ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت بتاريخ 5-3-2016 على التراجع المتدحرج للدول العربية عن القرار الصادر عن مجلس وزراء داخلية العرب في تونس بتصنيف حزب الله بـ”التنظيم الارهابي” حيث ارتفعت اصوات الندامة واعلان التبرؤ من القرارت “الجامعة والضامنة”، فتكون السعودية بذلك قد “خسرت بالمفرق ما اخذته بالجملة”، وما صورتهُ على انهُ اجماعٌ عربيٌ ضدَ حزبِ الله تبينَ انه موقفٌ صُوَريٌ وثوبٌ خَرِقٌ مهلهلٌ مليئٌ بالثقوب، فبعدَ المواقفِ الواضحة والمقدَرَة للجزائرِ والعراقِ ولبنان، ولا ننسى سوريا قلبَ العروبة، وفلسطينَ قضيتَها الاولى، جاءَ التاكيدُ من تونس مجددا، فيما الحريري بتجواله في شمال الوطن وشرقه باحثاً وراء “لم شمل تيارٍ” كان جارف ذات يوم، يطلق صرخة الرحمة والشفقة من الديوان الملكي بعد ان تعرض لعصفة ملكية حزمت امره بالعودة الى لبنان.
* السفير
قراءة سياسية في رحلة العودة من الرياض.. وصولاً إلى زحلة
سعد الحريري يخاطب «الديوان».. من لبنان!
كتب المحرر السياسي:
أن يمضي سعد الحريري أيامه في بلده وبين أهله، أفضل بمليون مرة من استمراره مهاجراً، يخاطب جمهوره موسمياً عبر الشاشة ويتلقى الرسائل والشكاوى، الواحدة تلو الأخرى، تعبيراً عن فقر الحال.. وتشرذم «التيار».
هو وقت سياسي ضائع بامتياز، محلياً وإقليمياً ودولياً، فلا رئاسة جمهورية ولا سلة تسوية في المدى المنظور لبنانياً، ولا شيء سورياً يتعدى محاولة وقف النار وتثبيت خطوط الهدنة، بعدما تحولت «المخاطرة» الروسية ـ الأميركية إلى أمر واقع متدحرج ميدانياً وسياسياً، ولا شيء انقلابياً في الواقع الدولي، قبل انجلاء صورة الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخريف المقبل.
كان يمكن لسعد الحريري أن يستمر في غربته المفتوحة، متذرعاً بالخطر الأمني، وفي الوقت نفسه، يمنّي نفسه بلحظة تقرر فيها «المملكة» الإفراج عن مستحقاته المقدرة بمليارات الدولارات، لكن الانتظار طال ولا مؤشرات بانفراج مالي قريب، وها هو «تيار المستقبل» يكاد يتحول إلى «تيارات».. وثمة «مواسم» على الأبواب لا يمكن تفاديها أو الهرب منها.
صارت المعادلة التي نوقشت على مدى أشهر طويلة واضحة: الانتظار واقع ومستمر، لكن أيهما أفضل للحريري، أن يبقى متنقلاً على خط الرياض ـ باريس حصراً، أو يعود الى بيروت؟
حسم الأمر، فكانت «العودة الميمونة» التي أضفت حيوية سياسية منذ ثلاثة أسابيع، لا تقتصر على جمهوره، بل على مجمل الوضع السياسي، وهنا ينبغي أن يسجل للحريري أنه، برغم احتدام اشتباك «المحمدين» وحدّة الاشتباك الإقليمي (تحديدا السعودي ـ الإيراني)، يجهد في محاولة «تحييد» نفسه لبنانياً عن «الهجوم السعودي الكبير» على «حزب الله»، وإلا فكيف يمكن أن يفسر قراره بالمضي في الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» (هناك جلسة جديدة الأسبوع المقبل) وكذلك تمسكه بمبادرته المتمثلة بترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، برغم كل ما شابها من التباسات وعيوب وبرغم كل ما تعرضت له من نيران صديقة وغير صديقة منذ اللحظة الأولى لتسريب خبر لقاء باريس الأول؟
بهذا المعنى، ألزم سعد الحريري نفسه، حتى الآن، بجدول أعمال لبناني، وحصر مشاركته في الاشتباك الإقليمي، ضمن حدود التعبيرات اليومية التي «تدين» و «ترفض» و «تستنكر» و «تستهول» كل ما يتصل بانخراط «حزب الله» في الاشتباك الإقليمي الكبير!
لم يعد الحريري يملك لا القدرة ولا الإمكانات ولا الوقائع التي تجعله يتبنى خطاب «الساحات» يوم كان يتصرف مع باقي حلفائه، وخصوصاً وليد جنبلاط، بأن القيادة السورية سيكون مصيرها إما السجون أو القبور أو المنفى السياسي!
ترك الحريري «العدة الإقليمية» لمن يتقن لعبة التحدي قولاً وفعلاً، سواء على جبهة الجنوب أو الجبهات المفتوحة في كل نواحي الإقليم. لزعيم «المستقبل» أن ينخرط في اللعبة السياسية الداخلية التي نجح في هز مياهها الراكدة منذ سنوات، بقراره المتمثل بترشيح فرنجية وباعتماد سياسة إدارة الظهر لحليفه المسيحي الأول سمير جعجع وانفتاحه على الرئيس نبيه بري وحزب «الطاشناق» وطلال ارسلان.. والأهم قراره القاضي بإعادة «لمّ شمل السنّة» في لبنان، وهو ما تم التعبير عنه بالانفتاح على نجيب ميقاتي (ولو أن ثمة «تمريك» حول مَن يقوم بزيارة مَن هذه المرة) وعبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وباقي الأطياف السنّية…
وبطبيعة الحال، سيكون الانفتاح الحريري محكوماً بضوابط معينة، فلا يذهب سعد بعيداً في أي خيار محلي إلى حد استفزاز السعوديين، ولا يجعل اشتباكه مع «حزب الله» يصل إلى الحد الذي يجعل عودته إلى رئاسة الحكومة من «سابع المستحيلات»، خصوصا في ظل ما هو متداول بأن خياري وصول فرنجية (تفاهم باريس) أو ميشال عون (تفاهم معراب) يتقاطعان عند نقطة أساسية، وهي أن وصول هذا أو ذاك إلى بعبدا، سيعيد فتح أبواب السرايا الكبيرة أمام سعد الحريري، إلا اذا أشهر «الفيتو» بوجهه أحد اللاعبين الأساسيين محلياً أو إقليمياً.
وليس سهلاً على رئيس «تيار المستقبل»، بعدما أحيط غيابه الطويل بهالة الأمن، أن «يخاطر»، فيطل على التوالي على جمهوره في الطريق الجديدة والبقاع الأوسط وعاصمة الشمال، وهو وعد باقي «المنسقيات» بإطلالات قريبة، خصوصاً من صيدا، على أن يلبي الدعوة إلى «مواعيد مسيحية» (مثل بكفيا وبنشعي)، تنسجم إلى حد كبير مع إطلالته المسيحية الأولى من بوابة زحلة.
صحيح أن الواجب الاجتماعي في صلب زيارة ميريام سكاف وريثة رئيس «الكتلة الشعبية» الراحل الياس سكاف، لكن «النكاية السياسية» لم تغب عن ذهن زعيم «14 آذار» الذي لم يهضم «فعلة» سمير جعجع.. ولن يهضمها برغم إلحاح السعوديين، وما سيعيد التأكيد عليه يوم الخميس المقبل مع الزميل مرسيل غانم من عناوين حول وحدة «14 آذار» (؟) وخياراتها السياسية والسيادية التي لم تعد تقنع معظم هذا الجمهور.
وما دامت رسالة تفاهم معراب للأقربين والأبعدين أن المعادلة المسيحية ستكون محكومة في الاستحقاقات الرئاسية والبلدية والنيابية المقبلة بتحالف «الثنائي الماروني»، تحت طائلة الذهاب نحو خيارات سياسية «أكثر جذرية» (المناداة باللامركزية السياسية والادارية والمالية الموسعة)، فإن رسالة سعد الحريري كانت واضحة أمس، ومن عاصمة الكثلكة، بأنه حيث يملك القدرة والأصوات والتحالفات (نموذج آل سكاف و «الكتائب» والعائلات)، كما في زحلة والقضاء، فإنه لن يتردد في «تأديب» الآخرين!
ولعل نقطة الضعف الأبرز في حركة الحريري الداخلية، أنه لا يرتكز على دعائم وخيارات سياسية ثابتة، بل يحاول تكييف تحالفاته وعلاقاته راهناً تبعاً لأوضاعه المادية التي لا يبدو أنه سيكون مكتوباً لها أن تتبدل جذرياً في المدى المنظور، وبالتالي يحاول تدوير الزوايا حيث يوجد «خصوم سياسيون مقتدرون» في استحقاق البلديات (نموذج حالة ميقاتي في طرابلس والشمال، وأيضا نموذج عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي)، أما حيث ستكون المعارك عبارة عن «نزهة ربيعية»، فإنه لن يتردد في خوضها كما هي الحال في العاصمة بيروت، أما صيدا، فإن ميزتها تكمن في قرار رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد الجريء بقطع الطريق على أية محاولة للتفاهم مع آل الحريري في الانتخابات البلدية!
ويسجل للحريري أنه أعاد الى حد كبير لمّ شارعه، مستفيداً من إرث الدم ومن «كاريزما» متصاعدة (كاد بعض شباب «تلفزيون المستقبل» يحملونه على الأكتاف برغم أنهم لم يقبضوا رواتبهم منذ ثمانية أشهر)، وأثبت أنه قادر على بث دينامية معينة وخلط بعض الأوراق السياسية وإتقان بعض «الحرتقات» بفضل خبرة شخصية تتعزز من جهة، وبفضل أدوار بعض المستشارين ممن يضعون بتصرفه خبرات أتقنوها في زمن والده الشهيد وخصوصا من رحم علاقتهم بعدد من رموز «حقبة الوصاية» من جهة ثانية!
وبرغم الاحتقان المذهبي، فإن جولات الحرب العشرين المنطوية في طرابلس وحالة أحمد الأسير الغابرة.. وما تخلل هذه أو تلك من حمل رايات لـ «النصرة» أو «داعش» في شوارع طرابلس وعكار والبقاع الغربي وصيدا.. وأيضاً في بيروت (الطريق الجديدة)، كادت تفلت الأمور من أيدي «المستقبل» الممسك بالعديد من مفاصل السلطة، وخصوصا وزارة الداخلية، فكان أن وجد نفسه مضطراً لمواجهة تلك الحالات التي ترعرعت في فيء التحريض المذهبي على مدى عقد من الزمن.
الأكيد، أن البيئة السنية التي لفظت مشاريع «الإمارة» في عاصمة الشمال في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وساهمت في مواجهة «فتح الإسلام» في التسعينيات، وغطت الجيش في القضاء على ظاهرة أحمد الأسير وكل المجموعات الإرهابية في عرسال وطرابلس وباقي أقضية الشمال، لا تستطيع أن تحتضن «إمارة» جديدة أو «أميرا» جديدا.
مجدداً، أهلاً بسعد الحريري، وعسى أن يساعد حضوره في محاولة تنفيس الاحتقان المذهبي، إلا إذا كان هدفه فقط لفت انتباه من يمسك بختم «الديوان»، حتى يفرج له عن أموال محتجزة ومعها عن سياسات وتوجهات عقيمة لا بل صارت من الماضي، وعندها يصح القول العربي المشهور: «ما هكذا تورد يا سعد الإبل»!
اتصالات روسية ـ أوروبية ـ أميركية تتمسك بالتهدئة والمفاوضات
دي ميستورا: مصير الأسد بيد السوريين وحدهم
رفض المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أمس، مطالب دول غربية وبعض المعارضة السورية بتحديد مستقبل الرئيس بشار الأسد مسبقاً، داعياً إلى ترك السوريين يقررون مصيره، فيما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يؤكد لقادة أوروبيين أن تنظيم انتخابات نيابية في نيسان المقبل لا يعيق عملية السلام في سوريا.
في هذا الوقت، شكك رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة عن اجتماع المعارضة في الرياض رياض حجاب بإمكانية عقد المفاوضات بين السلطات السورية والمعارضة في جنيف في التاسع من آذار الحالي، معتبراً أن «الظروف حاليا غير مؤاتية» لاستئنافها، ومكرراً أن «لا دور» للأسد في المرحلة الانتقالية.
وأيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي، الإسراع في إطلاق المفاوضات السورية في جنيف. وذكرت الخارجية الروسية، في بيان، «دعا الوزيران للإسراع في بدء المفاوضات بين الحكومة السورية وأطياف المعارضة السورية، برعاية الأمم المتحدة، والتي من خلالها سيحدد السوريون بأنفسهم مستقبل بلادهم. تم الاتفاق على مواصلة العمل بنشاط على تعزيز جميع جوانب التسوية السورية من خلال مجموعة دعم سوريا الدولية، تحت الرئاسة المشتركة لروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة».
كما أكدا «زيادة خط التفاعل الوثيق بين الدول في المجال العسكري» في سياق دعم وقف الأعمال العدائية.
