رأى السيد علي فضل الله أن “العهد الجديد جاء محملاً بكل دعوات الإصلاح والتغيير، لقلب الطاولة على رؤوس الفساد والمفسدين والمتلاعبين بهذا البلد، ورغم الإيجابيات التي حصلت، والتي تمثلت في إنجاز التعيينات في المواقع الأمنية وغير الأمنية في البلد، فإن كثيراً من الأمور لا تزال على حالها، فآلية التعيينات لم تتغير، وبقيت رهينة المحاصصة بين زعماء الطوائف، من دون حسيب أو رقيب، ومن دون أن يكون ذلك عرضة للنقاش في مجلس الوزراء، نحن لا نريد الانتقاص ممن عينوا، فقد يكون لديهم الكفاءة، ولكننا نتحدث عن آلية التعيين”.
وفي خطبة صلاة الجمعة التي القاها من مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، أضاف السيد فضل الله “الأمر نفسه في التعامل مع الموازنة التي ستقر أرقامها من دون أن يكون هناك استعداد كاف لمعالجة مواقع الهدر الموجودة في الدولة، ورغم عدم مواكبتها بخطة نهوض اقتصادي ومالي، أو توفير السبل التي تضمن تأمين موارد للدولة، من دون ضرائب تفرض على الطبقات الفقيرة أو المتوسطة، وهنا نقدر كل المواقف الحريصة على عدم القبول بأي ضرائب جديدة”.
وفي ما يتعلق بسلسلة الرتب والرواتب، لفت السيد فضل الله الى أنها “لم تخضع لمعيار واحد، هو إعطاء الموظفين حقوقهم جميعا، وهو ما ينبغي أن يتساوى فيه الجميع، بل خضعت لمعايير متفاوتة، رغم أن السلسلة واحدة، وقد يبرر البعض بأنه لا ينبغي الرهان على التغيير الآن، بل بعد الانتخابات القادمة، لكونها ستساهم في جعل المشهد السياسي قادراً على تحقيق أحلام التغيير، لكن هذا الأمر غير واقعي، في ظل مبدأ التسويات الذي يظلل الواقع السياسي، والذي من الطبيعي أن لا يأتي بقانون يلبي الطموحات التي ننشدها”. وتابع “إن ما نريده للعهد الجديد، ولكل داعمي التغيير، أن يفرضوا منطقهم التغييري بعيدا عن تغيرات قد لا تحصل، وأن يثقوا باللبنانيين الذي ملوا من كل هذا الواقع، وسيكونون سندا لهم ولكل الصادقين في التغيير والعاملين له، بعيدا عن الحسابات الذاتية”.
وعن الحرب في سوريا، قال السيد إن “جهود مؤتمر جنيف لم تفلح في إيجاد حل ينهي معاناة إنسانها المتزايدة، حيث يستمر الصراع بين قوى دولية وإقليمية على هذا البلد، ويسعى كل منها لتثبيت مواقع نفوذه، مما نخشى أن ينتج صراعاً في ما بينها، الأمر الذي استدعى أن يجتمع رؤساء أركان جيوش أميركا وروسيا وتركيا في أنطاليا، لمنع حصول أي احتكاك على الأرض. وهذا بالطبع سيجعل سوريا في مهب التجاذبات، ما يستدعي من كل مكونات الشعب السوري أن يعوا مكامن الخطر، ويسرعوا إلى ردم الهوة بينهم، لإخراج بلدهم من أتون هذا الصراع، حيث يكون الحل الأمثل بتقديم تنازلات لحساب الوطن واستقراره”.
من جهة ثانية، قال السيد “من سوريا إلى اليمن، الذي تستمر معاناة أهله، ولا تتوقف عند استمرار نزيف الدم فيه، حيث تستعمل في الصراع ـ كما أشارت منظمة العفو الدولية ـ أسلحة فتاكة محرمة، بل يمتد الأمر إلى معاناة الجوع وتفشي الأمراض. ونحن في هذا المجال، نعيد الدعوة إلى الوقوف مع هذا الشعب، وكف يد العدوان عنه”.
وإلى فلسطين، حيث صادق الكنيست الصهيوني في قراره التمهيدي على قانون حظر الأذان في مساجد القدس الشرقية والبلدات العربية داخل الخط الأخضر بحجة الإزعاج، رأى السيد فضل الله أنها “حجة واهية يستخدمها العدو كخطوة إضافية في مشروعه لتهويد القدس وكل فلسطين، ما يدعو إلى موقف حاسم من السلطة الفلسطينية، والدول العربية والإسلامية، ومنظمات حقوق الإنسان، لمواجهة هذا المخطط ومنع تداعياته”.
كما توقف السيد عند ذكرى مجزرة بئر العبد الأليمة، مشيراً الى أنها “تعيدنا إلى ذلك اليوم الذي أزهقت فيه أرواح بريئة، وسقط العشرات من الجرحى، ووقع الكثير من الدمار، حين كان الهدف منها إسكات صوت المرجع فضل الله الموجه والمربي والباعث على الحياة في العقول والنفوس، بحيث أزعج السياسة الأميركية وأرعبها، فقرروا إسكاته، لكنهم فشلوا، واستمر السيد في جهاده إلى أن اختاره الله إلى جواره. إننا نستعيد هذه المناسبة، لندعو للذين استشهدوا في هذه المجزرة بالرحمة، وللمعوقين بالصبر، ولنؤكد الالتزام بهذا النهج الواعي والمنفتح والجريء في قول الحق والعمل به، مهما كانت التحديات والصعوبات”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام