سقط كبير مفاوضي وفد الرياض في جنيف محمد علوش في فخ المزايدات بين الفصائل، بدعوته إلى خرق الهدنة، التي وافقت عليها المعارضة في جنيف.
ودعا علوش في تغريدة له على موقع تويتر إلى قتال القوات الحكومية السورية، على الرغم من قرار وقف الأعمال القتالية، الساري في مناطق عدة منذ 27 شباط الماضي، والذي وافق عليها وفد المعارضة، قائلاً “أخواننا، أعلنت لكم قبل ذلك بطلب إشعال الجبهات وقد اشتعلت، فلا ترقبوا في النظام، ولا تنتظروا منه رحمة، فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان”.
موقف علوش وهو القيادي في “جيش الاسلام” جاء رداً على بيان للمكتب السياسي في “حركة احرار الشام” ذات الهوى التركي، والذي اعتبر أن “اداء الهيئة ضعيف ومتخبط، مع ضعف الشفافية وغياب آلية اتخاذ القرارات المنضبطة بمرجعية واضحة”، وقالت الحركة إن “لا استراتيجية واضحة في عمل الهيئة، وهناك انفصال واضح بين عملها والواقع على الارض”.
وهذا ليس السجال الأول بين علوش واحرار الشام حول جنيف، ففي أواخر الشهر الماضي، دعا علوش قائد الحركة مهند المصري “ابو يحيى الحموي” إلى “توحيد الصفوف وإشعال الجبهات”، ردا على تغريدات للاخير حملت عنوان ” لا لأنصاف الحلول” رفض فيها مبادرة المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا.
وفيما كان كلام الحموي في العموم، جاء بيان احرار الشام ليصيب الهيئة التفاوضية بالعمق، مع حملة منسقة على مواقع التواصل الإجتماعي من قيادات الحركة، اتهمت الهيئة بالخيانة، أبرزها على لسان الناطق العسكري أبو يوسف المهاجر الذي قال “كفاكم غباءا فاللعبة واضحة والمؤامرة مكشوفة”، وأضاف “فما بالنا بتآمر أبناء جلدتنا، الثورة لأهلها يعلمون ما يريدون وماهي مطالبهم، والهيئة إلى زوال”.
وتسعى احرار الشام إلى الإستفادة من إخفاق “جيش الإسلام” في قيادة العملية التفاوضية، عبر انتزاع الشرعية السياسية منه، أمام السوريين المعارضين، وتقديم نفسها على أنها الطرف الأجدر، من خلال رفع شعارات “الثورة” و “الحفاظ على الثوابت”، ولها نقاط مواجهة مع الجيش السوري في أكثر من منطقة على امتداد الجغرافية السورية.
وفي الآونة الأخيرة، أبعدت أحرار الشام معظم القيادات التي كانت تشكل لها حرجاً أمام هذا الطريق، وآخرهم رئيس الهيئة السياسية بالحركة القيادي البارز أبو عيسى الشيخ، رفيق مؤسس الحركة حسان عبود، ومن الوجوه البارزة التي حملت السلاح منذ بداية الأحداث، حيث تزعم “لواء صقور الشام”، قبل أن يعلن الإندماج النهائي مع الحركة.
كما ان أحرار الشام نأت بنفسها عن “جيش الفتح” الذي جمعها مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في غرفة عمليات واحدة، في إطار الإبتعاد عن المظاهر التي قد تعرقل دخولها في فلك التسوية السياسية.
وترفع أحرار الشام شعار أن الحل في سوريا “عسكري وسياسي”، وتطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، ولفهم سلوك حركة أحرار الشام، يجب دراسة المواقف التركية حول المسألة السورية.
فأنقرة تريد من أحرار الشام أن تكون ذراعاً لها في الميدان السوري، لإنشاء المنطقة العازلة في الشمال السوري بين جرابلس وأعزاز،، بعدما ذهبت الآمال بتدخل “سعودي تركي” في المنطقة، يحقق لها هذا الأمر، وتضغط بقوة لمشاركة أحرار الشام في التفاوض، وفق رؤية جديدة، تقوم على مبدأ التفاوض على رحيل النظام، وهي تعلم ان هذا المطلب مستحيل تطبيقه، غير أنها تصر عليه من باب الدخول بسقف مرتفع في المفاوضات.
وجمعت تركيا العديد من الفصائل تحت غرفة عمليات “حوار كلس *”، وتريد من معركة ريف حلب الشمالي ضد داعش، إظهار نفسها كلاعب قوي في محاربة هذا التنظيم، حيث تقوم الطائرات الأميركية بتأمين غطاء جوي لمسلحي الفصائل في معركتهم ضد مسلحي التنظيم، بحسب ما أشارت العديد من المصادر التركية.
سقوط الرهانات التركية خلال عمر الأزمة السورية، بدءاً من المجلس الوطني في إسطنبول مروراً بالجيش الحر وصولاً إلى داعش، دفع بحكومة حزب العدالة والتنمية إلى الإستعانة بآخر الأوراق وهي حركة أحرار الشام، خصوصاً بعد تسليم ادلب لجبهة النصرة، وتعمل الآن على إطلاق يد الحركة في الشمال السوري، بوصفها الحليف الأكثر ثقة، أقلها في هذه المرحلة.
وليس من الواضح ما إذا كان إسقاط “جيش الإسلام” شعبياً سيشعل توتراً سياسيا بين أنقرة والرياض، لكن الثابت هو ان العلاقات بين الجماعات المسلحة تتجه إلى المواجهة الشاملة، ستكون جنيف أولى مضامينه.
* حوار كلس هي بلدة سورية تتبع ناحية اعزاز، تشكلت فيها غرفة عمليات لقتال داعش برعاية تركية، وتتكون من عدة فصائل أبرزها: حركة احرار الشام، فيلق الشام، لواء المعتصم، فرقة السلطان مراد، لواء الحمزة، لواء السلطان محمد الفاتح.
المصدر: موقع المنار