وأعلن دي ميستورا، في مقابلة مع قناة «فرانس 24» بثت أمس، أن مستقبل الأسد يجب أن يقرره السوريون أنفسهم، ويجب ألا يقرر سلفاً.
وقال «قلنا إنه سيكون حلاً بقيادة السوريين.. (حلاً) ملك السوريين»، مضيفاً «ألا يمكننا ترك السوريين حتى يقرروا ما يريدون بهذا الشأن؟ لماذا يتعين أن نقول سلفاً ما يجب على السوريين أن يقولوه إذا كانوا يملكون الحرية والفرصة كي يقولوا ذلك؟».
وأوضح دي ميستورا انه لا يزال متفائلاً بشأن وقف الأعمال العدائية رغم استمرار الانتهاكات. وقال إن «أربعة أشخاص قتلوا أمس (الأول). هذا أمر محزن جدا»، قبل أن يضيف متسائلاً «لكن هل تعرف أعداد الذين كانوا يموتون قبل أسبوعين فقط؟ ما يصل إلى 120 في اليوم الواحد. وكمعدل بين 60 و80 يوميا». وتابع «كم من الناس وصلت إليهم المساعدات الإنسانية في المناطق الـ18 المحاصرة؟ صفر. ما حدث في الأيام العشرة الماضية؟ حسناً، دخلت 242 شاحنة محملة مساعدات إنسانية إلى سبع من تلك المناطق». وأكد أن 115 ألف شخص تلقوا مساعدات، لكنه اعتبر أن هذا كان لا يزال «غير كاف».
ورفض التعليق على اثر الضربات الجوية الروسية في دعم الأسد. وقال «أنا وسيط، كما أنني مسؤول في الأمم المتحدة، لذا لن أصدر حكماً. أعتقد أن التاريخ سيحكم في كل هذا». وأضاف «هناك طبعاً وجهة نظر في القول انه بمجرد تدخل الروس عسكرياً، أريد أن أصدق أنهم شعروا هم أيضاً، بأنك عندما تتورط تصبح جزءا من الحل».
وفي باريس، قال حجاب إن دي ميستورا «اقترح استئناف المفاوضات في التاسع من آذار، ونحن نعتقد أن الظروف حاليا غير مؤاتية، نظرا إلى عدم تحقيق مطالب المعارضة». وأضاف «لا المساعدات الإنسانية وصلت، ولم يطلق سراح معتقلين، والقرار 2254 لم يطبق، كما لم يتم الالتزام بالهدنة المؤقتة، والعمليات القتالية مستمرة»، معتبرا أنه «من المبكر الحديث عن مفاوضات» في الموعد المحدد.
وقال حجاب إن «أجندة المفاوضات واضحة وهي مستندة إلى بيان جنيف 1، لذا لا دور لبشار الأسد وزمرته بدءا من المرحلة الانتقالية». واعتبر أن «الأميركيين يتنازلون للروس في الكثير من المسائل، وهذا على حساب الثورة السورية»، مطالبا باستجابة من المجتمع الدولي «لفرض رقابة دقيقة وصحيحة» على تنفيذ الهدنة لأنه «من غير المقبول أن تراقب روسيا وقف إطلاق النار».
بوتين
وذكر الكرملين، في بيان، بعد اتصال هاتفي بين بوتين والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون ورئيس الحكومة الايطالية ماتيو رينزي، أن «الجانب الروسي لاحظ أن قرار السلطات السورية تنظيم انتخابات برلمانية في نيسان ينسجم مع الدستور السوري، ولا يؤثر على الخطوات (الجارية) لبناء عملية سلمية».
وأضاف البيان «لوحظ بارتياح أن وقف إطلاق النار مطبق على كامل» أنحاء سوريا. وأوضح أن وقف المعارك «يؤمن الظروف لتطبيق العملية السياسية في سوريا، عبر حوار بين الأطراف السوريين، برعاية الأمم المتحدة».
وأشار الكرملين إلى أن القادة أبدوا استعدادهم لزيادة مساعدتهم الإنسانية في سوريا، مشددين على ضرورة «الاحترام التام للهدنة من قبل جميع المتحاربين»، مع الاستمرار في التصدي بلا هوادة لتنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» وغيرهما من الجماعات الإرهابية.
من جهته، انتقد هولاند، خلال مؤتمر صحافي مع ميركل في باريس، فكرة تنظيم انتخابات قريباً جداً في سوريا، واعتبرها «استفزازية وغير واقعية». وأضاف «يكمن هدفنا المشترك في الاستفادة من الهدنة من أجل دفع عملية الانتقال السياسي قدماً إلى الأمام».
وقالت ميركل، من جهتها، «أود أن أؤكد مرة أخرى أن الرئيس الروسي أكد رسالة رئيسية مفادها الالتزام بوقف إطلاق النار وأن الهجمات ستقتصر على داعش وجبهة النصرة».
وقالت متحدثة باسم كاميرون إن «زعماء أوروبا أبلغوا بوتين بأنه ينبغي استغلال الهدنة في سوريا في السعي للتوصل إلى اتفاق سلام دائم يشهد انتقالا سياسيا بمعزل عن الأسد».
وعن رد بوتين، أعلنت المتحدثة أنه لم يجر نقاش مفصل حول الرئيس السوري. وقالت «نعلم جميعا أن هذه واحدة من النقاط الصعبة»، مضيفة أن كاميرون «شدد على أهمية الانتقال (السياسي) من دون الأسد، وتشكيل حكومة تكون ممثلة تماماً لكل قطاعات سوريا».
إلى ذلك، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، أن «طائرات حربية نفذت ضربتين على مشارف دوما شمال شرق دمشق للمرة الأولى منذ سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية»، مشيراً إلى مقتل شخص، من دون توضح ما إذا كان مدنياً أم من المسلحين.
وحمّلت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، تركيا المسؤولية الكاملة عن استمرار المعارك في إدلب وحلب، مشيرة إلى أن قوافل الأسلحة تصل يومياً من تركيا إلى مناطق سورية خاضعة لـ «جبهة النصرة» و «أحرار الشام». وكشفت أن تركيا لا تزال تقصف القوات الكردية التي تحارب «النصرة» على الأراضي السورية. وأعلنت أنه «خلال الـ24 ساعة الماضية تم تسجيل 27 انتهاكاً للهدنة في كل من إدلب ودمشق وحمص ودرعا واللاذقية وحلب».
وذكرت «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية، في بيان، أن دبابات تركية أطلقت عشرات القذائف على مواقعها في منطقة عفرين، فيما نفت أنقرة هذا الأمر، متحدثة عن استهداف مواقع لـ «داعش».
وفيما نفى «جيش الإسلام»، في بيان، ما ذكرته تقارير إعلامية روسية بأن بعض أعضائها وقعوا اتفاقات لوقف الأعمال العدائية، قال القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش، لوكالة «رويترز»، إن «هناك خروقات كبيرة من جهة النظام، واحتلال لمناطق جديدة، واستخدام كل أنواع السلاح، لا سيما الطيران والبراميل المتفجرة في بعض المناطق وحشود لاحتلال مناطق استراتيجية مهمة جدا». وأضاف ان «المساعدات التي تم إدخالها في الأيام الأخيرة للمناطق المحاصرة لا تكفي عشرة في المئة من الحاجات المطلوبة، وأكثر المناطق لم يدخلها شيء».
إسرائيل: «حزب الله» أصبح جيشاً!
في الوقت الذي قررت فيه الدول العربية الخليجية اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، غيرت إسرائيل من مقاربتها له، وصارت تعتبره جيشاً، خلافاً لنظرتها السابقة التي كانت تتعامل معه على أنه «منظمة غوارية».
وتظهر تقارير المراسلين العسكريين أن انشغال «حزب الله» بالحرب الدائرة في سوريا لم يمنع إسرائيل من تكريس الانتباه الأساسي لجولة القتال المقبلة معه.
وأشار المعلق العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل إلى أن انشغال «حزب الله» في الحرب السورية، منذ ثلاث سنوات ونصف السنة مدافعاً عن مخازن سلاحه داخل سوريا وحامياً لذخائر حيوية للنظام هناك، يجعله يتقدم نحو مكانة أفضل. فقد قاد رجاله في حالات كثيرة الهجمات على المتمردين في سوريا، ما كبّده خسائر كبيرة وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي، تصل إلى 1300 شهيد وحوالي خمسة آلاف جريح.
وعرض هارئيل لتقديرات جهات استخبارية إسرائيلية لأثر الحرب السورية على «حزب الله»، مظهراً تعرضه لانتقادات جراء المشاركة في هذه الحرب وخسائره فيها. وكان رئيس الأركان الإسرائيلي السابق الجنرال بني غانتس قد أشار، في الماضي، إلى أن النيران وصلت إلى «عباءة نصر الله». ولكن الحال تغير بعدما تدخلت روسيا لمصلحة الرئيس بشار الأسد، وهو تدخل انطوى على مكاسب للحزب الذي يوجد حالياً في الجهة المسيطرة.
وفي نظر هارئيل فإن العمل الدؤوب لضباط إيرانيين وروس مؤخراً، أسهم في تحسين قدرات «حزب الله» الحربية، بعد أن راكم تجربة قتالية عالية. فـ «حزب الله» شارك في سوريا للمرة الأولى في حرب، إلى جانب طائرات وقاذفات ودبابات وقدرات استخبارية متطورة.
وبرغم أن هارئيل يقول إن «حزب الله» لا يملك طائرات، لكنه من جميع النواحي الأخرى لا تقل قدرته عن قدرات جيش بمستوى متوسط، إذ لديه 45 ألف مقاتل، منهم حوالي 21 ألفاً نظاميون، وأكثر من 100 ألف صاروخ، منها بضعة آلاف بمدى متوسط وبعيد، ومستوى دقتها في تحسن مستمر. وكان خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الأول الماضي، قد أظهر أن «حزب الله» أفلح في تهريب وسائل قتالية متطورة من سوريا إلى لبنان، تشمل صواريخ ارض – ارض دقيقة وصواريخ مضادة للطائرات من طراز «أس إي 22» وصواريخ شاطئ – بحر من طراز «ياخونت». وهذا السلاح النوعي، إضافة إلى الخبرة التي اكتسبها في سوريا، وفرت للحزب استقلالية في مجالات حيوية، مثل حرب القوات الخاصة واستخدام الطائرات من دون طيار، بما في ذلك الطائرات الهجومية.
وأوضح هارئيل أن رئيس الأركان الأسبق أمنون شاحاك كان قد وصف حزب الله في منتصف التسعينيات أثناء تصاعد عملياته في الشريط الحدودي في جنوب لبنان، بأنه منظمة حرب العصابات (غوارية) وليس منظمة تخريبية أو خلايا إرهابية. وعلى خلفية الحرب السورية يعدّ الجيش الإسرائيلي نفسه لاعتبار أن الخصم اللبناني تحول إلى جيش بكل معنى الكلمة.
وفي مقال نُشر قبل عامين في مجلة الجيش «معرخوت»، وضع ضابط في الاستخبارات العسكرية نيات «حزب الله» المحتملة في الحرب المقبلة ضد إسرائيل: هجوم مفاجئ على طول الحدود، ستحاول فيه قوات خاصة تابعة للمنظمة السيطرة على مستوطنة أو معسكر صغير، من أجل فتح المواجهة، مع إنجاز معنوي ستجد إسرائيل صعوبة في تجاوزه. هذا هو المغزى الحقيقي لتهديدات الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله حول «احتلال الجليل»، كما قال الضابط.
ومنذ ذلك الحين اتضحت الأمور قليلاً. اليوم يمكن القول إن المنظمة تتطلع لامتلاك قدرة للهجوم على عدة مناطق ومعسكرات على طول الحدود عند اندلاع الحرب. وإذا نجحت هذه الخطة فإن «حزب الله» سيتمكن من التشويش على تحركات الجيش الإسرائيلي على الحدود، ويجعل تجنيد القوات الاحتياطية متعذراً. فخط الحدود مع لبنان يمر في مناطق حرجية معقدة، والطوبوغرافيا تمنح المهاجم أفضلية المفاجأة، الأمر الذي يلغي الحاجة إلى حفر الأنفاق الهجومية.
وعرض هارئيل لما يمكن أن تنتهجه إسرائيل في الحرب المقبلة، فقال إنها سوف تستخدم قوة غير مسبوقة في لبنان. «لن يكفي القصف المكثف من الجو. سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى الدخول البري من أجل تدفيع حزب الله الثمن. وفي الوقت ذاته، تحت ضغط الجمهور الشديد، ستفحص الحكومة إمكانية قصف البنى التحتية المدنية في لبنان، في محاولة لوقف إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية في أسرع وقت ممكن. في الشمال يوجد تحدٍ غير مسبوق للجيش الإسرائيلي ـ وهذا سبب آخر بالنسبة لإسرائيل للحفاظ على الوضع الراهن مع حزب الله وإبعاد الحرب المقبلة قدر الإمكان».
من جانبه، أشار المعلق العسكري في القناة العاشرة ألون بن دافيد، في «معاريف»، إلى أن «حزب الله» هو التهديد العسكري الأهم على إسرائيل. وكتب أن هناك من يشبّه الحزب «بتنظيم بدأ كالقط، يخدش، لا أكثر، لكنه بالتدريج تحول إلى نمر مفترس. فهو يملك حالياً 41 ألف مقاتل نظامي، فضلاً عن كثيرين في قوته الاحتياطية، وكثير منهم ذوو خبرة قتالية في سوريا، ولديه قوة نارية أكبر من 95 في المئة من دول العالم».
وعلى نسق هارئيل، يشير بن دافيد إلى خطأ من يسمون الحزب «تنظيماً إرهابياً»، موضحاً «هذا تعريف مغلوط مهنياً وغير أخلاقي. إذ يملك حزب الله اليوم قدرة على توجيه ضربة أولية لإسرائيل بآلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية في يوم واحد، وبالتوازي إرسال قوات هجومية تحتل البلدات المجاورة للجدار في الجليل. إنه جيش بكل معنى الكلمة».
ويؤكد بن دافيد، بعد 10 سنوات على «حرب لبنان الثانية»، أن «حزب الله» أقوى بكثير مما كان، لكنه أيضاً لا يرغب في الانجرار، لأن «حرباً أخرى مع إسرائيل كفيلة بإيقاع الخراب بلبنان». ويشير إلى قدرات الحزب الهجومية، فيوضح أنه من المعقول الافتراض أنه يملك قدرة على نقل كتيبة إلى إسرائيل عبر الأشجار الكثيفة، من دون أن يلحظه أحد، و «في الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن 2500 مسار أرض وأشجار كثيفة يمكن لحزب الله استخدامها».
وفي المقابل يتحدث بن دافيد عن الجدار الأمني والتغييرات الهندسية التي أدخلها الجيش الإسرائيلي على الحدود، لجعل اجتيازها أكثر صعوبة على «حزب الله». ويقول إن إسرائيل لا تكتفي بذلك، بل إن الجيش يغير خططه لأنه لا يريد تكرار الفشل في قمع نيران الصواريخ. وقد أعد الجيش الإسرائيلي نفسه لجملة أعمال يفترض أن تنهي المعركة بشكل أسرع وبنتائج أوضح.
واستذكر بن دافيد كلام رئيس الأركان الأسبق غابي أشكنازي بأنه محظور أن يسأل في الحرب المقبلة عمن حقق النصر. ويضيف أن مخططات رئيس الأركان الحالي غادي آيزنكوت لا تذكر النصر لكنها تتحدث عن «إنجاز مدوٍ». ولذلك يعدّ الجيش الإسرائيلي لسلسة مفاجآت في الحرب المقبلة مع «حزب الله»، وهي حرب ستكون عنيدة ومؤلمة، ونأمل ألا تقع.
وزارة الخارجية تتبرأ.. و«النهضة» تخرج عن الإجماع
التونسيون يرفضون تصنيف «حزب الله» إرهابياً
كمال الشارني
لم يفلح البيان التوضيحي الصادر، يوم أمس، عن وزارة الخارجية التونسية بخصوص «اعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا» في تهدئة الاحتجاج السياسي والمدني ضد موقف وزارة الداخلية التونسية، إذ لا يزال نواب الشعب يطالبون بمساءلة الحكومة التونسية حول تورطها في المصادقة على بيان وزراء الداخلية العرب في هذا الشأن.
موجة الرفض من قبل الأحزاب والمجتمع المدني لموافقة وزارة الداخلية التونسية على بيان الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب في تصنيف «حزب الله» تنظيما إرهابيا بلغت ذروتها يوم امس، حتى تحوّلت الى محور حديث السياسيين والنقاشات في وسائل الاعلام.
الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد توّج، امس الاول، الحملة السياسية والشعبية الرافضة لقرار مجلس وزراء الداخلية العرب، متمسكا بالخيار التاريخي لتونس في دعم كل أشكال المقاومة ضد الكيان الصهيوني.
ويوم امس، عبّرت نقابة المحامين عن «صدمتها» لما جاء في بيان وزراء الداخلية العرب، منتقدة ما وصفته بـ «انخراط الحكومة التونسية في التوجه الخطير بالتنكر لثوابت الشعب التونسي في الانتصار للمقاومة والمشاركة فيها».
اثر ذلك، تتالت بيانات الأحزاب السياسية في الاتجاه ذاته.
وابدى «حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي» استغرابه لموافقة الحكومة التونسية على بيان وزراء الداخلية العرب، معتبراً ان هذا الموقف يؤكد مجدداً «سياسة الاصطفاف الآلي وراء مواقف المملكة السعودية التي انتهجتها الديبلوماسية التونسية في الآونة الأخيرة كالانضمام إلى (الحلف الإسلامي ضد الارهاب، والمصادقة على تشكيل قوات عربية مشتركة للتدخل العسكري في البلدان العربية…) وهو موقف في تناقض صارخ مع مصالح بلادنا العليا واستقلالية قرارنا السيادي».
كما انتقدت «الجبهة الشعبية» ما وصفته بـ «اصطفاف الحكومة التونسية، من خلال وزير الداخلية، وراء الموقف السعودي الخليجي» معتبرة أن «هذا الموقف لا مصلحة فيه لتونس كما أنه لا مصلحة فيه للشعب اللبناني والشعوب العربية عامة».
ونددت «حركة الشعب» ببيان وزراء الخارجية العرب، معتبرة ان «محاربة الإرهاب تقتضي أوّلا التمييز بدقّة وصرامة بين المقاومة المشروعة والإرهاب» وأنّ «المتابع المحايد لا يحتاج جهدا لكي يتبين أنّ حزب الله يتموقع في قلب معسكر المقاومة الصامدة في وجه المخطّطات الصهيونيّة وأدواتها التكفيريّة».
كما أدان «التحالف الديموقراطي» ما وصفه بـ «انخراط الحكومة التونسية في موقف مخزٍ يتقاطع مع موقف الكيان الصهيوني والجماعات التكفيرية تجاه حزب الله».
بدوره، عبر «الحزب الجمهوري» عن استنكاره لـ «إقدام مجلس وزراء الداخلية العرب بمن فيهم وزير الداخلية التونسي على اعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا، والحال انه التنظيم العربي الوحيد الذي يواجه الإرهاب الصهيوني والداعشي».
الرفض التونسي لقرار تصنيف «حزب الله» منظمة «ارهابية» شمل نواباً من الكتل الأربع الأساسية في مجلس نواب الشعب، فيما طالب النائب وليد الجلاد، من «كتلة الحرة» المنشقة عن حزب «نداء تونس» الحاكم، بمساءلة الحكومة التونسية حول هذا الموقف.
وحتى يوم امس، كانت هناك موجة رفض متصاعدة لبيان مجلس وزراء الداخلية العرب بخصوص «حزب الله»، حتى ان البعض تحدث عن «اصطفاف مجاني من الحكومة التونسية وراء موقف سعودي غير سليم».
واعتبر سياسيون كثيرون أن «حزب الله» يمثل جزءا كبيرا من المقاومة العربية، وأن تصنيفه تنظيما إرهابيا «لا يخدم إلا إسرائيل».
ولم يخرج عن هذا الموقف الرافض سوى «حركة النهضة» وأنصارها.
وقال نور الدين البحيري، وهو أحد أهم قادة «حركة النهضة»: «نحن نحترم قرار حكومتنا بتصنيف حزب الله»، لكنه اوضح أن «النهضة» ضد التسرع في التعليق في انتظار فهم الأمر.
اما الجمعي الوريمي، وهو أيضاً احد القاة البارزين في «النهضة»، فقال إنه «بقدر ما يحترم التاريخ النضالي لحزب الله في مقاومة إسرائيل وتحرير جنوب لبنان، فإنه يتحفظ على مشاركته في دعم النظام السوري»، وهي النقطة التي تبدأ منها كل الخلافات بخصوص هذه الموضوع، في حين اعتبرت جريدة «الضمير» القريبة من النهضة، في افتتاحيتها يوم أمس، اّن «الثورة المضادة هي التي تقف مع حزب الله»، مستعرضة قتال «حزب الله» في دعم النظام السوري.
في المقابل، دافع وزير الخارجية خميس الجهيناوي ببسالة عن موقف الدولة التونسية، لكنه هوّن من أهمية قرار تصنيف «حزب الله» منظمة «ارهابية» لعدم وجود إجراءات تطبيقية له، ولأنه جاء في سياق إدانة وزراء الداخلية العرب «لإرهاب داعش وما يقوم به حزب الله من أعمال إرهابية في بعض الدول»، على حد قوله.
وقال الجهيناوي إن «تونس بلد مقر مجلس وزراء الداخلية العرب، لو تحفظت عن التصويت على اعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا فإنّ بعض الدول المشاركة كانت ستغادر غاضبة».
وهكذا بدا الموقف الرسمي متذبذباً وغير مقنع، بل إن ثمة من رأى أن وزارة الخارجية تميل إلى التبرؤ من هذا القرار.
ويبدو ان الجهيناوي قد اختار نقل المشكلة إلى رئاسة الجمهورية فقال إن «اعتبار حزب الله اللبناني تنظيما إرهابيا ليس موقف تونس الرسمي الذي يفترض أن يصدر عن رئيس الدولة بالتنسيق مع رئيس الحكومة وتعبر عنه وزارة الخارجية».
وهكذا راجت معلومات عن تعديل في الموقف الرسمي بعد دعوة وزير الخارجية إلى لقاء مع رئيس الجمهورية.
وذكرت وسائل اعلام تونسية، نقلاً عن مصادر في مؤسسة الرئاسة، ان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ابدى استياءه من تصنيف «حزب الله» كتنظيم ارهابي، حيث دعا وزير الخارجية الى «اصلاح الخطأ الذي وقعت فيه بلادنا وتحميل من اتخذ القرار المسؤولية على ذلك».
لكن البيان التوضيحي الذي صدر عن وزارة الخارجية في ما بعد لم يحمل جديدا يستحق التنويه، بل بدا للكثيرين نوعاً من «الفتوى اللغوية» بخصوص تفسير تصنيف «حزب الله»، والتهوين من قيمته العملية، فلا هي تراجعت عنه ولا هي أقنعت بوجاهة موقفها.
وبدأ بيان الخارجية التونسية بتأكيد «التمسك بوحدة القرار العربي، وعدم وجود صبغة إلزامية لقرار» وزراء الداخلية العرب، مشيراً الى ان «انخراط تونس في هذا التوجه الجماعي لا يحجب الدور المهم الذي لعبه حزب الله في تحرير جزء من الأراضي اللبنانية المحتلة ومواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية».
لكن أغلب القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في تونس ظلت تعبر عن الخيبة تجاه محتوى هذا البيان التوضيحي وتقارن الموقف التونسي بنظيره الجزائري الذي اتخذ مسافة جيدة وواضحة من بيان وزراء الداخلية العرب.
كما تتالت الانتقادات للموقف الرسمي الذي وصف بارتباك الأداء الخارجي بصفة عامة، والتساؤل عن الجدوى من تحالف تونس إلى درجة الاصطفاف وراء بعض المواقف الخليجية.
وفي هذا الاطار، اعتبرت صحيفة «الصباح» ان «انحياز تونس للمحور (السني) السعودي ـ الإماراتي والمشاركة في سياسة تقليم أظافر ضد المحور (الشيعي) الذي تقوده إيران… بدا غير مبرّر ومستفزّاً».
وتساءلت «كيف ستواجه تونس هذه الانتكاسة الجديدة والمدوية في الديبلوماسية؟ وما هي تداعيات هذا القرار على العمق العربي والإسلامي لتونس؟».
واعتبرت الصحيفة التونسية ان «تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية وتورّط الديبلوماسية التونسية في ذلك هو خروج نهائي عن خط الزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان يرفض سياسة المحاور، ويغلّب مصلحة تونس دائما وفق رؤية براغماتية بعيدة عن الانفعالات والعواطف».
وختمت بالقول ان «لعبة المحاور هذه لن نجني منها الاّ التشنّج على مستوى علاقاتنا الدولية، وموقع المفعول بقراره الوطني».
“حزب الله” يشكر التونسيين: كنتم على قدر الموقف العربي الأصيل
حيّا “حزب الله”، على لسان النائب حسن فضل الله، موقف الشعب التونسي الرافض لبيان وزراء الداخلية العرب الأخير.
وقال فضل الله، في كلمة القاها خلال احتفال تكريمي للشهيد كمال زين الدين في بلدة صفد البطيخ، “لا بد لنا من توجيه تحية تقدير واعتزاز وافتخار لتونس وشعبها وقواها الحيّة، ولمواقف نقاباتها وأحزابها ونوابها، ولموقف الدولة والحكومة فيها التي تبرّأت واحتجت ورفضت التعرّض لحزب الله وللمقاومة، وأعلنت بشكل واضح أنها ترفض الانجرار وراء هذه الخيارات التي لا تنتمي إلى أمتنا وقضايانا ومصالحنا العربية”.
