غياب بوتين عن مباحثات إسطنبول وزيلينسكي يعتبره “إهانة”.. وترامب يربط التقدم بلقائه بالرئيس الروسي – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

غياب بوتين عن مباحثات إسطنبول وزيلينسكي يعتبره “إهانة”.. وترامب يربط التقدم بلقائه بالرئيس الروسي

كييف - الحرب في اوكرانيا

وسط إجراءات أمنية مشددة في قصر دولمه بهتشه بإسطنبول، تستعد تركيا لاحتضان أول جولة من المحادثات المباشرة بين وفدي روسيا وأوكرانيا منذ ربيع عام 2022، في محاولة جديدة لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. غير أن غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن هذه الجولة أثار ردود فعل حادة، خاصة من الجانب الأوكراني.

فقد أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن “بوتين لا يخطط للسفر إلى إسطنبول في الوقت الراهن”، مشيراً إلى أن الوفد الروسي وصل إلى المدينة دون أن يرافقه الرئيس. وفي تعليقه، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغياب بأنه “إهانة”، مضيفاً: “لا يمكننا الركض خلف بوتين حول العالم، هو يريد فقط كسب الوقت لتفادي العقوبات وتأخير وقف الحرب”.

وأعلن الرئيس الأوكراني أن وزير الدفاع رستم عمروف سيقود وفد بلاده إلى إسطنبول لإجراء محادثات مع روسيا الخميس، ويحمل تفويضا للبحث في هدنة محتملة.

وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي في أنقرة عقب لقائه نظيره التركي رجب طيب إردوغان إن الوفد سيقوده وزير الدفاع، وهو موكل بحث “الخطوات لإنهاء الحرب وتحديدا التوصل لوقف إطلاق النار”.

من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن “الهدف من الدعوة إلى وقف إطلاق النار قبل بدء المفاوضات هو إتاحة الفرصة لإعادة تسليح أوكرانيا”، مضيفاً أن موسكو توصلت إلى اتفاق مع كييف في إسطنبول عام 2022، لكن “بريطانيا تدخلت ومنعت استكمال العملية، وهي اليوم من توجه زيلينسكي”، على حد قوله.

وفيما بدا تعليقاً مباشراً على الغياب الروسي رفيع المستوى، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية قبيل هبوطها في دبي، بأن “لا شيء سيتحقق قبل أن أجتمع أنا وبوتين”.

وفي خضم هذه التصريحات، أكد كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي أن بلاده تسعى إلى “سلام طويل الأمد”، موضحاً أن “الهدف من المحادثات المباشرة التي اقترحها الرئيس بوتين هو إزالة جذور النزاع والتوصل إلى اتفاق دائم”.

أما وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، فقد أعرب عن “تفاؤل حذر” حيال فرص التوصل إلى تسوية، مؤكداً خلال اجتماع لوزراء خارجية الناتو في أنطاليا أن بلاده “منفتحة على جميع الآليات” التي من شأنها التوصل إلى “سلام عادل ودائم”.

وفي السياق ذاته، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على ضرورة وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، قائلاً: “لا يمكن التفاوض تحت القنابل”. أما نظيره الألماني يوهان فادفول، فاتهم روسيا بعدم الجدية في التفاوض، ملوحاً بفرض عقوبات أوروبية جديدة.

من جهته، أعرب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته عن تفاؤله “الحذر”، مشيراً إلى أن الكرة الآن في ملعب روسيا، وأن الأسابيع المقبلة قد تشهد تقدماً ملموساً إذا ما اتخذت موسكو خطوات إيجابية.

المبادرة التركية: حسابات جيوسياسية واستراتيجية

يأتي هذا التحرك بعد أن أعلن بوتين في 11 مايو/أيار الجاري استعداده لاستئناف المفاوضات المباشرة “من دون شروط مسبقة”، مقترحاً إسطنبول كمكان لانعقادها، وهو ما رحب به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤكداً استعداد بلاده لاستضافة اللقاءات سعياً إلى “سلام عادل ودائم”.

تركيا، التي سبق أن استضافت جولات تفاوض عام 2022 ووسّطت في اتفاق الحبوب وتبادل الأسرى، عادت لتلعب دور الوسيط بدعم دولي متزايد، لا سيما من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في وقت تحرص فيه أنقرة على حماية أمن البحر الأسود وتأمين طرق التجارة والطاقة.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن “الطرفين بلغا أقصى ما يمكن تحقيقه عسكرياً، وهذه لحظة مناسبة للانتقال إلى حوار مسؤول”، مشدداً على ضرورة فصل مساري السيادة ووقف الأعمال القتالية.

ويؤكد المحلل السياسي جنك سراج أوغلو أن أنقرة تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة دبلوماسية فاعلة، مشيراً إلى أن الحرب في أوكرانيا “كشفت عن فراغ أوروبي، وهي فرصة لتركيا لتعيد صياغة موقعها كوسيط موثوق”.

وفي السياق ذاته، يرى الأكاديمي علي فؤاد جوكشه أن “أنقرة تحتفظ بثقة الطرفين”، مؤكداً أن هذه الثقة نادرة في عالم الوساطات، ومضيفاً أن فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار “مرتفعة إذا لم تتعرض كييف لضغوط خارجية لتمديد الحرب”.

دعم غربي واسع

تحظى المبادرة التركية بدعم علني من إدارة ترامب، حيث أكدت واشنطن أن مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف سيشارك في المحادثات. أما على الجانب الأوروبي، فقد اتخذ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم الأخير موقفاً موحداً حذروا فيه من “عقوبات ضخمة” على موسكو في حال عدم التجاوب.

وفي المحصلة، تبدو إسطنبول أمام اختبار دبلوماسي بالغ الأهمية، فإما أن تؤسس لجولة مفاوضات جادة قد تفضي إلى إنهاء الحرب، أو أن تتحول إلى محطة جديدة في سلسلة المبادرات الفاشلة، وسط تصعيد الخطاب وتضارب الرسائل من الأطراف المعنية.

المصدر: مواقع