تحاول بعض الجهات السياسية التصويب على الجيش اللبناني على خلفية عملية توقيفه لعناصر ارهابية في مخيمات النازحين في منطقة عرسال البقاعية، عبر الايحاء ان حقوق النازحين السوريين يتم الاعتداء عليها والذهاب بعيدا في التغني بحقوق الانسان والحرص على اوضاع الاطفال والنساء والعائلات النازحة، وهي عناوين وإن كانت تتضمن جوانب انسانية في طياتها إلا ان البعض يستخدمها لغايات سياسية وربما امنية هدفها تشويه صورة الجيش ومنعه من القيام بدوره الفاعل في حماية امن الوطن، سواء أدرك من يصوّب على الجيش ذلك أم لا.
والعملية الامنية التي نفذها الجيش اللبناني قبل أيام في منطقة جرود عرسال كشفت نسبة المخاطر التي تختزنها تلك المنطقة على مختلف المناطق اللبنانية كافة وبالاخص على القرى البقاعية المحيطة بها، واظهر أهمية تحرير كل الجرود المحتلة من قبل الارهابيين وتطهير المنطقة من هذا الخطر الذي بات يشكل قنبلة موقوتة لا يعرف متى وأين تنفجر.
والاكيد ان الجيش اللبناني يتعاطى مع ملف النازحين بشكل استثنائي ويراعي أبعاده الانسانية والدليل انه لم يداهم الجرود ولم يطهرها رغم كل ما جرى حتى الساعة، وهو كانت لديه القدرة على حسم الملف منذ زمن بعيد، وسبب التأخير هم المدنيون، واللافت ان المعلومات تؤكد ان”من بين الـ330 موقوفا القي القبض عليهم خلال مداهمات الجيش أظهرت التحقيقات وجود 38 من الرؤوس الكبيرة والخطيرة في تنظيم داعش وجبهة النصرة الارهابيين وبعضهم له مراكز قيادية عالية في هذين التنظيمين”، كما ان التحقيقات أظهرت وجود عناصر ارهابية في غاية الخطورة وبعضهم شارك في المعارك ضد الجيش اللبناني التي أسفرت عن اختطاف العسكريين اللبنانيين، ما يؤكد أهمية العملية الامنية العسكرية التي نفذها الجيش وبأقل الخسائر الممكنة ويظهر حجم الخطر الكامن والمتخفي في ستار النازحين وحقوقهم التي يحاول البعض مهاجمة الجيش عبرها، ويجب طرح أسئلة بديهية حول من المستفيد من تشويه صورة الجيش وتصويب على عمله؟ وهل هذا التشويش سيعرقل مهام الجيش في انهاء الاحتلال الارهابي لجرود عرسال؟ هل يشكل ذلك عائقا امام قيام الجيش بدوره في هذا المجال؟ أليس المستفيد الوحيد من التصويب العلني على الجيش هي الجماعات الارهابية؟ ربما قد يكون هناك ملاحظات لدى بعض الشخصيات على أداء هنا او تصرف هناك لبعض أفراد الجيش ولكن هل يجوز تحميل المؤسسات المسؤولية عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وكأن الهدف التجييش ضد الجيش؟
والمعلومات التي نشرتها وسائل اعلام لبنانية تفيد ان موقع المسلحين الذي تمت مداهمته في مخيم للنازحين السوريين كان يضم غرفة من “الباطون المسلح” تستخدم لصنع العبوات الناسفة، ما يؤكد الخطورة التي تمثّلها تلك المنطقة، حيث كانت التحضيرات الارهابية تسير على قدم وساق لتجهيز السيارات والانتحاريين لارسالهم الى مختلف المناطق لتنفيذ جرائمهم.
وهذا ما سبق ان حذر منه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته خلال عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار/مايو الماضي حول الوضع القائم، وشدد على انه “لا يمكن بقاء الوضع القائم لأن في الجرود جماعات مسلحة لديها سيارات مفخخة وانتحاريون ويمكن أن تهدد هذه المنطقة وقراها وبلداتها في أي لحظة”.
ومن يضمن عدم خروج العناصر او السيارات الانتحارية من الجرود باتجاه الداخل لاستهداف القرى والمدن اللبنانية؟ هل هناك من يضمن ان تبقى الامور على حالها في هذا الملف ولا تخرج عن السيطرة؟ وكيف يمكن حل هذا الملف؟ هل الامر يتطلب تدخلا عسكريا سريعا لتنظيف المنطقة من الارهاب ام انه يمكن حله بالتوافقات والمصالحة؟ بمعنى امكانية البحث عن حل سياسي باخراج المسلحين من المنطقة على شاكلة الصفقات التي تمت في الداخل السوري وان تنسحب العناصر المسلحة الى مناطق سيطرة جماعتها في الشمال مع عودة الأهالي من السوريين الى مناطق آمنة داخل سوريا، مثل هذا الامر هل يمكن ان يتم بدون التنسيق المباشر مع الجهات المختصة في الحكومة السورية؟ أليس من المطلوب المبادرة فورا للتواصل مع السوريين لفتح قنوات لاخراج المدنيين الى سوريا؟ ألا يحتاج الامر الى تنسيق امني بين سوريا ولبنان وعلى اعلى المستويات لما فيه مصلحة لبنان اولا وايضا مصلحة سوريا؟
هنا يمكن الاشارة الى الكلام الذي نقلته صحيفة “الجمهورية” اللبنانية الجمعة 7-7-2017 عن المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم حيث قال إن “التنسيق الامني مع المعنيين في سوريا لم يتغير عما كان عليه في الفترات السابقة بما تقتضيه المصلحة الامنية بين البلدين”، واضاف “أنا في تصرف السلطة السياسية ومستعد لتنفيذ اي مهمة تُطلب مني والمهم ان يكون هناك قرار سياسي بها”، في اشارة الى امكانية قيامه بمبادرة لها علاقة بملف النازحين السوريين في لبنان لا سيما في جرود عرسال.
والوقوف خلف الجيش اللبناني لأداء مهماته وواجباته يجب ان يبقى في سلم الاولويات عند طرح هذا الملف، سواء تمت معالجة القضية عبر العملية العسكرية التي يقال انها باتت وشيكة وقريبة خاصة مع رفض المسلحين كل محاولات التفاوض معهم لخروجهم وتجنيب المنطقة معركة او عبر التنسيق السياسي والامني مع الدولة السورية فيما لو رضخت الجماعات المسلحة وقبلت بالخروج واخراج الاهالي من المدنيين، ولا يجوز بأي حال من الاحوال التصويب على الجيش او التشويش على عمله وتشويه صورته من باب ان عمليات تعذيب ترتكب بحق الارهابيين كما يحاول البعض القول، وكأن هذا البعض بات احرص على حقوق العناصر الارهابية من حقوق المؤسسة العسكرية التي قدمت في العملية الاخيرة فقط 7 من افراد جرحى وكان بالامكان سقوط شهداء ايضا لولا المشيئة الالهية.
المصدر: موقع المنار