واعتبر فضل الله أن “هذا الموقف المشرّف والشجاع الذي اتخذته القوى الحية في تونس لا بد لنا أن نلاقيه نحن من هنا من أرض المقاومة ومن أهلها وعوائل الشهداء والمجاهدين، بالتحية والتقدير والتشجيع، ونقول لأهل تونس: كنتم على قدر الموقف العربي الأصيل، وكنتم الأصيلون في انتمائكم إلى العروبة، وإلى خياراتكم، فأنتم الذين فجّرتم أول انتفاضة في وجه الاستبداد، ووقف حكّام السعودية آنذاك في وجهكم، واليوم تقولون لهؤلاء الحكام إنكم مع المقاومة، وأنتم مع حزب الله المقاوم، وأنتم مع لبنان المقاوم، وترفضون الانجرار إلى هذه المحاولات من قبل هذا النظام من أجل اتهام أشرف ظاهرة في عالمنا العربي ألا وهي ظاهرة المقاومة”.
* النهار
تسابق على غسل الأيدي قبل الأسبوع الحاسم الحكومة الممنوع سقوطها مهدّدة بمطامر العجز!
مع ان تاريخ الحكومات في لبنان مثقل بالتجارب التي كانت تعكس بلوغ الصراعات الداخلية والخارجية حدود اسقاط حكومات أو محاصرتها بالأزمات وشلها، فان ما تواجهه “حكومة المصلحة الوطنية” في مآلها ومسارها ومصيرها يبدو واقعياً من غرائب الواقع الراهن غير المسبوقة. اذ ان هذه الحكومة التي تمكنت بشق النفس من التكيف والتعايش مع أقسى التجارب التي عرفها لبنان منذ أكثر من سنتين من عمرها وسط فراغ رئاسي يطل بدوره في ايار المقبل على استهلاك سنتين من الازمة الرئاسية بدت في الساعات الاخيرة مهددة فعلاً بالسقوط بالضربة القاضية، لا على خلفية أي من الملفات السياسية أو الامنية الكبرى الداخلية أو الخارجية، بل بسبب أزمة النفايات المستعصية على أي حل.
والواقع ان المعطيات التي تجمعت أمس أبرزت سباقاً حقيقياً وجاداً مع الوقت، بل مع مهلة يبدو ان رئيس الوزراء تمام سلام قد حددها ضمناً لمختلف القوى السياسية سواء كانت مشاركة في الحكومة أو من خارجها وحدودها المبدئية الاثنين المقبل للحصول على الاجوبة القاطعة والواضحة عن خطة اعتماد المطامر وفق توزيع مناطقي يجري العمل على ترسيخه وجمع الموافقات السياسية عليه ضمن رزمة اجراءات أخرى منها وضع الحل المستدام الى جانب الحل المرحلي بما ينفي عن الخطة الاستكانة الى المطامر وحدها. واذ تطرح مع خطة المطامر الحوافز التي تساعد القوى السياسية المترددة أو المتخوفة من استفاقة الردود الشعبية الرافضة للمطامر في هذه المنطقة أو تلك فان الحقائق التي تملكها اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات والتي تعقد اجتماعاتها المتواصلة برئاسة الرئيس سلام باتت أمام وقائع كارثية لأزمة النفايات بكل المعاييرالصحية والبيئية والاجتماعية لن يكون ممكناً في ظلها المضي في مزيد من التأخير والمماطلة والمماحكة لان الاسبوع المقبل ينذر بتداعيات خطيرة وباشتعال الاحتجاجات مجدداً في الشارع في حال عدم حسم الامر مطلع الاسبوع.
وفي جديد ملف النفايات، قالت مصادر وزارية لـ”النهار” إن الرئيس سلام أبلغ المتصلين به امس أن لا جديد حتى الان يتعلق بإكتمال الموافقات على خطة طمر النفايات بما يسمح بمعاودة عمل اللجنة الوزارية المكلفة الملف، مكتفياً بأن الخطة تواجه إعتراضاً في أحد عناصرها.وما لم يقله الرئيس سلام أوضحته المصادر بقولها إن خطة الطمر التي تشمل منطقة كجك بين أقليم التفاح وأقليم الخروب والكوستا برافا وبرج حمود تواجه عقبة في منطقة كجك، فيما بدت الامور مسهّلة مبدئياً في الكوستا برافا وبرج حمود. وأوضحت ان العقبة في منطقة كجك تتصل بتجاذب الاسعار بين الافرقاء المعنيين في المنطقة.وأعتبرت ان مؤشرات الحلحلة ستظهر في حال توجيه الرئيس سلام دعوة الى عقد إجتماع للجنة الوزارية تمهيداً لإنعقاد مجلس الوزراء لإقرار الخطة. ورأت انه من غير المستبعد أن يحصل تطور ما بعد غد الاثنين.
لكن أوساطاً قريبة من رئيس الوزراء قالت لـ”النهار” إن الرئيس سلام لم يتردد في التأكيد ان موضوع الحكومة سيكون مطروحا بجدية كاملة بما يتجاوز تعليق جلسات مجلس الوزراء وانه ما لم يخرج حل أزمة النفايات مع الموافقات المطلوبة فلن تبقى الحكومة وانه سيستقيل.
ولعل المفارقة الأخرى التي طبعت تطورات هذه الأزمة على مشارف الفصل النهائي من المحاولة الجديدة لحلها تمثل في تسابق عدد من الوزراء على اضفاء أجواء تشاؤمية على الاحتمالات التي تتجه نحوها الازمة. ذلك ان وزير الاتصالات بطرس حرب الذي سبق له ان لوح في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بالاعتكاف عن حضور الجلسات، كرر ذلك أمس معتبرا انه لا فائدة من بقاء الحكومة وعليها الاستقالة اذا اعلنت عجزها عن حل المشاكل الحياتية. كما ان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لفت الى ان الرئيس سلام اعطى مؤشراً واضحاً من خلال عدم تحديد جدول الاعمال أو موعد للجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، مضيفاً ان مصير الحكومة مرهون بحل أزمة النفايات. اما النائب أغوب بقرادونيان وفي ما يتعلق بموضوع مطمر برج حمود، فقال إن الايجابية لا تعني الموافقة وليطرحوا مشروع ازالة جبل النفايات مع سنسول ومطمر وحوافز ودراسة اثر بيئي وحينها ندرس خياراتنا.
حركة ديبلوماسية
وسط هذه الأجواء، لا يبدو المناخ السياسي على وضوح كاف للجزم بامكانات استقالة الحكومة بما يرجح حصول تطورات في الساعة الاخيرة تحول دون الانزلاق الى آخر مربعات الفراغ في المؤسسات الدستورية بما لا يحتمله لبنان. واذا كانت الاوساط السياسية الداخلية ترصد باهتمام نتائج المحادثات التي اجراها ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز مع كبار المسؤولين الفرنسيين في شأن الملف اللبناني والتي لا تشير المعطيات المتوافرة عنها الى ايجابيات ملحوظة في شأن التدخل الفرنسي لاعادة الهبة السعودية للجيش اللبناني فان معلومات أوردتها “وكالة الانباء المركزية ” امس أفادت ان مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية توماس شانون سيصل الى بيروت منتصف آذار الجاري لعقد لقاءات مع المسؤولين واستطلاع الأجواء وان زيارة اخرى ستليها للامين العام للامم المتحدة بان – كي مون يرافقه فيها رئيس البنك الدولي جيم يانغ كيم في اطار سعي الامم المتحدة الى ايجاد آليات مالية لانعاش الاقتصاد اللبناني.
– السعودية وفرنسا: ندعم وحدة لبنان من خلال مؤسساته ولانتخاب رئيس في أسرع وقت
أكدت السعودية وفرنسا “دعمهما لوحدة لبنان وأمنه واستقراره من خلال مؤسساته الرسمية، ولا سيما الجيش”، مشددتين على “ضرورة انتخاب رئيس – في أسرع وقت ممكن – يمكنه جمع كل الأطراف ليتمكن لبنان من تجاوز الأزمة التي يمر بها حالياً”.
وجاء موقف البلدين في بيان مشترك صدر بمناسبة زيارة ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز إلى فرنسا، وجاء فيه بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية: “نظراً لعلاقات الصداقة والتعاون الوثيق التي تجمع بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، واستجابة لدعوة فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد فرانسوا هولاند، قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، بزيارة رسمية إلى الجمهورية الفرنسية من 3 إلى 4 آذار 2016 م”.
وخلال زيارته، التقى بن نايف هولاند، ورئيس الوزراء مانويل فالس، ووزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية جان مارك إيرولت، ووزير الداخلية برنار كازنوف، ووزير الدفاع جان إيف لودريان، ووزيرة البيئة والطاقة والبحار سيغولين روايال، والمدير العام لجهاز الأمن الخارجي السيد برنار باجولي، والمدير العام لجهاز الأمن الداخلي باتريك كالفار، ورئيس معهد العالم العربي جاك لانغ.
وشكلت اللقاءات فرصةً لعقد مناقشات رسمية بين الطرفين، ومراجعة ودراسة آفاق التعاون الثنائي في كل المجالات والسبل المتاحة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين وتعزيزها.
ووفق البيان “أعرب الجانبان عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة المتينة بين فرنسا والمملكة وتطورها على كل الأصعدة: السياسية والأمنية والاقتصادية والشؤون المالية والتجارة والصناعة والتعليم والثقافة. وأعربا أيضاً عن رغبتهما في تطوير مجالات تعاون جديدة من أجل تعزيز الاستثمارات للجانبين كما أعادا تأكيد التزامهما بإحراز التقدم في تحقيق العديد من مشاريعهما الثنائية خلال الدورة الثالثة للجنة المشتركة التي ستنعقد في باريس في شهر نيسان برئاسة ولي العهد السعودي ووزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنس”.
وأكد الجانبان “ضرورة وصول المساعدات الإنسانية الحرة وغير المحدودة والفورية، وفقاً للقانون الدولي، لمساعدة جميع السوريين”، وأكد أيضاً “دعمهما الكامل للحكومة العراقية في جهودها الرامية إلى إيجاد حل سياسي دائم للأزمة التي تمر بها #العراق وذلك من خلال اعتماد برنامج للمصالحة الوطنية يشمل جميع مكونات المجتمع العراقي”.
كما شددا على دعمهما “للائتلاف العربي في اليمن والسلطات الشرعية في البلاد فضلاً عن العمل الذي يقوم به المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد وأعربا عن قلقهما الشديد إزاء تدهور الوضع الإنساني”.
كما تم تناول القضية الفلسطينية، واتفق البلدان على “ضرورة استئناف عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي، وأعربت المملكة العربية السعودية عن دعمها للمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي حول هذا الموضوع”. ولفتا إلى “أهمية استقرار الوضع في المنطقة الذي يؤثر على استعادة الأمن والاستقرار في العالم والشرق الأوسط بشكل خاص”.
* اللواء
أدّى صلاة الجُمعة في سعدنايل وزار ماروني وأبو خاطر ولبى دعوة سكاف للغداء في زحلة:
الحريري: عدت لأبقى والإنتخابات الرئاسية مفتاح خلاص لبنان والبلدية ضرورية
شدد الرئيس سعد الحريري في لقاءاته خلال جولة في زحلة وقضائها، على «العيش المشترك، ميزة زحلة، والمضي في طريق «ثورة الارز، التي هي مسيرة حق وعدالة». وتمسك باجراء «الانتخابات الرئاسية، مفتاح لخلاص لبنان من كل ازماته». ودعا الى الكف عن «التحجج بالحق الدستوري» لمقاطعة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، كذلك شدد على اجراء الانتخابات البلدية.
استهل الرئيس الحريري محطته الزحلية ، في بلدة سعدنايل في البقاع الاوسط، وأدى صلاة الجمعة في مسجد الامام علي بن أبي طالب في البلدة، حيث كان في استقباله حشد كبير من المواطنين والمصلين الذين رحبوا به بحرارة ونثروا على موكبه الأرز والورود، ثم ادى الصلاة التي أمَّها مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس بمشاركة النائب عاصم عراجي ونادر الحريري ومنسق تيار «المستقبل» في البقاع أيوب قزعون وحشد من العلماء ووجهاء المنطقة والمصلين.
وألقى المفتي الميس خطبة الجمعة شدد فيها على التمسك بمبادئ وأسس الدين الاسلامي، ودعا الى الوحدة ونبذ التفرقة، وقال: «ان هذه الزيارة تعطي الأمل لأبناء البقاع واللبنانيين بغد أفضل وأن هناك من يهتم بهم ويرعاهم ونحن نعتبر هذه الزيارة بادرة خير ونتفاءل بوجودك بيننا».
وبعد الصلاة تولى المفتي الميس إلباس الرئيس الحريري عباءة مقدمة من لجنة الوقف في سعدنايل عربون وفاء وتقدير، وتأكيدا لالتزامهم بالوقوف الى جانبه.
ثم القى الرئيس الحريري كلمة مقتضبة في المصلين لفت فيها:«انتم تعلمون مدى محبتي لسعدنايل وللبقاع كله ايضا، وإن شاء الله ستكون لي زيارات متتالية الى المنطقة لأنكم أناس طيبون وأوفياء وشجعان، وسنكمل هذه المسيرة، مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان ينادي باستمرار بجمع اللبنانيين وكان مشروعه الوحيد بناء الوطن. نحن سنكمل هذه المسيرة وأنا مستمر معكم بإذن الله وأنا عدت لأبقى واشكركم على كل ما أظهرتموه من عطف ومحبة».
