ثمّ يستعرض أنواع القيادة من القيادة الرئاسيّة، إلى الدينيّة وصولًا إلى القيادة الكاريزميّة. وفي كلّ نوع، تتطلّع الجماعة إلى مواصفات خاصّة واستعدادات ومؤهّلات وما يمكن أن تقدّم هذه القيادة إلى شعبها وجمهورها، وهذه المؤهّلات بدورها تفرض مجموعة من الأحكام التي تحدّد العلاقة بينها وبين مناصريها.
أمّا في الفصل الثاني “القيادة ومحدّدات الاستنهاض”، فيشير إلى أنّ المرحلة التاريخيّة التي انطلقت خلالها المقاومة الإسلاميّة في لبنان شكّلت مرتكزًا أساسيًّا في الالتفاف الجماهيريّ حولها في سائر الأقطار العربيّة والإسلاميّة. وقارب في شخصيّة السيّد حسن نصر الله كقائد ورمز دينيّ للقيادة لما لشخصه وللدور والوظيفة التي يضطلع بها كرجل دين ولما للرأسمال الدينيّ من دور في عمليّة الجذب وشدّ الأفراد إليه وتكريس موقعه القياديّ، فضلًا عن الآليّة التنظيميّة التي تحدّد قواعد الطاعة وإظهار الولاء.
ثمّ يعرّج الكاتب لذكر محدّدات القيم، وأنّ فعل المقاومة بما يتضمّنه من قيم أخلاقيّة من قبيل الشجاعة والصبر والتحمّل ورفع الظلم ومساعدة المظلوم والإقدام والجرأة، ونيل العزّة والكرامة والحريّة والإيثار، يحاكي القيم ويتوازن معها، وبذلك تصبح المقاومة النموذج المحدّد للسلوك الرمزيّ والمرجعيّ في مجاراته لمنظومة القيم في النظام الاجتماعيّ السائد.
فترتسم في الذاكرة الجمعيّة دلالات وإنجازات من شأنها أن تحيط هذه المقاومة بهالة كبيرة من القداسة والشرف والرفعة والحكمة، وخاصّة فيما يتعلّق بالصراع مع إسرائيل.
وينتقل الكاتب في فصله الثالث والأخير “القيادة والخطاب السياسيّ” إلى التوجّه نحو دراسة الخطاب السياسيّ للمقاومة واستراتيجيّتها الاستنهاضيّة انطلاقًا من كلام السيّد نصر الله نفسه والاطلاع على مضمونه.
وقارب هذا الخطاب من زوايا ثلاث هي: الهويّة وحقل السلطة وصولًا إلى وظيفته في التواصل الداخليّ والخارجيّ. فحين يتوجّه خطاب حزب الله للمسلمين، فهو يتحرّك باتجاه الأبعاد الانتمائيّة العامّة المتجسّدة في واقع الحال دون أن يهدف إلى استيعابها في الدائرة الولائيّة الخاصّة التي تتحرّك في إطار ولاية الفقيه.
المصدر: معهد المعارف الحكمية