات وعمليات وتنسيق امني مشؤوم واعتقالات ومداهمات وسلسلة من الكر والفر اشتركت فيها كل الاجهزة الامنية والمدنية في الكيان الاسرائيلي الذي عاش شهرا على أعصابه بسبب فرد واحد تمكن من فعل كل ذلك، لتأتي عملية قتل المستوطن الاسرائيلي بعملية طعن نفذها فلسطيني عند مدخل مستوطنة “أرئيل” في شمال الضفة الغربية وتمكن منفذ العملية من الفرار ودخول الصهاينة في دوامة جديدة من البحث عنه بعد عملية التدقيق في هويته ومكان اقامته وغيرها من التفاصيل التي تؤكد فشل الصهاينة في ضبط الوضع داخليا.
بالاضافة الى ذلك تستمر الانتفاضة الفلسطينية والتي تتخذ احدى صورها الخروج بجمعات الغضب والاستنكار بشكل اسبوعي ودوري للمرة العاشرة من دون قدرة العدو الاسرائيلي والادارة الاميركية على امتصاص النقمة الفلسطينية التي أحدثها قرار ترامب بحق القدس، على الرغم من كل محاولات التمييع وحرف الانظار عن عمليات وجولات سياسية من هنا وعقد مؤتمرات وقمم عربية واسلامية بالتواطؤ مع بعض الانظمة والجهات العربية والاسلامية لتقطيع الوقت وسحب فتيل الانتفاضة من الشارع وكأن شيئا لم يكن.
من لبنان الى سوريا..
من جهة ثانية، برز المأزق الاسرائيلي جليا بخصوص الغاز والنفط في المياه الاقليمية اللبنانية والفلسطينية وعدم قدرة العدو على دفع لبنان للتراجع عن حقوقه في مياهه وثرواته، بعد التهديدات المتتالية بخصوص البلوك رقم 9 النفطي في المياه اللبنانية وادعاء العدو ان هذا البلوك له، ومن ثم الحديث عن بناء العدو للجدار على الحدود مع لبنان من دون مراعاة للموقف اللبناني حول الـ13 نقطة المتنازع عليها على الخط الازرق وتقديم لبنان اعتراضه للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان(اليونيفيل)، ووقوف كل لبنان خلف الجيش والمقاومة بثبات انه لا مجال للمس بالحقوق النفطية او التفريط بأي شبر من التراب الوطني اللبناني واي محاولة للاعتداء ستواجه بشكل فعال والجهوزية عالية في هذا الإطار ولا مجال للتراجع عن هذا الموقف وإن جاءت الى لبنان بعض الشخصيات الاميركية كمساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد او انتظار وصول وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون شخصيا الى بيروت خلال الاسبوع القادم، فالحقوق اللبنانية ثابتة ولا مجال للتفاوض عليها وهذه الرسالة وصلت بوضوح للعدو.
بعد هذه المآزق التي يعيشها الكيان الصهيوني والتي أثبتت عجزه جاءت عملية اسقاط المقاتلة الاسرائيلية من نوع “اف-16” من قبل القوات السورية والحليفة لها ضربة قوية لكل ما كان يحكى ان “اسرائيل” ما تزال تملك اليد الطولى في اللعبة العسكرية وانها قادرة على التحكم في مسار الامور، وانها قادرة على الاعتداء على سوريا في اي لحظة وتوجيه الرسائل التي تريدها لمن يعنيهم الامر عسكريا وامنيا وسياسيا، لتأتي صفعة اسقاط الطائرة لتقول للاسرائيلي ان الامور ليست كما يعتقد ولتؤكد ان هذا الكيان بات يعيش ازمة وجود واستمرار حقيقية وواقعية، وليست الامور مجرد تحليلات اعلامية بل وقائع دفعت بالصهاينة أنفسهم لمراجعة حساباتهم سريعا والاعلان انهم لا يريدون التصعيد بل انهم طلبوا تدخلا روسيا عاجلا لمعالجة الامور ومنع تدهورها الى حد تدخل حزب الله في المواجهة ما يدلل ويوضح لمن اليد الطولى في المنطقة اليوم وانعدام التأثير والقدرة الاسرائيلية في المعادلات الاقليمية.
ويبقى ان هذا العدو الذي تظهر الايام انه يتوغل اكثر فاكثر في الضعف والهوان لا يملك اي حيلة امام القدرات العسكرية المتراكمة للمقاومة ومحورها في مختلف الجبهات، وانه سيدفع الثمن عاجلا أم آجلا على أي اعتداء يحاول تنفيذه في أي جبهة، ليكون الاسرائيلي مكبلا بشكل كامل غير قادر ليس على إنهاء الحروب التي اعتاد البدء بها بل ايضا عاجز عن البدء بأي حرب مقبلة لانه لا يعلم ما ينتظره وأي أثمان باهظة سيتكبدها.
المصدر: موقع المنار