زحلة
ومن بعدها انتقل الرئيس الحريري الى مدينة زحلة فزار منزل النائب ايلي ماروني حيث كان في استقباله، يحيط به رئيس بلدية الفرزل ملحم الغصان والمهندس أسعد نكد ووليد الشويري وطوني طعمة ورئيس اقليم زحلة يوسف ابو زيد. ورافق الحريري مفتي البقاع الشيخ خليل الميس ونادر الحريري.
ورحب ماروني «بالضيف الكبير باسم زحلة التي تحبه وتقدر دوره الوطني»، ونقل اليه تحيات الرئيس أمين الجميل والنائب سامي الجميل.
وجدد «استمرار التحالف المتين بين الكتائب والمستقبل وأن وحدة 14 آذار أمانة في أعناقنا لأن الوطن يحتاج الينا قوة موحدة».
ورد الحريري بأنه لا يمكن أن يزور زحلة «من دون زيارة هذا البيت الكريم الذي أعطى شهداء ورجالات وطن نفتخر بهم».
وجدد تعازيه بالشهيد نصري ماروني، وقال: «أنقل تحياتي الى الرئيس أمين الجميل الصديق الكبير، وسامي الجميل الصديق الدائم». وقال: «زحلة في ضمائرنا ونثق بكم وبدوركم، وسنتابع معا الدرب الطويل».
وتلقى الحريري اتصالين من المطرانين جوزف معوض وعصام درويش للترحيب به عبر هاتف النائب ماروني.
ومن ثم انتقل الى منزل رئيس «كتلة نواب» زحلة طوني ابو خاطر في حارة الراسية الفوقا وسمع منه ارتياحا للدور الحواري الذي يقوم به منذ عودته الى لبنان، والانفراج الذي تتركه هه الخطوة.
مأدبة سكاف
ومن بعدها، لبى الرئيس الحريري دعوة ميريام سكاف الى مأدبة الغداء في فندق «كريستال قادري الكبير». حضرها النواب روبير غانم، عاصم عراجي، طوني ابو خاطر وزياد القادري، والسيدة منى الهراوي والمفتي خليل الميس وعدد من المطارنة ورجال الدين وفاعليات وشخصيات المدينة.
وألقت سكاف كلمة رحبت في مستهلها بالرئيس الحريري في قلب زحلة، واهلا بمفعول رجعي بعودتك الى لبنان، الى بلدك، بلدنا الذي اصبح اليوم اكثر من اي وقت مضى بحاجة الى حضورك ودورك الوطني كما هو بحاجة الى كل زعيم وقيادي سياسي يقدم جهدا مضاعفا لوطن يستأهل منا كل التضحيات.
وقالت: «زحلة التي زرعتها بالقلب، قلبها اليوم يتألم لأن ايلي سكاف كان يحب أن يتقدم صفوف الناس الذين يستقبلوك ويقومون بواجبهم تجاهك. نستقبلك اليوم وما زلنا بالاسود، ما زال الحزن سيد موقفنا الانساني، لكن تأكد أنه بالموقف السياسي والوطني لن ندع الحزن يكسرنا ولا يتغلب على قراراتنا، وكم نتمنى ان يكون أول خبر مفرح نعلنه للمواطنين غدا عبر نتائج الانتخابات البلدية، لان هذه المدينة بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى ان نهتم بها خدماتيا، فتصحيح الخطأ يكون بفضيلة انتخابية تغييرية بالبلديات اولا وبالانتخابات النيابية ثانيا، ومن العار ألا يكون امامنا الا خيار التمديد الثالث لمجلس النواب، وهنا دوركم دولة الرئيس أن تضعوا كل جهدكم في سبيل تحقيق هذا الهدف. ولا ينقصنا اي شيء لنؤكد للداخل وللخارج اننا قادرون وراشدون سياسيا ولسنا بحاجة الى وصاية».
اضافت: «نستغل مناسبة وجودك عندنا وانت معتاد الشكاوى وحمل المطالب، أول مطلب لنا هو الضغط لإجراء الانتخابات البلدية، اما بقية المطالب فتعرفها، لكننا نؤكد بدورنا أن الكتلة الشعبية هي مع أي خيار توافقي يهتدي به الوطن على رئيسه، ويعرف طريق بعبدا الذي من المعيب ان تبقى تتبع زواريب اقليمية لم تعد تسأل عنا. طريق بعبدا أقرب من أي عاصمة خارجية، ويمكن أن نصل اليها ببعض التنازلات».
ولفت:«نحييك ونشد على يدك، كلما كانت هذه اليد تداوي بلدنا وتصون وحدة ابنائه».
وسألت: «ماذا تفيدنا الاصطفافات الخارجية غير المزيد من التشنج والتقسيم؟ ولماذا لا نؤسس لمرحلة نصبح فيها معتمدين على الذات السياسية الحرة، التي تتخذ قرارها بنفسها من دون أي وحي خارجي، وبالتالي من دون التطاول على الوطن».
وختمت: « من اليوم يمكنك ان تضع زحلة على صدرك بعدما وضعتها في قلبك، لأن ناسها «بيرفعوا الراس»، ونتمنى لك اقامة مديدة في لبنان، وان شاء الله بهمتك نواجه التمديد».
ورد الحريري: بشكر السيدة ميريام، وزحلة على الاستقبال. وقال» يحز في قلبي ألا يكون إيلي سكاف بيننا، فقد نكون اخلتفنا معه، لكن بيته كان دائما مفتوحا، وكانت العلاقات متواصلة معه، ويا ليتني حين دخلت عالم السياسة عام 2005 كنت أعرف ما أعرفه اليوم، لكانت الأمور اختلفت جدا، ولما كنا اختلفنا مع ايلي سكاف في السياسة ولا في أي مكان آخر، ولكن سامح الله من جعلنا نختلف.
ولفت «نحن هنا لكي نقول للسيدة ميريام إننا نشكرك على هذه الدعوة ونشكر زحلة، ونقول لكم إننا وإياكم واحد. صحيح أن الانتخابات البلدية أمر مهم، ولكني أظن أن زحلة تريد انتخابات رئاسية أولا، لأن انتخابات الرئاسة هي مفتاح خلاص لبنان من كل الأزمات التي نعيشها، إن كانت اقتصادية أو اجتماعية أو معيشية. اليوم، عدم وجود رئيس في بعبدا هو أكبر تخاذل سياسي بالنسبة الى كل اللبنانيين، وهناك مسؤولية كبرى على كل النواب، ويجب أن ننزل جميعا إلى الجلسة رقم 37 وننتخب رئيسا للجمهورية. وأكرر أنه أيا كان الفائز، فأنا سأقول له «مبروك فخامة الرئيس». لا يتحججوا بعد الآن بأن لهم حقا دستوريا في عدم النزول إلى المجلس النيابي، هذا ليس حقا، وليس حقا أن نبقي البلد 18 شهرا أو 19 أو عشرين شهرا من دون رئيس جمهورية، ولا أظن أن هناك أحدا في العالم يمكن أن يوافق على هذا الحق. تصدر بيانات تشيد بانتخابات حصلت في بلد ما، ونحن غير قادرين على انتخاب رئيس للجمهورية، يا للأسف».
وأكد: «أننا مع إجراء الانتخابات البلدية، ولا يظن أحد خلاف ذلك، من هنا من زحلة نؤكد هذا الامر. فشكرا جميعا، شكرا سيدة ميريام على هذه الدعوة، وإن شاء الله نأتي دائما ونرى زحلة «منورة بأهلها وأحبائها»، خصوصا أن ميزتها أنها تعيش فعلا معنى العيش المشترك. هناك كثر يتحدثون عن العيش المشترك، يقرأونه كلمة على صفحة بيضاء ويرددونها، ولكن هناك من يعيشونه بالفعل، يحبونه ويعتبرونه جزءا من حياتهم، وهذا ما نراه في زحلة».
وفي الختام قدمت سكاف الى الحريري هدية تذكارية.
ومساء استقبل الرئيس الحريري في بيت الوسط سفير السويد بيتر سمنبي وعرض معه التطورات الراهنة.
* الاخبار
التهدئة الحريرية «في وجه» حزب الله: السعديات نموذجاً
الرغبة في حصول التهدئة هي نتيجة قرار من رأس الهرم في تيار المستقبل
لا يبدي الرئيس سعد الحريري رغبة في رفع سقف المواجهة مع حزب الله، على الرغم من القرار السعودي بالتصعيد ضدّ المقاومة. وفيما بدا اشتباك السعديات قبل أسبوعين مؤشّراً على التصعيد، تبدو نتائج «الحلحلة» مؤشرّاً معاكساً على الرغبة الحريرية في التهدئة
فراس الشوفي
لا يُحسد الرئيس سعد الحريري على الظروف التي تضعها أمام تيار المستقبل الخطواتُ التصعيدية السعودية الأخيرة تجاه حزب الله واللبنانيين. فالرئيس العائد من منفاه الطوعي إلى لبنان قبل ثلاثة أسابيع، يواجه جملة أزمات تنظيمية داخل تياره واستحقاقات سياسية، بدءاً بملفّ رئاسة الجمهورية وصولاً إلى الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في أيار المقبل، فضلاً عن الأزمة المالية التي يواجهها التيار، في ظلّ شحّ الدعم السعودي وتراكم الديون والمستحقات في مؤسسات المستقبل الإعلامية والاجتماعية.
ولا ينقص الحريري أن تتصاعد حدّة المواجهة داخل البلاد مع حزب الله، في الوقت الذي لا يملك فيه أدوات المواجهة. غير أن مصادر في فريقي 8 و14 آذار معاً، تؤكّد أن الحريري يبتعد عن التصعيد ليس فقط بسبب عدم قدرته على خوض مواجهة شاملة مع حزب الله عملاً بالرغبة السعودية، بل أيضاً بسبب «اقتناع شخصي وسياسي بضرروة عدم نقل التوتر من المحيط إلى لبنان والحفاظ على الاستقرار الداخلي والاستمرار في الحوار تحت أي ظرف». وبحسب المصادر، فإن القرارات السعودية التي تتالت منذ بدء التصعيد ضد حزب الله والإعلان عن وقف الهبات إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، وصولاً إلى إعلان مجلس التعاون الخليجي وضع حزب الله على لائحة الإرهاب أول من أمس، بالتوازي مع الحديث عن نيّة سعودية ـــ تركية للتصعيد الأمني في الداخل اللبناني، تضع الحريري أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ فالخيار الأول، وهو إهمال الضغط السعودي والاكتفاء بمواقف مؤيّدة من دون نقل التوتّر إلى الشارع، يحرم الحريري الحصول على الدعم المالي السعودي المطلوب لخوض الانتخابات البلدية ودفع المستحقات المالية الضرورية لشدّ عصب تيار المستقبل كحالة سياسية، فيما يضع الخيار الثاني، وهو السير بالضغوط السعودية والتصعيد بوجه حزب الله، البلاد أمام احتمالات مواجهة حقيقية، يكون الخاسر الأكبر فيها الحريري وتيار المستقبل، مقابل نموّ قوى تكفيرية و«أمراء» مناطق داخل المستقبل نفسه، في ظلّ التجاذب المذهبي الكبير في المنطقة ولبنان، ومحاولات تفرّد شخصيات مستقبلية بخطاب مغاير لخطاب الحريري، لا سيّما الوزير أشرف ريفي.
اتفاق بين حزب الله والمستقبل على رفع الغطاء عن المخلّين بالأمن
الاشتباك المسلّح الذي وقع قبل أسبوعين في منطقة السعديات بين آل الأسعد المقرّبين من المستقبل ومفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو من جهة وسرايا المقاومة من جهة أخرى، وتزامن مع بدء التصعيد السعودي، فُهم في بعض الأوساط السياسية وكأنه رسالة أمنية إلى حزب الله تستهدف الإضاءة على خطّ الساحل الجنوبي، عبر حصول الاشتباك في نقطة استراتيجية كالسعديات. إلّا أن «رد فعل الحريري تجاه الاشتباك ومحاولات الوصول إلى تفاهمات تضمن الأمن والاستقرار في السعديات، تؤشّر إلى التزام الحريري بعدم التصعيد الأمني، والحرص على إبقاء الخلاف على المنابر وفي السياسة، بعيداً عن الشارع»، على ما تقول مصادر معنية في قوى 8 آذار.
هي ليست المرّة الأولى التي يحصل فيها التنافر والاستفزاز بين أبناء رفعت الأسعد المعروف بـ«المختار»، وعناصر من سرايا المقاومة (بعضهم من أبناء السعديات) على مدى السنوات الماضية.
وسبق أن استعر التوتّر في المنطقة خلال عامي 2012 و2013، على خلفية قطع طريق الساحل الجنوبي والتحركات التي قادها المستقبل أحياناً، وأحياناً الشيخ أحمد الأسير (الموقوف على خلفية اعتدائه على الجيش في عبرا)، على طول الساحل الجنوبي، من وادي الزينة جنوباً وصولاً إلى خلدة، ووصلت حدّ الاعتداء على المواطنين الآمنين العابرين على طريق الجنوب «على الهوية»، تحت عناوين التحريض المذهبي والقلق من توسع سطوة حزب الله وسرايا المقاومة على الخطّ الجنوبي، والحديث عن تغييرات ديموغرافية متبادلة ومشاريع سكنية يبنيها حزب الله في المنطقة.
