من أجل التخلص من العلاج الكيماوي للسرطان والذي يكون بالعادة مرهقاً للجسم وقد يحدث تأثيرات سلبية عليه، يحاول علماء ضمن مشروع جديد استنفار خلايا مقاتلة من الجسم نفسه ليكون بديلاً عن الإشعاع.
من المعروف أن العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي يؤثران على الورم السرطاني بشكل مباشر. غير أن هذا العلاج لا يدمر الخلايا السرطانية فقط بل ربما يؤثر سلباً على خلايا سليمة بالجسم. إلا أن هناك أسلوب علمي جديد يخضع منذ بضع سنوات للدراسة المكثفة ويراهن على استنفار “مقاتلين” من الجسم نفسه في مواجهة الخلايا السرطانية التي تهاجمه. هؤلاء المحاربون هم خلايا الجهاز المناعي.
عن ذلك، قال يوخين أوتيكال، رئيس وحدة التعاون الإكلينيكية لعلاج التهاب الجلد والأورام السرطانية في المركز الألماني لأبحاث السرطان بجامعة طب مانهايم أن “النتائج الحالية لأولى الدراسات عن جدوى هذا الأسلوب العلاجي واعدة جداً”.
يعتبر العلاج المناعي الخصوصي، الذي يتم تكييفه وفقاً لكل حالة على حدة، مناسباً جداً لعلاج سرطان الخلايا الصبغية أو الميلانوما، والذي يعرف أيضاً بسرطان الجلد ويعود غالباً للتأثير المكثف لضوء الشمس “حيث إن الميلانوما هو النوع السرطاني الذي تحدث فيه أغلب التحورات في الخلايا السرطانية”، حسبما أوضح أوتيكال.
وبذلك تتوفر لدى الدفاع المناعي للجسم الكثير من النقاط المحتملة التي يمكن مهاجمة الورم السرطاني منها. وقال أوتيكال إن هناك بالفعل محاولات لاستخدام طرق علاجية تعتمد على مناعة الجسم لمداواة المرضى المصابين بهذا النوع من السرطان.
ويختلف عدد هذه التغيرات ومكانها من مريض إلى آخر، لذلك فإن كل ورم فريد من نوعه مثل الإنسان الذي يحمله. ومناعة الجسم قادرة بشكل عام على التعرف على الخلايا السرطانية، من خلال سمات بعينها تميز هذه الخلايا الخبيثة عن الخلايا العادية قبل أن يبدأ الجسم في مواجهة هذه الخلايا الخطيرة. لكن هذا النظام يعمل غالباً بشكل غير مؤثر، ولا يهاجم هذه الخلايا الجامحة بما يكفي من الحسم من أجل العمل على انحسار الورم فعلاً. لذلك فإن باحثين يحاولون عبر طرق مختلفة تعزيز رد الفعل المناعي للجسم بشكل واضح.
ورغم أنه ليس كل تغير يحدث في المجموع الوراثي يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، إلا أن كثيراً من هذه التغيرات تميز الخلايا السرطانية ولا توجد في خلايا أخرى بالجسم.
واختار الباحثون من التحورات التي عثروا عليها تلك التحورات التي تبين من خلال التقديرات أن لديها فرصاً جيدة لتحقيق رد مناعي واضح، حيث تلقى المرضى ما يتراوح بين 8 و20 جرعة علاجية، ولم تكن هناك حسب الباحثين مضاعفات جانبية كبيرة. وظل 8 من إجمالي 13 مريضاً بلا ورم عقب العلاج خلال فترة 12 إلى 23 شهراً، في حين عاد السرطان لدى المرضى الخمسة الآخرين.
الباحث الألماني شدد من ناحيته على ضرورة العلم بأن هذه الطريقة مرهِقة جداً حتى الآن على الأقل، مما يجعلها باهظة الثمن “حيث يتم تحديد تسلسل الحمض النووي لكل ورم والبحث عن مضادات وتصنيع لقاحات بناء على ذلك، وليس هناك طريقة علاجية موحدة تصلح لكل المرضى”. غير أن أوتيكال أكد أن الأمل معقود على هذا الأسلوب العلاجي الانتقائي في إطالة متوسط عمر المريض لمدة سنوات.
المصدر: dw.com