لا يبدو هناك شبه كبير بين مكعب الثلج وطبق الحساء الساخن، إلا أننا حين نلمس أحدهما فإننا نشعر بالألم نفسه، فما هو السبب العلمي وراء ذلك الشعور بالألم؟
ونشر موقع “بي بي سي” أن غالباً ما يشعر الشخص الذي يلمس شيئاً شديد السخونة أو البرودة بوخز مؤلم، إذ يرصد الدماغ هذين المؤثريّن بطرق متشابهة.
ويقول أستاذ الأمراض العصبية في جامعة “ديوك” الأميركية، يورغ غراندل: “يتمثل المبدأ الأساسي في أن القنوات في الخلايا العصبية الحسية الممتدة في مختلف أنحاء الجسم تنشط مباشرة، بفعل درجات الحرارة سواء كانت ساخنة أم باردة”.
ومن خلال دراسة أجريت على فئران متحورة جينياً، وامتدت على مدى الأعوام الـ 15 الماضية تقريباً، تمكن العلماء من إثبات أن هذه القنوات تشارك بشكل مباشر في مسألة الإحساس بالحرارة.
ومن أكثر هذه المُسْتَقْبِلات الحسية، التي يتفهم العلماء دورها أكثر من غيرها؛ مستقبل يُعرف باسم “تي آر بي في 1” وهو مسؤولٌ عن الإحساس بالحرارة الشديدة.
وينبغي أن تصل درجة الحرارة عادة إلى 42 درجة مئوية لتنشيط وتفعيل هذا المستقبل، وبمجرد وصول الجلد إلى هذه الدرجة من الإحساس، تصبح تلك القناة العصبية نشطة، وهو ما يُفعِّل بدوره العصب بأكمله، لتنتقل إشارة موجهة إلى المخ تحمل رسالة تظهر في صورة صرخة من الألم.
ويضيف غراندل أن الآلية نفسها تعمل من حيث المبدأ في ما يتعلق بالإحساس بالبرودة، إذ ينشط بروتين “تي آر بي إم 8” عند الوصول إلى درجات برودة شديدة كما يُفعّل عند تعرض جسم الإنسان لبرودة معتدلة وإن لم تكن مؤلمة.
ويبقى بروتين “تي آر بي آيه 1” الذي اكتشف العلماء أنه يُصبح نشطاً بفعل المنبهات والمثيرات الباردة بشدة.
ويتمثل دور هذه البروتينات باعتبارها مستقبلات حسية للألم، في مساعدة الإنسان على تجنب درجات حرارة بعينها.
وعلى رغم أن الباحثين حددوا مستويات درجات الحرارة التي تؤدي إلى تنشيط هذه البروتينات، فإن ذلك لا ينفي إمكانية أن يطرأ عليها تعديلات أو تغييرات، فمثلاً إذا ما أصيب جلدك بحروقٍ نتيجة أشعة الشمس الشديدة، فقد تشعر بأن ماء الاستحمام الفاتر بات ساخناً على نحو لا يُطاق.
وأكد غراندل أن حدوث التهابات في الجلد تجعل المستقبل المعروف باسم “تي آر بي في 1” حساساً، ما يؤدي إلى تقليل مستوى الحرارة اللازم لتنشيطه ودفعه لإرسال إشارة إلى الدماغ للإحساس بالألم.
لكن درجات الحرارة لا تشكل المثيرات والمنبهات الوحيدة التي تؤدي لتنشيط هذه المستقبلات، فالنباتات تحدث هذا التأثير أيضاً، إذ تستطيع مادة “كابسيسين” التي تعطي الفلفل الحار مذاقه اللاذع، تنشيطها أيضاً.
كما يستثار بروتين “تي آر بي إم 8” بالانتعاش الذي تحدثه مادة الـ “منثول”، وهي مادة كيميائية توجد في أوراق النعناع.
ويقول الأستاذ في علم الأحياء الجزيئية بجامعة “واشنطن”، آجاي داكا: إن بعض النباتات ربما تكون قد طوّرت مواد كيميائية مثل الـ “كابسيسين” كنوع من أنواع الدفاع عن النفس، لمنع كائنات معينة من التهامها، بينما ظلت لقمةً سائغة لمخلوقات أخرى.
وأشار داكا إلى أن تلك المادة لا تثير بروتين “تي آر بي في 1” في كائناتٍ مثل الأسماك والطيور أو الأرانب، بينما تؤثر في المستقبل نفسه لدى البشر والقوارض.
المصدر: مواقع