وتشكّل السعديات نقطة حساسة على طول الخطّ، لربطها خلدة والناعمة بوادي الزينة وصيدا ولكونها مدخلاً لإقليم الخروب وجزءاً عقارياً من بلدية الدامور، وتقطنها عائلات من مختلف المناطق، فضلاً عن ارتباط آل الأسعد بعشائر العرب التي تسكن الساحل الجنوبي.
مصادر مقرّبة من سرايا المقاومة تقول إن «سبب حصول الاشتباك هو التعديات الدائمة التي يقوم بها أبناء المختار ومعهم مجموعة من الشبان يحضرون من عرمون وخلدة. وفي المرّة الأخيرة اعترضوا طريق أحد المسؤولين وأهدروا دمه، ثمّ أطلقوا الرصاص على سيارة للسرايا».
أما مصادر تيار المستقبل وعائلة الأسعد فتقول إن «السرايا هي من تقوم بالتعديات ومن بدأت بإطلاق النار، وتفرض نفسها على أهالي السعديات».
غير أن التطوّر الأهم هو اللقاء الذي عُقد قبل ثلاثة أيام بين ممثلين عن حزب الله (مسؤول جبل لبنان بلال داغر ومسؤول اللجنة الأمنية صادق غملوش) وممثلين عن تيار المستقبل (منسّق إقليم الخروب أحمد كجك والمسؤول الأمني أحمد جنون ووليد سرحال) والشيخ عمر سريج عن الجماعة الإسلامية، والمسؤولين في الحزب التقدمي الاشتراكي سليم السيد ووليد أبو عرم وممثّل عشائر خلدة الشيخ كامل ضاهر (أبو ديب)، للوصول إلى حلّ وضبط التوتّر.
وهذا اللقاء أتى استكمالاً لاجتماع عقد بين مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا والنائب محمد الحجّار والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص قبل اندلاع الاشتباك الأخير.
وتوصّل المجتمعون، بحسب أكثر من مصدر شارك في اللقاء، إلى الاتفاق على أربع نقاط: رفع الغطاء عن أي شخص مخلّ بالأمن، ومطالبة الجيش اللبناني بتثبيت موقع له في السعديات، والتأكيد على احترام كافة أماكن العبادة والابتعاد عن الخطاب المذهبي والتحريض وتجنّب التجمعات داخل مصلّى السعديات ونزع كل الشعارات السياسية والعسكرية عنه، وأخيراً الاتفاق على تشكيل لجنة مصغّرة من كافة الأطراف للتدخل ومعالجة كافة الإشكالات عند حصولها.
أحمد الحريري تابع اجتماع التهدئة في السعديات بشكل مفصّل
وبحسب المصادر، فإن ممثلي المستقبل والجماعة الإسلامية وضاهر والاشتراكيين تعهّدوا بالتواصل مع آل الأسعد والوصول إلى تفاهمات معهم سعياً لعمل مصالحة في المنطقة، في مقابل تعهّد حزب الله بضبط كل الأسباب التي تؤدي إلى التوتّر.
غير أن ما بدا لافتاً هو اتفاق الجميع على رفع الغطاء عن المخلّين بالأمن، وهو ما لم يكن يتعهدّ به المستقبل سابقاً، إذ إن 13 شاباً من سرايا المقاومة تمّ توقيفهم على خلفية الاشتباك الأخير، أطلق سراح ثلاثة منهم بداية الأسبوع، فيما أُطلق الباقون أمس مقابل سندات كفالة بلغت مليوني ليرة عن كل من الموقوفين، بينما تمّ توقيف بهجت رفعت الأسعد بعد يومين من الاشتباك، وبعد أقل من 24 ساعة أطلقت القوى الأمنية سراحه بضغوط سياسية.
وأكّدت مصادر أخرى أن «رفع الغطاء يشمل ما يسمّى مجموعة الـ16، وعلى رأسهم أحد المشايخ الذين يدعون إلى التكفير (الشيخ إ. إ.) وشبّان من آل زهران، وآخرون من بلدة شبعا وسوريَّين».
وأكّدت مصادر المستقبل أن «الرغبة في حصول التهدئة هو قرار من رأس الهرم في تيار المستقبل، أي الشيخ سعد الحريري، وقد تابع الأمين العام للتيار أحمد الحريري الأمر بكلّ تفاصيله».
«سوليدير» في مواجهة الجيش: القاعدة البحرية ملكية خاصة
استيلاء «سوليدير» على الحوض الأول في مرفأ بيروت والقاعدة البحريّة ليس قصة جديدة، فهي تعود إلى تسعينيات القرن الماضي يوم كان رفيق الحريري يروّج لمشروعه تحت مسمى «إعمار بيروت». منذ البداية، كان الهدف ضمّ الحوض الأول إلى الشركة العقارية الخاصة، ونقل قاعدة الجيش البحرية إلى مكانٍ آخر. وُضع المشروع في الأدراج بعدما لاقى معارضة سياسية، في حينه، ولكنّ ذلك لا يعني أنّ الشركة تخلّت عنه. أخيراً، أعيد طرح الملفّ مع استبدال الباب الغربي للمرفأ بمدخل جديد
ليا القزي
تمكين شركة «سوليدير» من الاستيلاء على الاملاك العامّة في الحوض الأول لمرفأ بيروت، المعروف ايضا بالحوض الخامس او القاعدة البحرية التابعة للجيش اللبناني، ليس قضية جديدة، بل يعود إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما اقرّ مجلس النواب، برئاسة الرئيس السابق حسين الحسيني، قانون الشركة العقارية، المحال من حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، بمادة وحيدة، واعطى هذه الشركة حقوقا واسعة تنطوي على مصادرة املاك خاصة وعامة «ببلاش»، من ضمنها العقارات الناتجة من ردم البحر والعقارات الموضوعة في تصرف مرفأ بيروت في الحوض الاول.
قبل ذلك، كان «المقاول» الثري رفيق الحريري، العائد من السعودية، قد ادار عمليّة تسويق واسعة «مدفوعة الثمن» لاقرار القانون، وتولى شخصيا، قبل أن يستلم رئاسة مجلس الوزراء في اواخر عام 1992، الاشراف على وضع التصاميم الجديدة لإعادة إعمار وسط بيروت وتمويل الدراسات، التي جرى تلزيمها باسم الدولة لدار الهندسة. يقول الوزير الراحل هنري ادّه، وهو المهندس الذي اختاره الحريري لوضع الدراسات والتصاميم وكان يُلقب بـ»أبو سوليدير»، في مذكراته التي نشرها تحت عنوان «المال إن حكم… جذور مهددة بالزوال»، ان الحريري تصرّف منذ البداية على انه مالك وسط بيروت التاريخي، وان ما جرى لاحقا كان يدغدغ احلامه منذ الاجتياح الاسرائيلي لبيروت في عام 1982.
هذه الوقائع تعرفها جيداً كلّ القوى والشخصيات التي شاركت في الحكم منذ التسعينيات حتى اليوم، التي كانت منبهرة بمشروع الحريري. إلاّ أنهم، مع اشتداد وقع «الفضيحة» و»صراعات المصالح» وبلوغ سطوة «سوليدير» الى حد مطالبة الجيش باخلاء «قاعدة بحرية» استراتيجية… قرروا اخيرا ان يتعاطوا مع ملف «فساد» بهذا الحجم وكأنه اكتشاف، النائب وليد جنبلاط مثالاً. هل حقا لا يعرفون القصّة فيما فصولها كانت تتوالى على طاولة مجلس الوزراء واروقة الوزارات المعنية منذ 25 عاما؟
هذه هي قصة الحوض الأول
في عام 1992، تحديداً قبل الإنتخابات التشريعية في تشرين الأول من ذاك العام، كان العمل على المخطط التوجيهي لإعادة إعمار بيروت قد انتهى باشراف المهندس هنري إده، الذي وضع الدراسات الأولى لإعادة إعمار وسط بيروت، ولكن قبل إحالته على مجلس الوزراء، «وبعدما أُعدت جميع الوثائق الضرورية، طلب مني رفيق الحريري بعض الإيضاحات حول الحصة العائدة للدولة في أراضي المرفأ»، بحسب ما كتب ادّه في مذكراته. أراد الحريري «معرفة وجهة نظري (ادّه) في التعويض الذي يجب أن تدفعه الشركة العقارية للدولة في مقابل التنازل لها عن هذه الأراضي». قدّر ادّه قيمة العقارات في هذه المساحة، مُضافة إليها المساحات القابلة للبناء والأسعار المتداولة بالنسبة إلى أوضاع مشابهة، «بما يقرب من 400 مليون دولار». يروي ادّه ان الصدمة كانت في ردّ الفعل الاول للحريري، الذي «رفع ذراعيه إلى السماء، وقال لي إنه لا مجال لديه لا لدفع مثل هذا المبلغ الهائل، ولا للتخلي عن هذه الأراضي»، طالباً في الوقت نفسه من إده إيجاد «الوسائل الكفيلة بتقليص المبلغ الذي أعلنته». ففي ذلك الوقت، كان الحريري يُخطط لدفع مبلغ 60 مليون دولار فقط لا غير «ويُصرّ على أن تُزاد المساحات القابلة للبناء المتوقعة في تصاميمنا زيادة ملحوظة كي تعوض النقص الضائع في الأرباح». صمّ الحريري أذنيه عن كلّ كلام يُنبهه من عدم إمكانية زيادة الكثافة، حتى إنّ التنظيم المدني أصدر عام 1992 أوامره بضرورة «تقليص الكثافة الملحوظة»، ولكنه تصرّف وكأنه أكبر من كلّ قرار أو رأي قانوني فـ«اتصل بوزير الأشغال العامة شوقي فاخوري (في حكومة رشيد الصلح) وأقنعه بأن يقترح على مجلس الوزراء، لا تجاوز رأي مجلس التنظيم المدني فقط، بل تجاوز ما هو أسوأ من ذلك أيضاً: زيادة الكثافة المذكورة بمعدل عشرين في المئة». وحين كان إده يعترض على مخططات الحريري كان يردّ عليه بأنه: «لكلّ مهنته». يقول ادّه، في هامش صغير اسفل الصفحة التي ذكر فيها هذه المعلومات، ان الحريري نجح في النهاية بالحصول على اراضي المرفأ من دون ان تسدد «سوليدير» اي ثمن لها.
يُكمل إده سرد الوقائع في كتابه، فيُخبر كيف أنّ أرصفة المرفأ تُركت لسوليدير «بحجة أنها جزء من الملكية العمومية التي لحظ القانون العائد إلى الشركات العقارية أن هذا النوع من الأراضي يُضم إلى الشركة دون مقابل، أما الأملاك الخاصة للدولة فتبقى ملكاً لهاتين الجهتين»، ولكن عملياً، «الأرصفة المحيطة بالحوض الأول للمرفأ هي جزء لا يتجزأ من ملكية الدولة الخاصة». يكشف إده عن تلاعب في البند الأصلي الذي أضيف إليه أنه «وحدها العقارات التي تحمل رقماً في سجل المساحة تؤخذ بعين الاعتبار». الحقيقة أنّ «هذه الأرصفة وضعتها الدولة في التصرف الحصري لشركة المرفأ المكلفة استثماره. والدولة لو أرادت أن تترك أراضيها لكان يحق لها بأسهم مساوية لقيمتها».
هكذا جرى الاستيلاء على ملك الدولة
رُبط مشروع إعادة إعمار وسط بيروت بإنشاء شركة عقارية، «ولكن أُنشئت شركة واحدة، وفوض رئيس مجلس الانماء والاعمار في حينه الفضل شلق صلاحيات السلطة الرسمية في علاقاتها بالشركة العقارية»، بحسب ما ذكر ادّه. وتوالت عمليات قضم اراض الدولة والحقوق العامة، ففي جلسة لمجلس الوزراء في شباط 1994. أدخلت، بناء على طلب «سوليدير»، تعديلات جديدة على المخططات التوجيهية السابقة «مانحة سوليدير امتيازات إضافية فاضحة من دون أي مبرر أو مقابل.
فالخط البحري الذي يُفترض أن يُكمل حزام وسط المدينة، في كل المخططات السابقة، ألغي، ومعظم المواقف العامة الملحوظة في الأصل حُذفت واستبدلت بها كاراجات خاصة تحت الأرض… خلافاً لأحكام القانون المنشئ للشركات العقارية، القاضي بأنه يجب إقرارها وإنشاؤها على أساس مخطط توجيهي يُوافق عليه مسبقاً». هذا التعديل، نقل من جملة ما نقله الحوض الأول إلى «المرّبع الخاص» للشركة العقارية.
قدّرت قيمة عقارات القاعدة البحرية بنحو 400 مليون دولار عام 1992
لم يكن إمتياز مرفأ بيروت دائماً مع الدولة اللبنانية. قبل نهاية مرحلة الإنتداب، إستثمر الحوض الأول الفرنسيون. استردّته الدولة بعد عام 1943 وأدارته «شركة إدارة واستثمار مرفأ بيروت» برئاسة الوزير الراحل هنري فرعون. في عام 1990، عاد الامتياز من جديد للدولة اللبنانية.
يفتح مسؤول «فئة أولى» سابق في مدينة بيروت، خرائط مخططات «سوليدير»، مقارنا بين تخطيط عام 1992 وتعديلات عام 1994. العلامة التي يهتدي بها هي الخط البحري: «قبل أن يُلغى لم يكن المرفأ يقع ضمن نطاق سوليدير، ولكن بهدف إعطاء إمتيازات إضافية لها ومن دون مقابل، ألغي هذا الخط». يقول إنّ «سوليدير» عمدت إلى «دمج العقارات الخاصة بالدولة بالعقارات العامة، حتّى تضمّها وتفرزها من جديد».
هو نوع من الاحتيال مارسته الشركة «لتدعي أنّ العقارات العامة أصبحت ملكا لها، فتُسيطر على الحوض الأول». وما الهدف إلا «إقامة مشروع سياحي يمتد من البيال وصولاً إلى الحوض الأول». هذا المشروع السياحي قديم ايضا، وقد جرى الترويج له اعتبارا من عام 2006، يومها اعلنت «ليفانت القابضة» عن اطلاق مشروع «القرية الفينيقية». توقف المشروع بسبب الأوضاع الأمنية وأعيد البحث به عام 2008، ولكنه لم يُبصر النور. «القرية الفينيقية» عبارة عن برجين سكنيين وفندقين ومركز تجاري على مساحة 250 ألف متر مربع، فضلاً عن المطاعم وموقف للسيارات يتسع لـ 4 آلاف سيارة. وكانت الشركة الكويتية قد اشترت العقار 1501 من «سوليدير» التي تسعى حالياً، وفقا للمعلومات، إلى استرداده.
يبلغ عدد العقارات في تلك المنطقة سبعة ومساحتها قرابة الـ 100 ألف متر مربع. يقول المسؤول السابق إنّ «60 ألف متر مربع، تقريباً، هي أملاك عامة والـ40 الباقية أملاك خاصة للدولة. قيمة هذه العقارات، كانت في حينه (1992)، بحدود الـ400 مليون دولار». يُشدد المسؤول في حديثه على أهمية الحفاظ على الأرصفة، فهنا لبّ الموضوع: «حين تضع سوليدير يدها عليها، ستدعي أنّ إدارة المرفأ أصبحت من صلاحياتها. تريد الحصول على امتياز ليس من حقها».
المواجهة اصبحت مع الجيش
مرّت الأيام ولم تتخلّ «سوليدير» يوماً عن حلمها بضم الحوض الأول إلى لائحة «إنجازاتها»، على اعتبار أنّ كل الواجهة البحرية لبيروت ملك لها. عقبة أساسيّة واجهتها هي إشغال الجيش اللبناني للقاعدة البحرية. أولى «المواجهات» بين قيادة الجيش و«سوليدير» تعود إلى عام 1996، يوم طلبت حكومة الحريري إخلاء «القاعدة» واصطدمت بمعارضة قائد الجيش وقتها إميل لحود. فالشركة العقارية تدّعي ملكية مساحات تشغلها «القاعدة»، علماً أنّ القرار رقم 144/S الصادر في 1925/6/10 يُعرّف الأملاك العمومية بأنها تشمل جميع الأشياء المعدّة لاستعمال مصلحة عمومية، لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن. ومن هذه الأملاك: إنشاءات التحصين والمراكز الحربية والعسكرية… فضلا عن ان الشاطىء والبحر هما من املاك الدولة العمومية.
لا تعترف «سوليدير» بأي نص قانوني، وهي «عملت طيلة سنوات على ضّم أمتار من المساحات التي يتمركز فيها الجيش بحجج متعددة»، على ذمة مصدر متابع للملّف. يقول المصدر إنّ الملّف فُتح من جديد «بعدما عاين وزير الدفاع سمير مقبل، منذ سنة تقريباً، المرفأ وبحث الأمر مع الجهات العسكرية المعنية». لا يؤكد المصدر حصول مفاوضات من أجل أن يخلي الجيش «القاعدة»، وخاصة بوجود موقف سياسي غير معارض لذلك، «الأكيد أنّه إذا كان هناك حديث مشابه، فقد توقف الآن»، إلا أنّه يؤكد «توقيع مُقبل منذ أسبوع، تقريباً، طلب تنظيف الحوض الأول وبكلفة مليون دولار تقريباً». ووفق أحد الخبراء المطلعين «الحوض نظيف ولكنّه قد يكون إجراء تمهيدي للسيطرة على المكان». المصدر المتابع للملّف يوضح أنه في ما خصّ المعدات والآليات العسكرية «قاعدة جونية تُعدّ أهم من قاعدة بيروت، إلا أن الأخيرة هي أساسية استراتيجيا. لذلك من غير الممكن أن يخلي الجيش المكان حتى لو أتت الموافقة السياسية».
استبدال باب «الشامية»
يُسلّط الضوء من جديد على المرفأ بعدما طلبت إدارة واستثمار مرفأ بيروت، في تشرين الثاني الماضي، من محافظ بيروت زياد شبيب استبدال الباب الغربي للمرفأ، المعروف بـ«الشامية»، بمدخل جديد قرب مبنى الجمارك. وافق شبيب على اعتبار أنّ «هذا الاقتراح سيسهّل الحركة المرورية ويُخفف من الازدحام»، خلافاً لما يؤكده عدد من الوكلاء البحريين أنّ ذلك «سيُعرقل الحركة وخاصة للمركبات الآتية من الجنوب». يعتقد هؤلاء أن استبدال المدخل ما هو الا الخطوة الأولى في مشوار الاستيلاء على المرفأ «وهو تمهيد لإعادة ردم الحوضين الثالث والرابع». هذه المرّة يبدو أنّ الشركة ماضية في مشروعها «وهي بدأت بيع مواقف لليخوت في الحوض الأول. يريدون تضييق الخناق علينا وعلى عملنا». يسعى الوكلاء البحريون إلى وضع الملّف على جدول أعمال البطريركية المارونية والأحزاب السياسية ولكن حتى الساعة لم تُثمر جهودهم: «حتى ولو أقفلنا الطريق وحدنا، المغامرة جديرة بأن تُخاض. هذا البحر لي. لنا جميعاً. وهذه المساحات هي حقّنا الذي نسعى إلى الحفاظ عليه في وجه حيتان المال».
استعادة املاك الدولة
إذاً، السعي الى مصادرة القاعدة البحرية يعود إلى بداية تسعينات القرن الماضي. نجحت «سوليدير» في مسعاها، وبيعت العقارات في تلك المنطقة، ومرّت المشاريع المتعلقة بها في جلسات مجلس الوزراء دون أن يُسجل أحد اعتراضه. تعبير بعض القوى عن «دهشتها» الآن، قد يُعد نوعا من التراجع عن الخطأ. ولكن لا قيمة له إذا لم يقترن بإحالة الملّف على القضاء ومساءلة «الشركة العقارية» وكلّ من مدّ لها يد العون، إضافة إلى العودة إلى القوانين التي تسمح للدولة باستعادة أملاكها دون تعويض. خلاف ذلك، يوضع كل سجال «تويتري» والردود عليه في خانة خداع اللبنانيين.
جنبلاط يغرّد ومقبل يرد
أثير ملفّ الحوض الأول والقاعدة البحرية من جديد يوم أمس، بعدما غرّد النائب وليد جنبلاط على «تويتر» عن«شركة عقارية معروفة استملكت القاعدة البحرية للجيش اللبناني بموافقة وزير الدفاع وغيره من كبار المسؤولين». رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب ردّّ على جنبلاط، قائلاً إنّ «الأملاك البحرية طارت نتيجة سياسة بعض الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الأشغال»، متمنياً عليه «عدم الضرب في سوليدير كي يصيب في سبلين». أما مكتب وزير الدفاع سمير مقبل، فنفى عبر بيانٍ المعلومات المتداولة، مؤكداً أنّ الخبر يفتقر إلى الصحة والاساس. هناك دعوى بهذا الشأن لدى المحكمة الابتدائية في بيروت منذ عام 2010».
واشنطن تهوّل: الحرب الإسرائيلية أقرب من أيّ وقت
«إسرائيل تُريد الحرب مع حزب الله وتُعدّ لها». معلومات أسرّت بها جهات أميركية إلى مسؤولين لبنانيين زاروا واشنطن أخيراً، ونقلوا أن «التصعيد السعودي ضد الحزب فتح شهية إسرائيل على الانضمام إلى هذه الحرب»
ميسم رزق
هل تندلِع الحرب بين حزب الله وإسرائيل؟ سؤال يبدو طبيعياً، لكنّه «مسربل» بالغموض المفتوح على كل الاحتمالات، وسط ارتفاع منسوب التحذيرات الغربية، والأميركية خصوصاً. هذه التحذيرات سمعها مسؤولون لبنانيون زاروا واشنطن أخيراً، ونقلوا عن مقرّبين من الدوائر الاستخبارية الأميركية أن العملية الأمنية الأخيرة التي نفّذها حزب الله رداً على اغتيال القائد سمير القنطار كانت «بروفا وبالون اختبار لقياس ردود الفعل من قِبل كل الأطراف».
وأكد المسؤولون الأميركيون أمام زوارهم اللبنانيين أن «إسرائيل أبلغتنا أنها تُعدّ للحرب وتريدها، فلا تعطوها الذريعة». وأوضحوا أن «دوائر القرار الأميركية تبلّغت من الاسرائيليين أن إسرائيل لا يمكن أن تجلس مكتوفة اليدين أمام قتال الحزب في سوريا وتحقيقه تقدماً واضحاً في الميدان»، لافتين الى اختلاف الأولويات بين واشنطن وتل أبيب؛ «ففيما أولويتنا في الشرق الأوسط هي محاربة داعش، يُصرّ الإسرائيلي على أن حزب الله الذي يشكّل خطراً وجودياً عليه يجب أن يكون هو الهدف الأول والأخير».
مسؤول ألماني زار الضاحية وحاول إقناع الحزب بعدم إعطاء ذريعة لإسرائيل
وشدّد الأميركيون على «ضرورة ضغط الدولة اللبنانية على حزب الله لتجنّب ارتكاب أي هفوة تُعيد تكرار سيناريو حرب 2006». وكشفوا عن «زيارة لمسؤول في الاستخبارات الألمانية إلى الضاحية الجنوبية ولقائه بوفد من حزب الله بعد اغتيال القنطار، مُحاولاً ثني الحزب عن الردّ بعملية كبيرة تكون نسبة الأضرار المُحيطة بها أكثر من المتوقع». ولذا، بحسب المسؤولين الأميركيين أنفسهم، «لم تكُن العملية التي نفّذها الحزب في مزارع شبعا بالمستوى الذي كان متوقعاً للردّ على اغتيال قائد كالقنطار».
ويلفت المسؤولون اللبنانيون الى أن الأميركيين «يبدون حرصاً اليوم على الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان»، ويُراهنون على «عدم رغبة الحزب في فتح ثلاث جبهات في وقت واحد». كذلك فإنهم أبدوا تبدلاً واضحاً في النظرة إلى العلاقة بين الحزب والجيش اللبناني، و«تفهّماً لعلاقة التنسيق القائمة بينهما، خصوصاً بعدما باتا يسيران معاً في حقل الألغام الإسرائيلي». لكنهم «يتابعون بقلق شعور إسرائيل بأنه بات لزاماً عليها فعل أي شيء». وهذا القلق مبنيّ أولاً على «استعداد الإسرائيلي للدخول على خط التوتير والتصعيد السعودي»، وثانياً «على جاهزية حزب الله في الجنوب اللبناني رُغم انشغاله في سوريا»، وهذا ما يزيد من اقتناع واشنطن بأن «إمكانية وقوع الحرب باتت أقرب من أي وقت مضى، ولا سيما أن إسرائيل باتت تقدّم الفرص التي يوفرها دخولها الحرب على التهديد الذي يشكله الحزب».
وفيما لمّح الأميركيون إلى أن الانعطافة الخطيرة في الاستراتيجية السعودية تجاه لبنان تعزز الموقف الإسرائيلي «وتفتح شهيته»، كشفت مصادر سياسية لبنانية عن «تحرّك سعودي يصبّ في الخانة نفسها»، حيث «تأمل المملكة أن تدخل إسرائيل على خط هذا التصعيد عسكرياً، بالتزامن مع أحداث أمنية داخلية، يسبقها جوّ معاد للحزب وفرز مذهبي غير مسبوق». وقالت المصادر إن «الإسرائيلي وضع نفسه اليوم على مقاعد الاحتياط، في ظل الحديث عن إعادة تحريك الجبهة الجنوبية في سوريا، على أن يكون لإسرائيل دور أكبر هذه المرة»، رغم أن «عدم الحماسة الأردنية وغياب الضوء الأخضر الأميركي يجعلان هذا السيناريو غير قابل للتنفيذ».
* البناء
بوتين يدافع عن الانتخابات السورية رداً على هولاند… ولا يراها عقبة
قمة روسية أوروبية تمهّد لمشاركة الأكراد في جنيف… وجماعة الرياض ترتبك
بين الحريري «الانتخابي» وجنبلاط «العقاري»… فرنجية وإرسلان لأبعد من الرئاسة
كتب المحرر السياسي
حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام زعماء أوروبا، حجم التحالف الذي يربطه بالرئيس السوري بشار الأسد، عندما حاول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن يستغلّ الانتقادات الروسية العلنية لإصرار الدولة السورية على إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها، وعدم انتظار نتائج العملية السياسية، فوصف الموقف السوري بالاستفزازي والمعرقل مسار الحلّ السياسي، ليأتي ردّ الرئيس بوتين سريعاً ومفاجئاً، بأنّ هذه الانتخابات لا تشكل عقبة أمام مواصلة العملية السياسية، ولا تعرقل مساعي وفرص الحلّ السياسي، وهي التعابير الحرفية التي استخدمتها سورية في الدفاع عن خطوتها الدستورية.
حسم الرئيس بوتين للأوروبيين أنّ التباين في الاجتهادات بين روسيا وسورية، هو من قواعد التحالف القائم على الاحترام المتبادل للخصوصية، وللبعد السيادي لكلّ من الفريقين، وأنّ هذا التباين لن يشكل ثغرة يمكن النفاذ منها لمن يتربّص بأحدهما للنيل منه بحضور الآخر ونيل تغاضيه.
بالتزامن كان الرئيس الروسي يضع أمام شركائه الأوروبيين الفرنسي والبريطاني والألماني والإيطالي خارطة طريق للحلّ في سورية، تتمثل بمتابعة تطبيق وقف النار لشهور، وسدّ الثغرات التي تظهر فيه خلالها، وتأمين معالجات أوسع للشأن الإنساني بمعزل عن المسار السياسي، الذي يجب أن لا يرتبط بمسار الهدنة أيضاً، بل أن يتكامل كلّ إنجاز على أيّ من المسارين ويستقوي بإنجازات على المسار الآخر، معتبراً أنّ المسار العسكري الذي يجب أن يُحصر تدريجاً بالمواجهة مع الإرهاب ومقابله قوى التحالف الغربي ضدّ «داعش» والتحالف الذي يضمّ روسيا وسورية وإيران ومع التحالفين العراق ومن يرغب لتشكيل جبهة عالمية موحدة ضدّ الإرهاب، الذي يضمّ «داعش» و«النصرة» والقوى التي تضع نفسها من الجماعات المسلحة خارج مسارَي الهدنة والحلّ السياسي، مشيراً إلى أنّ تركيا اختارت أن تضع نفسها عملياً ومَن معها من الجماعات السورية خارج المسارين، وأن تستعمل قضية اللاجئين لابتزاز أوروبا والعالم لضمان مصالح غير مشروعة تنتهك سيادة كلّ من سورية والعراق، وتهدّد وحدتهما بالخطر، وتستهدف تهميش الأكراد الذين يقاتلون الإرهاب بالتعاون مع التحالفين الدوليين اللذين يضمّان روسيا وأميركا.
خارطة الطريق التي رسمها بوتين للأوروبيين تقوم على انطلاق جنيف بشراكة الأكراد ووفد معارض يشمل جميع المكونات التي تشترك في الهدنة وتقاتل الإرهاب، منوّهاً بما تفعله اللجان الكردية وقوات سورية الديمقراطية في هذا المجال، خلافاً لجماعة الرياض التي تتفرّغ للتشكيك في الهدنة والمسار السياسي ولا تطلق طلقة واحدة على «داعش» وتتداخل في تموضعها مع «جبهة النصرة» ولا تزال تسعى لإخراجها من تصنيفات الإرهاب.
وفقاً لخارطة الطريق التي عرضها الرئيس الروسي يجب أن تشهد سورية هذا الصيف كأبعد احتمال ولادة حكومة تضمّ شخصيات وممثلين للمعارضة التي تثبت وجودها في الحرب على الإرهاب، على أن يصير الملف السوري الداخلي بعد ذلك ملكاً للحكومة وحدها، لتضع روزنامة لدستور جديد وانتخابات جديدة، ويكون العالم معنياً بمساعدة هذه الحكومة على إعادة الإعمار واستعادة اللاجئين، وإلغاء العقوبات التي فرضها البعض على الدولة السورية، وتكون الحرب على الإرهاب تحقق نتائجها تباعاً.
جماعة الرياض التي تلقت من عواصم أوروبية ملخصاً عن لقاءات موسكو سارعت إلى التحذير من أن يضمّ جنيف المقبل ممثلين للأكراد، وهدّدت بالمقاطعة، فيما انصرف ممثل «جيش الإسلام» محمد علوش إلى نفي الشكوك التي أثارتها التساؤلات الأوروبية عن حوار منفصل يجريه مع موسكو بمعزل عن شراكته في مؤتمر الرياض، وما لمسه الأوروبيون من موسكو من اهتمام بهذا الحوار.
في لبنان بينما كان رئيس الحكومة تمام سلام يجدّد تلويحه بالاستقالة إذا فشلت الحكومة في بلورة حلّ نهائي للنفايات الخميس المقبل، كانت هموم الرئيس سعد الحريري الانتخابية في قلب البقاع تتنافس مع هموم النائب وليد جنبلاط العقارية على تخوم مرفأ بيروت، بينما يلتقي النائب سليمان فرنجية بالنائب طلال إرسلان، بما وصفته مصادرهما بالأبعد من الرئاسة.
تحالف المستقبل ـ الكتائب ـ الكتلة الشعبية!
في غضون ذلك، كان البقاع الأوسط أمس، على موعد مع زيارة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في محاولة منه لإعادة التواصل مع قاعدته الشعبية، وللبحث في الانتخابات البلدية. وعلى غرار أدائه الصلاة في مسجدَي الصديق في طرابلس والإمام علي في الطريق الجديدة خلال جولاته على المناطق التي حدّدها كل يوم جمعة. أدى الحريري الصلاة في مسجد الإمام علي في سعدنايل وتناول الغداء في أوتيل قادري بدعوة من رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، والتقى النائب إيلي ماروني لنصف ساعة، في زيارة وصفتها مصادر نيابية في كتلة نواب زحلة بتكريس التحالف المستقبلي ـ الكتائبي ـ الكتلة الشعبية.
وأكدت المصادر نفسها «أن التوافق الانتخابي من شأنه أن ينعكس على الانتخابات النيابية وفق أسس ومرتكزات وضعتها سكاف وتقوم على تشكيل لائحة برئاستها وتسمية المرشحين الكاثوليكي الثاني والأرثوذكسي، وتكون حصة المستقبل مرشح المقعد الأرمني والسني والشيعي أما المرشح الماروني فيكون من حصة الكتائب، إذا تمّت المصالحة بين سكاف والنائب ماروني، وهي مصالحة يعمل عليها منذ وفاة الراحل إيلي سكاف، مشروطة من قبل النائب الكتائبي أن تبادر سكاف إلى زيارته وتقديم واجب العزاء وينتهي كل شيء قضائياً وعائلياً وحزبياً».
الحريري لـ«البناء» الاستحقاق البلدي سينسحب على النيابي
وأبدت مصادر سياسية استغرابها تهميش الحريري في زيارته مطرانية زحلة وما تمثله من موقعية ورمزية وعدم لقائه مطران الفرزل وزحلة عصام درويش، وكذلك أبدت عتبها من عدم زيارة «أزهر البقاع».
وأكد الحريري لـ«البناء» على هامش الزيارة «أن إجراء الاستحقاق البلدي هو مقدمة لاستحقاقات أخرى»، مشيراً إلى «أن التفاهم في الاستحقاق البلدي سينسحب على الاستحقاق النيابي. وفي الشأن الرئاسي بعد جلسة الثاني من آذار التي لم يكتمل فيها النصاب اكتفى بالقول «انشالله بيكون عنا رئيس للجمهورية». وعلمت «البناء» أن «الحريري سيزور مدينة صيدا يوم الجمعة المقبل».
فرنجية في خلدة.. وأبعد من الرئاسة
في هذا الوقت زار رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيس اللقاء الديمقراطي النائب طلال ارسلان في خلدة وعرض معه آخر المستجدات إقليمياً ومحلياً، بحضور الوزير السابق يوسف سعادة، الأمين العام لـ«اللقاء الأرثوذكسي» النائب السابق مروان أبو فاضل ومستشار ارسلان حسن حمادة. وأكدت مصادر ارسلان لـ«البناء» «أن اللقاء كان ذا طابع عائلي، فالصداقة بين الوزير فرنجية والمير طلال قديمة وعمرها أكثر من 30 عاماً».
ولفتت إلى أن اللقاء أجرى جولة أفق تناولت الأوضاع المحلية والإقليمية لا سيما بعد التطورات الميدانية في سورية والموقف الخليجي من المقاومة، حيث كان هناك تأكيد على ضرورة التهدئة أكثر من أي وقت مضى في كل الملفات الداخلية، بما فيها الملف الرئاسي، مشدّدة على «أن هذا الاستحقاق الرئاسي لم يأخذ الحيز الأكبر فالجميع يعلم أن الانتخابات لا تزال بعيدة المدى، لذلك ذهب اللقاء أبعد من الرئاسة».
جنبلاط وجهاد العرب
وسرق اهتمام رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط المفاجئ بالجيش وحديثه عن استملاك شركة عقارية معروفة القاعدة البحرية للجيش بموافقة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل الأضواء .ويهدف جنبلاط الذي يصوّب منذ فترة على جهاد العرب أن يحفظ حصته وأن لا يكون خارج المقايضات المعروفة التي تجري تحت الطاولة على حساب الجيش في العاصمة، أو كما قال رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب يجب على «وليد بك» عدم الضرب في «سوليدير» كي يصيب في سبلين، وإذا كان هناك مشكلة مع شركة عقارية فليحلّها بطرقه المعهودة مع الشركة، فهو يدرك أن الأملاك البحرية طارت نتيجة سياسة بعض الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الأشغال، وعلى ما أعتقد كان هو أحدهم».
ويأتي السجال الجنبلاطي مع الوزير مقبل بعد الأعمال التي بدأت منذ نحو شهر لفتح مدخل جديد إلى الحوض الأول بدلاً من البوابة المقابلة للقاعدة البحرية التي تنوي شركة سوليدير إقفالها وتعتبرها من أملاكها الخاصة. ورغم ذلك يحاول المعنيون التهرّب من الإجابة حول ملكيتها. لكن مصادر وزارية أكدت لـ«البناء» أن سوليدير تستملك هذه القاعدة الملاصقة لمرفأ بيروت، فيما أشارت مصادر وزارية أخرى لـ«البناء» إلى «أن شركةَ جهاد العرب التي تدور في فلك سوليدير اشترت العقار».
ولفتت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى أنه إذا كانت ملكية هذه القاعدة تعود إلى وزارة الدفاع، فإنها تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء لبيعها كما حصل مع موقف السيارات التابع لمصرف لبنان حالياً والذي تمّ بيعه إلى البنك المركزي بمرسوم من الحكومة، بعدما كان أرضاً تعود ملكيتها للجيش، أما إذا كانت مصادرة من سوليدير عندئذ يمكن لوزير الدفاع أن يصدر قراراً برفع المصادرة. وشدّدت المصادر على «أن قيادة الجيش لا يمكنها أن تتخلى عن قاعدة بيروت العسكرية لأسباب عسكرية وأمنية، وعن قاعدة جونية التي جرت محاولات من قبل الرئيس الراحل رفيق الحريري للاستيلاء عليها، لم تنجح بسبب الرفض المطلق من الرئيس اميل لحود».
وعلى نقيض الموقف السعودي من وزير الخارجية جبران باسيل والحملة التي يتعرّض لها من المملكة وحلفائها في لبنان، تلقى باسيل أمس، دعماً أممياً في ملف النازحين، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن تأييده موقف وزير الخارجية أن مساهمة النازحين في عملية السلام وإعادة إعمار بلدهم هو أمر لا بد منه في مرحلة ما بعد النزاع. وشدّد على أن «مسألة توطين اللاجئين في البلد المضيف تعود حصراً إلى قرار البلد نفسه. ورغم نجاح باسيل في إلغاء عبارة العودة الطوعية في اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا إلا أن بان كي مون أكد في المقابل أن «الطابع الطوعي للعودة ضروري، فوضع النازحين يستلزم حماية دولية، ما دام لا يمكنهم أن يحظوا بحماية بلدهم، لذا فإن عودتهم منوطة بتغيير جذري للظروف في سورية، ووقتئذ سوف تبذل الأمم المتحدة قصارى جهدها لدعم العائدين».
سلام جادّ في الاستقالة
وعلى الصعيد الحكومي، أكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«البناء» أن الرئيس سلام جادّ أكثر من أي وقت مضى في قرار الاستقالة، إذا لم يحل ملف النفايات جذرياً». وأشارت المصادر إلى «أن لا حل إلا بتنفيذ خطة المطامر، وهذا يتطلب موافقة القوى السياسية على أماكن إقامتها»، مشددة على «أن معارضة المواطنين سيتم التصدي لها، حيث ستتم الاستعانة بالجيش لتنفيذ الخطة». وإذ أشارت إلى «أن رئيس الحكومة لن يدعو إلى أي جلسة قبل التوصل إلى اتفاق»، لفتت المصادر إلى «أن أي حل يجب أن يكون مقروناً أولاً بالاتفاق السياسي وتأمين الحوافز للمناطق وتنفيذ القرار بشتى الوسائل».
المصدر: صحف